أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي رضا - لا تنسي الجوع يا بغداد














المزيد.....

لا تنسي الجوع يا بغداد


زكي رضا

الحوار المتمدن-العدد: 5652 - 2017 / 9 / 27 - 05:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لازلت اشم رائحة التفاح الفاسد في حلبجة وشيخ وسان وباليسان و سركلو وبركلو وسيوسينان وزيوه وعشرات المناطق والقرى الآمنة، لازلت ابحث عن عيون الماء التي ضيع البعث آثارها لتجف كجفاف فكرهم الهمجي، لازلت انظر الى الجبال الجرداء وابكي اشجارالبلوط التي كانت ترضع من غيوم سماء كوردستان، لازلت ابحث عن لعب الاطفال المتربة في مقابر البعث الجماعية، لازلت أبحث عن الفتيات البريئات في أقبية البعث السادية، لازالت ذاكرتي تأبى أن تنسى تلك العجوز الكوردية وهي تهلهل لأعدام أبنها تحت تهديد بنادق الفاشيين، لازالت تلك الجموع المليونية وهي تجتاز الجبال في ظل طقس زمهريري تثقل كاهلي، لازلت أدور في مقابر حلبجة المغتصبة بحثا عن أبتسامة طفل أغتال البعث طفولته، لازالت فتيات الكورد التي تم بيعهن في سوق نخاسة البعث يؤرقنّ منامي بكوابيس ثقيلة، لا زلت وأنا أقرأ القرآن بين الحين والحين أتعمد عدم المرور على سورة الأنفال، ولازال مذاق فمي فيه طعم السيانيد، لازلت أرى شباب الكورد الفيليين وهم يساقون الى مختبرات الموت.

لازلت أرى أهوار الجنوب العذبة تبكي قصبها الذي أحرقته نار البعث الهمجي، لازلت أتعذب لمناظر النخيل التي أعدمها الطغاة وهي عمّتنا، لازلت أبكي قبّة الإمام علي تدنسّها دبّابات الطغاة ومإذنته التي وشمتها القنابل، لا زلت أتخيل الشباب الثائر وهو يدفن حيّا في مقابر البعث الجماعية، لازلت أرى الرعب في وجه عجوز يُدَقّ بابها ليلا بعنف، لازالت الكوابيس تلاحقني وأنا أرى شباب تتفجّر أجسادهم بأصابع الديناميت والزيتوني يهتف بإسم الطاغية، لازلت الكوابيس تؤرقني وأنا أتخيل شكل الموت في طريق المطلاع حيث فتح الجحيم أبوابه لشباب العراق، لازلت أسمع إهانات البعث "للشرگاوي والكاكه" وإستصغارهما، لازلت أرى السمك يتجمع عند ضفّة دجلة ليلتهم اللحم البشري الذي يأتيها من مفرمة البشر عند الشعبة الخامسة. ولازلت أبكي النعوش المحمولة الى وادي السلام.

هل تتذكرين الجوع يا بغداد والحصار يلف الوطن من شماله الى جنوبه؟ هل نسيت الناس وهي تبيع حتى أبواب منازلها والشبابيك لتوفر لقمة خبز لأبنائها، هل أثّر بك مثقف يبيع كتبه وهو يبكي من أجل أن يدفع إيجار بيته؟ إنني أتذكر أب لا يملك ما يقيم به أود أطفاله فأنتحر، أنني أتذكر أم بلا معيل باعت جسدها الطاهر كي توفر لقمة خبز لأبنائها، أني لليوم أبكي أب لم يكن ثمنا لشراء علبة دواء لطفله فهام على وجهه، لازلت لليوم أسمع بكاء الأطفال شدّة البرد على تقاطعات المرور وهم يتعرضون لمضايقات أشباه البشر. نعم بغداد، لازال شرف بناتنا مدنسا وهنّ يباعنّ في مواخير دول المنطقة، نعم بغداد لازالت شوارع عمّان ودمشق تتذكر حرائر العراق وهنّ يبيعنّ سقط المتاع على أرصفتها لدرء غائلة الجوع عن عوائلهن. لقد ذقت الجوع يا بغداد ويا حسرتي عليك، فما لك اليوم تهددين أبناءك بالجوع!!؟

الجوع كفر يا بغداد، فكيف تريدين أن تكفّري أطفال الكورد بأن تطلبي من جيراننا أن يجّوعوهم. من يذق طعم الجوع يا بغداد لا يرضاه لغيره فكيف والغير هذا إبنك لليوم!! قفي شامخة وإغتسلي بماء دجلة وأرفضي تجويع أطفال كوردستان ونساءه. ألم تشعري بالقيء من كلمة " حصار"؟ هذه الكلمة التي أذلت شعبنا وأنهت أحلامنا وجائت لنا " بالسرسرية" ليحكمونا؟ إن كنت تشعرين بالقيء منها فكيف تريدين إعلان الحصار على كوردستان!؟ بغداد البعث كانت بطلة الحصار والدمار، فهل أطلّ البعث برأسه فيك من جديد لتعلني حصارك على الأطفال وتذيقيهم الجوع؟

أنّ الحكومة العراقية وهي تطالب تركيا وإيران بغلق حدودهما وأجوائهما كما تنوي هي أيضا في غلق حدودها مع إقليم كوردستان، ترتكب أمّ الجرائم الإنسانية بحق الشعب الكوردي. ومثلما لم يؤثر الحصار الظالم على السلطة الحاكمة وقتها وطال الفقراء من أبناء شعبنا العراقي، فأنّ الحصار الذي تنوي الحكومة العراقية الشيعية إعلانه وبمشاركة تركيا وإيران لن تؤثر على حياة الطبقة السياسية في كوردستان، بل ستطال فقراء الكورد وأطفالهم.

على الحكومة العراقية وحكومة الإقليم أن يشكلا لجان تفاوضية وأن يحتكما للدستور في حل الخلافات التي بينهما وليس تجييش الشارع وشحنه طائفيا وقوميا، فالعراق لازال " لليوم" دولة ذات سيادة وإن كانت منقوصة بسبب ضعف السلطة فيها نتيجة فسادها، كما وأنّ الإستفتاء لا يعني الإنفصال عن جسد الدولة غدا.

كما كلل العار البعث وهو يجوع شعبنا بعربه وكورده وباقي أثنياته ويحاصره، فأنّ التأريخ سيكلل قادة بغداد اليوم بالعار وهم يريدون تجويع الشعب الكوردي وحصاره. لتحتكم كل الأطراف للغة العقل والمنطق ولتخرس طبول الحرب من أجل سلام نحن بأمسّ الحاجة إليه لنبدأ مرحلة جديدة من تأريخنا وننهض من جديد. لنعمل معا من أجل عراق آمن ومستقر، لا مكان فيه لسياسات التجويع والحصارات ، ولا مكان فيه للفساد والميليشيات.



#زكي_رضا (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- براءة الإمام الحسين من شيعته
- العبادي يتّهم المالكي بالتآمرعلى البلاد
- حزب الله وحزب الدعوة وداعش
- الكفيشي وقائده الضرورة يتقيئان فساداً وعمالة
- ليلة القبض على الشيطان
- الإسلاميون هم عملاء وخونة وبلا أخلاق وليس الشيوعيين والمدنيي ...
- سانت ليغو وسجائر بهمن الإيرانية
- أنه قصر نظر سياسي أيها السيد البارزاني
- پانوروما الفرهود الكوردي الفيلي - العهر في زمن الدعاة -
- فوبيا الإلحاد عند العمائم والساسة الإسلاميين في العراق
- بيت الدعارة والتكليف الشرعي
- كوردستان العراق وتجربة قطر
- بريجنسكي وعمالة الأحزاب الشيعية العراقية لإيران ..
- المفوّضية تسابق الزمن لمنح الميليشيات صفة الأحزاب
- بروج يسارية عاجّية ..
- مفهوم الأغلبية السياسية بين ماكرون والمالكي
- زوّار الفجر في البتاويين
- هل أزّف موعد لقاء يساري يساري واسع ..؟
- المالكي يوعز بالهجوم على الحزب الشيوعي العراقي
- التاسع من نيسان ... فشل مدوّي للبعث وورثته ومعارضيه


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يرصد دفعة صواريخ إيرانية جديدة.. وموسوى يدع ...
- -لا تحاولون العودة-.. الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا عاجلا إلى ...
- هل ينجر ترامب لحرب إسرائيل ضد إيران؟
- مصدر أمني إيراني: طهران على تواصل مع موسكو وتعول على دور روس ...
- الخارجية الروسية: حياة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ف ...
- الرئيس الإسرائيلي يزور معهد -وايزمان- المتضرر جراء القصف الإ ...
- -سي إن إن- ترجح ميل ترامب لاستخدام القوات الأمريكية لضرب الم ...
- باكستان تجلي عائلات الدبلوماسيين من إيران والبعثات لا تزال م ...
- الجيش الإيراني يعلن تدمير 28 هدفا إسرائيليا معاديا خلال الـ ...
- مباحثات مصرية أمريكية إيرانية لوقف التصعيد بين طهران وتل أبي ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي رضا - لا تنسي الجوع يا بغداد