أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نوفل الصافي - إغتيال ذاكرة مدينة














المزيد.....

إغتيال ذاكرة مدينة


نوفل الصافي

الحوار المتمدن-العدد: 5569 - 2017 / 7 / 2 - 17:12
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


المدينة ذاكرة المجتمع ، وكل تفصيل فيها له خصوصيته ودلالته (الجمعية) على المستوى الشعبي العام ، و(فردية ) على المستوى الشخصي. فلو أنك راجعت فيما مضى من حياتك؛ سرعان ما تقفز الى السطح أسماء الشوارع ،والمدارس والمكتبات، والأنهر، والمطاعم ، وأماكن المرح ، لا بل يبدأ مخيالك برسم أشكال الصور التي ترتبط بك وكأنها معادل صوري لمادة مكتوبة على ورق غير مرئي ...ويبدأ الخط البياني في جلب الصورة مقترنة برائحة المكان حتى أنك تكاد تشعر بظل الازقة ورطوبتها او حرّها وبرودتها حسب نوع الموقف والمكان وتجتاحك روائح الاطعمة من شبابيك مطابخ البيوت المتلاصقة المحلات القديمة.
وكثير منا حينما يرى بنايات المدارس ـ خصوصا المرحلة الابتدائية ـ التي ضمت ذكرياته ودفاتره وأقلامه وأصدقاءه ومشاكساته ؛ تنزع روحه الى حرث أرض طفولته المكتنزة بكثير من الصور والامنيات ... وهكذا يخزن العقل البشري (الرائحة / الشكل/ الشعور ) لفئة عمرية عاشها مقترنة بنص منقوش بتفاصيل كبيرة، لتكتمل صورة ماض صنع شخصية الفرد الذي هو بمجموعه يكوّن شخصية المجتمعات؛ لذا فإنك ترى المجتمع الذي كونته ثقافة مائية غير ذاك الذي خلقته البيئة الصحراوية أو الجبلية.
من هنا فان شخصية المجتمع تنشأ من المخزون المعاش سابقا والمؤثر (حاضرا ومستقبلا) ومن المهم أن يبقى الانسان على صلة مع تراثه وذكرياته بنسبة معقولة تلبي أحتياج ضرورة الشعور بالانتماء ؛ والا فانه سوف يشعر بغربة شديدة من المكان الذي ألغيت فيه دلالات وعلامات تكوّنه فيه...فبموت هذه الدلالات (المدرسة/ المعلم الاثري/ البيت القديم/ الزقاق/ اللعبة الشعبية) فإن الذاكرة سوف تضمر بعد أن تجهد كثيرا في التذكر ما تجعل الانسان قلقا يحيطه الشعور بالتهديد في وجوده (الروحي).
ذاكرة المدينة ضمانة للشعور بالأمان وتهديد هذه الذاكرة ؛ بهدم المعالم والاماكن التي تستقدم التذكر الجمعي (للمجتمع) ومسح تفاصيلها بدعوى (الاعمار والتطور) هو قتل للروح واغتيال للذات وتعميق الشعور بالضياع ...هذا مايحدث في كربلاء للأسف ..
وجميل ما فعل بعض من إدبائنا؛ من الروائيين والشعراء إذ شرعوا جادين في العمل على تدوين ذاكرة المدينة واستحضارها لهذا الجيل الذي لم يشهد ويرتوي جيدا من نشوء مدينته (روحيا) وهو يراها الان وهي تتحول بخطى ثابته الى مايشبه (المتنزه الكبير) الذي يفتقد الى اللمسة الروحية التي هي أساس وجود هذه المدينة ...فضلا عن ألم الفرد الممض والشعور القاسي بالحزن للذين عاشوا أزقة وحواري المدينة، وتعلموا في مدارسها ومكتباتها، وألفت عيونهم التنقل بين معالمها وآثارها،وتعودت ألسنتهم نطق اسماء مدارسها ا وشوارعها وازقتها التي تغيرت أسماءها وفق التوجه الحالي ماجعل من المدينة مهددة بفقد هويتها للعقدين القادمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



#نوفل_الصافي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نادي الشعر العراقي (الشعبي)
- إبن (..............)
- الشاعر زهير الدجيلي و بكاء (طيوره الطايره)
- بمناسبة الذكرى الاولى لرحيل الشاعر العراقي شاكر عبد سماوي .. ...
- آلآم باخ
- للصباح يترجل الفارس وضاح


المزيد.....




- شاهد ما فعله بركان كيلاويا بكاميرا عن بُعد أثناء توثيق مشهد ...
- طارق السويدان.. مرسوم أميري بسحب الجنسية الكويتية
- ميرتس يؤكد من القدس دعم ألمانيا -الثابت- لإسرائيل
- زيلينسكي يعلن إجراء مكالمة هاتفية -جوهرية- مع ويتكوف وكوشنر ...
- الجزيرة ترصد جهود إزالة آثار الفيضانات التي ضربت سريلانكا
- مسيرة في المغرب دعما لسوريا ولبنان وتطالب إسرائيل باحترام ات ...
- فوائد غير متوقعة للأحضان في أوقات الامتحانات.. درجات أفضل وق ...
- استقالات بالجملة.. ماذا يحدث خلف أسوار -آبل-؟
- ليبراسيون: هذه هي الملفات السوداء لإيلون ماسك
- من حوران إلى قلب دمشق كواليس معركة سقوط نظام الأسد


المزيد.....

- معجم الأحاديث والآثار في الكتب والنقدية – ثلاثة أجزاء - .( د ... / صباح علي السليمان
- ترجمة كتاب Interpretation and social criticism/ Michael W ... / صباح علي السليمان
- السياق الافرادي في القران الكريم ( دار نور للنشر 2020) / صباح علي السليمان
- أريج القداح من أدب أبي وضاح ،تقديم وتنقيح ديوان أبي وضاح / ... / صباح علي السليمان
- الادباء واللغويون النقاد ( مطبوع في دار النور للنشر 2017) / صباح علي السليمان
- الإعراب التفصيلي في سورتي الإسراء والكهف (مطبوع في دار الغ ... / صباح علي السليمان
- جهود الامام ابن رجب الحنبلي اللغوية في شرح صحيح البخاري ( مط ... / صباح علي السليمان
- اللهجات العربية في كتب غريب الحديث حتى نهاية القرن الرابع ال ... / صباح علي السليمان
- محاضرات في علم الصرف ( كتاب مخطوط ) . رقم التصنيف 485/252 ف ... / صباح علي السليمان
- محاضرات في منهجية البحث والمكتبة وتحقيق المخطوطات ( كتاب مخط ... / صباح علي السليمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نوفل الصافي - إغتيال ذاكرة مدينة