أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مراد سليمان علو - مقبرة جماعية أخرى














المزيد.....

مقبرة جماعية أخرى


مراد سليمان علو
شاعر وكاتب

(Murad Hakrash)


الحوار المتمدن-العدد: 5665 - 2017 / 10 / 10 - 14:53
المحور: الادب والفن
    


(مقبرة جماعية أخرى)

في مخيّم ما، من المخيمّات المخصصة للنازحين من أهلي كنت أسير وحيدا في ليلة باردة حجب الضباب فيها خيامها البيضاء عن ناظري، وخامرني الشكّ في بقائها منصوبة من رعب السكينة على دروبها الموحلة، فهي قائمة بدموع الأرامل، والأيتام، والمراهقين، وقد جمدت على خدود الليل السوداء الموحشة، ولمّا وصلت الطرف الشمالي منه سمعت لهاثا يقترب منّي، فالتفت فإذا بشبح يرتجف وهو يقول: "لماذا توقفت، والتفت؟".
قلت، والكلمات تخرج بصعوبة من بين اسناني المصطكّة: "التفت لأرى من يتبعني، ويقلق عليّ خلوتي، فمن أنت؟ وماذا تريد منّي؟".
فقال الشبح وقد هدأ قليلا: "لماذا التفت وتوقفت؟ لا تكن أحمقا كالآخرين فكلّ الأيتام والأرامل ينصتون إلى وقع اقدامك، وينتظرون منك أن تعبر بهم الجهة الأخرى".
فنظرت اليه بعيون ذابلة وقلت: "ولكنني أنا نفسي لا أعرف إلى أين أسير. قل لي من أنت؟ وماذا تفعل هنا؟".
وما أن وصلت إلى مكاني المعتاد حتى جلست القرفصاء وخاطبنه قائلا: "هاأنذا اطلب الوحدة والهدوء لنفسي، وتأتي أنت في هذا الليل الضبابي تقتحم عليّ وحدتي، فاجلس هاهنا بجنبي ما طاب لك وثرثر ما بدا لك".
فصرخ قائلا: "أنا شبح هائم لملك من ملوك بابل، هربت من حريقها الكبير، ولا أزال اتبعكم لأريكم دروب الهجرة والخلاص، وسأدلك أنت ايضا إلى الوادي، وستعرف بنفسك الطريق". فارتعب من صوته المدوي جميع من في المخيم، وتنبهّوا من رقادهم، ثم جاءت الأرامل وتبعهن الأيتام وهم يقولون لي: "لا تخف فنحن ورائك سائرون".
التفت إلى الشبح فزعا وقلت له: "الوادي مليء بالأفاعي الراقدة وستسحق عظامنا إن وطأناه في هذا الليل البهيم، فلما تغرر بي؛ لأقود هؤلاء المساكين إلى التهلكة؟".
وهنا التفت الشبح الهائم إلى الجمع قائلا لهم: "أنه جبان آخر، يخاف على نفسه وليس عليكم"، ثم قهقه، فضحكت الجموع معه، ولولا جزعي لوددت الضحك من ضحكهم، وبعد أن هدأت عاصفة الضحك قلت له: "ما العمل برأيك أيها السائر في الليل؟".
فقال القادم من بابل وهو يفرك يديه: "سر بهم إلى الوادي، ولتعلوا صراخهم، وكذلك هوساتهم، ومن تلدغه الأفاعي ليدوس عليه العابرين إلى الجهة المقابلة، أما الضحايا فسيكون الوادي لهم مقبرة جماعية أخرى بكل فخر".
*******



#مراد_سليمان_علو (هاشتاغ)       Murad_Hakrash#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملتي
- موت نيوتن
- أثر على الرمل/1
- رسالة من رضيع
- في الثالث من آب
- ثرثرة قلب
- بين القرية والمدينة
- العقال
- حكماء الصين المليون
- حاء النازح
- أغنية الأيزيدي
- حوار الصمت
- قاموس النزوح الحديث
- الفصول المخفية من رواية النازحين
- بتلات الورد/الجزء الثالث (83)
- إلى الأعلى
- نشيد البعث
- وجها لوجه مع داعش 5
- بتلات الورد/الجزء الثالث (82)
- تساؤل


المزيد.....




- التمثيل الشعري للذاكرة الثقافية العربية في اتحاد الأدباء
- الكوتا المسيحية: خسارة ريان الكلداني وعودة الجدل حول “التمثي ...
- مؤرخ وعالم آثار أميركي يُحلل صور ملوك البطالمة في مصر
- -المعرفة- في خدمة الإمبريالية والفاشية والاستبداد
- روزي جدي: العربية هي الثانية في بلادنا لأننا بالهامش العربي ...
- إيران تكشف عن ملصق الدورة الـ43 لمهرجان فجر السينمائي
- هوس الاغتراب الداخلي
- عُشَّاقٌ بَيْنَ نَهْرٍ. . . وَبَحْر
- مظهر نزار: لوحات بألوان صنعاء تروي حكايات التراث والثقافة با ...
- في حضرةِ الألم


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مراد سليمان علو - مقبرة جماعية أخرى