أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سامر سليمان - أزمة اليسار المصري، فتش عن الدولة الناصرية














المزيد.....

أزمة اليسار المصري، فتش عن الدولة الناصرية


سامر سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 1468 - 2006 / 2 / 21 - 11:40
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


مصر بها الكثير من الفقراء، بعض الشرائح الوسطى، وقليل من الأغنياء. وهذه الفئات ليست مفصولة عن بعضها البعض بالقدر الذي يكفي لكي لا تعي كل فئة التفاوتات بينها وبين الفئات الأخرى. رغم هذا ليس هناك يسار يكافئ في الحجم والتأثير تلك التفاوتات التي يعتبرها علم الاجتماع السياسي التربة الخصبة لنمو حركات التغيير الاجتماعي. لماذا لم يفرز الواقع المصري يساراً جديداً. لماذا استوعب اليسار في أمريكا اللاتينية صدمة سقوط "الشيوعية" في أوروبا الشرقية والعالم الثالث، بينما لا يزال اليسار المصري غارقاً في الأزمة؟ هل بسبب سيطرة الحس الديني على المصريين؟ ماذا إذن عن أمريكا اللاتينية، معقل الكاثوليكية في العالم اليوم والتي أنتجت ذلك اليسار الذي يحصد حكم دولة تلو الأخرى. فانتشار التدين لا يعوق اليسار، بل هو يتفاعل معه، وقد ينتج حركات يسارية دينية مثل لاهوت التحرير في أمريكا اللاتينية أو الجناح اليساري الإسلامي الذي شارك في الثورة الإيرانية، التي أسفرت تفاعلاتها فيما بعد عن سيطرة التيار المحافظ على النظام الثوري.
لم تنتج مصر يساراً قوياً، ديني كان أم علماني. تحدثنا في مرة سابقة عن دور الصهيونية وتأسيس دولة إسرائيل، كما عن دور النفط. لكن المسألة لها علاقة أيضاً بالتاريخ السياسي الحديث لمصر. فبوصول الضباط الأحرار إلى السلطة عام 1952، ثم انتصار الميل الاستبدادي (ناصر) على الميل الليبرالي/اليساري (نجيب، محي الدين) اضطر اليسار أن يغوص في السرية، سرية تفوق في درجتها تلك التي كان يعيش فيها قبل 1952، هرباً من قمع البوليس السياسي. فشرطة عبد الناصر كانت أقل رحمة تجاه المعارضين من شرطة الملكية والاحتلال. لكن الحقيقة أن ما أجهز على اليسار كتيار معارض مستقل، كان تبني النظام الناصري سياسة معادية للاستعمار في الخارج، ومضادة للإقطاع والرأسمالية في الداخل. فهو بهذا قد صادر جزء هام من برنامج اليسار، حتى لو كان قد طبقه بطريقته الخاصة. هذا ما يفسر أن الكثيرين من هذا التيار التحقوا بالنظام عن قناعة بأنه يندفع في الاتجاه الصحيح، حتى ولو كان له انحرافات هنا أو هناك، فالوقت كفيل بتقويم هذه الأخطاء.
لقد رحل عبد الناصر ورحلت معه أشياء كثيرة، لكن بقي من "تراثه" ما يكفي لتقزيم اليسار في الثلاثة عقود الأخيرة، نقصد سيطرة النظام على الحركة العمالية، التي تشكل الأرضية التي يمكن أن تنشط عليها السياسة اليسارية. كان اليسار حتى أوائل الخمسينات حاضراً بقوة في نقابات العمال، وظهر له فيها قيادات تاريخية مثل طه سعد عثمان ومحمود العسكري. لكن هذا التواجد انحسر تدريجياً بسبب توحيد العمال في تنظيم وحيد تسيطر عليه الدولة، ليس فقط بواسطة العنف (الذي بدأ بإعدام قيادات عمالية، خميس والبقري) ولكن أيضاً بمنح الحقوق كما بالتوسع في التوظيف الحكومي. هكذا ساد في النقابات اتجاه محافظ قابل بسيطرة الدولة، بل ورافض في بعض الأحيان للاستقلال عنها. لكن الظروف الآن تتغير، فالدولة نفسها ابتعدت عن العمال، والنظام يميل بقوة حالياً إلى البحث عن قاعدة اجتماعية في الطبقة الرأسمالية والشرائح الوسطى العليا، والجسم الأكبر للطبقة العاملة الآن يعمل في القطاع الخاص، وهو غير معني بالارتباط بالدولة لأنه لم يأخذ منها شيئاً من الأصل تقريباً.
بغروب الدولة الرعوية وبأفول القطاع العام ينفتح الطريق أمام ظهور حركة عمالية مستقلة عن الدولة، غير معنية بالحفاظ على "مكتسبات قديمة" ليس لها فيها الكثير، ولكن بانتزاع مكاسب جديدة. أي حركة عمالية لا تنظر بحنين إلى "ماضي جميل" ولكن تتطلع إلى مستقبل حافل بالتحديات. بهذا المعنى هناك وظيفة سياسية شاغرة في مصر. فالعمال يتطلعون بقلق للمستقبل دون أن يكون لهم أي تمثيل سياسي. هكذا تظل السياسية في مصر مأزومة، فهي محصورة في نخبة النخبة. هذا ما يفسر ضعف الحركة الديمقراطية في مصر حتى هذه اللحظة. فنماذج التحول الديمقراطي التي شهدها العالم الثالث في السنوات الأخيرة (أمريكا اللاتينية وجنوب شرق أسيا) كان للعمال دوراً محورياً فيها. الحياة السياسية المصرية تفتقد لتيار يستطيع الدفع بالعمال إلى السياسة. بهذا المعنى هناك وظيفة سياسية شاغرة في مصر، وظيفة يسار. لكن المشكلة أن هذه الوظيفة لا تحظى بشرعية قانونية، لأن قانون الأحزاب يحرم قيام أحزاب على أساس اجتماعي/طبقي، وهو قانون عبثي يخنق السياسة في مصر، لأنه إذا لم تتأسس الأحزاب على أرضية اجتماعية فعلى أي شيء تقوم؟ والغريب أنه في الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات للقبول بأحزاب دينية أو "ذات مرجعية دينية" ننسى في معظم الأحيان حق الفئات الاجتماعية في الدفاع عن مصالحها المشروعة بشكل سلمي من خلال أحزاب سياسية. لن تقوم للسياسة قائمة في مصر إلا إذا ظهرت إلى الوجود أحزاب عمالية وأخرى رأسمالية.



#سامر_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاقتصاد السياسي للمستقبل
- العلمانية والتحالف مع الإسلاميين
- علنا لا ننسى شهداء اليسار اللبناني
- الديمقراطية بين الإيمان بها والمصلحة فيها
- على ماذا يختلف اللبنانيون؟
- من الكافر في الصراع اللبناني؟
- القومية والديمقرطية في مصر والعالم العربي
- أوهام التحديث بالاستبداد
- في الرابطة بين القضية القومية والقضية الطبقية
- في تشريح الصراع الاجتماعي والسياسي في مصر
- دعوة للحوار
- نحو رؤية يسارية للمسألة الديمقراطية


المزيد.....




- رئيس مجلس النواب الأميركي يتحرك لدعوة نتانياهو لإلقاء كلمة ب ...
- العلماء الروس يبتكرون مسيرة جوية على هيئة طائر تنقل 100 كيلو ...
- بعد ضبطه وبحوزته 55 ألف دولار.. إخلاء سبيل مصمم أزياء مصري ش ...
- كيف يمكن تجنب تجاعيد النوم؟
- بلينكن: لست متأكدا من أن إسرائيل مستعدة لتقديم تنازلات مقابل ...
- أمل كلوني: أؤيد الخطوة التاريخية التي اتخذها المدعي العام لل ...
- بايدن يتهم ترامب باستخدام -لغة هتلر-
- المغرب.. السجن النافذ والغرامة لمستشار وزير العدل السابق في ...
- -رويترز-: إيرلندا ستعلن الأربعاء اعترافها بدولة فلسطين
- تشييع جثمان حسين أمير عبد اللهيان يوم الخميس


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سامر سليمان - أزمة اليسار المصري، فتش عن الدولة الناصرية