أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هشام حمدي - الناس تَتْبَعُ الشعر ولَا تتْبَعُ وَلَا تتَّبِعُ الشعراء














المزيد.....

الناس تَتْبَعُ الشعر ولَا تتْبَعُ وَلَا تتَّبِعُ الشعراء


هشام حمدي

الحوار المتمدن-العدد: 5533 - 2017 / 5 / 27 - 21:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إذا كانت رؤية أفلاطون إلى الفن ومنه الشعر، في كتابه العاشر من مؤلفه {الجمهورية}، قائمة على المحاكاة بمعنى أن الشاعر مثل المصور يحاكي ويقلد طبيعة ظواهر الأشياء دون فهمها، وهو بهذا يتصل بظواهر الأشياء الخادعة للحواس لذلك طرد الشعراء من مدينته الفاضلة لأنهم أقل درجة من الفلاسفة الذين يتصلون بعالم المثل والحقيقة. وأما أرسطو فقد نجح في إعادة جوهر معنى المحاكاة بإدخاله جميع الإبداعات الفنية والأدبية والتشكيلية مثل الرقص والنحت وأضاف لها الشعر والموسيقى، كشكل من أشكال المحاكاة والتقليد والمحاكاة هنا بعيدة عن عالم المثل "الذي لا وجود له" وإنما للطبيعة مباشرة، ليستنتج بأن المحاكاة بعيدة عن الحقيقة بدرجة واحدة. ليقول لنا بأن مواقف وسلوك وأقوال وأفعال وانفعال الشاعر ينبغي أن تكون مشابهة للحياة وليست صورة فوتوغرافية منها أي أن يحاكي المظهر والجوهر في أوجه الحياة كما هي أو كما كانت أو كما ينبغي أن تكون.
الفيلسوف ابن رشد وفي كتابه {تفسير ما بعد الطبيعة} قال في حق الشعراء «وهم الذين قوتهم الخيالية غالبة على القوة الفكرية» هذه الرؤية الرشدية التي تقول بأن الشعر يقوم أساسا على خيال الشاعر بمعنى أن قوته الخيالية تتصدر وتتسيد قوته النظرية، فالشعر هنا مصدره عنصر نفسي يبدع الصور الخيالية الغنية بالصور الحسية وبعيدة كل البعد عن الصور الفكرية والعقلية، ولا علاقة لها بالصور في شقها الأخلاقي خيرا أو شرا وهي بريئة من الخيال، ويقول قدامة بن جعفر في كتابه {نقد الشعر} بأن الشاعر ملزم فقط إذا شعر في أي معنى كان من الرفعة والضَعَة، والرفث والنزاهة، والبذخ والقناعة، والمدح والذم، وغير ذلك من المعاني والقيم الأخلاقية الفاضلة المحمودة أو المبتذلة الذميمة التي يمليها على الشاعر وجدانه. وقد أدلى الأصمعي بدلوه فقال إن الشعر لا يقوى إلا في باب الشر فإذا دخل في الخير لَانَ، فيما الأحوص بأن الشعر ما هو إلا حكمة من مؤلف لمنطق حق أو لمنطق باطل.
القراء يَتْبَعُون الشعر وَلا يَتَّبِعُونَ الشعراء، فهل رأيتم أناسا اتبعوا امرؤ القيس وأبي العتاهية والأخطل والأصمعي وأبي نواس والمتنبي بل وهل كان لحسان بن ثابت مريدين ومعجبين ومتابعين ومتتبعين والذي كان يستخدم سلاح الشعر في دفاعه عن سيد الأخلاق النبي محمد (صلعم) بشعره مؤيدا بالروح القدس وهو جبريل كما جاء في الحديث المرفوع رقم 3839 ( حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَدِيٌّ أَنَّهُ، سَمِعَ الْبَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَسَّانَ : " اهْجُهُمْ أَوْ هَاجِهِمْ وَجِبْرِيلُ مَعَكَ "، وَزَادَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ قُرَيْظَةَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ اهْجُ الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّ جِبْرِيلَ مَعَكَ).
الشعر مثل ماء البحر، كلما شربت منه قراءة وتفاعلا وانفعالا كلما زاد عطشك له، مع اعتذاري لتحوير مقولة الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور، منكر للجمال ونكير للشعر من يستحضر ويستدل بسورة الشعراء وتحديدا الآيات ليقتطعها من سياقها العام { وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226)} فبعض المفسرين المتنورين يقول بأن بعض الفقهاء وأشباه العلماء هم الشعراء لأنهم يُشْعِرُونَ الأمة بالباطل لذلك هم يُتٌبَعُون ويزيد هؤلاء المفسرين بأنهم في كل واد يهيمون أي أنهم في كل طائفة مذهبية وفي كل تيار فقهي يذهبون، إن لكم في الشعر حياة يا أولي العقول لعلكم تستشعرون، فالشعر موهبة وَهِبَةُ ربانية للمسافرين من وفي دواخل ذواتهم أو للراحلين بحثا عن الآخر فيهم أو للمتأملين في سحر ملكوت الله الواسع. إنه سفر ذاتي ممتع حين تكتبه وتقرأه وتسمعه، إنه نظم وكلام روحاني جميل غير ملوث بجرثومة الواقع الأليم. إنه طريق السالكين نحو حب الإنسان أي إنسان والعابرين نحو عشق البيان والسكينة والاطمئنان.
أخيرا، الشاعر مصطلح عظيم، نبي كريم، خلقه الله للإنسانية هاديا إلى الحب والجمال والحرية، فالشعراء لَا يَتْبَعُهُمُ وَلَا يَتَّبِعُهُمُ أحد لكن بعض الفقهاء والخطباء وأشباه العلماء يَتْبَعُهُمُ وَيَتَّبِعُهُمُ الغاوون.
الإنسانية هي الحل



#هشام_حمدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين تصبح رذيلة الكذب السياسي فضيلة
- في فلسفة الفن
- ... فيما بين كرة القدم وحكومة الكَدَم من اتصال
- ديموقراطية الفلسفة وفلسفة الديموقراطية
- المسجد الأقصى ومؤامرة الصمت القاتل
- أحزاب الفيسبوك السياسية
- الحرب الداعشية الناعمة، المسلسلات التركية أنموذجا
- العالم العربي بين مطرقة المؤامرة وسندان التآمر
- عيد الأضحى والبعد الروحاني والاجتماعي
- التاريخانية في قراءة التراث الفكري الإسلامي
- تعليب الوعي
- الاستشراق بين الاختلاف والائتلاف
- ذكرى نكبة فلسطين ... صوت 67 عاما، بلا صدى
- تديين المظهر وتسييس الجوهر
- الغرب فوبيا بدل الإسلاموفوبيا
- العالم العربي الاسلامي بين عار الصهيونية و نار الداعشية
- عن السياقة في الدار البيضاء ... أتحدث
- سؤال التقدم والتنمية، من يجيب؟
- حرية الرأي في التعبير
- فساد أم إفساد الدولة


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هشام حمدي - الناس تَتْبَعُ الشعر ولَا تتْبَعُ وَلَا تتَّبِعُ الشعراء