أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غازي سلمان - امكنة خلاقة في ترنيمة الفنان فهد الصكر














المزيد.....

امكنة خلاقة في ترنيمة الفنان فهد الصكر


غازي سلمان

الحوار المتمدن-العدد: 5486 - 2017 / 4 / 9 - 21:56
المحور: الادب والفن
    


أمكنة خلاّقة في ترنيمة الفنان "فهد الصكر "

ترتبط بمفهوم المكان الكثير من المصطلحات المقاربة و المرادفة من مثل الحيز والخلاء والحي ، والفضاء ، الأزقة والشوارع، والأشكال العمرانية بتنوعها ، وغيرها . ويكتسب المكان أهميته البالغة في الفنون الإبداعية باعتباره عنصرا مهما من عناصرها ، لِما له من وشائج ارتباط وتأثير بالغين في تشكيل هوية صور المعرفة الإنسانية والوعي الجمعي للأفراد ، فهو من يكسب الفرد هويته ، لأنه يمنحه الشعور بالألفة والمواطنة والانتماء ، مثلما يمنح العملَ الفني خصوصيته الوطنية وأصالته ، .ولان الأمكنة إلاّ مادية ملموسة ، مرئية ، فهي تمكّن الفنان من توظيف تفاصيل موجوداتها في منجزه الإبداعي ، بتجسيده للأفكار والرموز والحقائق والأخيلة والخرافة إضافة الى اغنائها الأوصاف والصور الفنية بغية خلق واقع فني مغاير ، من خلال نقل ماهو بصري الى عالم الفن ، نقلا جماليا ، تأويليا ، مفعما بالمعاني والحقائق والأخيلة ، والخرافة.
ويحدث دائما أن تتعرض معالم الأمكنة للتغيير ،وربما الى الاختفاء من الحاضر ، بفعل تقادم الزمن عليها وإهمال"ساكنيها "، فيتوجس مستوطنها خيفة من المستقبل الذي لن يعيدها اليه بصورها الأصلية التي بدأت تتماضى ، إلا إن صورا من تلك الأمكنة تترسب في ذهنه ، وسيستطيع العودة إليها ، من خلال أحلام يقظته ،ليدرك واقعية تلك الأمكنة و يتشمم رحيق عيشه في كنفها ، وكأن أمكنته الأليفة تلك تعيد تكوين نفسها في طيات ذاكرته، في حلم يقظة جديدة . فهي اذن أمكنة خلاقة.فـبحسب غوستاف باشلار في كتابه جماليات المكان :
( في بعض الاحيان نعتقد اننا نعرف انفسنا من خلال الزمن ، في حين ان كل ما نعرفه هو تتابع تثبيتات في اماكن استقرار الكائن الانساني الذي يرفض الذوبان ، والذي يودّ ، حين يبدأ البحث عن أحداث سابقة ، ان يمسك بحركة الزمن ، ان المكان في مقصورته المغلقة التي لا حصر لها ، يحتوي الزمن مكثفا، هذه هي وظيفة المكان )
وترنيمة الفنان فهد الصكر البغدادية ، بمعرضه الخامس على قاعة ( محمد غني حكمت ،في المركز الثقافي البغدادي ) عنونت كل لوحاته منسلة من ماضي عافيتها ، مجدها ، متماهية مع حاضرها المطعون بالإهمال وقسوة الزمن ، مجسدة في آن الوقت مدينة الحلم التي يسعى اليها من خلال سفر لوحات يتمثل فيها نص حلمه كحكاية او تفسير للحلم نفسه ،موقنا ان ما نراه ونعيشه اليوم إنما حلم ، وان ما لم نره واقعا هو ما خسرنا تحقيقه و "تمت تصفيته "! .
وفي هذا السفر الشاق والشيّق معا , استطاع الفنان ان ينشيء عالما موازيا لأمكنة بغداد التراثية لكنه أبقى على خصوصيتها المعمارية والتفاصيل التزيينية لبيوتاتها ، وان يخلق تباينا واضحا بين ما هو مرئي او ما بقي مرئيا من معالم مدينتنا "بغداد "وما بين التمثل الخيالي الذي أنتجه في تشكيل أعماله " طَرقاً على النحاس ", فالعمل الفني لديه نافذة مشرعة على المكان الواقعي " الأبنية التراثية البغدادية ، بطرزها المعمارية والأبواب والشبابيك ،نطلّ منها بالكيفية التي اوحت به لوحاته ، لان اللوحة بالصورة المشكلة فيها، ليست تعبيرا عن مظهر تجريدي للمكان بمعماريته او للإنسان الذي يأبى مغادرته، بل إنها تجسد الصورة و القيم الإنسانية النبيلة ومعالم الأمكنة التي بدأت تتلاشى او تلاشت ، وكذا آمالنا وأحلام يقظتنا، شوارع المدينة ، مشاهد حاناتها المكتظة و ضجيج ملاهيها وفنادقها ،مكتباتها و أزقتها ، مواخيرها وجوامعها !،أصوات الباعة وروائح الأطعمة الرخيصة ،انه يُنشئ عالما موازيا ، لكنه يبقي على المعايير الهندسية للأمكنة مستثمرا جماليتها التجريدية للتعبير عنها بإضفاء الألوان عليها وبتجسيم الحروف العربية المرنة القابلة للتشكيل والتطويع فيها، ليعيد تشكيلها وفق ما منحه معدن النحاس من بريق وبروزات ابدعتها دربته في التعامل مع هذا المعدن ، لكنه ضمّن كل ذاك في لوحات دون فضاءات فارهات ، دون سماء او درب زقاق يفضي الى منحنى لا ينتهي. من اجل التخلص من مشكلة الفضاء الأخرس والإحساس بالفراغ. وحين نعاين اغلب اللوحات نجد ان الفنان يُحدث خطاً عموديا، لامرئيا، يشطر اللوحة ككل الى شطرين او يقسّم بعض مكوناتها " القباب خصوصا " الى كتلتين متناسبتين في الحجم ومتطابقتين في إسقاطات الضوء ايضا بحكم تقنية معدن النحاس المستخدم في العمل ، وفي ذات الوقت نجد ان اللوحات تمثلت أمكنة المدينة التراثية متخلصة من الأطر التقليدية في تجسيدها او كما اعتدنا ان نراها ،فالقباب مثلا، تداخلت مع البيوت لتنصهران في تشكيل هندسي جديد مغاير ، اخاذ .
ان اعمال الفنان فهد الصكر ، بإبعادها وألوانها ، تقبض على الفكرة علانية ، وباسلوب فني يشي عن نزفِ أحزان وآلام ،لانها ما انفكت توازي واقع يتماضى، صورا حلمية.
--

غازي سلمان – بغداد
[email protected]
مكتب بريد 14 تموز
ص.ب 18157
------
iraq- baghdad
14Tamoze poste office
p.p / 18157o.com



#غازي_سلمان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ( ما لم تمسسه النار ) للكاتب عبدالخالق الركابي : استعادة الح ...
- نبوءة عشتار
- -شباط عام 1944 - ميلاد نبي المسرح
- الحقيقة في رمزية المخيف
- واقعية الخيال
- 14 تموز 1958 في العراق والاختلاف فيها
- فرانكشتاين - الشسمه -ومتاهة إنتاج القتل
- ما يتبقى من الحرب ، الحكاية والموقف منها
- الفنان فهد الصكر يعيد بناء ذاكرة الامكنة
- صورٌ لوجهٍ واحد
- الذي رحل قبل الموت
- (................)
- ما تبقى لأمرأة
- معرض فني مشترك .. ومشتركات
- طرق الصمت / قصيدة
- الديكتاتورية ..التطابق والتغيير : قراءة في رواية
- قراءة في رواية الحب في زمن الكوليرا
- واقعية النموذج .. قراءة في رواية السمان والخريف لنجيب محفوظ
- في حضرة الفن البدائي
- الشعوب العربية وتحقيق الذات المستقلة


المزيد.....




- الذكاء الاصطناعي بين وهم الإبداع ومحاكاة الأدب.. قراءة في أط ...
- مخيم -حارة المغاربة- بطنجة يجمع أطفالا من القدس والمغرب
- بصمة الأدب العربيّ: الدّكتورة سناء الشّعلان (بنت النعيمة)
- باب كيسان.. البوابة التي حملت الأزمنة على أكتافها
- -بدونك أشعر أني أعمى حقا-.. كيف تناولت سرديات النثر العربي ا ...
- نذير علي عبد أحمد يناقش رسالته عن أزمة الفرد والمجتمع في روا ...
- المؤرخة جيل كاستنر: تاريخ التخريب ممتد وقد دمّر حضارات دون ش ...
- سعود القحطاني: الشاعر الذي فارق الحياة على قمة جبل
- رحلة سياحية في بنسلفانيا للتعرف على ثقافة مجتمع -الأميش- الف ...
- من الأرقام إلى الحكايات الإنسانية.. رواية -لا بريد إلى غزة- ...


المزيد.....

- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غازي سلمان - امكنة خلاقة في ترنيمة الفنان فهد الصكر