المهدي مالك
الحوار المتمدن-العدد: 1467 - 2006 / 2 / 20 - 09:48
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
قبل الدخول في صلب هذا الموضوع المهم اود ان استنكر الرسومات التي نشرتها بعض الصحف الأوربية و التي استهدفت اعظم مقدساتنا الاسلامية الا و هو مقام رسول الله عليه الصلاة و السلام و الذي له مقام كبير عندنا كمسلمين الذين يشعرون بالاهانة و الغضب من هذه الرسومات الخطيرة و غير المقبولة من طرف العالم الاسلامي .
و انني كانسان مسلم و مناضل امازيغي اعتبر هذه الافعال مسيئة لجميع المعتقدات الدينية و الاخلاقية باعتبار ان هذه الرسومات تبين الرسول الكريم ص في اوضاع غير اخلاقية و اعتقد ان الحرية لها حدود و قواعد و من بين هذه القواعد احترام المقدسات الدينية او الثقافية لأي شعب كان.
و هذا الفعل المشين سيساهم في انتشار التطرف الديني بشكل اكبر و الذي وجد هذه الفرصة الذهبية للاستقطاب و السيطرة على عقول الناس بصفة عامة و عقول الشباب بصفة خاصة و تشجيع المذاهب المستوردة من مراكز التكفير و التخلف الديني الذي لا يساير تحديات هذا العصر و يفضل الرجوع الى عصور عبادة الاولياء الصالحين الذين كانوا يستغلون الدين لاغراضهم الخاصة كالسيطرة على عقول الناس عن طريق ديننا الاسلامي و ترسيخ مجموعة من المعتقدات الخرافية كرفض كل ما يتعلق بالتجديد و الديمقراطية و تعليم البنات و غيرها من المحرمات و اعتقد اسلافنا الامازيغيين ان هذه المعتقدات الخرافية تدخل في اطار تقديس الدين الاسلامي و الذي يعتبر كنزا كبيرا بالنسبة لهم في حياتهم العادية و ابتكروا مجموعة من قوانين تسمى بالاعراف الامازيغية و التي تتناسب مع مقاصد الشريعة الاسلامية و تدعوا هذه الاعراف الى قيمنا الاسلامية كالتضامن الاجتماعي و احترام ممتلكات الانسان كنفسه و ماله و عرضه كما تدعوا هذه الاخيرة الى الديمقراطية و تنظيم الشؤون المحلية للقبائل الامازيغية و التي لها خصوصياتها الثقافية و عندما جاءت الحركة الوطنية ذات توجهات مشرقية و التي اعتبرت ان هذه الاعراف الامازيغية بمثابة مؤامرة استعمارية تهدف الى القضاء على الاسلام و اللغة العربية و الحركة الوطنية استغلت خطابها الديني المتخلف بقصد اتهام الامازيغيين في شرفهم الديني و في مواطنتهم الخالصة و كما ان الحركة الوطنية استخدمت الدين الاسلامي لقمع الحقوق الثقافية و اللغوية لشعبنا الامازيغي منذ الاستقلال و انذاك كان ممنوعا من الحديث عن الامازيغية كسؤال ثقافي او كمسالة حيوية بسبب تفسيرات هذه النخبة المتعربة و التي جعلت من ظهير 16 ماي 1930 الخاص بتنظيم المحاكم العرفية مجرد ظهيرا بربريا و الذي يهدف الى تقسيم المغرب الى مناطق امازيغية و اخرى عربية و تنصير الامازيغيين و غيرها من الاكاذيب التاريخية و ظلت مدرسة الظهير البربري تحاول ان تطارد او ان تقمع كل ما هو امازيغي تحت غطاء الحفاظ على الاسلام و هذا في اعتقادي المتواضع يعتبر مغالطة عظيمة لان الكيان الامازيغي حافظ على ديننا الاسلامي و ساهم في انتشاره في المغرب الكبير و الاندلس و جنوب الصحراء الافريقية و السؤال الذي اطرحه هو أي الاسلام تقصد مدرسة الظهير البربري الحفاظ عليه هل هو الاسلام المستورد من الدولة الاموية ام اسلام ملوك الطوائف .
و ان هذه المدرسة عملت منذ الاستقلال على ترسيخ مجموعة من مقدساتها الخرافية و المعادية لمسالة التعدد الثقافي باسم الدين او بمعنى اخر باسم العروبة كمحاربة السؤال الثقافي و الذي ظهر في اواخر الستينات من القرن الماضي و انذاك يعتبر من يتحدث عن الامازيغية كثقافة و كحضارة كانه يتحدث عن مؤامرة استعمارية او عن شيئا خطيرا في عرف الحركة الوطنية التي جعلت المجتمع الامازيغي يعيش في بحور التخلف الديني لسنوات عديدة و الذي يمنعه أي التخلف من التفكير في مجموعة من الاشياء كالتقدم النافع و تطوير الثقافة الامازيغية و هذا التخلف جعل مجتمعنا الامازيغي يسافر الى كوكب النسيان الثقافي و تقديس الشعوذة و ضريح سيدي فلان اكثر من الله و رسوله العظيم ص و تقديس مذاهب الفكرية او الدينية المستوردة من المشرق العربي و هذه المذاهب فكرية كانت ام دينية ساهمت و تساهم في طمس هويتنا الدينية الحقيقية كشعب مؤمن بقيم التعايش الديني مع الاخر و الذي اصبح يخشى كثيرا من التطرف كايديولوجية ذات الطابع الوهابي .
و ان تاهيل الحقل الديني في المغرب ملف ذو ابعاد مختلفة و ايضا ذو مشاكل عديدة كمشهدنا الديني الرسمي الذي نعرفه جيدا و الذي صار يطرح مجموعة من الاسئلة ذات ابعاد معاصرة و ذات ابعاد ديمقراطية فالمناضل الامازيغي في مناسباتنا الدينية دائما يتساءل عن سؤالا ذو بعد ثقافي و يقول هذا السؤال لماذا يبث الطرب الاندلسي و لم يبث الطرب الامازيغي على امواج الاذاعة و شاشات التلفزيون في تلك المناسبات العزيزة على كل مسلم و يقول لسان حاله أليس المسلمين كاسنان المشط ام نعتبر مسلمين من الدرجة الثانية او من احفاد الظهير البربري الخيالي و الذي مازال يعيش في عقول البعض و مازلنا كمناضلين امازيغيين نعاني منه حتى اليوم.
و هناك مشكل اخر الا و هو لغة الخطاب الديني و التي لا يفهمها معظم المغاربة لانها تكون اللغة العربية الفصحى كأن المغاربة جاءوا من الجزيرة العربية او لا وجود لشيء اسمه الشعب الامازيغي الذي هو اكثر تدينا و اكثر محافظة على قيمنا الاسلامية كالوقار و الاحترام المتبادل و التضامن بين الناس و الامازيغيين بشكل عام متدينون و متعايشون مع اصحاب الديانات السماوية كاليهود و المسحيين و الامازيغيين عانوا كثيرا من مرجعية الحركة الوطنية التي منعتهم من تذوق هذا الدين بلسانهم العريق و جعلتهم يؤمنون ان من لا يعرف لغة الضاد لن يدخل الى الجنة و هذا القول في اعتقادي الشخصي يدخل في اطار رفع العروبة الى مرتبة التقديس الديني حيث ان العروبة كفكر انذاك تعتبر مقدسة اكثر من الاسلام كقيم تدعوا الى المساواة بين المسلمين و نبد التعصب القبائلي و القومي و هذا القول منافي لحديث رسولنا الأكرم ص و الذي يقول لا فرق بين عربي و عجمي الا بالتقوى و العجمي هو الذي لا يعرف العربية لانه نشا في مجتمع غير ناطق بهذه اللغة المحترمة .
و ان لغة الخطاب الديني يجب ان تكون مفهمة من طرف جميع المغاربة بدون استثناء او تمييز و اقصد بهذا الكلام هو ان الامازيغيين يجدون صعوبات كثيرة في فهم بعض الاركان كالحج مثلا حيث الانسان الامازيغي عندما ينوي ان يحج الى بيت الله الحرام و الذي لا يجد برامج تلفزيونية عن الحج بلغته الام و التي يفهمها جيدا و يشعر هذا الانسان بانه ناقص في مواطنته و في اسلامه البسيط و الذي نشا في احضان الوقار بكل معانيه العظيمة .
و النضال الامازيغي انطلق من منطلق الحفاظ على ثقافة مجتمعنا الامازيغي الذي اعطى احسن النماذج عبر التاريخ و الذي اعطى الكثير لخدمة حضارتنا الاسلامية و مازال يعطي الى حد اليوم و النضال الامازيغي قاوم الاستعمار الايديولوجي و الذي مازال يقتله باتهاماته القديمة بملابس جديدة و التي هي تتحمل كامل المسؤولية تجاه اقصاء المكون الامازيغي منذ الاستقلال الذي حاول اقبار السؤال الثقافي و اللغوي و حتى البشري و منطقة الريف تعرف هذا جيدا
و نحن نتطلع الى هذا التاهيل في حقلنا الديني الذي نتمنى ان يكون اصلاحا شموليا و ان يكون ذو بعد ثقافي و ليس العكس و يأخذ هذا الاصلاح بعدا ديمقراطيا و علمانيا و انني لا اقصد إلغاء الشريعة و انما القضاء على الاستغلال الديني الذي مازال يعتبر القضية الامازيغية مجرد مشروعا استعماريا و وصمة عار في جبين اجدادنا الامازيغيين لكن هناك سؤالا كبيرا و الذي يجب ان يطرح الان و هو هل نريد العلمانية بمفهومها الغربي و ام نريد العلمانية التي تتناسب مع خصوصياتنا الدينية و الحضارية كمجتمع اسلامي و اعتقد اننا نحتاج الى العلمانية ذات مفاهيم اسلامية و ذات مفاهيم كونية كذلك لاننا لا نعيش في هذا العالم لوحدنا بل نعيش مع الاخر أي مع الغرب الذي له قيمه الخاصة به و لنا قيمنا الخاصة بنا و يجب على الغرب ان يحترم قيمنا و نحن بدورنا سنحترم قيمه الخاصة كحرية التعبير التي تعتبر نعمة و لكن في حدود
#المهدي_مالك (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟