أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد زكريا توفيق - تيران وصنافير ومبدأ فصل السلطات














المزيد.....

تيران وصنافير ومبدأ فصل السلطات


محمد زكريا توفيق

الحوار المتمدن-العدد: 5549 - 2017 / 6 / 12 - 06:50
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



ماذا نعني بمبدأ فصل السلطات؟ وعن أي سلطات نتحدث؟ هذا هو موضوع المقال وسوف نأخذ قضية بيع تيران وصنافير كمثال لتوضيح الإخلال بهذا المبدأ.

مبدأ فصل السلطات مبدأ هام لأي نظام ديموقراطي حديث. إذا أردنا أن نكوّن دولة ديموقراطية حديثة، يجب الالتزام بهذا المبدأ والعض عليه بالنواجذ. أما إذا كان مبدأ الفصل بين السلطات لا يعنينا في شئ من قريب أو بعيد، فنحن نتحدث عن طابونة أو ماخور.

السلطة فيه مكدسة في يد فرد واحد، وزي ما يطلع، واحنا وبختنا المهبب. ثم تتحول الدولة إلى شبه دولة أو طابونة، ويصبح المواطنون مجرد رعايا لحاكم مستبد.

مبدأ فصل السلطات يعني أن تكون الحكومة مكونة من ثلاثة فروع أو ثلاثة سلطات: السلطة التنفيذية، السلطة التشريعية، والسلطة القضائية. كل سلطة من هذه السلطات يجب أن تعمل منفصلة تماما عن السلطتين الأخرتين.

الهدف من هذا الفصل هو الحد من سلطة الحكومة وكبح جماحها. فصل السلطات يعني منع أي شخص أو جماعة من أن تكون السلطة في يدها أكثر من اللازم.

مبدأ فصل السلطات يعني أيضا التوازن والمراقبة. فإذا طغت إحداهن وتعدت حدود سلطتها، تدخلت السلطتان الأخرتان وأوقفتها عند حدودها.

مبدأ فصل السلطات له تاريخ طويل في الماضي، يمكن تتبعه حتى أرسطو، الفيلسوف الإغريقي القديم في القرن الرابع قبل الميلاد. ذكره أيضا جون لوك عام 1690م في أطروحته الثانية للحكومة المدنية. لكن المبدأ أكثر ارتباطا بالفيلسوف السياسي الفرنسي بارون دي منتسكيو.

بعد زيارة منتسكيو لانجلترا في بداية القرن الثامن عشر، ألف رائعته "روح القوانين"، عام 1748م. الكتاب عبارة عن دراسة علمية عن الحكومة المثالية. جاء فيه أن الحكومة يجب أن تتكون من ثلاثة أفرع أو سلطات منفصلة: السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية.

فكرة فصل السلطات ظهرت في وقت حرج في التاريخ الإنساني. كلا من الثورتين، الأمريكية والفرنسية، تبنت مبدأ منتسكيو لفصل السلطات. الدستور الأمريكي عام 1789م، نص على هذا المبدأ وأكده بشدة.

الدستور الأمريكي يقسم الحكومة إلى ثلاثة فروع:
التنفيذية(الرئيس)،
التشريعية(الكنجرس)،
القضائية(المحكمة العليا)

أيضا ينص الدستور أيضا على مبدأ التوازن والمراقبة. إذا زاد فرع ما عن السلطة المسموح له بها، أوقفه الفرعان الآخران وهذه أمثلة للتوازن والمراقبة التي جاءت في الدستور الأمريكي:

- يمكن للكنجرس أن يمرر قانونا، لكن الرئيس له الحق في وقف هذا القانون بحق الفيتو.
- إذا أوقف الرئيس القانون بحق الفيتو، يمكن للكنجرس إلغاء هذا الفيتو بأغلبية ثلثي الأعضاء.
- الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، لكنه لا يستطيع إلان الحرب. الكنجرس فقط هو الوحيد المنوط بإعلان الحرب.
- الرئيس يمكنه تعيين من يريد في حكومته، لكن بعد موافقة الكنجرس.
- الكنجرس يمكنه محاكمة وفصل أعضاء في فروع الحكومة الأخرى بما في ذلك الرئيس نفسه.
- المحكمة العليا يمكنها أن توقف أي أمر إداري يصدره الرئيس أو أي قانون يصدره الكنجرس، بحجة أنه غير دستوري.

إذا كنا نطبق مبدأ فصل السلطات مثل الولايات المتحدة، لما جرؤ رئيس الوزراء بتحويل اتفاقية ترسيم الحدود إلى مجلس النواب لأخذ موافقة المجلس بعد أن أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكمها النهائي والبات بمصرية الجزيرتين.

هذا يعتبر تغول للسلطة التنفيذية والسلطة التشريعية على السلطة القضائية. وكما رأينا في الدستور الأمريكي، وكل دساتير الدول الديموقراطية الحديثة، السلطة القضائية لها اليد العليا في أي موضوع أو قانون.

عندما تقول المحكمة الإدارية العليا أن الجزر مصرية، فيجب أن نسمع ونطيع، إذا أردنا أن نبقي على الدولة كدولة. طاعة القانون والالتزام بأحكامه هي التي تبني الدول، لا بناء الطرق والكباري ومصائد الأسماك.

يقول أرسطو، إن نظم الحكم الدكتاتورية والأبوية، لا ينتج عنها دول. الدولة لا تتكون أبدا إلا إذا كانت الحكومة تحترم القانون والدستور. أي عندما يظهر الدستور، ويُفعّل وتلتزم به الحكومة. فيه دستور مطبق، فيه دولة. مافيش دستور مافيش دولة. بل طابونة أو ماخور.

لهذا اعتقد أرسطو أن "سولون" في أثينا و"ليكورجوس" في اسبرطة، هم أول من أسسوا دولا حقيقية، بوضعهم دساتير وقوانين لمدنهم. بقيام الدولة والدستور والحكومة الدستورية، يظهر المواطن والمواطنة للوجود.

اختراع الإغريق للدستور يعتبر أعظم تقدم في تاريخ البشرية والمجتمعات. اختراع يقف في عظمته جنبا إلى جنب مع اكتشاف النار واختراع العجلة وترويض الحيوانات وإتقان الزراعة. قبل اختراع الدستور، كانت الناس تحكم، إما كرعايا أو كعبيد. لكن لا يوجد مواطنين في أية دولة من الدول.

مبدأ فصل السلطات، لا يقل عظمة عن الدستور نفسه. لأن السلطة مفسدة، والسلطة المطلقة فساد مطلق.



#محمد_زكريا_توفيق (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلتماس إلى جوبيتر العظيم
- فرعون مصر المفترى عليه
- هذا ما تفعله السلطة بنا
- تفجير كنائس المحروسة، خط دفاعها الأخير
- تأثير نظرية التطور على الفكر المعاصر؟
- هل الأخلاق شئ ضروري لبقاء الإنسان؟
- فكرة داروين الخطرة
- روحي أنت طالق
- دعوة لقراءة شيكسبير: العاصفة
- الفلسفة البراجماتية
- كتاب عن تاريخ الفن التشكيلي عبر العصور، التحميل مجاني
- محاكم التفتيش في القرون الوسطى
- قصة الأبراج الفلكية، برج الطاووس
- الإلياذة: صعود نجم أخيل
- تيران وصنافير واللامعقول
- الإلياذة: مقتل باتروكلوس (فطرقل)
- هل نحن نتجه إلى دولة دينية؟
- الإلياذة: القتال بين باريس ومينلاوس
- الإلياذة لهوميروس 1
- القرية المصرية في الزمن الجميل


المزيد.....




- ترامب مشيرًا إلى وجود شار محتمل لـ-تيك توك-: مجموعة من الأثر ...
- شابة تتعرض لهجوم مفاجئ في مياه عكرة نسبيًا على شاطئ بأمريكا. ...
- هذا المطوّر ابتكر تطبيقًا لمكافحة ممارسات ضباط الهجرة والجما ...
- قطاع المتاحف في السودان: خسائر فادحة جراء السرقات والتدمير ا ...
- تكنو
- قادر على رصد الصواريخ فرط صوتية وبالونات التجسس: ما هو رادار ...
- إيران: أكثر من 900 قتيل خلال الحرب وطهران تندد بالسلوك -الهد ...
- إيران تكشف عدد قتلى الهجمات الإسرائيلية خلال حرب الـ12 يوما ...
- مسح شامل للبشرة لرصد المشاكل وتقديم الحلول
- -لمحاسبة إسرائيل وأمريكا-.. إيران تُطالب بضمانات للعودة إلى ...


المزيد.....

- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد زكريا توفيق - تيران وصنافير ومبدأ فصل السلطات