أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - الحب وسط المأساة!!














المزيد.....

الحب وسط المأساة!!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5531 - 2017 / 5 / 25 - 02:54
المحور: الادب والفن
    



"هناك بعض الناس لا يعتبرون غيرهم بشراً، وينظرون إليهم على أنّهم أشياء، فيفعلون بهم أيّ شيء."هذا ما قالته المغنية الأميركية من أصول أرمنيّة "شير"، بعد أن شاهدت فيلم "الوعد- THE PROMISE " الذي يتناول قصّة إبادة الأرمن التي ابتدأت في 24 إبريل-نيسان- العام 1915 في غمرة أحداث الحرب العالميّة الأولى (1914-1919) والتي شهدت بدايات إنهيار الإمبراطورية العثمانيّة.
الفيلم يتحدّث عن طالب أرمني يُدعى مايكل بوغوصيان (أوسكار إيزاك-الأمريكي من أصل غواتيمالي) الذي كان يحلم بتطوير النظام الطبي في بلدته، حيث يتعايش فيها المسلمون والمسيحيون منذ مئات السنين، والتي تقع جنوب تركيا.
حين يبدأ بوغوصيان مشواره الدراسي في مدينة القسطنطينية (اسطنبول) ذات التنوّع والتعدديّة الثقافيّة والإثنيّة يلتقي بالفاتنة الأرمنيّة "أنّا" (الممثّلة الفرنسيّة شارلوت لو بون) فيقع في غرامها على الرغم من علاقتها مع الصحافي والمصوّر الأمريكي "كريس مايرز" (كريستيان بيل-الممثّل البريطاني) الذي يحتفظ بدفترٍ يكتب فيه يوميّات عن أعمال الإبادة الجماعيّة ويتمّ العثور عليه ويُعتقل، ولولا وصول خبر اعتقاله إلى السفارة الأمريكيّة لكان مصيره في خبر كان مثل غيره من مئات الألوف الذين ذهبوا ضحايا بدمٍ بارد، حيث تدخّلت السفارة الأمريكيّة لإنقاذه ومن ثم ترحيله .
الحدث الدرامي والمأساوي هو ما يميّز الفيلم الذي أضفى مخرجه الإرلندي تيري جورج لمساته الفنّية عليه، خصوصاً وأنه قد عمل سابقاً على موضوع الإبادة في فيلمه المرشح لجائزة الأوسكار "أوتيل رواندا" .وبلغت تكاليف إنتاج فيلم "الوعد" 100مليون دولار قام بالتبرّع بها رجل الأعمال الأرمني الراحل "كيرك كيركوريان" الذي نجت عائلته من المذبحة التي ارتكبت حينها.
الفيلم يعيدنا إلى الموقف من المجاميع الثقافية الأخرى، الإثنيّة والدينيّة والسلاليّة واللّغويّة، حيث تندلع أعمال إبادة وحشيّة اليوم بحق الشعب الفلسطيني الذي تستمر معاناته منذ نحو سبعة عقود من الزمان. ونستحضر معه المآسي التي حصلت للإيزيديين على يد داعش بعد احتلاله للموصل، خصوصاً قتل شبابهم وسبي نسائهم،وقبل ذلك ما حصل للصابئة المندائيين في العراق من أعمال استهداف وعنف حيث اضطرّ الآلاف منهم إلى الهجرة، مثلما تعرّض المسيحيون لا سيّما في العراق وسوريا إلى مأساة حقيقيّة بسبب أعمال التعصّب والعنف والإرهاب.
المأساة التي حصلت للشعب الأرمني لم يتمّ الاعتذار عنها، علماً بأنّ الرواية التاريخيّة التي حاول الفيلم أن يضيء عليها تقول أن نحو مليون ونصف المليون من أبنائه قتلوا غدراً. وإذا كان التاريخ مراوغاً حسب "هيغل" فحسبنا اليوم بالوقائع الدامغة التي تستوجب عمل كلّ ما من شأنه حماية البشر، ووضع حدّ للمآسي الإنسانية بغض النظر عن الدين أو العرق أو اللغة أو اللون أو الأصل الاجتماعي، فالبشر، كل البشر، لهم الحق في الحياة والعيش بسلام ودون خوف.
إنّ أبسط ما يمكن تقديمه للضحايا في الماضي والحاضر هو تحريك ضمير المجتمع الدولي للاعتراف بما حصل والاعتذار عنه وكشف الحقيقة كاملةً وتعويض الضحايا وجبر الضرر والعمل على إصلاح الأنظمة القانونية والقضائية لكي لا يتكرر ما حصل ولكي لا يفلت الجناة من العقاب. وذلك ما يندرج في إطار العدالة الانتقاليّة على المستوى الدولي والوطني.
وإذا كان فيلم "الوعد- THE PROMISE " يعكس مأساة الشعب الأرمني الحقيقية التاريخيّة فإنّ ما يجري على أرض الواقع يتطلّب عملاً جاداً ومسؤولاً وعلى جميع الجبهات، الفكريّة والثقافيّة والدينيّة والسياسيّة والاقتصاديّة والتربويّة والقانونيّة والدبلوماسيّة لاستئصال التعصّب والتطرّف والإرهاب وإشاعة ثقافة التسامح والسلام والتآخي نقيضاٍ للثقافة السائدة التي تقوم على الكراهية والعنف والانتقام.
ملاحظة أخيرة لا بدّ من الإشارة إليها بخصوص الفيلم وهي أنّه، على الرغم من محاولته تصوير بشاعة الجريمة إلا أنّه لا يخلو من تمرير دعاية موجّهة، مثل "مدنيّة وتحضّر" الأميركيّين والفرنسيّين والغرب عموماً ودفاعهم عن حقوق الإنسان، كما يُدَسّ فيه اسم "اليهود"، لدرجة أنّ أحد المسؤولين الأتراك يخاطب أحد موظّفي السفارة الأمريكيّة في أنقرة بقوله "أنت تدافع عن الأرمن لأنّك يهودي "، مُظهراً تعاطفاً زائفاً في حين أن العرب في حلب والموصل وبيروت وعمان والقاهرة وغيرها من المدن العربيّة هم من استقبل الأرمن ووفّروا لهم الأمن والحماية، دون أن ننسى أنّ عدداً من العوائل التركية ساهم في إنقاذ عوائل وأفراد من جيرانهم ومعارفهم الأرمن بتأمين مخابئ لهم ، كما قاموا بتربية بعض الأطفال الذين فقدوا ذويهم خلال أعمال الإبادة.
ومثلما ترتفع اليوم المطالبات بالاعتذار للأرمن، فإنها تشمل إعتذار الفرنسيين عن احتلالهم للجزائر وما ارتكبوه من أعمال بربريّة واعتذار الأمريكان لسكان البلاد الأصليين على ما قاموا به من إبادة بحقّهم، واعتذار البريطانيين عن وعد بلفور الذي ألحق أفدح الأضرار بالشعب العربي الفلسطيني.
وبغضّ النظر عن كل شيء فإنّ الفيلم هو لائحة اتّهام، بل وثيقة إدانة لأنّه يُظهر المأساة الحقيقيّة لشعب تعرّض للإبادة.

.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما الذي تبقّى من المشروع الفلسطيني؟
- -الهويّة والمواطنة- كتاب جديد لعبد الحسين شعبان
- العروبة والقوميّة
- سؤال الإرهاب أيضاً
- في تجديد الفكر الديني
- ماذا يعني تدويل قضية الأسرى الفلسطينيين ؟
- عن ثقافة الكراهية
- عمران القيسي:عبد الحسين شعبان في ثقافته الإستثنائية
- المجتمع المدني.. رؤية ليست بريئة
- ترامب و-المناطق الآمنة-...!
- ما بعد الصدمة والترويع
- بيروت والعشق الملوّن
- ما بعد مؤتمر الأستانة: قراءة في البعدين الإقليمي والدولي للأ ...
- البحر الميت ووعد بلفور
- أثمّة مشروع ثقافي عربي؟
- الحقوقي بعين الصحافي: شبيب المالكي وشرعية الإنجاز
- الذاكرة ولحظة الحقيقة
- وماذا عن الشتات العراقي..؟
- العقد العراقية المعتقة
- ترامب وحكم القانون


المزيد.....




- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة
- -كذب أبيض- المغربي يفوز بجائزة مالمو للسينما العربية
- الوثائقي المغربي -كذب أبيض- يتوج بجائزة مهرجان مالمو للسينما ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - الحب وسط المأساة!!