أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - مولود مدي - ملاحظات حول الماركسية















المزيد.....

ملاحظات حول الماركسية


مولود مدي
(Mouloud Meddi)


الحوار المتمدن-العدد: 5603 - 2017 / 8 / 6 - 12:27
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


ماركس عندما صاغ نظريته فهو لم يصل اليها لأنه أجرى ابحاثا عميقة و فقط, بل لأنه كان عضوّا نشيطا في الحركة التي أدت الى ثورة 1848 او الربيع الأوروبي, فأبحاثه كانت من أجل تحرير الشعوب من القهر و الخرافة و الاستغلال الا أنه تم تسجيل بعض الاعتراضات على أفكاره و أهمها :

- لقد رأى ماركس الحركة الاجتماعية بأسرها كصراع بين طبقات, و هذا الصراع هو نتاج التطوّر الاقتصادي, و رأى السياسية كانعكاس للحركة الاقتصادية, فهو يرى أن البشر يقيمون علاقات اجتماعية حسب انتاجهم المادي, و ينشؤون لانفسهم المبادئ و الأفكار و الشؤون الفكرية على حسب علاقاتهم الاجتماعية, أي حسب ماركس يجب البحث عن منبع الأفكار الاجتماعية و السياسية و الحقوقية و الدينية في الاقتصاد قبل كل شيء, و لهذا السبب تصوّر الماركسيين للتاريخ هو تصوّر مادي, تصوّر تحكمه القوانين الطبيعية بحيث الانسان يخضع لهذه القوانين .. نرى في هذا الطرح تجاهل ارادة الانسان في التغيير و قدرته على تغيير اوضاعه الاجتماعية بالشكل الذي يصمم عليه, فالقوانين الاجتماعية في الحقيقة لا يخضع لها الانسان تماما كما يزعم الماركسيون, بل بامكانه ان يتحدى هذه القوانين و أن يخرج عليها و أن يسيّرها لصالحه, صحيح أن الانسان يخضع لقوانين المجتمع لكن لا يمكن لهذه القوانين أن تسحقه و أن تتجاوزه, لكن الخطأ الذي وقع فيه ماركس هو اعتبار القوانين الاجتماعية هي قوانين حتمية مثل القوانين الطبيعية.

- ان السياسة ليست عبارة عن قوانين اجتماعية فقط, و المشاكل السياسية ليست دائما مشاكل اجتماعية, لذا الحركة الاجتماعية ليست فقط صراعا بين الطبقات, كما أن هذا الصراع ليس وليد الرأسمالية, بل الصراع عموما هو حول علاقة الانسان بأخيه الانسان, فهناك تعارض مصالح, فمشاكل الانسانية جمعاء لا يمكن حصرها في مشاكل الطبقة العاملة, او احتكار وسائل الانتاج, بل هناك صراع حول السلطة و مع السلطة, وهناك الصراع الدولي بين الأمم, وهناك صراع بين ابناء الوطن الواحد حول شكل و طبيعة نظام الحكم الذي يجب أن يسود, و غيرها من الصراعات التي تؤثر على العلاقات الاجتماعية, فاعتبار أن النظام الرأسمالي الوحشي هو المستغل الوحيد للانسان لهو خطأ كبير, فهناك من يستعمل السلطة ليستغلّها لأغراضه الشخصية باعتبارها تعطي صلاحية واسعة للانتفاع و الاستغلال, و هناك وهناك من يستعمل الدين لنفس الغرض و الهدف واحد وهو الاستغلال لأن الانسان دائما ميّال الى السيادة.

- يقال أن مثلما اكتشف العالم تشارلز داروين قانون تطوّر الطبيعة, اكتشف أيضا ماركس قانون تطوّر التاريخ الانساني, وقد لاحظ ماركس و انجلز أن المقدّمة الأولى لكل التاريخ الانساني هو وجود أفراد انسانيين أحياء, ثم علاقاتهم التالية ببقية الطبيعة, و الحق أن داروين قد وصل الى نظرية الانتقاء الطبيعي بأسلوب التجريد نفسه الذي استخدمه ماركس في نظرية المادية التاريخية, فقد نشأت نظرية داروين من اعتبار أساسي هو أن كل نوع يعيش بالتكيف مع بيئته الخاصة, تماما كما نشأت نظرية ماركس من اعتبار هو أن كل مجتمع يعيش بأسلوب انتاج ما, لذا ما يجمع المجتمع الواحد في النظرية الماركسية هو المصلحة الاقتصادية أي أن على الناس أن يرتبطوا لكي ينتجوا وسائل معيشتهم المادية, ومن هنا فان عملية الانتاج الاجتماعي هي العملية الأولية لكل حياة اجتماعية, لذا تفترض الماركسية ان الصراع السياسي يعود سببه الى تناقض حاصل بين قوى الانتاج و هي القوى التي يستخدمها الانسان في الانتاج و في استثمار الطبيعة مثل استخراج المواد الأوليّة و علاقات الانتاج التي تعني طريقة توزيع الثروة التي تتخذ اشكالا متعددة مثل الاشتراكية و الرأسمالية و الاقطاعية في العصور الوسطى و العبودية قديما, و مرّة اخرى تقف الماركسية في صف المنهج الطبيعي الذي لا يرى للانسان أي ارادة تابعة لنفسه بل ارادته تخضع للعامل الاقتصادي و حتى ثقافته و أخلاقه أيضا, و في رأينا الشخصي نجد أن هناك مبالغة كبيرة في التركيز على العامل الاقتصادي و اعتباره هو الأساس وراء كل الأحداث الاجتماعية, و هذا تناسي كبير لعوامل أخرى لا تقل أهمية على العامل الاقتصادي مثل العامل الثقافي و الأخلاقي, و الطبيعي, فليس العامل الاقتصادي من تسبب بسقوط الامبراطورية الرومانية, وليس العامل الاقتصادي الذي تسبب في فشل الألمان في سحق روسيا في الحرب العالمية الثانية, وليس العامل الاقتصادي الذي تسبب بظهور علماء كبار مثل اينشتاين و هايزنبرغ و بلانك, ولا ندري ماذا لو أصرّت ام هتلر على اجهاض ابنها هل سيظهر ديكتاتور سيتسبب بمقتل خمسون مليون شخص, لقد أخطأت الماركسية بربط جميع مشاكل البشرية بالعامل الاقتصادي و بالتناقض في علاقة قوى الانتاج بوسائل الانتاج, و تناست أن الصراع الانساني يبدأ من داخل الانسان نفسه, لكن في الحقيقة الانسان لا يسعى في الحياة فقط ليأكل و يشرب و ينتج, فليست هذه هي غاية التاريخ و ادّعاء الماركسية بأن الانسان محصور في نطاق البحث عن المصلحة الاقتصادية لهي خرافة لا اساس علمي لها, وبالتالي عند دراسة التاريخ للأمم لا نغيب دور الأفراد وأهميتهم, كما نجد أن هناك اهمال لدور الدين في التاريخ البشري, اذ أن المادية لا تعترف بالأديان تنكر الغيبيات وتنكر الحياة الأخرى ولا تقر بوجود الله لا كخالق، فما الدين والإيمان إلا وهما شكل على مر التاريخ وسيلة تبنتها أقلية الناس لاستغلال الأكثرية، فالدين يثني انتباه الأكثرية عن هدفها ويبعدها عن مشاكل الحياة.

- لقد وقع ماركس في فخ التعميم .. ان أسلوب التعميم الذي سلكه ماركس في تفسيره المادي للتاريخ مخالف للمنهج العلمي، لأنه لا يجوز للباحث التاريخي أن يجعل دراسته قاصرة على حياة أمة من الأمم في فترة من الفترات، ثم يعمم النتيجة التي توصل إليها على جميع الأمم، وأن القول بأن التاريخ البشري أصبح بكامله منذ ظهور الملكية الخاصة مسرحاً للصراع الطبقي باطل, لقد اختار ماركس بضع مراحل وأحداث من التاريخ هي التي وجد فيها مصداق كلامه، وأهملوا الباقي، حيث ركزوا على التاريخ الأوربي واحداثه، واغفلوا دراسة تاريخ العالم كله, ثمّ خرج بنتائج عمّمها على جميع شعوب العالم, و لهذا فشلت المادية التاريخية في جعل المجتمعات الانسانية تخضع لقوانين علمية صارمة على حد تعبيرها.

ان عصر السرديات الكبرى - اي النظريات التي تحاول تفسير كل شيء و التي تحاول ان تضع قوانين لحياة الانسان - مثل الماركسية قد انتهى, وتناسى الماركسيون الذي قالوا عن الرأسمالية انها تحمل بذور نهايتها أن الماركسية هي ايضا حملت بذور نهايتها, و من يقول أن الشيوعية سقطت بسقوط الاتحاد السوفياتي فلهو قول غير صحيح, فالشيوعية لم تطبّق أصلا بالوجه الذي دعى لها البلشفيون عند استيلائهم الحكم, لأنهم وجدوا فرقا بين النظرية التي طرحها و التطبيق بسبب المطلقية الزائدة عن اللزوم في النظرية الماركسية, و استحالة تحويل الانسان الى الة تحكمه القوانين الميكانيكية, فضلا عن تجاهل واضح من طرف ماركس, بأنه سيأتي عصر التكنولوجيا التي ستصبح هي ايديولوجية الانسان عوضا عن الايديولجيات القديمة التقليدية.



#مولود_مدي (هاشتاغ)       Mouloud_Meddi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات حول فكر المعتزلة
- الاسلام السياسي هو من أدوات الامبريالية
- هل السنّة هي من الوحي ؟
- في الفصل بين الدعوة و السياسة .. النبي محمد نموذجاً
- الجذور الاسلامية للعلمانية
- تشوّه فكرة تأويل القرأن عند المسلمين
- فصول من تاريخ الكذب على الرسول
- قراءة في الأزمة القطرية السعودية
- خدعة فهْم السلف
- خطر الأحزاب الاسلاموية
- الارهاب يكون بالكلمة قبل أن يكون بالسلاح
- الصراع بين الأصولية و التنوير
- النظرية العلمية و الأية القرأنية
- اكذوبة الحديث هو المصدر الثاني للتشريع
- عوائق تحرير العقل المسلم
- ثنائية الكهنة و الاستبداد
- أكذوبة لعن الله قوما حكمته أمرأة
- الدين و الأخلاق
- تشوّه مفهوم السنّة و تأثيره على الفكر الاسلامي
- الشورى و الديمقراطية


المزيد.....




- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - مولود مدي - ملاحظات حول الماركسية