أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله النائلي - قصيدة ورقة من خريف العمر














المزيد.....

قصيدة ورقة من خريف العمر


عبدالله النائلي

الحوار المتمدن-العدد: 5485 - 2017 / 4 / 8 - 11:40
المحور: الادب والفن
    


ورقة من خريف العمر

لمَ لمْ تجئني حين كنتُ صغيرةً
أمشي بثوبٍ حالمٍ لا الرّيحُ تُقلقه ولا نظرُ الرِّجالِ
وضفيرتي تغفو على كتفي الرَّقيقِ كخيمةٍ بدويَّةٍ
عصبيَّةُ الصَّحراءِ تحرسها و ذاكرةُ الرِّمالِ
لا كفَّ مرَّ بها سوى كفٍّ لأمّي
كان يزرعُ تحت كلِّ شُعيرةٍ معنى,
و يروي قصَّتينِ لها , ويُفهِمُها قوانينَ القتالِ
قد كنتُ أجملَ طفلةٍ, قد كنتُ أخرجُ نجمةً
وحقيبتي اليدويَّةُ الزَّرقاءُ لا مكياجَ فيها
كان وجهي ناصعاً بجمالهِ
ما كنتُ أعرفُ كيفَ تحتالُ الوجوهُ على الجَمالِ
قد كان وجهي حين يُشرِقُ يستعيدُ الفجرُ سُحنتَه وينكسرُ المساءْ
وأرى مصابيحَ الشوارعِ كلَّها تسعى إليَّ
تريدُ أن تُهدي الضِّياء إلى الضياءْ
قد كنتُ أخرجُ والحقيبةُ في يدي
كعصا تشقُّ البحرَ في جسدِ المدينةْ
قد كنتُ أعبثُ بالحياةِ أجرُّها من شعرها
فتطيعني خوفاً , كأنَّي من بناتِ الأنبياءْ

أحطِّمُ النُّصُبَ القديمةَ, أُحرِقُ السُّنَنَ الدفينةْ
وأُعيدُ تشكيلَ الأمورِ كما أشاءُ
كما يشاءُ مزاجيَ الورديُّ
إذ لا سلطةٌ في الأرضِ إلاَّ سلطةُ الربِّ الجميلِ
فلم تكنْ عاداتنا منفى ولا أحكامنا سجناً ولا الأنثى سجينةْ
لمَ لمْ تجئني حين كنتُ صغيرةً
لا الهاتفُ الجوَّالُ يمضغني ولا التلفازُ
والساعاتُ كانتْ لا تُطالعني مهدِّدةً بذبحي فوق مَقصلةِ المللْ
واللَّيلُ في -عهدِ الطفولة- كان ذبَّاحاً شريفاً
لم يكنْ يحتزُّ أعناقَ النَّساءِ على مهلْ
لمَ لمْ تجئني حينُ كنتُ صغيرةً
إذ لم يجفَّ القمحُ في قلبي
ولم تذبلْ أزاهيرُ الرَّجاءِ
ولم يمُتْ شجرُ المنى
حرّيتي وأنوثتي وملامحي ومفاتني ملكي أنا
وأنا -بأيّام الطفولةِ- لم أكن إلّا أنا
لا زوجَ يقتسمُ الفراشَ معي ويغتصبُ السَّنابلَ في رُبى جسدي
وينهشني كجنديٍّ يلمِّعُ بندقيَّتَهُ بأوصالِ القتيلةْ
حتى إذا انتصرتْ بداوتُه ارتدى وجهاً حضاريَّاً
وقام بنبرةِ الوُعّاظ يشرحُ لي مفاهيمَ الخطيئةِ والفضيلةْ

لمَ لمْ تجئني حين كنتُ صغيرةً
لم يسرقِ التجّارُ لوني, لم يضيِّعْ أهليَ الأدنونَ كنزي,
لم يذب وجهي الجميلُ على السَّريرِ
لمَ لمْ تجئني حين كنتُ صغيرةً
لا أحسبُ الأيّامَ باللَّعناتِ, لا أستنطقُ القدرَ الصّموتَ,
ولا أفكِّرُ بالمصيرِ
لم جئتَني من بعدما انطفأتْ شموعُ العمرِ إلَّا شمعةُ
هل سوفَ تُنقذُ من رياحِ الوقتِ شمعتيَ الأخيرةْ
هل سوفَ تُرجعني إلى عهدي المقدَّسِ,
هل ستنقذُ بالهوى تاجي المحطَّمَ,
هل ستنبعثُ الأميرةُ بعد نكستها أميرةْ
يا سيّدي ما زلتُ مؤمنةً ببعثِ الأنبياء لنا
ومؤمنةً بصنعِ المعجزاتِ
فربما أسترجِعُ الثوبَ القديمَ
وربما أجدُ الضفيرةْ


عبدالله النائلي
12/آذار/2017



#عبدالله_النائلي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة الى بغداد
- قصيدة على اعتاب الوطن
- قصيدة عمودية على لسان فتاة تخاطب اباها المتوفي
- هبة السماء
- همسات
- قصيدة النداء الاخير


المزيد.....




- مقتل الفنان المصري سعيد مختار في مشاجرة
- الفرنسي فارس زيام يحقق فوزه السادس في بطولة الفنون القتالية ...
- الفيلم التونسي -سماء بلا أرض- يحصد النجمة الذهبية بالمهرجان ...
- الممثل بورتش كومبتلي أوغلو قلق على حياته بسبب -بوران- في -ال ...
- -أزرق المايا-: لغز الصبغة التي أُعيد ابتكارها بعد قرنين من ض ...
- وزير الثقافة الباكستاني يشيد بالحضارة الإيرانية
- تحقيق يكشف: مليارديرات يسعون لتشكيل الرواية الأمريكية لصالح ...
- زيارة الألف مؤثر.. بين تسويق الرواية والهروب من الحقيقة
- إبادة بلا ضجيج.. اغتيال الأدباء والمفكرين في غزة
- -سماء بلا أرض- للتونسية اريج السحيري يتوج بالنجمة الذهبية لم ...


المزيد.....

- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله النائلي - قصيدة ورقة من خريف العمر