أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - المعانيد الشرقي - في نقد السلفية الوثوقية / الجزء الأول















المزيد.....

في نقد السلفية الوثوقية / الجزء الأول


المعانيد الشرقي
كاتب و باحث


الحوار المتمدن-العدد: 5635 - 2017 / 9 / 9 - 23:10
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في نقد السلفية الوثوقية / الجزء الأول
حينما نتحدث عن " النزعة السلفية " بصفتها الإيديولوجية الرجعية هذه، إننا نجد أنفسنا أمام ظاهرة فجة عملت منذ نشؤها في المجتمع العربي الوسيط ( الجبريين ) و ( أهل السنة و الحديث) في أواخر حياة "النبي" محمد على خلق و توطيد جذور لها في الحياة الإيديولوجية الخاصة و العامة لطبقات المجتمع العربي الوسيط و الحديث المعاصر.
و الحقيقة المرة هي أن هذه الظاهرة شغلت حيزا كبيرا من التاريخ الفكري العربي الإسلامي، و ما تزال تشغل مثل هذا الحيز من البنية الإيديولوجية لمجموع طبقات المجتمع العربي المعاصر. و قد أسهمت بشكل جدي و عميق في الصراع المعقد و غير المتكافئ ضد اتجاه التأويل العقلاني التنويري، و المادي التوحيدي، أي القائم على مذهب " وحدة الوجود "، للنصوص الدينية الأصلية. و من المعروف أن ذلك الاتجاه أخذ في التكوين و التبلور على أيدي "القدريين" و "أهل الرأي" في حياة "الرسول" العربي.
إن ظاهرة " السلفية " بصفتها الإيديولوجية تلك، كانت قد قامت بصراعها ضد ذلك الاتجاه في سياق تأديتها مهمة تاريخية أنيطت بها من خلال موقعها في إطار التحرك الاجتماعي التاريخي منذ ذلك العصر و حتى الآن. و لقد تركزت هذه المهمة المبدئية في رفض و إدانة الجديد و المبتدع في سياق التغير العميق الذي لحق بنية المجتمع العربي – الإسلامي. فحيثما حل هذا الجديد، في أي قطاع كان من القطاعات الاجتماعية البشرية، تجد تلك السلفية نفسها مدعوة إلى رفضه على نحو قطعي، معتبرة إياه " بدعة " فيها كثير أو قليل من " الضلال " بدعوى أنها تتعارض مع النصوص " الأصلية " المقدسة.
و ليس بالأمر الصعب التأكد من أن تلك " السلفية " لم تكن قادرة على أن تتخطى مجموعة ضخمة من الإشكالات و الصعوبات التي واجهتها، و سوف لن تكون قادرة عليه كذلك في المستقبل. و ربما كان حتى الحد الأقصى القول بأن أحد الأسباب الأساسية في المستقبل. و ربما كان هاما القول بأن الأسباب الأساسية الكامنة وراء ذلك هو أن تلك النصوص نفسها لا تحوز على بنية إيديولوجية واحدة متجانسة بحيث أن القيام بتطويع المشكلات المستجدة على أيدي السلفيين كان يؤدي دائما، أولا إلى إرباك هؤلاء الأخيرين و إيقاعهم في مفارقة و تناقض مأساوي بليغ مع العصر الذي يعيشون فيه، و ثانيا إلى اهتزاز فكرة تجانس تلك النصوص تحت ضغط النقد الذي وجه إليها، إن كان قد وجه مثل هذا النقد، و ضغط الأحداث الاجتماعية الطبقية و السياسية التي رافقت أولئك السلفيين.
و الجدير بالذكر أن احتواء تلك النصوص " الأصلية " إمكانات كبيرة و خصبة لتفسيرات و تأويلات متعددة متباينة، و متناقضة في معظم الأحيان، أسهم بصورة مبدئية في الإفصاح عن آفاق الفشل لفكرة تجانس النصوص هذه.
أما الجانب الآخر من المسألة، و الجدير بأن يؤكد عليه بمقدار ما أكد على الجانب الأول منها، فهو أن تلك النصوص " الأصلية " نفسها تطالب في حدود كونها غير متجانسة، بشكل واضح مكشوف، و ملح أحيانا، باستخدام ( التأويل) و ( النظر ) و ( الاجتهاد ) العقلاني فيها نفسها.
و نحن، من طرفنا نرى في تلك الجانبين نقطة جوهرية نستطيع عبرها أن نلقي ضوءا كثيفا على قضية الصراع ذي الوتائر المتسارعة و الذي دارت رحاه بين النزعة السلفية كدعوة إيديولوجية رجعية للانكفاء إلى تلك الأصول في صيغتها النصية الوثوقية من طرف، و بين اتجاه التأويل العقلاني التنويري، و المنأى التوحيدي من طرف آخر.
إن مفهوم " العقلاني " أو " العقلانية " لم يكن محددا بشكل نهائي في نطاق تلك النصوص، ولذلك فهو نفسه خضع لتأويل و تفسير و اجتهاد من أطراف النزاع المختلفة، بدءا بالفرق الإسلامية الأولى، مرورا بالفلاسفة الوسطويين و من أتى بعدهم في مرحلة الهيمنة الإقطاعية من نقلة و مقلدين متبلدين، و انتهاء بالمرحلتين، الحديثة و الراهنة بما احتويتا من اتجاهات سلفية تلفيقية و عدمية.
إن الإلحاح على الأصل المطلق الذي لا يخضع للبحث العلمي لكونه ظل ظاهرة غير عادية، خارقة – هذا بغض النظر عن التأكيد على ارتفاعه على " النقد " - ، و المطالبة بالعودة النصية الوثوقية إليه، إن ذلك كله من المهمات الرئيسية الملحة، التي تجد " السلفية " نفسها مدعوة إلى حملها على عاتقها. و إذا أخذنا تلك المهمات بعين الاعتبار في نطاقها الاجتماعي و سياقها التاريخي و التراثي، نجد أنها كانت و ما تزال تنبع، على نحو غير مباشر و متوسط، من متطلبات و احتياجات و آفاق العلاقات الاجتماعية الإقطاعية المتخلفة و المناهضة للتقدم الاجتماعي و الفكري عموما.
إن انطلاق " النزعة السلفية " تلم من " أصل " ثابت، لا يتم بغاية دراسته و تجاوزه بشكل خلاق من خلال إمكانات البحث العلمي التراثي و التاريخي، التي يقدمها مستوى التطور الفكري المعاصر، و إنما لكي تتوقف عنده، تتأمله باطمئنان أبله و بشعور مبرر بالنقص و الدونية، و تدافع عنه بحماقة و تعصب، و تخلق ما لا يحصى من المبررات لإكسابه، بشكل أو بآخر مشروعية اجتماعية و صدقا معرفيا ليس من أجل العصر الذي توجد فيه فحسب، و إنما من أجل كل العصور. و إذا أمعنا النظر في ذلك الأمر، نجد أن تلك النزعة توصلنا إلى القناعة بضرورة أخذ النصوص " الأصلية " المقدسة بصفتها " قمقما " سحريا ينطوي في ذاته على الماضي و الحاضر و المستقبل، بحيث أن أي حدث يبدو لنا جديدا، يمكن رده، ببساطة إلى ذلك القمقم.
في هذا الاتجاه السلفي، نواجه الرفض القاطع – على الأقل على الصعيد التطبيقي – للمبدأ الفقهي الحقوقي: " تتغير الأحكام بتغير الأزمان". ، إذ تختزل الأزمان بزمن واحد و الأحكام بحكم واحد، و ذلك في سبيل التأكيد على المبدأ: " الأصول جملة و تفصيلا تصدق على كل زمان و مكان."
إن اللاتاريخية و الأسطورية تشكلان الترسانة الثابتة الأصلية ل " النزعة السلفية " في صيغتها النصية الوثوقية. و بطبيعة الحال، فنحن لا يسعنا إلا أن نرفضها رفضا إيجابيا، في سبيل الكشف عن المعالم الرئيسية ل " النزعة السلفية " في صيغتها المطروحة هنا نستطيع أن نقدم مجموعة كبيرة من الأسماء و الفرق التي تبنتها و دافعت عنها في التاريخ العربي الوسيط و الحديث و في المرحلة المعاصرة. فهناك " الجبريون " و " أهل السنة و الحديث " ، و هناك ممثلو الاتجاه المثالي الإيماني في الفلسفة، و في طليعتهم بطبيعة الحال أبو الحسن الأشعري و أبو حامد الغزالي، ضمن هذا الاتجاه، و لكن بمستوى آخر، يبرز عبد الرحمن بن الجوزي و ابن تيمية و غيرهما.
إن ابن تيمية أوصل " النزعة السلفية " إلى إحدى قممها من حيث الوضوح و الموقف و الحزم الثابت في الدفاع عنها. أما " العقلانية " التي يظهر فيها في نطاق تبنيه تلك النزعة و الدفاع عنها، فليست هي في حقيقة الأمر إلا قناعا شفافا لا يمكنه إلا أن يسقط مع أول محاولة هتك لأسرار سلفيته. ها هنا، عند ابن تيمية، نجد أنفسنا أمام قمة من قمم الفكر السلفي الذي يستظل بظله الفكر الإسلامي السلفي المعاصر.
و يكفي الآن أن نسوق ما كتبه أ؟حد السلفيين المعاصرين، و هو محمد المبارك، ليتسنى لنا معرفة " النزعة السلفية " الدينية الرجعية في واقعها الراهن. يقول هذا الأخير، بخصوص المرحلة الإسلامية الأولى: ( أن انطلاقة العرب الكبرى لا تفسر لا بالنسبة للأفراد و لا بالنسبة إلى جمهور الشعب العربي يومئذ، لا بدافع اقتصادي و لا بتغيير آلة الإنتاج و لا بتغيير نظام التملك لوسائل الإنتاج و لا بدافع المجد القومي و إنما تفسر بالدرجة الأولى " بالإسلام" الذي آمن به العرب.)
إن محمد المبارك في رأيه ذاك يعيد إلى أذهاننا الرؤية اللاتاريخية التي تشكل مع الأسطورية، الأساس النظري الإيديولوجي ل " النزعة السلفية " الدينية الرجعية. فالأحداث التاريخية أو " المادية التاريخية " تتحول على أيدي هذه الأخيرة – و في هذا المجال على أيدي سلفية المبارك – إلى أسطورة فوق الزمان و المكان، أي فوق التاريخ، و ذلك ببساطة و إيمان غيبي و ذاتي و قناعة استسلامية بعيدة عن البحث العلمي التاريخي و التراثي بتعقيداته و صعوباته، بنجاحاته و إخفاقاته.



#المعانيد_الشرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسباب تأخر المسلمين الجزء الثاني
- أسباب تأخر المسلمين / الجزء الأول
- العدالة الاجتماعية مثال أخلاقي كوني
- الحرية للشاب المغربي المهدي بوكيو
- أطلقوا سراح الشاب المغربي - المهدي بوكيو -
- الممارسة كمفهوم: الجز الثاني
- - العدالة الاجتماعية مطلب إنساني كوني -
- تفلسف الأطفال شبيه بميتافيزيقا هيدجر
- الممارسة كمفهوم
- الفلسفة كعلاج - فريدريك فلهلم نيتشه نموذجاً -
- ًوضعية التعليم بالمغرب حسب آخر دراسة
- شباب بوجنيبة و معضلة التشغيل بالمكتب الشريف للفوسفاط - أية م ...
- حكومة و وزراء جوج فرانك المغرب نموذجا
- الوعي الشقي
- تبعات حرب فرنسا على الإرهاب في سوريا
- المنهج الجينيالوجي عند فريدريك فلهلم نيتشه
- المدرسة المغربية بين الأمس و اليوم
- مفهوم الشغل من منظور ماركسي
- الإشكالية النظرية - لنمط الإنتاج - في الفكر الماركسي ( الجزء ...
- الإشكالية النظرية لمفهوم -نمط الإنتاج- في الفكر الماركسي ( ا ...


المزيد.....




- لافروف يتحدث عن المقترحات الدولية حول المساعدة في التحقيق به ...
- لتجنب الخرف.. احذر 3 عوامل تؤثر على -نقطة ضعف- الدماغ
- ماذا نعرف عن المشتبه بهم في هجوم موسكو؟
- البابا فرنسيس يغسل ويقبل أقدام 12 سجينة في طقس -خميس العهد- ...
- لجنة التحقيق الروسية: تلقينا أدلة على وجود صلات بين إرهابيي ...
- لجنة التحقيق الروسية.. ثبوت التورط الأوكراني بهجوم كروكوس
- الجزائر تعين قنصلين جديدين في وجدة والدار البيضاء المغربيتين ...
- استمرار غارات الاحتلال والاشتباكات بمحيط مجمع الشفاء لليوم ا ...
- حماس تطالب بآلية تنفيذية دولية لضمان إدخال المساعدات لغزة
- لم يتمالك دموعه.. غزي مصاب يناشد لإخراج والده المحاصر قرب -ا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - المعانيد الشرقي - في نقد السلفية الوثوقية / الجزء الأول