أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ايمان الدرع - الليل واناوعازف الساكسفون















المزيد.....

الليل واناوعازف الساكسفون


ايمان الدرع

الحوار المتمدن-العدد: 5673 - 2017 / 10 / 19 - 16:31
المحور: الادب والفن
    


الليل..وأنا .. وعازف السكسفون:
حزن ليل الشتاء،يذكّرني بعينيه، يوم التقيته قرب الموقد، في المطعم السويسري، حين قرّرت، وأختي الصغرى التوجّه إليه بعد الغروب، قافلتَين من حضور معرض فنيّ مدهش، في يومٍ ماطرٍ، شديد البرودة، تؤرجحنا الرياح العاصفة، ونحن نتضاحك، نتظلّل بحقائبنا مهرولتين، نجتاز المدخل المزدان، بمهرجانات شتى من النباتات، والزهور، ،المضاءة بمصابيحَ أرضيّةٍ، تعكس ظلالها، مبلّلة، نديّة، تتقاطر سحراً فوق الحشائش المشذّبة، بعنايةٍ فائقةٍ، نقطع الجسر الخشبيّ، المتموضع فوق بحيرةٍ، تعشّقت بصخورٍ، تحيط بها، بتآلفٍ عجيبٍ، متناغم مع النوافير المذهلة في إيقاعها.وألوانها الضوئية..
دلفنا إلى داخل المطعم، وقد انشقّت بوابته الزجاجية العريضة عن دفءٍ، غمرنا براحةٍ، أنستنا بعض الصقيع.
رمينا بأنفسنا على مقعد جلدي وثير، ننفض عن معاطفنا المطر، قرب موقد ضخم، تأزّ جمراته اشتعالاً، نطلب على عجلٍ: فنجانَي (كابتشينو)، ريثما يتم تجهيز وجبة الطعام..
تزداد عتمة الليل، والأمطار تفصّل ثوباً مائيّاً خيوطه تمتد عبر النظر، أصوات روّاد المطعم رغم الهدوء الذي يطغى على المكان، تنفلت عنها بعض ضحكات تقطع السكون، متناغمة مع الأصوات التي تحدثها الأطباق، والأكواب، ونقرات الشوكات، والسكاكين...فتنقل رائحة الأطعمة المتبعثرة هنا، وهناك..
النادل المفرط في أناقته، وطريقة لفظ حروفه، يأتي بالوجبة الشهيّة، يوزعها على الطاولة، بطريقةٍ تستنفذ الحواس، فتلتهمها قبل أن تصل أيدينا إليها.
الأحاديث بيني، وبين أختي، وطفلة روحي، لا تنتهي، تغرقنا التفاصيل الجميلة للأشياء، نبحث عن صورنا الملوّنة، وسلال حصاد ساعات يومنا، ببساطتها، وعفويتها، نخترع المواقف الفكاهية..ونضحك منها، ومنا..
انسرب إلى مسمعي لحنٌ على غير موعدٍ، انسلّ رويداً..رويداً...حتى اقترب وصار على مسافةٍ كافية لأن أتوقّف عنده بكثير من الاهتمام..إنه عازف ( الساكسافون)، يجول بين الطاولات، يحاول أن يوجد حواراً موسيقيّاً، بين عازفٍ، ومتلقٍّ..
بعضهم يجامله ببسمة مقتضبة، وآخر يصفق له مجاملة: برااااااافو ..ويكمل طعامه، وآخر يحيّيه يإيماءة بسيطة من رأسه، ثم يكمل وشوشته لمن يرافقه...
توقفتُ عن الطعام، نسيت المائدة، وأطباقها المغرية، تبعته عيناي، أصغي إليه باهتمام شديد، ألتقط شوارد العزف الباكي..الهارب إلى مخابئ الروح القصيّة..أتأمله مليّاً، أرسمه لوحةً، أكتبه قصيدة، قصة..وربما مشروعا لرواية أبحث عن عناوينها..تنبّه إليّ، اقترب من طاولتي، ولم يغادر، بقي واقفاً حتى آخر فقرة له، ينوّع الألحان...عربية، فيروزية، غربية ..وأنا أستزيده، وأصفق له بحماس.. يشهد على إجادته، وإبداعه...
كان يذوب في العزف مندمجاً، ينفخ نبضه في آلته، كمعشوقةٍ يلثمها، ويضمها بين ذراعيه بشغفٍ،، يحرك رأسه، يمنة، ويسرة متناغماً مع اللحن، يغمض عينيه شجواً..ولما يفتحهما لبرهة كنت ألمح دمعة شفيفة تومض سريعاً، وتتخفّى..
أختي الشقراء، الحلوة كأيقونة على جدار القلب، تضحك خلسة، وهي تنفث دخانها، ناظرة إليّ بعيون ماكرة، أحبّ بريقها، إنها تعرف شرودي في رحلات الخيال، والتأمل.... فآثرت الصمت، لتتركني أجول بهدوء في عالمٍ يسكنني، ولايراه أحدٌ غيرها.
وعندما أراد الانصراف، وقبل أن يغادر، رفع قبعته، بانحناءة سريعة... وهو يمضي بعيداً، كنا غرباء... ولكني أحسست بأن ثمة أشياء تقاطعت بيننا، وبقيتْ معلّقةً بين ليلٍ، ومطرٍ، ولحنٍ باكٍ، وخيبات تختبئ، خلف دمعة تتخفّى..
كلّ منا راح في اتجاه، ..أنا أكمل مشواري الطويل، تبتلعني تفاصيل حياةٍ لاحدود لها، تخنق أحلامي حلماً، فحلماً...وهو يستعد ليوم جديد، بفقرة مخصّصة له، بين طاولات مطعم أنيق، رواده يبتسمون له ، يصفقون، يجاملون، ثم ينصرفون إلى طعامهم، ومحدثيهم..دون
أن تعني لهم ما تقوله العيون المسهدة، في ليل شتائي حزين...
حزن ليل الشتاء،يذكّرني بعينيه، يوم التقيته قرب الموقد، في المطعم السويسري، حين قرّرت، وأختي الصغرى، التوجّه إليه، بعد الغروب، قافلتَين من حضور معرض فنيّ مدهش، في يومٍ ماطرٍ، شديد البرودة، تؤرجحنا الرياح العاصفة، ونحن نتضاحك، نتظلّل بحقائبنا مهرولتين، نجتاز المدخل المزدان، بمهرجانات شتى من النباتات، والزهور، ،المضاءة بمصابيحَ أرضيّةٍ، تعكس ظلالها، مبلّلة، نديّة، تتقاطر سحراً فوق الحشائش المشذّبة، بعنايةٍ فائقةٍ، نقطع الجسر الخشبيّ، المتموضع فوق بحيرةٍ، تعشّقت بصخورٍ، تحيط بها، بتآلفٍ عجيبٍ، متناغم مع النوافير المذهلة في إيقاعها.وألوانها الضوئية..
دلفنا إلى داخل المطعم، وقد انشقّت بوابته الزجاجية العريضة عن دفءٍ، غمرنا براحةٍ، أنستنا بعض الصقيع.
رمينا بأنفسنا على مقعد جلدي وثير، ننفض عن معاطفنا المطر، قرب موقد ضخم، تأزّ جمراته اشتعالاً، نطلب على عجلٍ: فنجانَي (كابتشينو)، ريثما يتم تجهيز وجبة الطعام..
تزداد عتمة الليل، والأمطار تفصّل ثوباً مائيّاً خيوطه تمتد عبر النظر، أصوات روّاد المطعم رغم الهدوء الذي يطغى على المكان، تنفلت عنها بعض ضحكات تقطع السكون، متناغمة مع الأصوات التي تحدثها الأطباق، والأكواب، ونقرات الشوكات، والسكاكين...فتنقل رائحة الأطعمة المتبعثرة هنا، وهناك..
النادل المفرط في أناقته، وطريقة لفظ حروفه، يأتي بالوجبة الشهيّة، يوزعها على الطاولة، بطريقةٍ تستنفذ الحواس، فتلتهمها قبل أن تصل أيدينا إليها.
الأحاديث بيني، وبين أختي، وطفلة روحي، لا تنتهي، تغرقنا التفاصيل الجميلة للأشياء، نبحث عن صورنا الملوّنة، وسلال حصاد ساعات يومنا، ببساطتها، وعفويتها، نخترع المواقف الفكاهية..ونضحك منها، ومنا..
انسرب إلى مسمعي لحنٌ على غير موعدٍ، انسلّ رويداً..رويداً...حتى اقترب وصار على مسافةٍ كافية لأن أتوقّف عنده بكثير من الاهتمام..إنه عازف ( الساكسافون)، يجول بين الطاولات، يحاول أن يوجد حواراً موسيقيّاً، بين عازفٍ، ومتلقٍّ..
بعضهم يجامله ببسمة مقتضبة، وآخر يصفق له مجاملة: برااااااافو ..ويكمل طعامه، وآخر يحيّيه يإيماءة بسيطة من رأسه، ثم يكمل وشوشته لمن يرافقه...
توقفتُ عن الطعام، نسيت المائدة، وأطباقها المغرية، تبعته عيناي، أصغي إليه باهتمام شديد، ألتقط شوارد العزف الباكي..الهارب إلى مخابئ الروح القصيّة..أتأمله مليّاً، أرسمه لوحةً، أكتبه قصيدة، قصة..وربما مشروعا لرواية أبحث عن عناوينها..تنبّه إليّ، اقترب من طاولتي، ولم يغادر، بقي واقفاً حتى آخر فقرة له، ينوّع الألحان...عربية، فيروزية، غربية ..وأنا أستزيده، وأصفق له بحماس.. يشهد على إجادته، وإبداعه...
كان يذوب في العزف مندمجاً، ينفخ نبضه في آلته، كمعشوقةٍ يلثمها، ويضمها بين ذراعيه بشغفٍ،، يحرك رأسه، يمنة، ويسرة متناغماً مع اللحن، يغمض عينيه شجواً..ولما يفتحهما لبرهة كنت ألمح دمعة شفيفة تومض سريعاً، وتتخفّى..
أختي الشقراء، الحلوة كأيقونة على جدار القلب، تضحك خلسة، وهي تنفث دخانها، ناظرة إليّ بعيون ماكرة، أحبّ بريقها، إنها تعرف شرودي في رحلات الخيال، والتأمل.... فآثرت الصمت، لتتركني أجول بهدوء في عالمٍ يسكنني، ولايراه أحدٌ غيرها.
وعندما أراد الانصراف، وقبل أن يغادر، رفع قبعته، بانحناءة سريعة... وهو يمضي بعيداً، كنا غرباء... ولكني أحسست بأن ثمة أشياء تقاطعت بيننا، وبقيتْ معلّقةً بين ليلٍ، ومطرٍ، ولحنٍ باكٍ، وخيبات تختبئ، خلف دمعة تتخفّى..
كلّ منا راح في اتجاه، ..أنا أكمل مشواري الطويل، تبتلعني تفاصيل حياةٍ لاحدود لها، تخنق أحلامي حلماً، فحلماً...وهو يستعد ليوم جديد، بفقرة مخصّصة له، بين طاولات مطعم أنيق، رواده يبتسمون له ، يصفقون، يجاملون، ثم ينصرفون إلى طعامهم، ومحدثيهم..دون
أن تعني لهم ما تقوله العيون المسهدة، في ليل شتائي حزين



#ايمان_الدرع (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللوحة المنسية
- الزبداني...ومواسم الكرز (ثلاثيّة)
- بيت ابيها
- القمر في لامبيدوزا
- بلا عنوان
- يوم شقت قدسيا أكفانها ..


المزيد.....




- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- وصمة الدم... لا الطُهر قصة قصيرة من الأدب النسوي
- حي المِسكيّة الدمشقي عبق الورق وأوجاع الحاضر
- لا تفوت أحداث مشوقة.. موعد الحلقة 195 من قيامة عثمان الموسم ...
- أزمة فيلم -أحمد وأحمد-.. الأكشن السهل والكوميديا المتكررة
- بي بي سي أمام أزمتي -والاس- و-وثائقي غزة-... هل تنجح في تجاو ...
- من هم دروز سوريا؟ وما الذي ينتظرهم؟
- حسان عزت كما عرفناه وكما ننتظره
- -الملكة العذراء-: أسرار الحب والسلطة في حياة إليزابيث الأولى ...
- مكتبة الإسكندرية تحتفي بمحمد بن عيسى بتنظيم ندوة شاركت فيها ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ايمان الدرع - الليل واناوعازف الساكسفون