أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شوكت خزندار - بحث في حلقات متسلسلة الباحث الدكتور مكرم الطالباني - الحلقة 17















المزيد.....


بحث في حلقات متسلسلة الباحث الدكتور مكرم الطالباني - الحلقة 17


شوكت خزندار

الحوار المتمدن-العدد: 1456 - 2006 / 2 / 9 - 10:39
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ما أشبه اليوم بالبارحة .!
في هذا الظرف التأريخي الهام والحاسم ، بالنسبة لشعبنا العراقي عامة ولشعبنا الكردي خاصة . أقدم إلى القراء عرباً وأكراداً كتاب الدكتور مكرم الطالباني تحت عنوان ( حزب هيوا ) على شكل حلقات متسلسلة بصورة يومية قدر المستطاع . ان البحث القيم الذي قدمه مكرم الطالباني ودراسته التحليليه للحركة القومية الكردية ولتاريخها النضالي المرتبط بنضال شعبنا العراقي من اجل التحرر والانعتاق ومن أجل نيل شعبنا الكردي لحقوقه القومية ، يعطينا درساً بليغاً لتجارب حركتنا القومية الكردية المليئة بالمآسي والمعاناة والتراجعات والانكسارات ، والتي كان لليمين السياسي والعشائرية المتعصبة ، كان عاملاً حاسماً لضياع الحقوق القومية بمختلف منابعه داخل حركتنا القومية الكردية وامتداداته الاقطاعية المشروعة والتسبب بماسي شعبنا لعقود طويلة .

وبما ان هذا البحث يمتد بنظرته لعقود خلت ، فهو يستحضر ذهن ووعي القوميين والوطنيين من ابناء شعبنا بتجارب حركتنا القومية الكردية وعلاقتها التاريخية المغيبة حاليا بالحركة الوطنية العراقية عموما ، والدور الذي يقوم به ورثة القيادات العشائرية والاقطاعية في عراق ما بعد الاحتلال، باقامة كياناتهم الخاصة وقد نسوا بفعل نشوة ما يحققون انه لايمكن ان يستمر من يعضدهم الان ويستخدمهم لمصالحه ، بالاستمرار والوجود ، مع جملة المتغيرات الحاصلة والقادمة ، والتي سيدفع فيها شعبنا ثمنا باهظآ.
( شوكت )

**************************

الحلقة 17 ( ما قبل الأخيرة )

عجز القيادة اليمينية لحزب هيوا عن توسيع وقيادة الثورة

أظهرت نتائج مؤتمر كلار عجز القيادة اليمينية لحزب هيوا عن فتح جبهة ثانية لتوسيع رقعة الثورة ، وأكتفت ـ كما أسلفنا ـ بتقديم بعض المساعدات المالية والاعلامية للثورة في المناطق الشمالية في كردستان العراق .
وهي لم تكن عاجزة عن تحريك الريف الكردستاني بمعزل عن مواقف رؤساء العشائر فحسب بل وعجزت عن القيام بأي عمل يذكر حتى في المدن التي له فيها نفوذ كبير كالسليمانية واربيل والأقضية الكردية في لواء الموصل وخانقين التابعة للواء ديالى ناهيك عن لواء كركوك ، حيث له عدد كبير من الضباط من ذوي الرتب المختلفة . وكان الحزب يعاني من الأنقسامات الفكرية والتنظيمية ، وتهمين على قياداته العناصر اليمينية التي لم تستوعب ما تجري في العالم من تطورات فكرية وسياسية ففي الوقت الذي كانت الجماهير في وسط وجنوب العراق تملأ الشوارع بمظاهراتها الصاخبة ويقوم العمال باضرابات في المعامل والمؤسسات الحكومية والشركات الأجنبية ، وهي تطالب بالحريات السياسية والنقابية وتعمل من أجل اسقاط الحكومات المناوئة لمصالح الشعب ، عجزت حزب هيوا عن تنظيم مظاهرة احتجاج في أية مدينة من مدن كردستان ضد عمليات التنكيل والقمع التي تعرضت لها القرى الكردية التي اشتركت في الثورة . وقد قالت جريدة ( القاعدة ) الناطقة بلسان الحزب الشيوعي العراقي آنذاك في مقال افتتاحي بعنوان : " الشعب الكردي بحاجة الى حزب عمل لا حزب أمل " قالت فيه : " ان هذا الحزب قد جمدّ عشرات الألوف من الشباب الكرد المتحمسين عن الأسهام في أي نشاط سياسي من أجل الحريات الديمقراطية التي في ظلها فقط يتمكن الشعب الكردي من الافصاح عن رأيه في تقرير مصيره بنفسه ."(47)
وعن الصراعات الداخلية والمساومات بين الشخصيات الكردية لتصيد المناصب ، كتبت الجريدة المذكورة مقالاً آخر بعنوان : " الشعب الكردي بين الحانة والمانة " تطرق الى المساومات التي كانت تجري بين رئيس الحزب السيد رفيق حلمي ووزير الدولة ماجد مصطفى على حساب المصالح الحيوية والحقوق المشروعة للشعب الكردي ، وحذرت الصحيفة الشباب الاكراد من الانجرار وراء هؤلاء ودعتهم الى الاسهام الفعال في نضالات الشعب من أجل انتزاع الحقوق الديمقراطية له .
وكانت هذه القيادة لا تزال تعتقد ان بامكان بريطانيا مساعدة الاكراد لنيل حقوقهم القومية ، وهي تبني آمالها على الوعود الغامضة والكاذبة لعدد من الضباط السياسيين البريطانيين الذين يعملون لحساب المخابرات البريطانية في كردستان . إلا ان الانكليز وقفوا علناً ضد الثورة الكردية ، بل وقاد الجنرال الانكليزي رنتن بنفسه المراحل النهائية الحاسمة للعمليات العسكرية ضد الثوار في قاطع عقرة ، وتحت وعود ووعيد الضباط البريطانيون انسحب معظم رؤساء العشائر الكردية تأييدهم للثورة وللجنة الحرية .
وكانت لجنة الحرية تعتمد ، بالدرجة الأولى على عدة آلاف من البارزانيين الذين كانوا تحت قيادة رئيس اللجنة مصطفى البارزاني وأخوته والضباط ( الذين التحقوا بالثورة ، وليست لها امكانات لتجنيد الشباب في جيش ثوري خاص بالثورة أو تنظيم ميليشيات حزبية ، بسبب الموقف السلبي لحزب هيوا . وعندما لجأ مئات من الشباب للتطوع في صفوف الثوار ، طلب البارزاني المساعدات المالية من حزب هيوا لأعاشة هؤلاء بسبب ضعف الامكانات المالية للجنة الحرية ولا يوجد ما يدل على تقديم مثل هذه المساعدات . وكان الأمل الوحيد للجنة هو قيام الحزب بفتح جبهات أخرى بتعاون رؤساء العشائر الذين تعهدوا تحريرياً بمساندة الثورة ، ولكن لم يفعلوا ، بل وانحاز معضمهم الى جانب الحكومة حاملين السلاح ضد الثورة . وتجاه هذا الوضع المأساوي ، تعاون الانكليز والحكومة العراقية لسحق الثورة ، وعجزت القيادة اليمينية لحزب هيوا عن تطوير وتوسيع الثورة وخيانة رؤساء العشائر الكردية وتحويلهم ضد الثورة، قررت لجنة الحرية ورئيسها البارزاني ، بعد التشاور مع السوفيت ، بالانسحاب الى كردستان الشرقية في إيران للحفاظ على قوتها المسلحة وانقاذ العوائل من البطش والإفناء .

اجبار رئيس الحزب السيد رفيق حلمي
على الاستقالة من حزب هيوا

ايقن الضباط الذين أوفدتهم لجنة الحرية لحضور مؤتمر كلار الذي عقده حزب هيوا بناءً على طلب اللجنة ورئيسها البارزاني ، ان القيادة اليمينية للحزب بزعامة السيد رفيق حلمي ورؤساء العشائر في منطقة كلار وكفري يعلقون القيام بأي عمل لمساندة الثورة والاسهام فيها على موافقة بريطانيا في حين ان الثورة التي اندلعت في لوائي اربيل والموصل اخذت طابعاً معادياً لبريطانيا والحكم الملكي العميل . وقد تعاونت الحكومتان للقضاء على الثورة . ولم يتمكن رؤساء العشائر الذين استجابوا لنداء لجنة الحرية من توسيع عملياتهم ضد المؤسسات الحكومية بسبب الموقف السلبي للعشائر الرئيسية في المنطقة في الاسهام فيها . وعندما يئس هذان الضابطان من موقف السيد رفيق حلمي ، تصديا له في طريق عودته وأجبروه على التوقيع على تصريح يعلن فيه تخليه عن حزب هيوا لأنه لا يستجيب لطموح الشعب الكردي ولا يتفق مع روح العصر ( 48 ) فيوقع على التصريح . وعقد اجتماع آخر في قرية كلار اعلن فيه السيد رفيق حلمي تخليه عن قيادة الحزب طوعاً فترك الحزب نهائياً .

خيانة الاقطاعيين ورؤساء العشائر الكردية
كانت لجنة الحرية أكثر ادراكاً من القيادة اليمينية لحزب هيوا لروح العصر وللاطار التاريخي للمسألة الكردية بأن الثورة يجب ان توجه ضد الاستعمار البريطاني والحكم الملكي الرجعي العميل . وكان هذا الاتجاه ينسجم مع روح العصر للحركات القومية في المستعمرات والبلدان التابعة للأنفصال عن النظام الاستعماري العالمي والاسهام في دفع هذا النظام الى مزبلة التاريخ إلا ان لكل حركة قومية مميزاتها القومية الخاصة . واحدى هذه المميزات هو ضعف البرجوازية الكردية وعجزها عن تحريك الريف وجر الجمهرة الاساسية للمجتمع الكردستاني لمجتمع الاستئناف الى الثورة ، أعني جماهير الفلاحين . ففي كل ثورة وانتفاضة كردية استعانت البرجوازية برجال الدين من الاقطاعيين من رؤساء العشائر لجر الفلاحين الى النضال القومي . ونظراً لغياب برنامج اجتماعي يخص مصالح الفلاحين بسبب وجود كبار ملاك الاراضي في قيادة الثورة ، كثيراً ما انسحب هؤلاء عندما كانت مصالحهم تقتضي ذلك .
وكلا القيادتين ، قيادة حزب هيوا وقيادة لجنة الحرية كانتا تعقدان الآمال على رؤساء العشائر في الثورة ، إلا ان الحكومة والانكليز حاولوا بشتى الوسائل اغراء رؤساء العشائر الكردية لدفعهم لسحب تأييدهم للحركة القومية ، ومن ثم تحويلهم من جانب الثورة الى ضدها . وقد لعب الضباط البريطانيون الذين كانت لهم علاقات وثيقة بهم في ممارسة الضغوط عليهم فقد انسحب رؤساء عشيرة ( سورجي ) مع عشيرتهم وحملوا السلاح ضد الثورة وتبعه رؤساء العشائر الأخرى واحداً بعد آخر ، تاركين صفوف الثورة ليتحولوا الى جانب الحكومة ، فتبع السورجيين رؤساء الزيباريين واالبرادوستيين والشرفبيانيين والدوسكيين والمزوري والبريفاني .
وكان المثقفون لا يثقون برؤساء العشائر من الاقطاعيين وكبار ملاك الاراضي الذين حصلوا على مصالح كثيرة واستحوذوا على مساحات كبيرة من الاراضي في ظل الاحتلال البريطاني والحكم الملكي العميل . وقد اشار نوري السعيد الى هذه الحقيقة في تقريره المؤرخ في حزيران 1944 عند حديثه عن المثقفين الكرد بقوله : " انهم يرغبون في جعل الادارة المحلية في ايديهم والقضاء على نفوذ الطبقة الأولى ." ( ويقصد طبقة الاقطاعيين ـ المؤلف ) .
وكان احدى نقاط الخلاف بين المثقفين ، الذين يحملون آيدولوجية ماركسية والقيادة اليمينية لحزب هيوا ، هو ذلك الاهمال الفظ لمصالح الجمهرة الاساسية للمجتمع الكردستاني ، أعني به طبقة الفلاحين التي تشكل نحو ( 80% ) من سكان كردستان ، والتوجه نحو رؤساء العشائر من كبار الاقطاعيين . وعلى سبيل المثال ، كانت أراضي قرية ( كوله جو ) التابعة الى منطقة زنكاباد ( زند آباد ) بلواء كركوك ملكيات صغيرة تعود للفلاحين ، أو أراضي أميرية صرفة يستغلها هؤلاء ، وهم من عشيرة زند الكردية . ويتولى رئيسها ( كويخا غني ) شؤون العشيرة ويضمن لهم الحصول على حصتهم المائية من دوائر الري . وكانت هذه القرية مزدهرة فيها رؤساء عشيرتي الجاف والطالباني المجاورتين لها . وعلى الرغم من أن العديد من الفلاحين في هذه القرية كانوا أعضاءاً في حزب هيوا، وبدلاً من قيام الحزب بحماية مصالح الفلاحين في هذه القرية من اطماع رؤساء الجاف والطالباني ، توسط بينهما للاتفاق على الاستيلاء على أراضي القرية مشاركة أو مناصفة دفعاً لحدوث خلاف أو عداء بين العشيرتين . لذا ، على الرغم من تمتع الحزب بنفوذ في المدن وبين رؤساء العشائر ، لم يتمكن من ايجاد قاعدة قوية في الريف الكردستاني ، الأمر الذي أدى الى اضعاف مواقف الثورة كالثورات الكردية الأخرى .

الشيخ عبدالله الشمزيني يوجه نـــــداءاً
الى المثقفين ورؤساء العشائر الكردية

وجه الشيخ عبدالله الشمزيني ، نجل الشهيد الشيخ عبدالقادر الشمزيني الذي أعدمه الأتراك ، رسالة الى المثقفين ورؤساء العشائر الكردية ، يحثهم فيها تأييد ومساندة الثورة الكردية في العراق . اليكم نصها " ( 49 )

بسم الله الرحمن الرحيم

عاش الكرد وكردستان الكبرى حرة . انكم مطلعون على كافة أمم العالم في هذه الفرصة التاريخية من أجل تقرير المصير وسيادة مشرفة في ميدان السياسة العالمية ، باستثناء الشعب الكردي الذي لا يسمع صوته في أي مجال ، يبدو انه قرر الاستسلام لعبودية الدول الأجنبية .
ايها الاصدقاء الاعزاء .. تعلمون مدى الغبن اللاحق بالاكراد وعظم التضحيات التي قدمها للخلاص من العبودية . ان أرواح الشهداء من أبناء الكرد ينظرون الينا باحتقار . ألسنا نحن أيضاَ بشر؟ أليس لنا الحق في الحياة الحرة كأمم العالم كالعرب والعجم وغيرهما؟ فاذا كان لنا هذا الحق ، لماذا لا نطالب به ؟ لماذا لا نقاتل من أجل حريتنا ؟ لماذا لا نجتث الطمع والانانية والفساد من صفوفنا لنكون أخوة صادقين ، نناضل من أجل الحرية والسعادة الابديتين ؟ واليوم يخوض الملا مصطفى ميدان الكفاح بروح قومية جديدة وصادقة ضد العدو الغاصب ، فهل نبقى متفرجين ولا نسانده بشيئ ونتركه ليلقى مصيره ؟ انه شعلة لا تنطفيء في قلب الشعب الكردي . وكما هو معلوم لديكم ان ثورة كردستان تركيا استمرت من عام 1925 وحتى 1928. فقد افنيت اعداد كبيرة من الشعب الكردي بسبب تعاون البعض من الاكراد مع العدو لقتل أبناء قومه . واعدام الرؤساء والمشايخ والعلماء والشخصيات الكبيرة وعمت الآلام ربوع كردستان. والنتيجة سقطت كردستان بيد العدو الغاصب .
وحرصاً على تحرير كردستان وسعادة الشعب الكردي يجب ان نستيقظ من الغفلة وان نعي واجباتنا في هذه المرحلة التاريخية حيث تتقرر مصير أمم العالم .
ابتهل الله عز وجل ان يحقق آمالنا ولكم تمنياتنا المخلصة .
الشيخ عبدالله الشيخ عبدالقادر
4 / 10 / 1945

انتهاء الثورة والانسحاب الى إيران

لم تمن قوات الثورة الكردية باية هزيمة عسكرية في جبهات القتال.
ولكن لجنة الحرية أيقنت عجز حزب هيوا عن تقديم العون لها لديمومة الثورة وتوسيع رقعتها . وخان رؤساء العشائر وانحازوا الى جانب الحكومة وحملوا السلاح ضد الثورة ، فقررت لجنة الحرية الانسحاب الى كردستان الشرقية في إيران طبقاً للاتفاق الذي سبق ان عقده البارزاني مع القاضي محمد والسلطات السوفياتية هناك . فقد جرى الانسحاب بشكل مدروس ومنظم الى الحدود الدولية بين العراق وإيران التي تفصل كردستان الجنوبية عن الشرقية . وخلال هذا الانسحاب المنظم ، حدثت معارك عنيفة بين الجيش العراقي تسنده قوات العشائر الكردية التي خان رؤساءها الثورة وبين الثوار المنسحبين ، لتغطية وحماية انسحاب عوائلهم .
ففي جبهة عقرة ، انسحب قائد هذه الجبهة ، وكان الملا مصطفى البارزاني ، مع قواته الى جبل بيرص وجرت معركة عنيفة لمنعه من الوصول الى بارزان ، إلا انه تمكن من الوصول اليها في 2/10/1945، لحماية العوائل البارزانيين عند عبورهم جبل شيرين الى نقطة التجمع المتفق عليها في ( كاني ره ش ) .
وفي برادوست ، جرت معركة عنيفة مع الجيش والمرتزقة البرادوستيين ، فتمكن الثوار من استعادة جبل ( قلندر ) لتغطية انسحابهم نحو كاني ره ش . وكانت الطائرات تقصف قوافل العوائل المنسحبة ، فاوقعت فيها الخسائر في النساء والاطفال والشيوخ . ودخلت القوات المنسحبة ، وهي تحمل العوائل الى كردستان إيران في 11/10/1945 عن طريق ( كيله شين ـ وه ركه وه ر ) فلقوا الترحاب من أخوانهم الاكراد هناك وشاطروهم المسكن والملبس والمأكل ، وتم توزيغهم على 45 قرية كردية هناك .
والتقى الملا مصطفى البارزاني في قرية ( نيركي ) مع القائد العسكري السوفياتي هناك واتفق معه على توزيع واسكان العوائل في مناطق ( مه ر كه وه ر ـ شنو ـ نغده ، مهاباد ) وارسل السوفيات مستشفى ميدان للجيش السوفياتي لمعالجة الجرحى والمرضى ، ثم جرى تنظيم القوة المسلحة في افواج وتم تسليمها الاسلحة الحديثة ،
وعين الضباط عزت عبدالعزيز وسيد عزت شمزيني ومصطفى خوشناو ومير حاج أحمد ومحمد محمود قدسي وعبدالرحمن القاضي وبكر عبدالكريم الحويزي وخيرالله عبد الكريم ونوري أحمد طه ومحمد صالح ، امراء الألوية والأفواج ، لتكون هذه القوة المنظمة والمدربة ، القوة العسكرية الاساسية لجمهورية كردستان الشعبية ( كوماري ميللي كوردستان ) التي تشكلت في مهاباد فيما بعد ، وعين مصطفى البارزاني قائداً عاماً للقوات المسلحة ومنح رتبة لواء ( جنرال ما ريو ) كما عين معه كل من حمه آغا ميركه سوري برتبة عقيد ومحمد أمين ميرخان برتبة عقيد أمراء للالوية .

تفكك حزب هيوا وظهور أحزاب كردية أخرى

كانت الثورة التي اندلعت في كردستان الجنوبية ( العراق ) بين عامي 1943 ـ 1945 محكاً لقدرة حزب هيوا على قيادة عمل ثوري وامكاناته في ديمومة وتطويرها ، والتي اندلعت في البداية في جزء منها ، وتوسيع رقعتها لتعم سائر مناطق كردستان الجنوبية ، وتعميق محتواها لتشمل الجمهرة الاساسية للشعب الكردي ، أعني الفلاحين الذين هم القوة الرئيسية في الثورات القومية المعاصرة . فقد اخفق حزب هيوا في كل ذلك ، فلم يتمكن من توسيع رقعة الثورة لتمتد الى ألوية السليمانية وكركوك والمناطق الأخرى من لواء اربيل.
فقد انحصرت في المنطقة الكائنة بين الزاب الكبير والحدود التركية كما لم يتمكن الحزب من تحريك الجماهير التي كان له نفوذ واسع في المدن للقيام باعتصامات واضرابات ومظاهرات لمساندة الثورة المسلحة ، ولم يقم علاقات نضالية بالحركة الوطنية في سائر ارجاء العراق ، رغم حدوث الثورة الكردية في فترة النهوض الثوري في العراق ، لكسب تأييدها وعطفها على الحقوق المشروعة للشعب الكردي .
وقد رفع الحزب الشيوعي العراقي مذكرة أبان الحملات العسكرية القمعية ، وذلك بتاريخ 21/11/1945 الى الحكومة قال فيها :
" ان الحكومة تصم اذانها عن شكاوى الشعب الكردي وطلباته في الاصلاح ، انها تدع الجوع يجتاح قراهم ، تحبس عنهم حقوقهم الدستورية ( كما تحبسها طبعاً عن الشعب العربي ) ، لا تهتم بأمر تثقيفهم كما يريدون ، ولا بأمر مستواهم الاقتصادي والاجتماعي وغيره ، تغمض عينها وتصم آذانها عن نشاط عملاء الاستعمار ورعايتهم بين الاكراد وتقوم هي بنفسها بمثل ذلك النشاط والدعاية وتشجع روح الشوفينية عند العرب وخصوصاً بين أفراد الجيش ، ثم تسوق الجيش والشرطة في " حملات تأديبية " كما تسميها ضد القبائل الكردية ثم تحولها الى حملات تأديبية ضد الشعب الكردي بأسره ، وبصورة خاصة ضد طالبي الاصلاح الديمقراطي ، فتنشر الارهاب وتعلن الاحكام العرفية وتملأ السجون بالمواطنين الاكراد كما هو جار الآن في المناطق الكردية . ان سلوك الحكومة العراقية وحليفتها الحكومة البريطانية تجاه الشعب الكردي لا يتفق وأبسط مبادىء الحق والعدالة ومناف لحقوق الاكراد الذين يؤلفون ربع سكان العراق ولهم الحق في التمتع بالحريات الدستورية والديمقراطية وبحرياتهم الشخصية وبحرية قراهم وديارهم ، ولهم كذلك ان يطالبوا ويسعوا لرفع مستواهم الاقتصادي والثقافي والصحي والاجتماعي ، فمحاولة الحكومة العراقية حكم الشعب الكردي بالعنف والاكراه ، ومنعه عن المطالبة بحقوقه أمر لا يتفق ومصلحة الوحدة الوطنية التي ينشدها الشعب العراقي ، عرباً واكراداً ـ ومخالفة تماماً لتصريحات قادة الأمم المتحدة المحبة للحرية وللمبادئ التي حاربت وضحت من أجلها الشعوب " . ( 50 )
وعلى صعيد القيادات ، فكان هناك مركزان قياديان في االثورة الكردية ، الأول القيادة السياسية اليمينية التي حبست الحركة الوطنية الكردية في نطاق محدود وذات أفق ضيق ، وكانت تعتقد ان الشعب الكردي يمكن ان ينال حقوقه القومية عن طريق بريطانيا التي أعطت وعداً غامضاً ، على لسان الضباط السياسيين الانكليز في كردستان في ان : " الحكومة البريطانية ستنظر بعين العطف الى مطاليب الاكراد بعد انتهاء الحرب " .
وكانت هذه القيادة تحارب أية أفكار تقدمية كالتي انتشرت و سادت في العراق وفي سائر انحاء العالم . وتوسع كل حركة تطلب فيها بالاصلاح " مؤامرة شيوعية " يتعرض طالبوه الى الملاحقة الحزبية والابعاد عن الحزب .
وقد تمثل هذا التيار اليميني في الحزب في مجموعة من الضباط الكبار وفئة من المثقفين الذين هم يمنتمون الى طبقة كبار ملاك الاراضي وكذلك من رؤساء القبائل الكردية .
والثاني لجنة الحرية التي تشكلت من عدد من الضباط التقدميين الذين يحملون آيديولوجية تقدمية ، يترأسه الملا مصطفى البارزاني ، يعتقد جازماً ان بريطانيا في سبيل ايجاد استقرار في المنطقة ابان الحرب قد أعطت وعداً كاذباً وغير ملزم للاكراد وانها هي مصدر النكبات لهم منذ الحرب العالمية الأولى ، وان الثورة الكردية ، يجب ان تعتمد على الجماهير الكردية وان تستخدم مختلف اساليب الكفاح ، المسلح والسياسي ، وان توجه النضال ضد الاستعمار البريطاني والحكم الملكي العميل . وعلى الحركة القومية الكردية كسب تأييد الحركة الوطنية الديمقراطية في العراق وتوثق علاقاتها معها وتكسب أيضاً الرأي العام العالمي الى جانب قضيتها العادلة .
ان الجمهرة الاساسية في حزب هيوا من المثقفين ( الطلاب والمعلمين وصغار الموظفين والكسبة وصغار الضباط وضباط الصف وصغار التجار ) كانوا قد تأثروا بالافكار التقدمية التي انتشرت آنذاك في العراق .
ففي بغداد ، احتك الطلاب الاكراد في الكليات بزملائهم التقدميين العرب الذين كانوا يعطفون على قضيتهم وتأثروا بنشاطهم السياسي والفكري . فقد صدرت العديد من الصحف المعارضة للحكومة ( الشعب ، صوت الاهالي ، الاتحاد ، الرأي العام ، لواء الاستقلال...الخ ) وتأسست عدة أحزاب ديمقراطية وقومية وبدأت تمارس نشاطها العلني ( حزب الشعب وحزب الاتحاد الوطني والحزب الوطني الديمقراطي ، وحزب الاستقلال ) ونشطت الاحزاب السرية ( الحزب الشيوعي العراقي ) وشبه العلنية ( التحرر الوطني ) وتملأ بمظاهراتها الصاخبة شوارع بغداد وهي تطالب بالحقوق الديمقراطية وباستكمال استقلال البلاد . وتكونت نقابات العمال ، وهي تطالب وتضغط بدورها على الحكومة لتعميق وتوسيع الديمقراطية وانتزاع حقوقها الاقتصادية والاجتماعية بممارسة حقها في الاضراب وتحسين احوالها المعيشية . وظهرت في تلك الفترة على صعيد البلاد العربية ... ( وإلى الحلقة الأخيرة ) .
ــــــــــــــــــ
هوامش
( 47 ) كان شباب هيوا على استعداد للاسهام في الاعمال الجماهيرية في بغداد والمدن الأخرى لولا الموقف السلمي لقيادة الحزب . فقد خرج طلاب كلية الحقوق في مظاهرة عام 1945 ، إلا ان الطلاب الاكراد بقوا في الصفوف ممتنعين عن الاسهام ، وقد طلب السيد صالح الحيدري في أن أحثهم على الاشتراك فيها فاستجابوا لذلك بسهولة ، فاشتركوا بنشاط في المظاهرة مخالفين تعليمات الحزب بعدم الاشتراك .
( 48 ) ان هذا التصريح موقع من السيد رفيق حلمي كرهاً ، هو تلك الرسالة التي تحدث عنها السيدان فائق هوشيار ورشيد باجلان . فلا علاقة لها بتلك الرسالة التي عرضها المؤلف على قيادة الحزب .
( 49 ) مسعود البارزاني ـ المصدر السابق .
( 50) من مذكرة السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي ( فهد ) الى الحكومة العراقية بتاريخ 21 / 11 / 1945 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
المؤلف
الدكتور مكرم الطالباني
يقع البحث في كتاب صغير الحجم ، عدد الصفحات 184 صفحة .
صادر عن ( مركز خاك للنشر والاعلام ) في السليمانية عام 2002 .



#شوكت_خزندار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- Jyllands Postenحول كاريكاتيرلصحيفة
- بحث في حلقات متسلسلة الباحث الدكتور مكرم الطالباني - الحلقة ...
- بحث في حلقات متسلسلة الباحث الدكتور مكرم الطالباني - الحلقة ...
- بحث في حلقات متسلسلة الباحث الدكتور مكرم الطالباني الحلقة 13
- بحث في حلقات متسلسلة الباحث الدكتور مكرم الطالباني - الحلقة ...
- بحث في حلقات متسلسلة الباحث الدكتور مكرم الطالباني - الحلقة ...
- بحث في حلقات متسلسلة الباحث الدكتور مكرم الطالباني - الحلقة ...
- بحث في حلقات متسلسلة الباحث الدكتور مكرم الطالباني - ما أشبه ...
- بحث في حلقات متسلسلة الباحث الدكتور مكرم الطالباني
- بحث عن حزب - هيوا - الباحث الدكتور مكرم الطالباني-4
- بحث عن حزب - هيوا - الباحث الدكتور مكرم الطالباني-3
- بحث عن حزب - هيوا - الباحث الدكتور مكرم الطالباني
- بحث في حلقات متسلسلة الباحث الدكتور مكرم الطالباني
- جلال الطالباني يفكر بالرئاسة مجدداً
- ! هل للعصفور لبن شجب وإستنكار لقرار حكومة ( المشيخة الاقطاعي ...
- لتترتفع الأصوات الحرة من أجل انقاذ كمال سيد قادر !


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شوكت خزندار - بحث في حلقات متسلسلة الباحث الدكتور مكرم الطالباني - الحلقة 17