أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - صراعُ الخير والشر … عند أجدادنا














المزيد.....

صراعُ الخير والشر … عند أجدادنا


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5684 - 2017 / 10 / 31 - 14:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


صراعُ الخير والشر … عند أجدادنا
الصراعُ الأبديّ بين الخير والشر فوق هذه الأرض، لا يُحسَم لصالح الخير طوال الوقت، كما تقول معظمُ الأفلام العربية، والكثير من الأفلام الأمريكية، وجميعُ الأفلام الهندية. إنما يتناوبُ الخيرُ والشرُّ الانتصارَ والهزيمة، كما يؤكد لنا الواقعُ المُرّ الذي نحياه.
فكّر المصريُّ القديم في هذا الأمر وكان عليه أن يُقدّم تفسيرًا مقبولا لهذا السؤال الوجودي الإشكالي الهائل: لماذا لا ينتصرُ الخيرُ دائمًا، كما يفترضُ المنطقُ والفطرة السليمة، وكما تزعمُ قيمُ الفضيلة والجمال؟
ابتكر الجدُّ المصريُّ تبريرًا معقولا لتلك المسألة، وأودعه في كتاب الأساطير التي آمن بها أجدادُنا. تقول الميثولوجيا المصرية إن الإله "تحوت"، إله الحكمة عند الفراعين، هو المسؤول عن إدارة معركة الصراع الأزلي بين قوى الخير وقوي الشر، فوق الأرض. ولكن "تحوت" يدير تلك المباراة، لا ليُعلن المنتصرَ في نهايتها، إنما وظيفته أن يجعل تلك المباراة دائرة أبدية، لا تضع أوزارها، فلا تنتهي بفوز ولا بهزيمة. واجبه الأساسي هو الإبقاء على المعركة دون نهاية؛ لهذا يساعد بحياد الطرفَ المغلوبَ حتى تقوى شوكتُه ويغلب. فإن استقوى المغلوبُ وصار غالبًا، ساعد "تحوت" الطرفَ المغلوب الآخر حتى يقوى ويصير غالبًا، وهكذا إلى الأبد، حتى يظلَّ الصراعُ دائرًا دون نهاية محسومة لصالح الخير أو لصالح الشر. وهكذا استمر، ويستمرُّ، وسوف يستمر الصراعُ بين الجمال والقبح، بين الخير والشر، بين الحق والضلال فوق الأرض، حتى يستردّ اللهُ مملكَته وتعودُ كلُّ نفس إلى مُصوِّرها، فتعرف كلُّ يدٍ ما قدمت من حَسَن، ومن سيء.
الأسبوع الماضي، يوم 11 سبتمبر، خرجتُ في كروز نيلية جميلة مع الأصدقاء، لكي نحتفل بإله "الحكمة" (تحوت)، العالِم العظيم، الذي ابتكر أول وأقدم تقويم تأريخي عرفته البشرية. ولهذا كرّمه أجدادنا المصريون فجعلوا اسمه شهرًا يقفُ على رأس شهور التقويم المصري القبطي.
لم يكن تحوت عالمَ فلك وحسب، بل كان أستاذًا في الرياضيات والحساب والألسنيات، وهو مبتكر الأبجدية الهيروغليفية التي دوّنت وخلّدت حضارتنا الثرية القديمة، لهذا يُعرف "تحوت" كذلك بإله (القلم). كرّمه المصريون القدامى ونصّبوه إلهًا للحكمة والمعرفة في الميثولوجيا المصرية، تقديرًا لعلمه الموسوعي الغزير. وتُصوره الجدارياتُ الفرعونية بجسم إنسان ورأس طائر "أبو منجل". ويكون بهذا هو النظيرَ الذكوري للإلهة "ماعت" ربّة العدالة في أدبياتنا المصرية.
شهر: "تحوت"، الذي تحوّر مع الزمن إلى: "توت"، هو أول شهور السنة المصرية القديمة، التي احتفلنا ببدايتها منذ أيام لندخل العام 6259 على التقويم المصري القبطي. ذلك التقويم الذي يحفظه عن ظهر قلب كلُّ فلاح مصري راهن؛ لأنه يحسب مواعيد غرس بذوره في الأرض ومواعيد حصاده، وفق تلك الشهور الثلاثة عشر: توت (تحوت)، بابه (حابي)، هاتور (حتحور)، كيهك (كا-حر-كا)، طوبة (تا-ويت/ طيبة)، أمشير (مشير)، برمهات (بر-إم-حات)، برمودة (رع-نينت)، بشنس (خنسو/ القمر)، بؤونة (با-أوني)، أبيب (عبيب)، مسرى (مس-رع/ مصر)، نسئ (أبد-كوجي/ شهر صغير) وهو الشهر القصير الذي يضبط السنة القمرية مع السنة الشمسية. وأطلق المصريون القدامى على رأس السنة القبطية المصرية اسم "عيد النيروز". وأصله اللغوي مُشتقٌّ من الكلمة المصرية القديمة: ني-يارؤو، وتعني: (الأنهار). لأن شهر (توت/ تحوت )، بداية العام، يتوافق مع موعد اكتمال فيضان النيل (حابي) وهو أصل الحضارة والحياة عند المصريين القدامى.
أما سبب تحوّر الكلمة المصرية: ني-يارؤو، إلى "النيروز"، فيعود إلى الإغريق الذين دخلوا مصر مُحتلّين عام 323 ق.م. وكعادة الإغريق اللغوية في إضافة حرف (س) إلى أسماء الأعلام، فقد أضافوا للكلمة القبطية "ني-يارؤو" حرف: (س)، فتحولت إلى: (نيروس)، التي تحوّر نطقُها مع مرور الوقت إلى: (نيروز). عام مصري قبطي جديد سعيد على مصر والعالم أجمع. آمون/ آمين.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سميرة أحمد ... خيوطٌ في حب مصر
- هل المسيحيُّ في ذمّتي؟!
- دمُ القسّ في رقبة هذا الرجل
- إني لأعجبُ كيف يمكنُ أن يخونَ الخائنون!
- عصفورٌ بلا حقيبة
- كيف ينجح الناجحون؟
- أنا اليومَ مشغولةٌ بلحظة فرحٍ لعيون الحجازية
- الزمن النظيف فوق الشجرة
- المنيا ... على مسافة السكة … شكرًا يا ريّس!
- نصير شمّة…. تِهْ موسيقى
- مثلثُ التفوق والإنسانية
- لماذا اليابانُ يابانُ؟
- قطعةٌ من الفرح في صندوق الحَزَن
- أسئلة (مفيد فوزي) الحرجة! العيل بيجي برزقنا!
- السماءُ حزينةٌ ونحن نضحك!
- معايدةُ العيد من ألدّ خصومي!
- (مسافة السكة) ل المنيا الشقيقة يا ريّس!
- محفوظ عبد الرحمن ... خزّافٌ يبحث عن الزمن المفقود
- الحبُّ على طريقة -أمّ الغلابة-
- رفعت السعيد … ورقة من شجرة الوطن


المزيد.....




- المفتي قبلان: عدم التضامن مع إيران يعني خسارة العرب والدول ا ...
- بعد سنوات من الصمت.. “الجمل” يعيد الروح الرياضية للمؤسسة الع ...
- العراق يدعم اجتماع وزراء خارجية الدول الإسلامية في إسطنبول ب ...
- ريشون ليتسيون أول مستوطنة لليهود في فلسطين
- وزير خارجية إيران يدعو الدول الإسلامية للتحرك ضد إسرائيل
- هل عارض ترامب خطة إسرائيلية لقتل المرشد الأعلى الايراني؟
- “ماما جابت بيبي”.. تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 على جميع ا ...
- إعلامي مصري شهير يتهم الإخوان المسلمين بالتعاون مع إسرائيل
- إيران تفتح المساجد والمدارس للاحتماء من ضربات إسرائيل
- وزير الخارجية الإيراني يدعو الدول الإسلامية إلى التحرك ضد إس ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - صراعُ الخير والشر … عند أجدادنا