أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد عادل زكي - نقد التبادل غير المتكافيء















المزيد.....

نقد التبادل غير المتكافيء


محمد عادل زكي

الحوار المتمدن-العدد: 5631 - 2017 / 9 / 5 - 05:56
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


في التجارة الدولية، يكف قانون القيمة عن العمل عند ماركس، كما كف عن العمل عند ريكاردو! وعلى ما يبدو أن ماركس يوجد لريكاردو المبرر النظري لما انتهى إليه من عدم تكافؤ التبادل على الصعيد الدولي، استناداً إلى أن رساميل البلدان الأكثر تطوراً والموظَّفة في التجارة الخارجية يمكن أن تدر معدَّلات ربح أعلى لأنها تتنافس مع سلع تنتجها بلدانٌ أخرى أقل تطوراً، وفي ظروف أدنى ملائمة، فالأولى، تستطيع أن تبيع سلعها بثمن أقل، وبالتالي تكتسح السوق، وعلى الرغم من أنها تبيع بثمن أقل، فهي في الواقع تجني معدَّلات ربح أعلى؛ لأنها في الواقع أيضاً تبيع سلعها بما يفوق قيمتها. ويضرب ماركس مثلاً بمن يستخدم اختراعاً جديداً قبل انتشاره، فهو يبيع بثمن أقل من جميع منافسيه، وفي الوقت نفسه يبيع بما هو أعلى من القيمة الفردية لسلعته. وهو على هذا النحو ينتهي، في الفصل الرابع عشر من الكتاب الثالث، إلى: "البلد ذو الوضع الملائم يأخذ في التبادل عملاً أكثر لقاء عمل أقل".
أي أن البلد الَّذي يتفوق من ناحية الإنتاجية، يستطيع أن يبادل سلعته الَّتي انفق في سبيل إنتاجها 200 ساعة عمل، بسلعة، انتجت في بلد أقل إنتاجية، انفق في سبيل إنتاجها 500 ساعة عمل، وفي الوقت نفسه يحقق معدَّل ربح مرتفع نسبياً؛ فلو افترضنا أن السلعة تنتج في بلدين بـ 500 ساعة عمل، وتمكنت البلد الأكثر تقدماً بفضل تطور الإنتاجية لديها من إنتاج السلعة بـ 100 ساعة عمل فحسب، فهي تستطيع، والأمر كذلك، أن تبيع سلعتها بما يفوق قيمتها الفردية، إذ تبيعها بـ 200 وحدة وليس100 وحدة، وفي الوقت نفسه يكون هذا البيع بأقل من القيمة الاجتماعية الَّتي هي 500 وحدة. أي أن البلد المتقدم يجني ربحاً قدره 100 وحدة. وعلى هذا النحو يخرق التبادل الدولي قانون القيمة! فالتبادل، وفقاً لهذا التصور وتبريره، دائماً غير متكافيء، ويلعب التفاوت في الإنتاجية الدور الحاسم في استمراريته. فهل الأمر كذلك حقاً؟ في تصورنا أن التحليل الدقيق يفضي إلى رفض طرح ماركس، ومَن حاولوا تطوير هذا الطرح، تأسيساً على ستة أسباب:
أولاً: أن خطأ ريكاردو المركزي يكمن في أنه افترض أن التبادل الخارجي غير متكافيء، دون أن يعتبره ناتجاً أساسياً، بل والوحيد، عن التبادل غير المتكافيء داخلياً. وهذا النقد المهم يمكن أن ينسحب، وبدقة، على طرح ماركس، الَّذي تقبل تصور ريكاردو دون مناقشة. تقبله كمعطى، كمسلمة، بل وأوجد له المبرر الفكري، والَّذي تجاهله ريكاردو. وجعل من الاختلاف في الإنتاجية السبب لعدم التكافؤ في التبادل. وكان الأولى بماركس، وريكاردو نفسه، أن يناقش أولاً وقبل كل شيء سبب عدم التكافؤ على الصعيد الداخلي الَّذي تم افتراضه، دون سبب مقنع.
ثانياً: المثال الَّذي يضربه ماركس غير دقيق، إذ لم نقل غير صحيح؛ فظهور الاختراع، الَّذي بمقتضاه يستطيع الرأسمالي أن يبيع بأكبر من القيمة الفردية وبأقل من القيمة الاجتماعية، يعد أمراً عارضاً استثنائياً سيؤثر مؤقتاً في القيمة؛ إذ سُرْعان ما ينتشر الفن الإنتاجي الجديد كي يصبح هو الفن الإنتاجي السائد اجتماعياً، وحينئذ تتساوى القيمة الاجتماعية للمنتج، أما التبادل على الصعيد العالمي الَّذي يقوم على هيمنة بلد ما وبيعه لسلعته (باستمرار) بما يفوق قيمتها الفردية وبأقل من قيمتها الاجتماعية، فلا يناسبه مثل ماركس، لأن الوضع، الَّذي يدَّعيه أصحاب التبادل غير المتكافيء، سيبقى دائماً على ما هو عليه دون تغيير. ولذلك، يمكن للمثل أن يبرر الحالة الاستثنائية، ولكنه يعجز عن تفسير استمرارها، لو افترضناً جدلاً أنها موجودة.
ثالثاً: على هذا النحو، يصبح السؤال الأقرب إلى المعقول، ليس: ما هو سبب التبادل غير المتكافيء إنما هو: لمَ ترتفع قيمة السلع المنتَجة في البلدان الأكثر تطوراً؟ وبالتالي يمكن طرح السؤالين الآتيين، وهما من أهم أسئلة أصحاب التبادل غير المتكافيء، ويدور حولهما طرحهم بأسره:
السؤال الأول: لمَ تبتاع الأجزاء المتقدمة من النظام الرأسمالي العالمي، وبانتظام، منتجات بلدان الأجزاء المتخلفة بأثمان منخفضة في حين تضطر هذه الأخيرة، إلى شراء منتجات من الأولى بأثمان مرتفعة؟ والإجابة: لا لأن التبادل غير متكافيء، إنما لأن أثمان منتجات بلدان الأجزاء المتقدمة مرتفعة، وأثمان منتجات بلدان الأجزاء المتقدمة مرتفعة. ولكن لماذا؟ لأن أوروبا حينما غزت قارات العالم الحديث واستعمرتها، وأبادت شعوبها، واستولت على ثرواتها وفي مقدمتها الذهب والفضة، ضخت داخل حدودها نقوداً، ذهب وفضة، أدت إلى رفع أثمان منتجاتها، ومنها بالتبع ثمن القدرة على العمل، كي تمتص هذا الارتفاع في كمية النقود الَّتي تم ضخها. وهو ما أدى إلى الارتفاع في التعبير عن القيمة في أوروبا بوجه عام. وظل المعدن النفيس، على كثرته وتدفقه بلا انقطاع تقريباً، يتم تداوله داخل القارة الأوروبية، حتى خرج منها تاريخياً للولايات المتحدة الأمريكية مع الحرب العالمية الَّتي خرج منها الاقتصاد الأوروبي محطماً، وخرج الاقتصاد الأمريكي منها كأقوى اقتصاد في العالم.
السؤال الثاني: لمَ يحصل الفلاح الأفريقي، في السنة، لقاء مئة يوم عمل شاق جداً على منتجات مستوردة لا تكاد تعادل قيمتها قيمة عشرين يوماً من العمل العادي يقوم به عامل أوروبي ماهر؟ والإجابة، ودون الوقوع في خطأ العمل البسيط والعمل المركب، ثم اللجوء إلى السوق لمعرفة نسب التبادل بمعزل عن أي قانون موضوعي، فيتعين أن نعود لمقترحنا بقياس القيمة بكمية الطاقة الضرورية اجتماعياً، فبنفس المنطق والمنهج يمكننا المقارنة بين قيمة المجهود الَّذي يبذله فلاح مصري وعالم ذرة أمريكي، مثلما نقارن تماماً بين مستويات العمل الشاق ودرجات العمل البارع، بشرط ضروري هو الوعي بأن ما قلناه بصدد العمل الحي، والعمل المختزن في وسائل الإنتاج، يصدق بكامل أوصافه على العامل. فالعامل يبذل العمل الحي، ولكنه مكدَّس بالعمل المختزن. ولذلك، نحن نتصور أن العامل الأوروبي أفضل من الفلاح الأفريقي، لا لأن إنتاجيته أعلى فحسب، إنما أيضاً لأن العامل الأوروبي يحتوي على مجهود إنساني مختزَن: تعليم، وترفيه، ومأكل، وصحة،... إلخ، يمكن التعبير عنه بعدد من السعرات الحرارية يفوق عدد السعرات الحرارية الَّذي يعبر عن المجهود الإنساني المختزَن في الفلاح الأفريقي. وبالتالي ترتفع قيمة السلع المنتجة في البلدان الأكثر تطوراً، ولكن حين التبادل سوف يجري التساوي بين كميات الطاقة الضرورية الحية والمختزنة، فإذا كان أجر الفلاح الأفريقي (في يوم عمل، وفقاً للمصطلح السائد في الاقتصاد السياسي) يتضمن 30 وحدات عن العمل الحي، و170وحدة عن العمل المختزن، وأجر العامل الأوروبي (في يوم عمل أيضاً) يتضمن 30 وحدات عن العمل الحي، و1970 وحدة عن العمل المختزن. فمن الطبيعي إذاً:
1- تقاضي الفلاح الأفريقي عُشر أجر العامل الأوروبي.
2- ارتفاع قيمة المنتجات الصناعية الَّتي تصدرها أوروبا إلى أفريقيا، وانخفاض قيمة المنتجات الزراعية الَّتي تصدرها أفريقيا إلى أوروبا. وهو الوضع الَّذي تعمل الأجزاء المتقدمة من النظام الرأسمالي العالمي على الإبقاء عليه دون تغيير. إذ تسعى الأجزاء المتقدمة جاهدة، وبكل الوسائل، على تثبيت نمط تقسيم العمل على الصعيد العالمي، والَّذي يضمن انسياب منتجات الإجزاء المتخلفة، منخفضة القيمة والثمن، إلى مصانعها ومعاملها، ثم إعادة تصديرها مصنَّعة، بأثمان مرتفعة، لنفس الأجزاء المتخلفة.
رابعاً: تلك العملية من التبادل (تصدير/ استيراد، وبالعكس) بين الأجزاء المتقدمة والأجزاء المتخلفة، لا تعني أبداً:
- أن التبادل يتم بين قيمتين، عالية ومنخفضة، مختلفتين. لا تعني أبداً أن (يوم عمل) فلاح أفريقي يبادل بـ (يوم عمل) عامل أوروبي ماهر، لا لمخالفة ذلك لقانون القيمة فحسب، إنما كذلك لأن نتيجة المبادلة، وعلى عكس المنطق بل والواقع، ستكون في نهاية المطاف لصالح الفلاح الأفريقي لا العامل الأوروبي، أي على العكس مما يقول به أصحاب التبادل غير المتكافيء.
- كما لا تعني أبداً أن الفلاح الأفريقي حينما يبذل مجهود 10 أيام كي يحصل على سلعة انفق في إنتاجها العامل الأوروبي يوم عمل، لا يعني ذلك أن هناك تبادل غير متكافيء، على العكس التبادل متكافيء ابتداءً من الاعتداد بالعمل الحي والعمل المختزن في كل من الفلاح الأفريقي والعامل الأوروبي. ولنضرب مثلاً: فوفقاً لقانون القيمة، ومن أجل إنتاج معطف في مصر، وآخر في إنجلترا، يتم استخدام كمية من الرأسمال الأساسي (س) وأخرى من الرأسمال الدائر (د)، كما يتم استخدام قوة العمل، رأسمال متغير (م)، ومع التقيد بجميع شروط الإنتاج الرأسمالي، يمكننا تصور المخطط التالي:
- من أجل إنتاج معطف مصري، بأيد مصرية (اقتصاد رأسمالي متخلف)، وبافتراض أن ق ز= 100%.
4 س + 2 د + 3 م (1 حي + 2 مختزن) + 3 ق ز = 12 [بالسعر الحراري الضروري]
- من أجل إنتاج معطف إنجليزي، بأيد إنجليزية (اقتصاد رأسمالي متخلف)، وبافتراض أن ق ز= 100%.
4 س + 2 د + 9 م (1 حي + 6 مختزن) + 9 ق ز = 24 [بالسعر الحراري الضروري]
وبغض النظر عن أن الرأسمالي سوف يسارع بالتحرك (برأسماله وبتقنيته) صوب مصر للاستفادة من العمالة الرخيصة، وهذا التحرك يحدث فعلاً على الصعيد العالمي بل ويعد آداة تهديد دائمة من قبل الرأسمال للطبقة العاملة في أوروبا بوجه خاص، فالمثال، ومع افتراض تساوى الرأسمال الأساسي، والرأسمال الدائر، والرأسمال المتغيّر، والقيمة الزائدة، في كل من مصر وإنجلترا، يوضح فكرتين جوهريتين:
(1) أن المعطف في إنجلترا ينتج بكمية طاقة ضرورية ضعف كمية الطاقة الضرورية لصنع المعطف في مصر، ولو افترضنا أن المعطف المصري يبادل بـ 10 جرامات من الفضة؛ فإن المعطف الإنجليزي سيبادل بـ 20 جراماً من الفضة. ولسبب أو آخر لو تم التبادل بين المعطفين فسوف يبادل معطف واحد إنجليزي بمعطفين مصريين. لأن الأول يحتوي على 24 (س. ح. ض)، أما المعطف الثاني فهو لا يحتوي إلا على 12 (س. ح. ض) فحسب. ومرد ذلك، بافتراض تساوي قيمة الرأسمال الثابت في البلدين، اختلاف قيمة الرأسمال المتغير، الأجر، في كل من البلدين. ولكن الأجر، وكما ذكرنا، لا يتضمن مقابل ما يؤمن للعامل الحياة فحسب، إنما أيضاً يتضمن قيمة إعادة إنتاجه كعامل. وما يجعل قيمة إعادة إنتاج العامل الإنجليزي أكبر، ليس ارتفاع إنتاجيته فحسب، أو ارتفاع قيمة ما يؤمن له الحياة فقط، إنما، وهذا هو الأكثر حسماً، ارتفاع قيمة العمل المختزن بداخله.
(2) وفقاً لنظرية التبادل غير المتكافيء نفسها، وإذ ما التزمنا بمنطقها، فالمثال يشير إلى أن التبادل، إذا كان غير متكافيء فعلاً، فسيكون لصالح مصر، أي في صالح الجزء المتخلف من النظام الرأسمالي؛ وليس في صالح الجزء المتقدم؛ لأن مصر ستحصل على سلعة تحتوي على قيمة أعلى؛ فسوف تعطي 12(س. ح. ض)، وتحصل على 24 (س. ح. ض). وهذا لا يمكن تصوره عملاً، لا وفقاً لمنطق التبادل غير المتكافيء ولا طبقاً للواقع على الصعيد العالمي.
خامساً: التبادل الإجباري والَّذي فُرض على الأجزاء المتخلفة بالقوة المسلحة في مرحلة أولى، ثم التبادل الإجباري، أيضاً، والَّذي فرض على الأجزاء المتخلفة إنما بقوة العلم في مرحلة تالية، ربما هو الَّذي ضلل أصحاب التبادل غير المتكافيء بصفة خاصة من ذهب منهم إلى تفسيره ابتداءً من علاقات التبعية. فالتبعية، وهي حقيقة، لم تفرض التبادل غير المتكافيء، إنما فرضت التبادل المتكافيء. فالواقع أن عدم سيطرة الأجزاء المتخلفة على شروط تجديد إنتاجها الاجتماعي، وتحكم الأجزاء المتقدمة في تلك الشروط، ابتداءً من احتكارها للتقنية المتقدمة جداً، هو الَّذي جعل الأجزاء المتخلفة في وضع المضطر دائماً إلى شراء (مبادلة بالنقود) منتجات الأجزاء المتقدمة؛ كي يمكنها تجديد إنتاجها الاجتماعي. إن الَّذي يؤدي إلى إفقار الأجزاء من المتخلفة من النظام الرأسمالي العالمي ليس التبادل غير المتكافيء، الَّذي لا وجود له، بل التبادل المتكافيء هو الَّذي يؤدي إلى هذا الإفقار. فعلى الأجزاء المتخلفة، على الرغم من ارتفاع قيمة، والتعبير النقدي عن قيمة، سلع الأجزاء المتقدمة أن تستمر، بلا هوادة أو محاولة تراجع، أو حتّى تأمل، في شراء تلك السلع.
سادساً: وبناء على كل ما سبق؛ نحن نستبدل التبادل غير المتكافيء، بنظرية في التسرب. تسرب القيمة. القيمة الَّتي تنتجها سواعد العمال في الأجزاء المتخلفة من أجل شراء السلع والخدمات الَّتي تنتجها، وتحتكرها، الأجزاء المتقدمة، وتتوقف عليها عملية تجديد الإنتاج الاجتماعي في الأجزاء الأولى.
الخلاصة: لاحظ ريكاردو صعوبة انتقال الرساميل وقوة العمل من بلد إلى بلد، فاستنتج انتفاء شروط انطباق قانون القيمة في التبادل الدولي؛ وعليه قدم فرضية تقوم على تبادل غير متكافيء داخلياً، وتؤدي إلى تبادل غير متكافيء خارجياً. مات ريكاردو وقد أصبحت نظريته القاعدة العامة المعتمدة لتفسير التبادل الدولي. جاء ماركس، ودون مناقشة فرضية ريكاردو، بانعدام التكافؤ في التجارة الخارجية، قدم لها التبرير النظري استناداً إلى اختلاف الإنتاجية بين البلدان المتطورة والأقل تطوراً. مات ماركس وقد رسَّخ المفهوم الريكاردي للتبادل غير المتكافيء تاركاً الباب مفتوحاً على مصراعيه لسيل من الصيغ (إيمانويل، سيجال، أمين، بالوا، ماجدوف، بريوبراجنسكي، بيروخ... إلخ)، الَّتي تختلف شكلاً وتتفق في الموضوع. كما ترك الباب مفتوحاً أمام سيل آخر من التبريرات، وكأن التبادل المتكافيء صار واقعاً ولا يحتاج سوى إيجاد أسبابه! بيد أن جميع الصيغ وجميع التبريرات، والَّتي اشتركت جميعها في الطرح الأيديولوجي، لا العلمي، لم تتمكن لا من مراجعة فرضيات ريكاردو، وبالتالي لم تستطع مناقشة تبرير ماركس. فجميع صيغ التبادل غير المتكافيء وجميع تبريراته، سعت بدأب، بعيداً عن قانون القيمة الَّذي عطله ريكاردو، وبعيداً عن أية مناقشة لهذا التعطيل، سعت إلى التأكيد على الوجه القبيح للرأسمالية، وهنا بالتحديد تحول النقد العلمي إلى نقد عقائدي. وحينما يحدث هذا التحول يمكنك توقع إطاحة بكل ما هو علمي في سبيل الانتصار لما هو أيديولوجي! ولقد كان يمكن التأكيد على هذا الوجه القبيح علمياً ابتداءً من:
أولاً: مراجعة الطرح الريكاردي للتبادل غير المتكافيء، والَّذي أسسه على فرضية منهجية غير صحيحة.
ثانياً: الوعي بالظرف التاريخي الَّذي أدى إلى ارتفاع الأثمان في أوروبا الاستعمارية، وبالتالي قاد الارتفاع في التعبير عن القيمة، وبالتبع ارتفاع قيمة قوة العمل، ويمكن تصور هذا الارتفاع حتى لو أخذت القيمة في الانخفاض إذا صاحب هذا الانخفاض تدفق أكبر في كمية المعدن النفيس. وابتداءً من هذا الوعي. وهذا الوعي بمفرده، يمكن فهم معنى أن الأجر (تحكمه اعتبارات تاريخية واجتماعية) كما ذهب ريكاردو وماركس.
ثالثاً: الوعي بأن الأجور تدفع للعامل كي يعمل، ويعيش كعامل، ويجدد إنتاج طبقته. وهي على هذا النحو ليست مقابل العمل الحي فحسب، إنما تنقسم إلى قسمين، قسم للعمل الحي، وقسم للعمل المختزن. ومع انخفاض كميات العمل المختزن في العامل في الأجزاء المتخلفة يمكن فهم سبب انخفاض قيمة، وبالتالي ثمن، منتجات هذا العامل. وارتفاع قيمة، وبالتالي ثمن، منتجات العامل في الأجزاء المتقدمة.
خلاصة الخلاصة: أن التبادل متكافيء.








#محمد_عادل_زكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد نظرية ريكاردو في التبادل الدولي
- نقد الحضارة، للباحث محمد عبد الحق (ج 2)
- نقد التناقض
- نقد الحضارة، للباحث محمد عبد الحق
- بنية الصناعة العسكرية في إسرائيل للباحث أشرف بكر
- البلدان المتخلفة من هيمنة المستعمِر إلى قهر الدين الدولي، لل ...
- التبادل: النشأة والتطور والقانون الموضوعي
- بروميثيوس – والصانع الأعظم، للباحث محمد عبد الحق
- أزمة مقياس القيمة
- في فرضية التطور: مزيد من الشرح
- في فرضية التطور
- التطور: أزمة التصادم بين الدين والعلم
- كيف نفهم ما يحدث في السودان؟
- تجديد الإنتاج الاجتماعي: بالتطبيق على الفكر الاقتصادي لكارل ...
- حينما يناهض الإرهابيون الإرهاب !
- من الاستعمار إلى الاستغلال
- القروض الدولية وأحكام القانون الدولي العام
- تعليق موجز على قانون الاستثمار الجديد، بقلم الباحثة سحر حنفي ...
- ماركس: نقطة بدء لا خط نهاية
- الشروح على مباديء الاقتصاد السياسي


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد عادل زكي - نقد التبادل غير المتكافيء