أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فواد الكنجي - الإبداع الأدبي والفني والتحليل النفسي















المزيد.....

الإبداع الأدبي والفني والتحليل النفسي


فواد الكنجي

الحوار المتمدن-العدد: 5622 - 2017 / 8 / 27 - 08:30
المحور: الادب والفن
    


التحليل النفسي للأدب والفن يستمد مبحثه من أعماق النفس المبدع وما يؤثر على مخيلته وطبيعة أحلامه ومواقفه ورويته والدوافع التي تقود سلوكه عبر عمليات نفسية شعورية واللاشعورية لاتخاذ هذا البناء الذي يظهره المبدع في عمله الإبداعي.
ولما كان العمل الفني مظهر من مظاهر السلوك فان عبر (التحليل النفسي) يمكن تفسير دوافع هذا السلوك الذي يسلكه الفنان في عمله الإبداعي، لان العمل الذي يخرجه (المبدع) هو لا محال مرتبط بشخصيته، ومن خلال (التحليل النفسي) يمكننا ربط العمل بشخصيته، فكل رمز يستخدمه (المبدع) له مدلول خاص في نفسيته، لان هناك دوافع شعورية واللاشعورية هي من تقود (المبدع) لاختيار هذا (الرمز) دون الأخر، كونه له ارتباطات شديدة الصلة بذاته، فالتحليل العمل الفني يفرز بعض الصراعات النفسية التي يعاني منها (المبدع) لان العمل الإبداعي له علاقة مباشرة وغير مباشرة بـ(المبدع) ذاته، فالمبدع الذي يحاول استخدام (الرموز) و (الإشارات) ما هي إلا لتمويه قول الحقيقة، وعلى المحلل إن يدرك كيف يفتح ويحلل هذه الإشارات والرموز.
ومما يجب ذكره هنا بان عملية (التحليل النفسي) للإعمال الأدبية والفنية ليس غايتها في (تقيم ) العمل الإبداعي، وإنما في (كشف) شخصية (المبدع) من خلال إنتاجه ليس إلا، بكون المبدع تنتابه في كثير من المواقف و الحالات النفسية نزعات عنيفة، لذا نرى كثير من المبدعين يعزفون عن الواقع اثر شعورهم بـ(الإحباط) في عدم تحقيق رغباتهم وفقدانهم للإعجاب من الجنس الأخر الذي يحلم به، لذا فأنهم نتيجة هذا (الإحباط) النفسي القاسي، يتشبثون بالخيال لتحيق رغباتهم، فالموهبة التي يمتلكها المبدع تجعله قادرا لتفريغ أحلامه في إعمال إبداعية حين يتم عكس ما يتوارد في خيالهم إلى أفكار يعبرون عنها عبر تشكيلها إلى لغة وأشكال ليفرغوا من خلالها شحنات الرغبات والخيال من الكبت الذي تحاصر ذاته، فعندما يقدموا إنتاجهم لنشر وللاطلاع عليها من قبل المتلقين لها – والتي حتما ستحظى بإعجاب شريحة من أناس - واثر ذلك يحقق المبدع مآربه وما ينتاب في أعماقه من رغبات مكبوبة، ظافرا بأشياء لم يكن يحلم بها إلا في خياله.
ومن هنا يأتي دور (التحليل النفسي) للإعمال الأدبية والفنية من خلال تقصي سلوك المبدع من حيث فهم في كيفية تصرفاته وأفعاله وعواطفه وأفكاره والتي جلها تنطلق من دوافع ونمو شخصيته وكيفية التي يتم تشكيلها وإخراجها في الإعمال الأدبية والفنية من خلال خبراته وموهبته وعلى ضوء ما سبق إن عانى منها، وهذا الأمر مهم جدا لأنه يتوقف في كيفية التي يدرك فيها المبدع هذه (المواقف)، لان (فرويد) في (التحليل النفسي لسلوك المبدعين) يرجع هذه (المواقف) وفي كيفية إدراكها إلى الدور الأساسي التي بنت عليه (الطفولة) في مراحلها الأولى والتي تتضمن على مرحلتين في تكون الشخصية، الأولى متمثلة بالنزعات الغريزية الجنسية والعدوانية والثانية المواقف السيكولوجية والإنسان ذاته.
ومن خلال هذا التحليل رجع (فرويد) بان ما تم توصل إليه بمنهجه العلمي في (التحليل النفسي للأدب) يرجع على ما تعلمه من كتابات (سوفليكس) و (دوستوفسكي) والأساطير وكتاب وروائيين اعتبرهم (فرويد) أساتذته، ومن خلال إعمالهم عكف (فرويد) في تحليل نفسية الكتاب وكتاباتهم عبر تفكيك الظواهر النفسية للمريض، فإن الكثير من نظريات (علم النفس) تعتمد على الأدب و التاريخ والأساطير والقصص الشعبية، التي تحولت إلى أمثلة للدراسات النفسية وتفسير السلوك البشري، ومن خلال ذلك حدد الكثير من المصطلحات لإمراض النفسية متخذا من (الإعمال الأدبية) مصدرا في ذلك، لأن مواضيع (التحليل النفسي) استقطبت ألوان الإبداع الأدبي المختلفة مثل المسرح والسريالية والدراما والشعر وفنون من الأدب المنثور أو ما يقال عنها (الشعر الحر الميكانيكي)، وانتشرت أفكار ونظريات (التحليل النفسي) انتشارا كبيرا لحجم تقبلها واستحسانها الشعبي في الأدب الغربي المعاصر، كما أن كتابات بعض الأدباء والفنانين من أنصار الاتجاه (الفرويدي) تركز على الخلفية الجنسية لمواقف الفرد الحياتية .
وهنا يسرنا إن نحدد بعض من أشهر (العقد و الأمراض النفسية) المتلازمات مع من يعانون أزمات نفسيه حادة والتي تحمل جذورا أدبية ومن ذلك نذكر مصطلح (اوديب) الذي ابتكره (فرويد) او بما يسمى في علم النفس بـ(عقدة أوديب) حيث تعتبر هذه العقدة النفسية في تاريخ (التحليل النفسي) أشهر العقد النفسية التي حددها (فرويد) في توصيف وتفسير والتحليل النفسي، و يعود ذلك بفضل أبحاثه حيث اعتمد على أسطورة (أوديب) التي تحمل ذات الاسم بدءا متقصيا من (سوفوكليس) و (شكسبير) وحتى زمنه ليثبت (فرويد) نظريته و ليؤكد بأن الإنسان (الذكر) يميل إلى قتل (والده) بعد إن يقع في حب (والدته) و الزواج منها وذلك في سبيل تكوين جهازه النفسي وشخصيته كفرد .
ومن هنا لاحظ (فرويد) أثناء القيام بعلاج مرضاه (العصابين)، بأن الذكريات المرضية التي يبوح بها هؤلاء لها صلة بأحداث مست حياتهم الجنسية في سن الطفولة، فوجد بان الطفل بين عمر 3-9 سنوات تتميز برغبته في الاستئثار بأمه، لكنه يصطدم بواقع أنها ملك لأبيه، مما يجعل الطفل في هذه المرحلة من تطوره يحمل شعورا متناقضا تجاه أبيه، يكرهه ويحبه في آن واحد ، فعقدة (أوديب) تكمن حلها عادة في تماهي الطفل مع أبيه، لان الطفل لا يستطيع إن يقاوم الأب وقوته فانه يمتص قوانين الأب، وهنا تأتي العادات وأفكار وقوانين الأب في قالب فكرى لدى الطفل، فـ(فرويد ) يرى بأن السمات الأساسية لشخصية الطفل تتحدد في هذه الفترة بالذات التي تشكل جسر مرور للصغير من طور الطبيعة إلى الوعي و الثقافة لأنه بتعذر امتلاكه (الأم) يكتشف أحد مكونات القانون متمثلا في قاعدة تحريم الزنا من المحارم .
إما المصطلح الأخر فهو مصطلح (السادية) وهو من إمراض النفسية الذي يلازم ويرافق السلوك الجنسي الغير السوي وقد اتخذ هذا المصلح من خلال تحليل مؤلفات الكاتب الفرنسي الشهير( الماركيز دي ساد) والذي يصف هذه الحالة، كـحالة (جوستين) التي كتب - إضافة إلى ذلك - عددا من الروايات والقصص و جلها ترتبط عن ((العنف الجنسي واللذة النابعة عن تعذيب الشريك والتي قد تصل حد الإيذاء الجسدي البالغ))، وقد اكتسبت هذه (العقدة) أي (عقدة السادية) أو الحالة النفسية اسمها منها، وما زالت كتب ( الماركيز دي ساد) ممنوعة في عدد من بلدان العالم لحد الآن نظرا لبشاعة محتواها الفاحش، لكن علينا إن لا ننكر خدمة التي قدمتها مؤلفات ( الماركيز دي ساد) للتحليل النفسي في سبيل كشف هذه السلوكيات .
إما المصلح الأخر فهو مصطلح (المازوخية) وهذه العقدة النفسية مرتبطة بـ((اللذة الجنسية النابعة من العنف و لكن هذه المرة من يستلذ هو المعذب لا من يقوم بالتعذيب))، وقد اتخذت هذه العقدة النفسية من خلال كتابات الكاتب النمساوي المعروف ( ليوبولد فون مازوخ) وتحديدا من خلال روايته المعروفة تحت اسم ((فينوس ترتدي الفرو)) حيث تركت هذه الرواية الشهيرة أثرا عظيما في (التحليل النفسي) وفي توصيف الظاهرة النفسية المرضية لمن يعاني من هذه العقدة (المازوخية)، والتي اقترنت باسمه ليكون المرجع الأول لـلـ(مازوخية) وما يرتبط بها من سلوك شاذ أكان حميما أو عنيفا .
اما المصطلح (النرجسية) فقد سلط الضوء عليه أيضا (فرويد) وهذه العقدة النفسية ترتبط بكون الشخص الذي يعاني منها المريض يقع ((في حب ذاته لدرجة نيل اللذة من ذاته نفسها ..صورة وجسدا ))، وقد استمد (فرويد) مرجعية هذه العقدة من الأسطورة اليونانية لـ(نرسيس) الذي وقع في حب نفسه إثر رؤية لانعكاس صورته في مياه البحيرة، فأعجب بنفسه إعجابا شديدا وهام بذاته حبا، وذلك بعد أن فشل في نيل قلب المرأة التي أحبها، فعاقبته الآلهة وحولته إلى الزهرة المعروفة بهذا الاسم، وقد استفاد (فرويد) من هذه الأسطورة عندما كان يقوم بعلاج مرضاه (العصابيين) فوجد بان المرضية يبوحون بأشياء لها صلة بأحداث مست حياتهم الجنسية خصوصا في سن الطفولة ومن هنا اشتغل بدراسة الجانب الجنسي عند الطفل ورأى عندما يصبح الطفل قادرا على إدراك ذاته وتمييزها عن أشياء العالم الخارجي يدل مرحلة النرجسية حيث يتجه إلى ذاته فيعشقها، ويتخذ منها موضوعا لتصريف طاقته الجنسية .
اما عقدة (لوليتا) فهو مصطلح أطلق على من يعاني ((الانجذاب الجنسي لرجل أربعيني نحو فتاة قاصر))، وقد استمد هذه العقدة من رواية الكاتب المعروف( فلاديمير نوبوكوف) ومن خلال روايته التي تحمل اسم ذاته (لوليتا) والتي تدور إحداثها بالانجذاب رجل في أربعينيات من العمر جنسيا نحو فتاة قاصر، وقد أثارت هذه الرواية الكثير من التحفظات حين نشرت ليمنع نشرها في الكثير من بلدان العالم بكون الرواية تتناول سلوكا شاذا مخالفا للقانون باعتبارها تحرشا بالقاصرين، لكن قيمة الرواية تكمن بكونها طرحت موضوعا نفسيا شاذا في فهم السلوك البشري والنشاط النفسي الغير الطبيعي .
اما المصطلح (إلكترا) وهو مصطلح يسلط الضوء عن عقدة اقرب ما تكون إلى عقدة (اوديب) ولكن هنا يقع (( المسؤولية عن تكوين الجهاز النفسي للأنثى))، ويعود الفضل في اكتشافها عقدة (إلكترا ) إلى تلميذ (فرويد) المحلل النفسي (كارل غوستاف يونغ) والذي استمد اسم هذه من خلال الأساطير اليونانية وتحديدا من شخصية (إلكترا)، التي خططت مع أخيها (أوريست) لقتل أمها.
اما عقدة (عطيل) وهو مصطلح نفسي يطلق للمصابين بـ((حالة الغيرة اللاطبيعية التي قد تصيب الرجل تجاه زوجته أو حبيبته))، وقد استمد هذا المصطلح أو العقدة من مسرحية (عطيل) للكاتب البريطاني المعروف(شكسبير) حيث تدور إحداث المسرحية بقيام (عطيل) بقتل حبيبته (ديدمونة) بعد إن وصلت غيرته عليها إلى حالة شاذة وغير طبيعية .
وهناك الكثير من هذه (العقد النفسية) والتي جلها تكون هي المسؤولة عن الاضطرابات العصابية، حيث أكد (فرويد) بان الغريزة وطاقتها لها دور كبير في خلق الاضطرابات العصابية و هي التي تتوقف عليها الصراعات النفسية الحادة و التي تتولد من الرغبة في إشباعها والتعبير عنها، والتي لا محال تسبب حالة القلق وتؤدي إلى إمراض (العصاب)، وتخلق حالة من التوتر النفسي والتي تسبق أزمة أو الصدمة النفسية، ولهذا يرى(فرويد) أن الصراع (العصابي) من خلال تحليله لكثير من الإعمال الأدبية والفنية ((تتأرجح بين نزعة تريد الظهور والتعبير عن نفسها، وميل آخر يمنعها من الخروج))، ومن هنا تأتي وظيفة (الأنا) التي تسمح أو لا تسمح بظهور هذه النزعات، وخاصة عندما يعيش المبدع حالات توتر شديدة ولهذا يبدو (الصراع العصابي) على نحو الأتي :
أولا صراعا بين (الأنا) و(الهو)، بمعنى أن (الأنا) تقوم بعمليات تنقية وتصفية للنزعات الغريزية التي ترغب للتعبير عن نفسها في وقت الذي يسعى( الهو) الغريزية للتعبير عن نفسها، فتكون (الأنا) على حذر من هذه النزعات لأنها تخشى أن تطغى عليها أو تقهرها فهي تقف هذا الموقف حتى تدافع عن (الشخصية المبدع) وتعمل على توازن مع الأوضاع الاجتماعية المتعارف عليها باسم الواقع، ومن هنا ينشأ التعارض والصراع داخلي في نفس المبدع بين (الانا) و (الهو) داخل النفس اللاشعورية بين القوتين الدافعة، والكابحة، ولهذا يعيش (الفنان) و (الأديب) في حالة قلق دائم، وهذا الصراع بين (الأنا) و (الأنا الأعلى) تخلق نوعا من قلق الضمير لا يطاق، وفي حالات (العصاب) يكون الصراع بين (الأنا) من ناحية و (الأنا الأعلى) و (الهو) من ناحية أخرى، وعندما يزيد القلق ويظهر أثاره في أعراض (القلق) القهري، وحالات (الإحباط)، نجد (الأنا) تدافع عن نفسها ضد مشاعر (الإثم) و(القلق) بـ(الحيل الدفاعية)، وهنا نجد (الأنا ) تارة تواجه طاقتها ضد النزعات الغريزية، وتارة آخر تتجه ضد مطالب (الأنا الأعلى)، وبذلك يكون (الأنا الأعلى) متمثلا دائما في مواقف (الصراع العصابي) فيظهر إنتاجه (المبدع) وهو مليء بهذه الرموز والتي يمهد للمحلل النفسي تقصي وقائعه بكثير من الإمعان في معاني و رموز التي يطرحها المبدع .
وبهذا الشكل يصور( فرويد ) الصراع وعدم الاستقرار في عناصر (النفس) ومكونات (الشخصية) عبر (التحليل النفسي) ومن خلال بحوثه ودراساته لكثير من الإعمال الأدبية للأدباء والفنانين وبما افرزوه من حسهم الأدبي الرفيع وبصيرتهم الفنية العالية، مؤكدا بان (الإبداع) في حياة الفنان هو ما يتم تحقيقه في الجوانب (اللاشعورية) فينتجون إعمالا أدبية وفنية تثير انفعالاتنا ودهشتنا، وإذ فهمنا مغزاها فهما صحيحا فإننا لا نجدها في المطلق تتخطى واقع (الخيال) أو (الوهم) بقدر ما تؤيد بما ذهب إليه (فرويد) في (التحليل النفسي) للفن وعلاقته بـ(الكبت الجنسي)، وحينما اخذ (ليوناردو دافنشي) على سبيل المثال نرى حجم ارتباطه بأمه وظهور ميول شاذة عنده اتجاه (المرأة) وهو الأمر الذي قاد (دافنشي) الى فشله في إقامة علاقات طبيعية مع الجنس الأخر وهذه الميول الشاذة ظهرت بوضوح في لوحاته، لذا فان (الفن) لم يكن عند (دافنشي) سوى تسامي مع غرائز الجنسية، وإذ أخذنا أيضا الفنان الشهير (رامبرت ) فإننا نجد لوحاته بالألوان معتمة توحي بالكآبة والسوداوية كون الفنان عانى من فقدان أطفاله وهم في سن الطفولة. وهناك الكثير من الفنانين الذين عوضوا حرمانهم مما فقدوه في حياتهم الواقعية في مضامين وإشكال لوحاتهم لتعويض عن هذا الحرمان، وما يقال عن (الفن) يقال في مجال (الأدب) فكثير من الإعمال الأدبية الروائية جاءت تنفسا عما فقدوه الروائيين في حياتهم الواقعية، فبعض الروائيين الذين انتحروا إنما انتحروا نتيجة معاناتهم وصراعاتهم النفسية الشديدة، لذا فإننا نرى كل إعمالهم تدور في هذا المضمار، لنرى في المحصلة الأخيرة ينهون حياتهم بـ(الانتحار) كما فعلت الروائية المشهرة (فرجينا وولف) أو كما فعل (إرنست همينجوي) او كما فعل الشاعر العربي (خليل الحاوي)، على سبيل المثال وليس الحصر، والأمر كله قد أتى نتيجة تدهورت حالتهم النفسية وأدت بهم للانتحار .
لنفهم بان (التعبير الفني) هو هذا المخزون الدفين من الشعور بالحرمان والنقص في أعماق الذات لم يتِح العالم الخارجي المحيط بالفنان بأن يستلذ به واقعيا، ولهذا نجد بان مشاعر الحرمان والضياع والفشل و إحساس بالآلام هما ما يحفزان وينشطان ويذكيان الخيال عبر العمليات الإبداعية، وعكسه صحيح، اذ تقل القيمة الإبداعية للفنان كلما عاش حياته برفاهية وسعادة و رغد وعاش بيسر وغنى، فالإبداع الفني يعوض الفنان عما حرمته منه الحياة، بكون الإبداع الفني مثله مثل الأحلام والجنون، وهو انفجار ﻻ شعوري يحدث في الحياة الطبيعية للإنسان، عما لم يستطع الرقيب كبتها، ولهذا فان ميول المبدع وطاقته الجنسية المكبوتة هي التي تسبق العمل الفني لتتبلور في ذات المبدع فتخرج الإعمال الأدبية والفنية تحت هذا الحافز، رغم يقيننا بان هناك الكثير من أناس يعيشون معانات والحرمان والكبت الجنسي ولكن لا يعوضون عن ذلك بالإبداع، لنفهم بان شرط وجود التفريغ هذه الشحنات إلى الإبداع لا بد من وجود (موهبة فنية) ودون ذلك لا يأتي الإبداع .
ومن هذه الحقيقة نفهم بان (التحليل النفسي) وبكل ما يأتيه المحلل لا يستطيع تفسير الإبداع الفني تفسيرا علميا كما يفسر علم النفس المظاهر السلوكية، لان نشاط (الفن) وجوهره يوصف بنشاط نوعي خاص، ولهذا يرى (علماء النفس) بان (العمل الإبداعي) يجب إن يسمو بكنهه فوق شخصية الفنان وحياته، لان (الإبداع الفني) لا ينبع إلا من روح وقلب الفنان متجها نحو روح الإنسانية وقلبها، بكون - وباعتقاد (المحللين النفسانيين) - بان (الفنان او الأديب) مخلوق غير عادي فهو ينتج إعماله ويبدعها عبر التفكير والرؤية وقصد، وتتحكم بإبداعاته إرادة عليا (لا شعورية) في وقت الذي لا يأتي العمل الفني دون إن يشبع الحاجات النفسية والروحية للمجتمع الذي يعيش فيه (الفنان) فيوظف معاناته ومعانات أمته ليخلدها ويخلد ذاته في إعماله الإبداعية .



#فواد_الكنجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جماليات الشعر المعاصر وحداثته
- اللغة الأشورية .. الهوية .. والانتماء .. ودورها في نهضة الأم ...
- يوم الشهيد الأشوري، استذكار .. وتذكير
- انا .. موج البحر، فلا تقتربي شواطئي ....!
- هو ذا .. العراق .. هو ذا .. نصر العراق
- العراق يعلن النصر .. محررا أراضيه من اكبر منظمة إرهابية في ا ...
- علم النفس ونظرية (فرويد) في التحليل النفسي
- هيغل وآراءه حول علم الجمال والفن
- بومجارتن، أول مؤسس ومنظر في علم الجمال وفن الشعر الحديث
- مواجهة خليجية ضد دولة قطر
- لم يعد الحب باللون الأزرق .. ولا السماء .. ولا نهر دجلة .... ...
- غادة السمان و أدب المراسلات والاعتراف
- مفهوم فلسفة الفن وعلم الجمال عند نيتشه
- الفن و علم الجمال الماركسي
- عيد العمال لم يتعزز الا في ظل الأنظمة الاشتراكية
- الذكرى المئوية لثورة اكتوبر 1917 الماركسية - اللينينية في ال ...
- سنرفع علم كردستان في كركوك
- حين يرفع مسيحيي مصر أغصان الزيتون يرد الإسلام المتطرف بالتفج ...
- العدوان الأمريكي على سوريا سيزيد من عزيمة الشعب السوري في ال ...
- اللوحة السريالية بين الشكل والمضمون وأفاق الحركة


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فواد الكنجي - الإبداع الأدبي والفني والتحليل النفسي