أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - لا تيأسي يا كردستان















المزيد.....

لا تيأسي يا كردستان


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 5673 - 2017 / 10 / 19 - 10:45
المحور: القضية الكردية
    


الكرد أمة عريقة، سليل حضارات وشعوب كانت لهم أمجادهم، وإمبراطورياتهم، ودليلنا: وجوده اليوم شعب متماسك، رغم الكوارث، يواجه أعداءه بأساليبه الإنسانية، ويحاورهم بالطرق الحضارية، والسلمية قدر المستطاع.
لا تيأسي، فالمارد الكردي لم يستيقظ بعد، فهو في سبات منذ نهايات الحضارة الساسانية وحتى اليوم، يوم غاب بين أودية جباله بعد صراعات داخلية مميتة، والتي سهلت على قبائل عربية بدائية الهيمنة تحت عباءة الإسلام على إمبراطوريته وقضت على روحانياته، بعد أن كانت إحدى أعظم الإمبراطوريات في العالم، بتوسعها ورقيها الحضاري، والتنوع الديني، ولا يزال المارد في سباته حتى اللحظة، رغم تكاثر المؤامرات الإقليمية والدولية في الفترة الأخيرة.
جميع الانتفاضات والثورات لم تكن أكثر من ردات فعل لأحلامه، لم تكتمل فيها عوامل النهوض، وما جرت وعلى مر القرون الماضية ليست سوى حركات لا إرادية منه على مؤامرات الغدر والخيانات والطعون المتتالية من قبل الأعداء، وما يجري في كركوك وحولها اليوم، لن تمر بدون ردات ثورية مماثلة لما حصلت سابقاً في مناطق كردستان عامة.
الأنظمة الإقليمية قبل الدول الكبرى، تدرك ما يحمله الكرد من قوى خام هائلة، وتعلم بأن هذه الأمة لم تستخدم حتى اللحظة إلا فتاتها، ولا تعكس سوى حركات لمناطق متباعدة من جسم المارد، وكردستان بمجملها لم تنتفض معا يوما منذ أن خلد المارد إلى كهوفه.
ولغياب هذا المارد نرى التناقضات بين الحركات الكردستانية، وتستمر الخلافات العديدة بين أطراف القوى الكردستانية، وتظهر العشوائية في نهجنا النضالي. وخير مثال على أنها حركات تحررية غير ناضجة، ولا يتحكم بها عقل المارد الكردي، تكثر فيها الأخطاء، وتنتهي بالنكسات، وينتصر الأعداء رغم ضعفهم الواضح والأوبئة التي تنخر فيهم. وللتغطية على هذه الأخطاء يقومون باستغلال كل الظروف الملائمة الإقليمية والدولية لإبقاء المارد الكردي في سباته.
ومثلها الدول الكبرى، الذين درسوا ويدرسون وبشكل علمي البنية التحتية الاقتصادية والثقافية والديمغرافية والجغرافية لهذا المارد، ولمعرفتهم بما ستكون عليه كردستان القادمة، والأمة الكردية، كثيرا ما يسقطون بين النقيضين:
1- محاولات إيقاظه، وفي هذه الحالة قد لا يحصلوا من كردستان على ما يأخذونه من القوى الإقليمية. كما ويحللون واقع المنطقة، ومصالحهم فيها، واستراتيجياتهم، والتي ستفرض عليها إعادة النظر فيها، في حالة نهوضه، وهل ستكون قيادة المارد الكردستاني بتلك السهولة التي يقودون بها السلطات الاستبدادية في المنطقة؟
2- أو دعمهم للظروف الملائمة لديمومة سباته، للحفاظ على ما بيدهم الأن، وبطرق متنوعة، كمؤامرة بدايات القرن الماضي، حيث نفاق وزيري خارجيتي بريطانيا وفرنسا وقناصلهما في العراق وسوريا، إلى حيث مواقفهم المخزية من استفتاء 25-9-2017م على استقلال جنوب كردستان، ودعمهم غير المباشر للقوات العراقية وللحشد الشعبي، وتغاضيهم عن التدخلات الإيرانية -التركية، وسكوتهم على احتلالهما غير المباشر لأجزاء من كردستان، تحت صفة مناطق مستقطعة أو المتنازعة عليها، ومن بينها قلب وروح كردستان، في الوقت الذي تعرف فيه أمريكا تماما بأن احتلالهما لكردستان، تضع إيران وبشكل مباشر على حدود إسرائيل، وبالتالي تقوض الهيمنة الأمريكية في المنطقة، فهل هذه جهالة ؟! أم استراتيجية غير واضحة لإسقاط إيران في مستنقع نهضة غير متوقعة للمارد الكردي، في وجهها ومعها الدول المحتلة لكردستان؟
وهذه التوقعات، واستناداً على معلومات من وراء الكواليس، ودراسة لها، تتزايد لدينا احتماليات مساعدتهم للمارد الكردي ليستيقظ من سباته، ولا نعني بأن أية انتفاضة قادمة قد تحدث على خلفية دخول الحشد الإيراني كركوك وشنكال هو نهوض للمارد الكردي، والذي سيبني كردستان الكبرى لتكون عنصر تشكل الحضارة في الشرق.
رغم تغاضي الدول الكبرى، الذي طبلت له القوى الإقليمية، أثناء الاستفتاء واحتلال كركوك البارحة، فهناك حوارات تجري خلف الكواليس وفي القاعات المغلقة، حول أهمية ظهور كردستان الكبرى لهم وللمنطقة، وليس فقط جنوبها أو جنوب غربها كفيدرالية. كما وهناك دول إقليمية، تراها من ضروريات ديمومة التوازن المذهبي قبل الصراع القومي في الشرق الأوسط، وبعضها تجد كردستان إحدى أهم ركائز التحضر في المنطقة.
كما ورجحت من خلال التصريحات المبطنة، لمسؤولين كبار من الدرجة الأولى في الدول الكبرى، مثل كلمة وزير خارجية روسيا (سيرجي لافروف) عند طلبه من الرئيس مسعود برزاني تأجيل الاستفتاء، وما يمكن الحصول عليه بعدها، وذكره بأن القضية الكردستانية ستبحث فيها الهيئات العالمية وضمن أروقة المنظمات الدولية، أي بما معناه، أنها الأن أصبحت قضية تجاوزت حدود جغرافية الشرق الأوسط. وقد تداولت مؤخرا ولمرات عدة القضية الكردستانية بين أروقة البيت الأبيض، وأمتعض منها أعداء الكرد، أمثال أردوغان وغيره أثناء حواراتهم مع الرئيس الأمريكي، أو عندما تناولتها أعضاء من مجلس الشيوخ الأمريكي. ومثلها، تكهنات بعض الإعلام الأوروبي حول ما يجري ضمن الأروقة الدبلوماسية، وتؤكد عليها الضجة الإعلامية التي أحاطت بكل مجريات الأحداث وبأدق التفاصيل، حول الكرد وقضيتهم وانتصاراتهم على المنظمات الإرهابية، وعلى رأسهم داعش، رغم المساعدات الشحيحة التي حصلوا عليها مقابل ما قدمت للقوى الأخرى كالحكومة العراقية وغيرها.
لا تحزن أيها الكردي، لقد أصبحت قضيتك مسألة دولية لا يمكن تجاوزها، حتى ولو حاول البعض التغطية عليها. كما ولا يمكن لجسد المارد أن يخسر قلبه (كركوك) ولا روحه (شنكال) فالإله الكردي لا يموت، بينه وبين الأبدية عهد، والمارد سيستيقظ وفاء بعهد إلهه، فقط ينتظر شروق شمسه، وبوادر شروقها بدأت تظهر، وبعد كل حراك تتراكم الطاقة فيه، ويزداد قوة، وهي كافية ليقود الشرق إلى حيث السلام والحضارة، وما يجري اليوم في جنوب كردستان لا تتعدى خيانة أخرى للعشرات من أمثالها التي حبكتها القوى الإقليمية، ومن بينها تلك المجموعات، كقادة الحشد الشعبي، وقيادات في حكومة بغداد، الذين كانوا يوما ما يعيشون في أحضان المارد الكردي هاربين من طغاتهم.
ولا تأسف، على ما قدمته لهم سابقا من حماية في كهوف جبالك، وأطعمتهم يوم لم يكن يجدون مأوى ولا لقمة خبز. لا تأسف فالكريم ليس في طبعه الحسرة على ما قدمه من سخاء لمجتمعات تحمل جينات الغدر والخيانة، ومن بينهم من قتلوا حسينهم وساروا في جنازته يلطمون ذاتهم، وغدروا بأئمتهم وهم يلفظون فتاويهم، وخلقوا المذاهب لتبرير خياناتهم، وللتغطية على ثقافة الحقد المتأصلة يطبلون على صفحة الوطنية والوطن للتغطية على حقدهم وجرائمهم بحق الكرد. وأمثال هؤلاء انتصاراتهم لن تطول.
ومن المهم أن نعلم ونتعلم، أن الانتكاسات الكردستانية المتتالية، ومن ضمنها المعاشة حاليا، ومنها سقوط كركوك، وتمزيق العلم الكردستاني في شوارعها، دليل على أننا نتبع نهجاً خاطئاً في نضالنا من أجل التحرر، وعلى أثره يجد الأعداء ضالتهم، ويتكالبون على قدرنا، فتسهل لهم انتصاراتهم، ولا تعني هذا بأنهم أقوياء، بل نحن نناضل على النهج الخاطئ.
وعلينا أن نأخذ بالحسبان، أن هذه النكسة لم تكن الأولى في تاريخنا، ولن تكون الأخيرة، حتى ولو أعيدت تلك الأراضي والمدن، وعليه يجب أن تكون بيننا وبين ما قمنا به على مر العقود الماضية، من الأساليب النضالية قطيعة، إن لم تكن بشكل حاد، فعلى الأقل بالتدرج، فالإدارات الكردستانية كانت ولا تزال دون جدارة لبناء كردستان الكبرى، ولا تعكس قدرة المارد الكردي، ولا على مستوى هيبة أجدادنا الذين أقاموا الإمبراطوريات والحضارات في الشرق.
لا تخسر أيها الكردي ثقتك بذاتك، وبماردك، الذي لا يزال ضمن قوقعته. لا شك أخطئنا، وسنخطأ في القادم من الزمن، ولسنا وحدنا من يخطأ أو أخطأ في التاريخ، ولولاها لما عرفنا ما نحن عليه من قوة وهيبة. واعلم أيها الكردي أن فرحة الأعداء على أخطائنا، ولانتصاراتهم علينا، تفضح مدى ضعفهم وهيبتنا.
رغم هذا فخطئنا الأخير هذا وضح لنا الكثير، ومنها: أن نهجنا الكلاسيكي في النضال هو ما يقوي أعداءنا، وأننا بدون يقظة المارد الكردي لن نبلغ غاياتنا بثوراتنا المنعزلة عن بعضها، وحركاتنا المتشتتة، والتي تجد القوى الإقليمية ضالتها للتغلغل بيننا وإسقاطنا بأيدينا دون أن نشعر بفداحة خساراتنا. وبأنه يتوجب علينا إعادة النظر في ماضينا وبرؤية ودراسات جديدة، والقيام بعمل نضالي وبنهج يتلاءم والعصر، والتخلي عن القديم.
لربما، كمجتمع وحركة، وحتى اللحظة، لسنا على مستوى بناء وطن ودولة بحجم كردستان، من حيث سوية الوعي والتراكم المعرفي، مع ذلك هذا الواقع لا يستدعي اليأس، خاصة وأن الأعداء ليسوا بتلك القوة، ولا يملكون الوعي والمعرفة التي سترجحهم علينا، فكل ما هنالك هو أن نهجنا خاطئ، وهو مستنسخ من نهجهم، وثقافتهم، وأساليبهم في التعامل، وكما ذكرنا سابقاً، يجب أن يكون بيننا وبينه قطيعة أبدية، وعليه يجب أن تحفزنا أخطائنا، ونكساتنا وخاصة خسارتنا الأخيرة المؤقتة (كركوك وشنكال، حتى ولو كانت أكثر في الأيام القادمة) على البحث عن نهج نضالي عصري، قابل لإنهاض المارد الكردي، الذي سيحرر كردستان، ويضعها على الدروب الحضارية، وبأسلوب ديمقراطي.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]
18/10/2017م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القضية السورية والاستفتاء الكردستاني
- كردستان بين العرض والطلب
- القيامة بعد الاستفتاء
- كردنو قضيتنا واحدة فلما نختلف
- لنتحرر من رواسبنا
- مصداقية الباحث العربي محمد جمال باروت مثالاً- الجزء الخامس و ...
- مصداقية الباحث العربي محمد جمال باروت مثالاً- الجزء الرابع و ...
- كردستان القادمة عامل لتحضر المنطقة
- كرهاً بالكرد
- إشكاليات مرسوم ضريبة الدخل الصادر عن الإدارة الذاتية الكردية ...
- إشكاليات مرسوم ضريبة الدخل الصادر عن الإدارة الذاتية الكردية ...
- أمريكا لن تغادر جنوب غربي كردستان قريبا
- مصداقية الباحث العربي محمد جمال باروت مثالاً-الجزء الثالث وا ...
- جور السلطة الاقتصادية على الحركة الكردية الثقافية الاتحاد ال ...
- جور السلطة الاقتصادية على الحركة الكردية الثقافية الاتحاد ال ...
- مصداقية الباحث العربي محمد جمال باروت مثالاً- الجزء الثاني و ...
- الخطط الاستباقية ضد الاستفتاء الكردي
- مصداقية الباحث العربي محمد جمال باروت مثالاً- الجزء الواحد و ...
- متى ستزول المعارضة السورية
- زيارة نادية مراد لإسرائيل صائبة


المزيد.....




- مفوض أوروبي يطالب بدعم أونروا بسبب الأوضاع في غزة
- ضابط المخابرات الأوكراني السابق بروزوروف يتوقع اعتقالات جديد ...
- الأرجنتين تطلب من الإنتربول اعتقال وزير داخلية إيران
- -الأونروا- تدعو إلى تحقيق في الهجمات ضد موظفيها ومبانيها في ...
- الولايات المتحدة: اعتقال أكثر من 130 شخصا خلال احتجاجات مؤيد ...
- مسؤول أميركي: خطر المجاعة -شديد جدا- في غزة خصوصا في الشمال ...
- واشنطن تريد -رؤية تقدم ملموس- في -الأونروا- قبل استئناف تموي ...
- مبعوث أمريكي: خطر المجاعة شديد جدا في غزة خصوصا في الشمال
- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - لا تيأسي يا كردستان