أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - أدوات الصدمة في قصيدة -أبي- جاسر البزور














المزيد.....

أدوات الصدمة في قصيدة -أبي- جاسر البزور


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5675 - 2017 / 10 / 21 - 17:02
المحور: الادب والفن
    



من العناصر الجمالية في النص الأدبي التماهي بين العقل الباطن والفكرة التي يطرحا الكاتب /الشاعر، فإذا ما اجتمعن هاتين الحالتين في القصيدة/الأدب يكون هناك اخلاص عند الكاتب/الشاعر، شدة الصدمة تجعلنا نغير شيء من السلوك، ونتخلى/نتوقف عن أعمال كنا نعتبرها عادية، لهذا نجد هذا التغيير يثير فينا التساؤل، ولهذا يفتتح الشاعر قصيدته بهذا السؤال:
" هَلْ فارَقَ الشِّعرُ قلبي إِذْ فَقَدْتُ أَبي
أَمْ ضَمَّهُ الحُزنُ بَيْنَ العَيْنِ والهُدُبِ
أَمْ أَنَّهُ الخوفُ يَرْسو في خَليجِ فَمي
مِنْ شُحِّ نَزْفي وَعَجْزي عَنْ رِثاءِ نَبِيْ"
قلنا في موضع غير هذا أن صيغة السؤال دائما تثير المتلقي وتجعله يهتم/ينتبه أكثر فيما يطرحه الشاعر، ورغم أن السؤال شخصي يهم الشاعر إلا أنه يثيرنا نحن القراء أيضا، فهناك شاعر يحدثنا عن خلل/تغيير/ في سلوكه، وبهذا يحفزنا الشاعر على معرفة الأسباب التي جعلته يتوقف عن كتابة الشعر، من جمالية هذه الأسئلة أنها تحمل الأجوبة في ذات الوقت، وكأن الشاعر يخبرنا ـ بطريقة غير مباشرة ـ أننا نحن القراء أقرب الناس عليه ولهذا يحدثنا بهذا الشكل، بهذا الود، بعيدا عن الشرح والإطالة، من هنا علينا تفهم واستيعاب حالته الصعبة.
إذاً هناك ظرف صعب وقع للشاعر، لهذا وجدنا هول هذا الوقع من خلال استخدامه صيغة السؤال، فأول أداة تشير إلى حالة الصدمة عند الشاعر صيغة السؤال، والتي جاءت من خلال الأسئلة الثلاثة.
وهناك أداة أخرى يستخدمها المصاب تتمثل في حروف النداء التي تعبر عن الغضب وعدم الرضا عما جرى:
" يا وَيْحَ شِعْري مَعَ الأَنفاسِ أُخرجهُ
فَيُمسكُ الوَجدَ كالمسمارِ في الخَشَبِ"
فهنا حرف النداء "يا" المتبوع بالغضب والشتم من خلال كلمة "ويح" وكلنا يعلم هول الحدث على المصاب عندما يستخدم النداء والشتم، و لنتوقف هنا قليلا، لندخل إلى نفسية الشاعر، فرغم أن الحدث شديد الوقع عليه، إلا أنه ـ في العقل الباطن ـ كشاعر يستخدم صور أدبية تخفف على المتلقي قسوة الحدث، وكأنه يقول لنا نحن المتلقين، ليس المتحدث معكم شخص عادي، وإنما شاعر فلن أتعبكم بهمي الشخصي، صحيح أن هناك حدث/موضوع قاسي وصعب، إلا أن طريقة تقديمه تتجاوز الشكل العادي/القاسي، لهذا نجد صورة المسمار والخشب، والتي قدمها بطريقة مذهلة، وهناك أيضا مسألة مهمة في صورة "كالمسمار في الخشب" والتي تشير إلى التابوت والذي يكون في المسمار والخشب حامل لجثة الميت، فالشاعر يستخدم الأدوات العادية في تقديم صورة أدبية مذهلة، فقد حول العناصر السوداء/القاسية التي يتكون منها التابوت إلى صور أدبية جميلة، وهنا يتجاوز "جاسر البزور" مأساته الشخصية ويقدمها لنا كشاعر يتفنن في شاعريته.
الأداة الأخرى التي تعبر عن هول الصدمة استخدام صيغة التمني:

" يا ليتها الشَّمسُ غابتْ في دَياجيها
وَنورُ وجْهكَ لَمْ يَذهَبْ وَلَمْ يَغِبِ
وَليتهُ الموتُ لَمْ يُرسلْ نَوازعهُ
وليتها الرُّوحُ لَمْ تَخرجْ وَلَمْ تُجِبِ"
من أجمل الصور التي تعبر عن هول الفاجعة التي ألمت بالشاعر، ولا أقول "جاسر البزور" فهنا الذي يتحدث هو شاعر وليس إنسان عادي، فيرسم صور جميلة وممتعة رغم أنها تشير إلى حالة الألم، وهذا التقديم الأدبي يحمل بين ثناياه شيء من حرص الشاعر على مشاعر القراء والمتلقين لشعره، لهذا وجدناه يكثر من استخدام الصورة التي تمتع القارئ، ولنتوقف هنا متسائلين، كيف يستخدم الشاعر أدوات وشكل جميل في تقديم موضوع مؤلم وقاسي؟، أليس من المفترض أن تكون أدواته منسجمة مع الموضوع؟، ونجيب عن هاذين السؤالين: تكمن عبقرية الشاعر في تخفيف الحدث/المضوع على المتلقي، ولو كانت ادواته وأسلوبه منسجم من الفكرة/الموضوع لكان النص مطلق السواد، وهذا يرهق القارئ، لكن الشاعر يريدنا أن نستمتع بشعره رغم صعوبة الحث عليه، وهذا يحسب له، فهو لا يريدنا أن نتألم معه، بل يريد أن يمتعنا رغم أنه يتألم.
الأداة الأخير التي يستخدمها المصاب العودة/اللجوء إلى الله:
" ووحدهُ الله قَدْ حَقَّتْ أَوامرهُ
إِنْ قَدَّرَ المَوتَ مَنْ يَقوى على الهَرَبِ ؟"
وهناك تسليم كامل بحق الموت علينا، فالمتحدث هو "جاسر البزور والشاعر، لهذا ينهي حديثه بعبارة متداولة بين العامة، لكنه صاغها بطريقته الخاصة.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الابعاد الثلاثة في قصيدة -خيمة الغريب- عبد الله عيسى
- النص المطلق في قصيدة -جميلة أنت- موسى أبو غليو
- عندما نواجه الواقع في قصيدة -بلادي- موسى أبو غليون
- مدخل إلى قصائد -عمار خليل- -على جسدي-
- الموت في مجموعة -عندما تبكي الألوان- زين العابدين الحسيني
- مناقشة مختارات للشاعر مريد البرغوثي
- التقديم والفواتح البيضاء في -قصائد مختارة- مريد البرغوثي
- الأسئلة في قصيدة -ضحكات الثعلب- محمود السرساوي
- التقديم الناعم في رواية -عري الذاكرة- أسعد الأسعد
- المثقف/السياسي في مجموعة -عصفور للريح- صلاح صلاح
- اللجنة الثقافية في دار الفاروق للثقافة والنشر تناقش مجموعة - ...
- الشاعر في ديوان -مطر سري- زهير أبو شايب
- هذا هو الفرح
- الفكاهة أدبية والاسطورة في ومضات ريتا عودة
- اللغة المتألقة في -ومضات- خلود نزال
- الفاتحة والخاتمة السوداء في قصيدة -الفراشة- محمد علي شمس الد ...
- الخطاب في قصيدة -خماسية التحليق-رحيل العاشق- إياد شماسه
- السرد والصراع في رواية -همس الشبابيك- سمير أحمد شريف
- العوالم الثلاثة في -في السماء صوت يهمس- مادونا عسكر
- مشاكلنا في كتاب -ثقافة الهبل- جميل السلحوت


المزيد.....




- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...
- -يونيسكو-ضيفة شرف المعرض  الدولي للنشر والكتاب بالرباط


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - أدوات الصدمة في قصيدة -أبي- جاسر البزور