أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كامران جرجيس - شكرا يا دكتور هلمت كول لانك فضلت الجسور على الحدود














المزيد.....

شكرا يا دكتور هلمت كول لانك فضلت الجسور على الحدود


كامران جرجيس

الحوار المتمدن-العدد: 5593 - 2017 / 7 / 27 - 16:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



في عام 1944 كانت طائرات دول الحلفاء تقصف مدينة لودفيغشهالن مسقط رأس مستشار ألمانيا الراحل (هلمت كول 1930- 2017 (الذي لم يتجاوز عمره انذاك 14 عام. تولد لدى الصبي كول، وهو يرى الدمار الذي يلحق بمدينته، شغف شديد بدراسة التأريخ من دون أن يعلم بأنه سيأتي يوم يقوم فيه بنفسه بصنع التأريخ وتغيير مساره.
ساهمت التداعيات الكارثية لحرب العالمية الثانية في تكوين شخصية كول السياسية ورؤواه للمستقبل. كان شديد القناعة بأن توحيد وإندماج أوروبا هو الضمان الوحيد لترسيخ السلام والإستقرار في القارة العجوزة وتجنبها الحروب العرقية والقومية. كان شديد الإعجاب بحنكة وشخصية ( اوتو فون بسمارك 1815-1898) رئيس وزراء بروسيا الذي إستطاع أن يوحد ألمانيا لأول مرة في 1871. إنضم كول الى شبيبة الحزب الديمقراطي المسيحي في 1946، ودرس مادة التأريخ في جامعة هايدلبيرغ العريقة ونال فيها درجة الدكتوراه. بعد تخرجه من الجامعة، عمل لعدة سنوات في قطاع المال والأعمال. ولأن السياسية كانت داخلة في عروقه، قرر كول إمتهانها أملاً أن يصبح يوماً رجل دولة ويمشي على خطى بسمارك. أصبح كول رئيسا لكتلة الحزب الديمقراطي المسيحي في البرلمان ثم مستشاراً لألمانيا الغربية خلفاً للإشتراكي هلمت شميت الذي شجب عنه البرلمان الثقة. أسوة ببسمارك أتقن كول فن السياسة وإستخدام الدبلوماسية لبناء الجسور مع الخصوم قبل الأصدقاء ولحجز مقعد لألمانيا في خارطة التوازنات الجديدة في أوروبا.
أسس كول جسراً نحو الغرب بعد أن مد يده الى فرانسوا ميتران وشكلا معا المحور الألماني – الفرنسي الذي لعب لاحقاً في تهيئة الأجواء والمناخ لولادة مشروع الوحدة الأوروبية.
أتقن كول قراءة أوضاع العالم وأوروبا في منتصف الثمانينيات من القرن المنصرم، وبات لديه قناعة بان كتلة دول أوروبا الشرقية تعاني من الترهل والنزيف الداخلي وأن إمبراطورية الاتحاد السوفياتي بعد مغامراتها العسكرية الخارجية الباهضة لايمكنها ان تصمد بوجه التقدم الاقتصادي والعلمي للغرب.
قرر توظيف الدبلوماسية لبناء العلاقات والجسور نحو الشرق، لكنه أدرك بان المهمة لايمكن أن تتحقق من دون إجتياز جدار برلين. وخلال زيارته الى بولندا قبيل إنهيار الجدار، أُخبر كول بأن ثقباً ما حدث في الجدار – توجه الى موسكو للتحدث الى غورباتشوف حول الثقب، تمكن من إقناع الزعيم السوفياتي بسحب القطعات العسكرية الروسية من ألمانيا الشرقية بعد أن شاور أيضا الملف مع حلفائه الغربيين. على يد كول أنهار جدار برلين في نوفمبر 1989 الذي مهد الطريق الى تفكك المعسكر الشرقي والإتحاد السوفياتي لاحقاً. وعلى يد هلمت كول توحدت ألمانيا من جديد في 3 اكتوبر 1990 و(تحقق حلم بسمارك مرتين).
لعب كول دوراً جدياً في إخماد نار الحرب الإثنية في يوغسلافيا السابقة 1992-1995 من خلال دعم جهود قوات الأمم المتحدة وإتفاقية دايتون لإحلال السلام في يوغسلافيا لإنه لم ينسى أن شرارة الحرب العالمية الاولى إنطلقت من هذا الجزء الحساس في أوروبا، وأن أخطر تهديد بوجه توحيد أوروبا هو أحياء الصراعات القومية والاثنية. خسر كول لقب المستشار لصالح الاشتراكي غيرهارد شرويدر في 1998، لكنه مُنح لقب "المواطن الاوروبي". وأعتزل السياسة في 2000، بعد أن تلمذت على يديه المستشارة الحالية انغيلا ميركل الغنية عن التعريف.
رحل كول الى مثواه الاخير في 19 حزيران من العام الحالي 2017 عن عمر ناهز 87 سنة، بعد ان أقعده المرض على كرسي متحرك لفترة طويلة وهو يتابع أحوال هذا العالم المضطرب والمنقسم الذي هو بأمس الحاجة الى شخصيات سياسية بقامة هلمت كول يمتلكون الحنكة والقدرة على فهم وقراءة التأريخ وبناء الجسور.



#كامران_جرجيس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نوشيروان مصطفى رحلة السياسة والموت المفاجىء
- تأخرنا كثيراً هل يمكن إستعادة المجد؟
- رسالة الى السيد الرئيس
- وداعا للعظيم
- ملتقى الجامعة الامريكية في السليمانية ودوره في زرع بذور الدي ...
- اذا الشعب يوما اراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر
- لان الحياة جميلة
- تكريم المسنين في اليابان وتحويل الانسان الى الارقام في سوريا
- الحشد الشعبي..... والاحتجاجات المنادية بالاصلاح ومحاربة الفس ...
- الجامع والجامعة
- هل ان الرئيس مسعود البارزاني ضرورة وطنية كردية ؟
- في يوم عيد المرأة
- أيهما أخطر جيش داعش أم جيش الأستاذة؟
- مؤتمر باريس وعودة الرجل الابيض
- مصر الى أين ؟ بعد فوز السيسي وسقوط جماعة الاخوان
- ينتابني شعور بالخيبة.....


المزيد.....




- زلزال بقوة 5.4 درجة يضرب تكساس الأمريكية
- ترامب يجب أن يتراجع عن الرسوم الجمركية
- تلاسن واتهامات بين إسرائيل وقطر، والجيش يستدعي جنود الاحتياط ...
- جيش الاحتلال يستدعي آلافا من جنود الاحتياط
- سوريا.. الشرع يؤكد أهمية تعزيز الخطاب الديني الوسطي
- الخارجية القطرية تردّ على تصريحات مكتب نتنياهو -التحريضية-
- نيران وأضرار جراء هجوم روسي بطائرات مسيرة على كييف
- وسط تعبئة عسكرية ضخمة.. هل اقترب قرار توسيع الحرب على غزة؟
- بالصور.. زعيم كوريا الشمالية يزور مصنعا -مهما- للدبابات
- -لا، أيها الرئيس-.. رئيسة المكسيك ترفض عرض ترامب


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كامران جرجيس - شكرا يا دكتور هلمت كول لانك فضلت الجسور على الحدود