أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد التاج - عَلْمَانِيَة تُرْكِيا وَ قُيُود مُعَاهَدَة لُوزَان فِي مِيزَانِ التّعْدِيلَاتِ الدُّسْتُورِيّة














المزيد.....

عَلْمَانِيَة تُرْكِيا وَ قُيُود مُعَاهَدَة لُوزَان فِي مِيزَانِ التّعْدِيلَاتِ الدُّسْتُورِيّة


خالد التاج
(Khalid Ettaj)


الحوار المتمدن-العدد: 5491 - 2017 / 4 / 14 - 21:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بات من الواضح أن الاستفتاء حول الدستور المزمع تنظيمه يوم 16 أبريل /نيسان 2017 بهدف التأسيس لنظام رئاسي و تعزيز صلاحيات الرئيس لن يكون سوى حلقة من حلقات صراع تركيا المحتدم بين نسقين متباينين من أسلوب الحكم الذي ظل يطبع المشهد التركي على امتداد ما يقارب القرن من الزمن.
النسق الأول الذي يمثل تركيا العلمانية-الحديثة المنبثقة عن مُخرجات معاهدة لوزان (Lausanne -1923) التي تم التنازل بموجبها عن الكثير من الأراضي العثمانية في شرق أوروبا و البلقان و الشرق الأوسط و شمال إفريقيا، والتي يمكن اعتبارها كانعكاس طبيعي للانخراط في سلسلة الحروب ضد روسيا القيصرية وبعد ذلك الحرب العالمية الأولى ضمن دول المحور ، فضلا عن العوامل الداخلية كالثورات و النزعات الانفصالية، الشيء الذي عجل بإنهاء الإمبراطورية العثمانية و إعلان جمعية الإتحاد و الترقي عن عزل السلطان عبد الحميد الثاني، و من تم الإعلان عن تأسيس الجمهورية التركية سنة 1923 بملامح جديدة و مختلفة كليا عن الحقبة العثمانية بالموازاة مع القطيعة التامة مع كل ما يمت لماضيها الحضاري و الثقافي من صلة و التمهيد إلى ضم تركيا إلى حلف شمال الأطلسي في خمسينيات القرن الماضي.
هذا النسق "العلماني" الذي أرسى أسسه مصطفى كمال أتاتورك، كما ترسخ بفضله نظاما ديمقراطيا و مؤسسات دستورية منتخبة و قوية وفصل للسلطات، إلا أنه لم يكن خاليا تماما من النقائص التي شابته كسطوة المؤسسة العسكرية على الحياة السياسية و تدبيرها لانقلابات عسكرية متتالية على حكومات منتخبة ديمقراطيا بحجة الدفاع عن "قيم العلمانية" و التعصب للقومية التركية على حساب أقليات إثنية أخرى لاسيما تجاه المكون الكردي، الشيء الذي أدخل البلاد في مرحلة من عدم الاستقرار لازالت آثارها بادية إلى غاية يومنا هذا كالحرب ضد حزب العمال الكردستاني .
أما المشروع الثاني فقد بدأ التأسيس له عمليا منذ سنة 2002 أي مع وصول حزب العدالة و التنمية إلى سدة التدبير الحكومي، حيث شهدت تركيا قفزات نوعية لا يمكن نكرانها على مستوى المشاريع التنموية الاستراتيجية و القضاء على المديونية الخارجية فضلا عن بداية المصالحة مع ماضيها الحضاري و عمقها الجيواستراتيجي و بداية التحرر من الاعتماد على الوصاية الغربية حيث بدت تركيا كلاعب إقليمي لا يمكن تجاوزه، فضلا عن النمو الاقتصادي الملحوظ (ولوج نادي العشرين G20 ) ووضع برنامج يؤهل البلاد لأن تصبح ضمن القوى الاقتصادية العشرة في العالم في أفق سنة 2023 أي بالتزامن مع الاحتفال بالذكرى المئوية لإعلان الجمهورية.
هكذا تجد تركيا نفسها أمام مفترق طرق يجسده الصراع المعقد بين النسقين المتضاربين و الذي قد لا يخلو من مخاض عسير و تحديات كبيرة إن على المستوى الداخلي أو الخارجي، وقد تمثل ذلك جليا في ردود الفعل القوية تجاه أي تحلل من ربقة رواسب "تركيا الكمالية" حيث كان آخرها محاولة الانقلاب الفاشلة ل 15 يوليو- تموز 2016، حتى و إن بدت المحاولة مغلفة هذه المرة بغلاف ديني و تستند في مرجعيتها الفكرية إلى تيار رجل الدين فتح الله جولن الذي تتهمه سلطات أنقرة بتدبير المحاولة الفاشلة، وما أعقبها من عمليات تطهير واسعة النطاق في كافة أسلاك الدولة بحجة مكافحة ما يصطلح عليه "بالكيان الموازي".
أما على المستوى الخارجي فقد جاءت ردود الفعل هذه المرة ضد هذا التحول واضحة بل و أكثر قوة من أوروبا،حيث لم تتوانى عواصم أوروبية عديدة عن منع مهرجانات خطابية لمسؤولين حكوميين أتراك تستهدف الجالية بهدف الترويج لمشروع التصويت بنعم للاستفتاء على الدستور الجديد تحت مسوغات عديدة كالسعي إلى تعزيز سلطة الرئيس أردوغان و ترسيخ سلطة الفرد الواحد وتقويض أركان النظام العلماني، في مقابل السماح للقوى المناوئة للحكومة التركية بالترويج لحملتهم المضادة.
قرار المنع هذا الذي لم يخل من حرب كلامية واتهامات متبادلة قد جعل من أوروبا طرفا رئيسيا في السجال الداخلي حول مشروع الدستور المثير للجدل، كما يمكن وصفه أيضا كتعبير عن التوجس من مشاريع الرئيس أردوغان الطموحة، الشيء الذي يمكن أن ينضاف إلى ملفات شائكة ومعقدة تشوب العلاقات بين الطرفين كملف الانضمام إلى الإتحاد الأوروبي الذي تلوح سلطات أنقرة بإعادة تقييمه و تنظيم استفتاء شعبي بشأنه، و ملف اللاجئين والهجرة و تبادل المطلوبين على خلفية الاتهام بالإرهاب وتدبير المحاولة الانقلابية و دعم تنظيم PKK.
لا شك أن تركيا الجديدة قد شقت طريقها بثبات على درب التخلص من بعض قيود معاهدة لوزان التاريخية و التأسيس لنظام سياسي و اقتصادي متين يؤهل البلاد لأن تصبح رقما عالميا صعبا لا يمكن تجاوزه ويليق برصيدها التاريخي و إرثها العثماني، و لاشك أيضا أن القوى الكبرى ترصد عن كثب هذه التطورات المتسارعة التي تشهدها بلاد الأناضول ، لكن السؤال الذي سيبقى مفتوحا هو إلى أي حد ستسمح هذه القوى لتركيا بمواصلة السير على هذا الطريق بالنظر إلى موقعها الجغرافي شديد الأهمية ومقومات التطور والتنافسية التي تزخر بها البلاد؟



#خالد_التاج (هاشتاغ)       Khalid_Ettaj#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هَل لا زال بمَقْدورٍ البولِيسَاريُو الِانخراطَ فِي حَربٍ بِا ...
- أَمْرِيكَا تْرَامْبّ وَ الخَوْف مِنَ المَجْهُول !
- النّظِام الدّولي و هَوَاجس السَّلام
- سُؤَال مَجَّانِيَة التَّعْلِيم بالَمغْرِب فِي ظِلّ مَسَاعِي ...
- هَلْ تَنْزَلِقُ رُوسِيَا والنّاتُو نَحْوَ فَصْلٍ جَدِيدٍ مٍن ...
- الأَحْزَابُ السِّيَاسِيّةِ المَغْرِبِيَّةِ وَمِحَكُّ الاِنْت ...
- النُّخَبُ السِّيَاسِيَة وَ تَحْقِيقُ الْاِنْتِقَالِ الدِّيمُ ...
- أَزْمَة المُمَارَسَة الِديمُقْرَاطِية وَتَمَثُّلَات السُّلْط ...
- التّدَاعِيَاتُ المُحْتَمَلَة عَلَى وَحْدَةِ أُورُوبَّا بَعْد ...
- إِشْكَالِيَة التّأْطِير وَالتّنْشِئَة فِي النّسَقِ السِّيَاس ...
- البُعْد الِاثْنِي والهَوِيَّاتِي فِي مُعَاَدَلة الصِّرَاع ال ...
- الحَرَكَات الْعُمَّالِية بَيْنَ زَحْف النّيولِيِبرَالِية وَض ...
- الْوِلَايَات المُتَّحِدَة - رُوسِيَا وَرِحْلَة العَوْدَةِ إِ ...
- بَانْ كٍي مُونْ .. مِنَ البَحْث عَنِ الَحلّ إِلَى الَّلاحَلّ ...
- هَل تَدْخُل العَلَاَقَات المَغْربِيّة -الأُورُوبِية مُنْعَطف ...
- الرَّبِيعُ اْلعَرَبِيّ.. بَيْنَ أَحْلَامٍ وَرْدِيَّةٍ بِالتّ ...
- هَلْ تَتَخَلَّى الِولَايَاتُ المُتَّحِدَةِ عَنْ حُلَفَاءِهَا ...
- السَّعُودِيّة وإِيرَان.. صِرَاعٌ جِيُوسِيَاسِيّ بِغِلَافٍ مَ ...
- الْعَدَالَةُ وَالتّنْمِيَة وَاخْتِبَارُ صَنَادِيقِ التّقَاعُ ...
- العَلَاَقات التُّرْكِيَّة-الرُّوسِيَّة وَتَأْثِير الصَّدْمَة ...


المزيد.....




- تحويل الرحلات القادمة إلى مطار دبي مؤقتًا بعد تعليق العمليات ...
- مجلة فورين بوليسي تستعرض ثلاث طرق يمكن لإسرائيل من خلالها ال ...
- محققون أمميون يتهمون إسرائيل -بعرقلة- الوصول إلى ضحايا هجوم ...
- الرئيس الإيراني: أقل عمل ضد مصالح إيران سيقابل برد هائل وواس ...
- RT ترصد الدمار في جامعة الأقصى بغزة
- زيلنسكي: أوكرانيا لم تعد تملك صواريخ للدفاع عن محطة أساسية ل ...
- زخاروفا تعليقا على قانون التعبئة الأوكراني: زيلينسكي سيبيد ا ...
- -حزب الله- يشن عمليات بمسيرات انقضاضية وصواريخ مختلفة وأسلحة ...
- تحذير هام من ظاهرة تضرب مصر خلال ساعات وتهدد الصحة
- الدنمارك تعلن أنها ستغلق سفارتها في العراق


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد التاج - عَلْمَانِيَة تُرْكِيا وَ قُيُود مُعَاهَدَة لُوزَان فِي مِيزَانِ التّعْدِيلَاتِ الدُّسْتُورِيّة