أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد إنفي - المغربي وثقافة التعميم














المزيد.....

المغربي وثقافة التعميم


محمد إنفي

الحوار المتمدن-العدد: 5639 - 2017 / 9 / 14 - 20:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



المغربي وثقافة التعميم
يكفي المرء أن يستمع للناس وهم يتحدثون- في السوق أو في المقهى أو في أي فضاء آخر، عمومي أو خاص- عن مواضيع الساعة أو عن أية مواضيع أخرى تحضا باهتمامهم، ليجد أن التعميم هو الغالب في أحاديثهم وفي تقييمهم للأحداث، إن سلبا أو إيجابا.
ومن دون شك أن هذه الخاصية ليست ماركة مغربية مسجلة ولا تعني الشعب المغربي وحده ، وإنما هي ظاهرة إنسانية عامة (أو تكاد)؛ لكن يبدو أن ثقافة التعميم، والأصح آفة (حتى لا أقول مرض) التعميم، مستشرية عندنا ربما أكثر من غيرنا وتأخذ، أحيانا، طابعا مثيرا ومُقزِّزا، ؛ خاصة وأنها تتميز بالسطحية وترتكز أساسا على أحكام القيمة التي تبقى بعيدة عن معيار الموضوعية والنزاهة الفكرية. ثم إن هذه "الثقافة" غالبا ما تركز على ما هو سلبي؛ وهو ما يدعو، من جهة، إلى التساؤل عن الأسباب الكامنة وراء هذا النزوع إلى السلبية؛ ومن جهة أخرى، التساؤل عن الدوافع الحقيقية لهذا النزوع.
لا شك أن للتنشئة الاجتماعية والثقافية والسياسية بكل أشكالها (الرسمية وغير الرسمية) ومؤسساتها المتعددة (الأسرة والمدرسة والمسجد والفضاءات الثقافية والمؤسسات الإعلامية بكل أصنافها والمؤسسات الحزبية على اختلاف توجهاتها...)، لا شك أن لها دورا أساسيا في انتشار ثقافة التعميم كسلوك مستمد من العادات المكتسبة. ولا شك، أيضا، أن لهذه الثقافة بعدا اجتماعيا وسياسيا ونفسيا؛ وهو ما يشكل الدافع الحقيقي لتمثلها وترويجها.
ويحظى المجال السياسي، وبالتحديد المجال الحزبي، بحصة الأسد من هذا التعميم (السلبي، طبعا). فيكفي أن تثير موضوع الأحزاب مع بعض الأوساط الغير مهتمة بالحياة السياسية أو بعض الفئات الناقمة عن الدولة والمجتمع، لتسمع " كلشي بحال بحال"؛ "كلهم شفارة"، الخ؛ ناهيك عن الترويج المُتعمَّد لمقولة "أولاد عبد الواحد كلهم واحد" حول الأحزاب من قبل جهات تعمل على تمييع العمل السياسي وتبخيس دور الأحزاب.
وأعتقد أن السبب الرئيسي لهذه التنشئة السياسية الخاطئة والفاسدة، هي الدولة في شخص وزارة الداخلية. فبالإضافة إلى عملها على تفريخ الأحزاب السياسية (المعروفة في القاموس السياسي المغربي بالأحزاب الإدارية)، قامت هذه الوزارة - منذ انطلاق المسلسل الانتخابي في بلادنا، خلال السنوات الأولى من ستينيات القرن الماضي - بفبركة نتائج الاستحقاقات الانتخابية وتزويرها بشكل مفضوح، في كل محطة من المحطات الانتخابية، لصالح صنيعة (أو أكثر) من صنائعها؛ مما خلق مشهدا سياسيا غير طبيعي ونشر ثقافة سياسية غير صحيحة ولا تمت للديمقراطية بصلة. ولا شك أن ظاهرة العزوف الانتخابي، التي تؤرق الصف الديمقراطي، تجد أحد أبرز أسبابها في هذا الأمر.
ويبدو أن ثقافة التعميم لا تستثني أي وسط؛ فهي تنتشر في كل الأوساط، بما فيها تلك التي نالت حظها من التعليم، وتعبر عن نفسها بمقولات من قبيل "ماكاين مع من"؛ "مابقى مايتعمل"؛ ماكاين مايدار"؛ "كلشي خسر"؛ "كلشي تبدَّع"؛ "كلشي فالس"، الخ.
وحتى المثل الشعبي المشهور" حوتة وحدة كتخنَّز الشواري"، يمكن أن ننظر إليه من هذه الوجهة ونرى فيه ما يسند ويدعم ثقافة التعميم؛ ذلك أن مدلوله يحيل على الفساد العام الذي يتسبب فيه عنصر من عناصر "الجسم الجمعي". ففساد "الشواري" ما كان ليقع لولا فساد عنصر من عناصره (الحوتة)؛ فـ"الشواري"، إذن، كناية عن المجموعة، كيفما كانت طبيعة هذه المجموعة. والأخطر في الأمر، هو أن تتحمل المجموعة التبعات أو التهمة بالفساد بسبب فساد فرد من أفرادها(حزب، نقابة، جمعية، نادي...). وفي هذا تعميم جائر وظلم ظاهر.
وقد تكتسي آفة التعميم طابعا عنصريا أو عرقيا حين نعمم وصفا سلبيا ما أو ننسب سلوكا مشينا ما إلى هذا العرق أو ذاك أو هذا الجنس أو ذاك أو هذه الثقافة أو تلك. ففي ثقافتنا الشعبية ما يكفي من الأمثلة (أو الأمثال ذات الحمولة القدحية) التي تتعلق إما بالمرأة أو بـ"العروبية" أو "فواسة" أو "سواسة" أو "الشلوح" أو "روافة" أو "جبالة" أو غيرهم. ولا أستبعد وجود بعض التعميمات المتعلقة بالأفارقة وثقافتهم وسلوكهم وعيشهم، خاصة بعد تزايد أعدادهم ببلادنا.
ولا يمكن تجاهل التعميم الأخير الذي روجته بعض الصحافة الدولية عن المغاربة بكونهم شعبا يُصدِّر الإرهاب للدول الأوروبية؛ وسبب هذا التعميم الخطير، هو تورط شبان أوروبيين، من أصول مغربية، في أعمال إرهابية. وبدل الانكباب على الأسباب الحقيقية لانحراف هؤلاء الشبان الذين نشئوا وترعرعوا وتجنَّسوا في بلدان الإقامة، راحت بعض الجهات تجتهد في لصق التهمة بالشعب المغربي.
خلاصة القول، إن ثقافة التعميم تدل، عند البعض، على هشاشة التربية وسطحية الثقافة وضحالة البنية الفكرية؛ وعند البعض الآخر، تدل على الخبث وسوء النية. فالتعميم، في هذه الحالة، يهدف إلى التغليط وخلط الأوراق والتنصل من المسؤولية.



#محمد_إنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الفرق بين الولاء للمؤسسات والولاء للأشخاص أو للمصالح الشخ ...
- آهٍ من هذه الحسيمة التي عطلت تفكيري !!!
- عن اللغو والغلو في شأن قرار تعويض بنكيران بالعثماني على رأس ...
- السكيزوفرينا السياسية
- التحليل السياسي بين الرغبات الذاتية ومعطيات التاريخ والواقع
- في السلفية الحزبية
- بنكيران والاستقواء بالغوغاء
- على هامش المشاورات الحكومية: قرار الحفاظ على الأغلبية السابق ...
- هل تجوز الصلاة وراء -الفزازي- وأمثاله؟
- تردي الخطاب السياسي يضر بالمصالح العليا للوطن
- حديث إدريس لشكر أَفْجَعَ وأَوْجَعَ/ وأَقْنَعَ !!!
- لسان -مول البونج- ولسان مدير موقع -بديل-، أيهما الأطول؟
- على هامش صدور كتاب -كذلك كان-: ألا يستحق هذا الكتاب أن يجد م ...
- انتخاب المالكي رئيسا لمجلس النواب يحرك المياه الراكدة وينعش- ...
- لكل الحاقدين والناقمين و و... على الاتحاد الاشتراكي، أقول:-م ...
- على هامش توقف المشاورات الحكومية: -بنكيران- ليس أهلا للموقع ...
- المدرسة المغربية للإبداع السياسي والفكري: الاتحاد الاشتراكي ...
- التعددبة الحزبية بالمغرب بين خطيئة النشأة وشرعية الواقع
- أليس للجحود حدود ؟؟!!!
- ألهذا الحد يمكن للأنا أن تَعْتَلَّ وتَخْبُث؟


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد إنفي - المغربي وثقافة التعميم