أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - فتاة النادي- قصة قصيرة














المزيد.....

فتاة النادي- قصة قصيرة


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 5621 - 2017 / 8 / 26 - 23:17
المحور: الادب والفن
    


كم هي قاسية هذه الحياة التي نعيشها، بتفاهتها وبجذوتها الحارقة، ويوماً بعد آخر يبان نشيجها المرّ وهو يتراقص في الفم كتراقص راية خفاقة تحت سياط الريح. هذه الجملة القصيرة أخذ صباح يرددها بينه وبين نفسه، بحرقة وألم وهو ويصوّب النظر تجاه تلك الفتاة التي دلفت للتو الى القاعة الكبيرة المزدحمة بالسكارى لتقدم المشروبات الكحولية والمزات للزبائن، مقابل أجر زهيد يقيها مرارة الفقر المدقع الذي عصف بها وبأسرتها وهي في مقتبل العمر.
كانت تلك الفتاة لم تكمل العقد الثاني بعد، وقد أسمت نفسها "جنان"، وهو أسم غير حقيقي، ومثل هذا عادة ما يلجئن اليه الفتيات اللواتي يعملنّ في هذه النوادي خوفاً من كلام الناس الجارح، ومن قسوة المجتمع الظالم، الذي ينظر الى المرأة التي تعمل بمثل هذه الاماكن الملبدة بقاذورات البشر وتفاهة العديد منهم، على أنها امرأة خارجة عن الطريق ومن السهل اصطيادها.
"جنان" كأنها قطعة من القمر، او لوحة تشكيلية أبدعتها أنامل فنان بارع... فم قرمزي مدور كأنه حلقة أصبع فضي، وعينين عسليتين، وحاجبان معقوفان كهلال في كبد السماء، ووجه صغير طفولي مدور يميل الى البياض، وصدر ناهد كأنه يحمل جبلين صغيرين يفصل بعضهما عن بعض واد صغير ترفعهما حمالة صدر تظهر من خلال فتحة الصدر الصغيرة، ذا لون نرجسي اختارته بعناية ودقة يضاهي لون الحمرة الخفيفة التي وضعتها على شفتيها بدقة، كدقة مهندس معماري يجيد حرفته.
ناداها صباح بصوت يعلوه التعالي والغرور:
- من فضلك؟
فجاءت تمشي كجندي يتبختر بزيه العسكري وهو في ساحة التدريب:
-نعم!.
- بطل بيرة من فضلك.
وما هي الا لحظات حتى جاءته ببطل البيرة المثلج، ووضعته على الطاولة، بهدوء وعناية مع ابتسامة مصطنعة. وقبل أن تسحب يدها من على الطاولة لتغادر، جذب الرجل يدها برفق وقال لها:
- منذ متى وانت تعملين في هذا البار؟.
- منذ فترة قصيرة جداً. ثم أردفت
- لماذا هذا السؤال؟.
- اعتبريه سؤال فضولي.
جذبت نفساً عميقاً، نفساً مصحوب بغصة، وراحت تشرح له الاسباب التي قذفت بها الى هذا المكان الملبد بغيوم بالعار، الذي هو ليس مكانها ولا يليق بأي فتاة مثلها أن تتردد عليه، لكن لوعة الحياة وقسوتها المضنية هي من اجبرها على دخول هذه الاماكن المشبوهة. ثم تركته وانصرفت حيث ناداها زبون آخر، فراحت تجر ذيال الحيرة وتسير بخطى وئيدة باتجاه ذلك المنادي.
بينما نظرات صباح ظلت مصوبة خلف الفتاة وفيها الف سؤال وسؤال، تتعثر بحيرة الاجوبة.
داود سلمان الكعبي - بغداد 25- 8- 2017



#داود_السلمان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا وهابي!
- مقال في العبادة
- مقالٌ عن الألم
- نحن و(الحمير الذين يحملون اسفاراً)!
- سؤال نشأة الخلق
- (الانسان مقياس كل شيء)
- حين كنتُ متطرفاً !
- -الطمع فسّد الدين-
- ما هو العرفان؟
- سلمان الفارسي (المعلم الثاني)
- الاوائل في الفلسفة والعلوم(4)
- الاوائل في الفلسفة والعلوم (3)
- اللاأدرية (الفصل الثالث) والاخير
- اللاأدرية (الفصل الاول)
- اللاأدرية (الفصل الثاني)
- نيتشة يفتي بجهاد النكاح!
- الاوائل في الفلسفة والعلوم(2)
- الاوائل في الفلسفة والعلوم(1)
- هل لل -عقل- وجود حقيقي؟!
- فلسفة الشك لدى المعري (1)


المزيد.....




- باريس تودّع كلوديا كاردينال... تكريم مهيب لنجمة السينما الإي ...
- آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى ...
- آلة السانتور الموسيقية الكشميرية تتحدى خطر الاندثار
- ترامب يعلن تفاصيل خطة -حكم غزة- ونتنياهو يوافق..ما مصير المق ...
- دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ
- جون طلب من جاره خفض صوت الموسيقى – فتعرّض لتهديد بالقتل بسكي ...
- أخطاء ترجمة غيّرت العالم: من النووي إلى -أعضاء بولندا الحساس ...
- -جيهان-.. رواية جديدة للكاتب عزام توفيق أبو السعود
- ترامب ونتنياهو.. مسرحية السلام أم هندسة الانتصار في غزة؟
- روبرت ريدفورد وهوليوود.. بَين سِحر الأداء وصِدق الرِسالة


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - فتاة النادي- قصة قصيرة