أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - 68 المرأة في القرآن 1/8















المزيد.....

68 المرأة في القرآن 1/8


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 5484 - 2017 / 4 / 7 - 23:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


68 المرأة في القرآن 1/8
ضياء الشكرجي
[email protected]o
www.nasmaa.org

هذه هي الحلقة الثامنة والستون من مختارات من مقالات كتبي في نقد الدين، حيث نكون مع المقالات المختارة من الكتاب الثالث «مع القرآن في حوارات متسائلة»، حيث تكون ابتداءً من هذه ثمان حلقات تتناول حقيقة موقف القرآن من المرأة.

المرأة في القرآن
قد قيل الكثير عن موقف الإسلام من المرأة، وانبرى المدافعون عن الإسلام يحاولون إظهاره رافعا لشأن المرأة، مكرّما إياها، ومساويا لها بالرجل، كإنسانة عموما، وكمسلمة أو مؤمنة ومكلَّفة على وجه الخصوص، سواء في الدنيا، أو في الآخرة. بينما ذهب آخرون إلى أن التمييز دنيوي محض، من حيث تنوع الأدوار. وراح فريق ثالث من السلفيين المتزمتين يبالغون في الحطّ من قيمة المرأة، كونها عورة، وكونها ناقصة عقل، وناقصة حظ، وناقصة دين، وكونها فتنة، وكونها شرا لا بد منه. وفي دفاعي عن الإسلام أيام كنت داعية إسلاميا، وكنت حائرا أمام كل الحيف الواقع على المرأة عبر تشريعات الإسلام، وكيف أوفق بين هذا الواقع، وحقيقة العدل الإلهي، فاعتبرت، كمحاولة تخريج من هذا المأزق، أن التفضيل الدنيوي للرجل إنما هو امتحان لكل من الرجل والمرأة؛ امتحان للرجل، كم سيتعسّف مستغلا ما منحه الشرع من صلاحيات وامتيازات استغلالا سيئا من جهة، وامتحان للمرأة من جهة في صبرها على تعسف الرجل فيها، وطاعتها له تسليما لأمر الله، فتُثاب أخرويا على صبرها، ويُحاسب هو على سوء استغلاله لما منحه الشرع من أفضلية في الدور، لا في القيمة، بل ولعله يُعاقب على ظلمه، إذا ما مارس الظلم تجاهها، وفي فترة لاحقة رأيت إن هذا التخريج يعبر عن تبرير لا يخلو من سذاجة. وهناك من ادعى أن الإسلام يقول بالمساواة تماما كالمساواة التي تؤمن به الحداثة، وهذا ما ذهبت إليه في فترة، بناءً على إيماني بالمساواة من جهة، واعتقادي أن الإسلام دين الله من جهة ثانية، وثقتي المطلقة من جهة ثالثة بعدل الله، الذي لا يتحقق إلا بمساواته بين المرأة والرجل. وآخرون - وكنت أيضا من هذا الفريق - آمنوا حقا بحكم عقلانيتهم ونزعتهم الإنسانية بالمساواة من حيث المبدأ، لكنهم حلّوا ما اصطدموا به من أحكام شرعية ونصوص تنقض مبدأ المساواة، بالتفريق بين جوهر الإسلام الذي يفرض المساواة، وشكله التشريعي المتغير بتغير الزمان والمكان الذي يقضي بالتمايز كحالة طارئة وموقتة، لحين زوال مبرراتها، فقالوا - وقلت فيمن قالوا - بعدم ثبات الأحكام الشرعية، لاسيما تلك ذات البعد الاجتماعي والسياسي، بل بتحولها حسب ظرفيها الزماني والمكاني، مما يعطي فرصة بإلغاء التمايز تدريجيا، حتى بلوغ مرتبة المساواة. كما كنت أحتمل إن الحيف الواقع على المرأة عبر التشريعات غير العادلة هو من فقه الفقهاء، ولا يمثل تشريع الإسلام، لكني كنت أتساءل، لماذا اندثر إذن تشريع المساواة، ولم يبق له أثر؟
ولست هنا بصدد تناول أحكام الفقه الإسلامي، التي يتضح فيها التمييز بين الرجل والمرأة، بتفضيله عليها في العديد من مناحي الحياة الخاصة والعامة، بل أريد في هذا البحث الاقتصار على ما تناول القرآن فيه المرأة، لأؤشر على المواطن التي ساوى بينها والرجل، وتلك التي ميّز بينهما، ففضّله عليها. فهناك إذن نوعان لا ثالث لهما من النصوص القرآنية، النصوص المساوية بينهما، والنصوص المفضِّلة له عليها، وليس من مجموعة ثالثة من نصوص تفضّل المرأة على الرجل، ومع هذا حاولت أن أجد هكذا نصوص.

نصوص مساواة المرأة بالرجل
ابتداءً لا بد لي من أن أعترف أني وجدت من النصوص القرآنية التي تدل على المساواة بين المرأة والرجل، أكثر مما كنت أتوقع، رغم ثقافتي القرآنية. لكننا سنكون أمام معضلة في حل الإشكال، عندما نواجه تلك الآيات التي تتعارض مع المساواة، وقد وزعتها إلى نصوص (تفضيل الرجل على المرأة)، ونصوص (تبعية المرأة للرجل)، ونصوص (مخاطبة المرأة من خلال الرجل)، ونصوص (تخصيص الرجال بنعيم الجنة والحور العين)، والنصوص الدالة على كون (الرجال هم المعنيون بمصطلحات «الناس»، و«القوم»، و«المرء»، و«الذين آمنوا»)، ونصوص (استنكار، وربما استنكاف نسبة الإناث إلى الله)، ولم أهمل نصوص (تفضيل المرأة على الرجل). وستكون لي تعليقات على نصوص، وأترك أخرى تفسر نفسها بنفسها. والآن مع النصوص التي تؤسس للمساواة بين المرأة والرجل، وقدمتها على كل ما ذكرت، محاولة مني للتحلي بالحيادية، سائلا الله أن أوفق لذلك، فهو يحب الموضوعيين، ويحب المنصفين.
«وَقُلنا يا آدَمُ اسكُن أَنتَ وَزَوجُكَ الجنَّةَ وَكُلا مِنها رَغَدًا حَيثُ شِئتُما وَلا تَقرَبا هذه الشَّجَرَةَ فَتَكونا مِنَ الظّالِمينَ. فَأَزَلَّهُمَا الشَّيطانُ عَنها، فَأَخرَجَهُما مِمّا كانا فيهِ، وَقُلنَا اهبِطوا بَعضُكُم لِبَعضٍ عَدُوٌّ وَّلَكُم فِي الأَرضِ مُستَقَرٌّ وَّمَتاعٌ إِلى حينٍ.» (2 البقرة 35 - 36)
فكلاهما هنا (آدم وحواء معنيان بإسكان الله إياهما الجنة، والأكل منها رغدا أينما شاءا، وكلاهما منهيان عن الشجرة، وكلاهما معنيان بإزلال الشيطان لهما والتسبيب في إخراجهما من الجنة. أما كون الخطاب موجها إلى آدم، فسأشير إليه في المجموعات الأخرى من النصوص. ففي قول: «فَأَزَلَّهُمَا الشَّيطانُ عَنها فَأَخرَجَهُما مِمّا كانا فيهِ، وَقُلنَا اهبِطوا بَعضُكُم لِبَعضٍ عَدُوٌّ وَّلَكُم فِي الأَرضِ مُستَقَرٌّ وَّمَتاعٌ إِلى حينٍ.»، نجد هنا لا يفرق النص بين آدم وحواء. وإنصافا يتميز القرآن عما في الكتب (المقدسة) السابقة له، أنه لا ينسب الخطيئة الأولى إلى حواء، بل إليهما على حد سواء.
«يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ القِصاصُ فِي القَتلَى الحرُّ بِالحرِّ وَالعَبدُ بِالعَبدِ وَالأُنثى بِالأُنثى.» (2 البقرة 178)
هذه الآية من المتشابِهات، أي أنها صيغت بإبهام، وجُعِل فهمها متعدد الأوجه. فهي من النصوص التي تؤدي معنى المساواة، إذا كان المقصود بـ«الحرُّ بِالحرِّ، وَالعَبدُ بِالعَبدِ، وَالأُنثى بِالأُنثى»، هو القاتل المطلوب الاقتصاص منه على جريمة القتل بقتله، بحيث لو كان القاتل عبدا، وكان قد قتل حرا، فالقاتل العبد هو الذي يُقتَل، ولا يُقتَل حر مكانه، بحجة أن قيمة الحر عند العرب تفوق قيمة العبد، وكذلك إذا كانت القاتلة امرأة، وكانت قد قتلت رجلا، فالقاتلة المرأة هي التي تُقتَل، ولا يُقتَل رجل مكانها، بحجة أن قيمة الرجل عند العرب تفوق قيمة المرأة، وهذا ما تؤيده القاعدة القرآنية والعقلية أن «لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِّزرَ أُخرى». ولكن أكثر المفسرين الفقهاء فهموا من الآية أن الرجل القتيل يُقتل قاتله، رجلا كان أو امرأة، بينما المرأة القتيلة تُقتل بها قاتلتها إن كانت امرأة، ولا يُقتل بها قاتلها، إن كان رجلا، وهكذا هو الأمر مع الحر والعبد. على أي حال يبقى النص كنص مبهما، وقابلا للتأويل إلى ما يلتزم بمبدأ المساواة، أو إلى ما يكرس مبدأ التمييز بسبب الجنس (ذكر/،أنثى)، وبسبب الطبقة (حرّ/عبد)، ولكل من المعنيين ما يؤيده في نصوص قرآنية أخرى، فالمساواة تؤكده نصوص المساواة، التي ينبغي أن تمثل جوهر الدين والمبدأ الأساس، الذي لا يجوز من حيث المبدأ أن ينقض باستثناء إلا بدليل قاطع، كما إن التمييز والتفاضل مؤيد بكثير من الأحكام، ومنها الإرث، ودية القتل الخطأ، والشهادة، وغيرها.
«... وَلَهُنَّ مِثلُ الَّذي عَلَيهِنَّ بِالمَعروفِ ...» (2 البقرة 228)
هذه البداية من الآية تدل على المساواة، وهذا النص يمثل واحدا مما كنت أعتبره فيمن يعتبره يمثل جوهر الدين الثابت، وكل ما يتعارض معه يمثل شكلا طارئا متحولا، يخضع لحاكمية الثابت، وهو تخريج غير متين، يُضطر إليه من يعيش بين يقينين متعارضين، بين يقين وجود النصوص المتعارضة مع ضرورات العقل من جهة، ويقين استحالة صدور شيء عن الله يتعارض مع ضرورات العقل من جهة أخرى. قلت هذه البداية تدل على المساواة، ولكن ما سيليها من نفس الآية سينقض مبدأ المساواة هذا، كما سنرى لاحقا.
«فَاستَجابَ لَهُم رَبُّهُم أَنّي لاَ أُضيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَو أُنثى، بَعضُكُم مِّن بَعضٍ، فَالَّذينَ هاجَروا وَأُخرِجوا مِن ديارِهِم وَأوذوا في سَبيلي وَقاتَلوا وَقُتِلوا لأُكَفِّرَنَّ عَنهُم سَيِّئاتِهِم وَلأُدخِلَنَّهُم جَنّاتٍ تَجري مِن تَحتِهَا الأَنهارُ ثَوابًا مِّن عِندِ اللهِ، وَاللهُ عِندَهُ حُسنُ الثَّوابِ.» (3 آل عمران 195)
المساواة هنا واضحة فيما يتعلق الأمر بالمصير الأخروي، بقطع النظر عما إذا كانت المساواة متحققة أو غير متحققة في الأحكام الشرعية الدنيوية للدين الإسلامي.
«يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِّن نَّفسٍ وّاحِدَةٍ، وَّخَلَقَ مِنها زَوجَها، وَبَثَّ مِنهُما رِجالاً كَثيرًا وَّنِساءً، وَاتَّقُو اللهَ الَّذي [تَـ]تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ؛ إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا.» (4 النساء 1)
هنا تطرح المساواة من حيث الخلق، فقد خلق الله الرجال والنساء من نفس واحدة، ولكن الأرجح أن المعني بالنفس هو الإنسان الأول، والذي هو الإنسان الذكر متجسدا بـ(آدم) حسب اليهودية والمسيحية والإسلام، لاسيما إن مصطلح «الزوج» قرآنيا يعني بمعظم الاستعمالات القرآنية (الزوجة)، بينما فيما نصطلح عليه بالزوج على الرجل، فهو الغالب بلغة القرآن «البعل»، وسيأتي تفصيل ذلك. لكن لنترك الاحتمالين قائمين في قرآن حمال أوجه وفيه متشابهات متعددة المعاني.
«لِلرِّجالِ نَصيِبٌ مِّمّا تَرَكَ الوالِدانِ وَالأَقرَبونَ، وَلِلنِّساءِ نَصيبٌ مِّمّا تَرَكَ الوالِدانِ وَالأَقرَبونَ، مِمّا قَلَّ مِنهُ أَو كَثُرَ، نَصيبًا مَّفروضًا.» (4 النساء 7)
هنا نجد المساواة في كون لكل من الرجال والنساء نصيب من الإرث، ولكننا عندما نذهب إلى تفاصيل الإرث، سنجد إن حصة الأنثى دائما هي نصف حصة الذكر.
«وَلا تَتَمَنَّوا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعضَكُم على بَعضٍ، لِّلرِّجالِ نَصيبٌ مِّمّا اكتَسَبوا وَلِلنِّساءِ نَصيبٌ مِّمّا اكتَسَبنَ، وَاسأَلُوا اللهَ مِن فَضلِهِ؛ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمًا.» (4 النساء 32)
وهذا نص مشابه.
«وَما لَكُم لا تُقاتِلونَ في سَبيلِ اللهِ وَالمُستَضعَفينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالوِلدانِ الَّذينَ يَقولونَ رَبَّنا أَخرِجنا مِن هذه القَريَةِ الظّالِمِ أَهلُها، وَاجعَل لَّنا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَّاجعَل لَّنا مِن لَّدُنكَ نَصيرًا.» (4 النساء 75)
هنا تتجسد المساواة فيمن يجب الدفاع عنهم وإنقاذهم من الاضطهاد والقمع، فهي دعوة للجهاد دفاعا عن المستضعفين من الرجال والنساء والصغار.
«وَمَن يَّعمَل مِنَ الصّالحاتَ مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَأُولـاـئِكَ يَدخُلونَ الجنَّةَ وَلاَ يُظلَمونَ نَقيرًا.» (4 النساء 124)
وكذلك المساواة هنا في الجزاء الأخروي مرة أخرى، فالذكور والإناث يثابون على حد سواء، في حال أنهم عملوا الصالحات وكانوا من المؤمنين. ولكننا سنجد في نصوص أخرى امتيازا أخرويا واضحا للرجال على النساء.
«وَالسّارِقُ وَالسّارِقَةُ فَاقطَعوا أَيدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالًا مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَزيزٌ حَكيمٌ.» (5 المائدة 38)
وهذه مساواة في العقوبة على السرقة، بينما لن نجد مثل هذه المساواة في العقوبة على جريمة القتل، أو إن النص المعني يحتمل على أقل تقدير هناك التمايز لصالح الرجل، ويحتمل بتأويل آخر المساواة، والفهم الأول هو الأرجح والأشهر، كما سنرى في محله.
«وَيا آدَمُ اسكُن أَنتَ وَزَوجُكَ الجنَّةَ فَكُلا مِن حَيثُ شِئتُما وَلا تَقرَبا هذه الشَّجَرَةَ فَتَكونا مِنَ الظّالِمينَ. فَوَسوَسَ لَهُمَا الشَّيطانُ لِيُبدِيَ لَهُما ما وورِيَ عَنهُما مِن سَوءاتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَن هذه الشَّجَرَةِ إِلّا أَن تَكونا مَلَكَينِ أَو تَكونا مِنَ الخالِدينَ. وَقاسَمَهُما إِنّي لَكُما لَمِنَ النّاصِحينَ، فَدَلاَّهُما بِغُرورٍ، فَلَمّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَت لَهُما سَوءاتُهُما، وَطَفِقا يَخصِفانِ عَلَيهِما مِن وَّرَقِ الجنَّةِ، وَناداهُما رَبُّهُما أَلَم أَنهَكُما عَن تِلكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُما إِنَّ الشَّيطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُّبينٌ. قالا رَبَّنا ظَلَمنا أَنفُسَنا، وَإِن لَّم تَغفِر لَنا وَتَرحَمنا لَنَكونَنَّ مِنَ الخاسِرينَ. قالَ اهبِطوا بَعضُكُم لِبَعضٍ عَدُوٌّ وَّلَكُم فِي الأَرضِ مُستَقَرٌّ وَّمَتاعٌ إِلى حينٍ. قالَ فيها تَحيَونَ وَفيها تَموتونَ وَمِنها تُخرَجونَ. يا بَني آدَمَ لاَ يَفتِنَنَّكُمُ الشَّيطانُ كَما أَخرَجَ أَبَوَيكُم مِّنَ الجنَّةِ يَنزِعُ عَنهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوءاتِهِما، إِنَّهُ يَراكُم هُوَ وَقَبيلُهُ مِن حَيثُ لاَ تَرَونَهُم، إِنّا جَعَلنَا الشَّياطينَ أَولِياءَ لِلَّذينَ لا يُؤمِنونَ.» (7 الأعراف 19 - 27)
هنا يجري الكلام عن آدم وحواء على نحو المساواة التي تكاد تكون تامة، إلا في مفردتين، كون إن بداية الخطاب متوجهة إلى آدم، بينما تخاطب حواء من خلاله وليس بشكل مباشر، ولكن تجري المخاطبة في كل ما بعد هذه البداية للاثنين على حد سواء، يُنصَحان على حد سواء، ويُؤمَران ويُنهَيان على حد سواء، ويُحذَّران من إبليس على حد سواء، ويُعاتَبان ويُعاقَبان على حد سواء، ثم تأتي مفردة ثانية يتميز بها آدم على حواء، بقول «يا بَني آدَمَ»، وإذا قيل إن العرف السائد هو نسبة الآباء إلى آبائهم، نقول إن القرآن قد ألغى الكثير من الأعراف، ولذا لو كان حريصا على تثبيت مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة لكان بالإمكان القول «يا بَني آدَمَ وَحَوّاءَ»، وربما يكررها في مكان آخر بقول «يا بَني حَوّاءَ وَآدَمَ»، وفي موقع ثالث «يا بَناتِ وَأَبناءَ حَوّاءَ وَآدَمَ»، أو «يا أَبناءَ وَبَناتِ آدَمَ وَحَوّاءَ»، بدلا من الاقتصار على مصطلح «بَني آدَم». ثم إن اسم حواء لم يرد أصلا في القرآن أبدا، بل الكلام يجري دائما عن «آدم وزوجه».
«المُنافِقونَ والمُنافِقاتُ بَعضُهُم مِّن بَعضٍ يَّأمُرونَ بِالمُنكَرِ وَيَنهَونَ عَنِ المَعروفِ وَيَقبِضونَ أَيدِيَهُم، نَسُوا اللهَ فَنَسيهُم؛ إِنَّ المُنافِقينَ هُمُ الفاسِقونَ. وَعَدَ اللهُ المُنافِقينَ وَالمُنافِقاتِ وَالكُفّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدينَ فيها، هِيَ حَسبُهُم وَلَعَنَهُمُ اللهُ وَلَهُم عَذابٌ مُّقيمٌ.» (9 التوبة 67 - 68)
وهنا يرد ذكر متكافئ للذكور والإناث بصفاتهم السلبية كـ«منافقين» و«منافقات».
«وَالمُؤمِنونَ وَالمُؤمِناتُ بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ يَّأمُرونَ بِالمَعروفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقيمونَ الصَّلاَةَ وَيُؤتونَ الزَّكاةَ وَيُطيعونَ اللهَ وَرَسولَهُ، أُولـاـئِكَ سَيَرحَمُهُمُ اللهُ، إِنَّ اللهَ عَزيزٌ حَكيمٌ. وَعَدَ اللهُ المُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ جَنّاتٍ تَجري مِن تَحتِهَا الأَنهارُ خالِدينَ فيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً في جَنّاتِ عَدنٍ وَرِضوانٌ مِّنَ اللهِ أَكبَرُ، ذالِكَ هُوَ الفَوزُ العَظيمُ.» (9 التوبة 71 - 72)
وهنا يرد ذكر متكافئ مرة أخرى للذكور والإناث بصفاتهم الإيجابية هذه المرة كـ«مؤمنين» و«مؤمنات».

وإلى الحلقة القادمة وما بعدها حتى الثامنة.



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 67 القتال في القرآن 6/6
- 66 القتال في القرآن 5/6
- 65 القتال في القرآن 4/6
- 64 القتال في القرآن 3/6
- 63 القتال في القرآن 2/6
- 62 القتال في القرآن 1/6
- 61 «الذين آمنوا» و«الذين كفروا» في القرآن 5/5
- 60 «الذين آمنوا» و«الذين كفروا» في القرآن 4/5
- 59 «الذين آمنوا» و«الذين كفروا» في القرآن 3/5
- 58 «الذين آمنوا» و«الذين كفروا» في القرآن 2/5
- 57 «الذين آمنوا» و«الذين كفروا» في القرآن 1/5
- 56 كأني بالقرآن يتحدث عني وانتصار الفنان على الراهب
- 55 تنقيح سورة الفاتحة دليل على بشريتها
- 54 المحكم والمتشابه كدليل على بشرية القرآن
- 53 قراءات أخرى لنصوص القرآن
- 52 آدم وحواء وتحدي القرآن
- 51 الدين والخمر والطاغوت وماركس
- 50 مقدمة «مع القرآن في حوارات متسائلة»
- 49 صفحات الختام من كتاب «لاهوت التنزيه»
- 48 تعليقات مسلم معتدل وحواراتي معه 5/5


المزيد.....




- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - 68 المرأة في القرآن 1/8