أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - 60 «الذين آمنوا» و«الذين كفروا» في القرآن 4/5















المزيد.....

60 «الذين آمنوا» و«الذين كفروا» في القرآن 4/5


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 5471 - 2017 / 3 / 25 - 02:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


60 «الذين آمنوا» و«الذين كفروا» في القرآن 4/5
ضياء الشكرجي
[email protected]o
www.nasmaa.org

هذه هي الحلقة الستون من مختارات من مقالات كتبي في نقد الدين، حيث نكون مع المقالات المختارة من الكتاب الثالث «مع القرآن في حوارات متسائلة»، وسنكون في خمس حلقات، هذه ما قبل الأخيرة منها، حول مصطلحي «الذين آمنوا» و«الذين كفروا» في القرآن.

من النصوص التي تنم عن مرونة وليبرالية يزاولها الإسلام، هو النص القرآني «فَمَن شاءَ فَليُؤمِن، وَمَن شاءَ فَليَكفُر» في سورة الكهف 29. ولكن هذا النص يذكر دائما مستقطعا من سياقاته، ويفترض أن يذكر النص كاملا، لتتضح الصورة الحقيقية لمأزومية الإسلام تجاه غير المصدقين به، فالنص كاملا هو:
«وَقُلِ الحقُّ مِن رَّبِّكُم، فَمَن شاءَ فَليُؤمِن، وَمَن شاءَ فَليَكفُر؛ إِنّا أَعتَدنا لِلظّالِمينَ ناراً أَحاطَ بِهِم سُرادِقُها، وَإِن يَّستَغيثوا يُغاثوا بِماءٍ كالمُهلِ يَشوِي الوُجوهَ، بِئسَ الشَّرابُ، وَساءَت مُرتَفَقاً».
هنا يمثل هذا النص واحدا من نصوص إقرار الحرية الدينية دنيويا، وإن كانت هناك نصوص إما تضيّق من هذه الحرية، أو تلغيها كليا، مما أبقى الباب مفتوحا أمام شتى الاجتهادات، بحسب المناهج المختلفة في التفسير، وحسب المذاهب والمدارس والتوجهات الفقهية. ولكن حتى لو سلّمنا بالتعويل على هذا النص، واكتشفنا أن الإسلام يترك للإنسان حرية أن يؤمن أو أن يكفر، فيكفي عدّ الاعتقاد بالإسلام (إيمانا)، وعدم الاعتقاد به (كفرا)، وخاصة بعدما نعلم إن مصطلحي (الإيمان) و(الكفر) ليسا مجرد توصيفين موضوعيين خاليين من أي قيمة عليى أو سفلى، كما نقول عن شيئين أن أحدهما كبير والآخر صغير، أو أحدهما أحمر والآخر أخضر، أو غير ذلك من التوصيفات الخالية من بعد قيمي، بل إنهما مصطلحان، لكل منهما بُعد قيمي على النقيض من الثاني، فأحدهما (الإيمان) ممدوح ومحبوب، ليس فقط حسب معايير القرآن، والآخر (الكفر) مذموم ومكروه. نعم هذا الأخير أي الكفر مشحون بكل معاني الإدانة والرفض والكراهة والعداوة، فهو يمثل الخطأ، والضلال، والانحراف، والسوء، والخبث، والشر، هذا في الدنيا، أما في الآخرة فيمثل الخزي والعذاب، كما ويمثل مقت الله، وإعراضه، وعقابه الأبدي، ولعنته، وما اللعنة إلا سلب الرحمة كليا، إضافة إلى كونه لونا من ألوان الشتم والقذف (المقدسين). ثم لنسلم افتراضا أن الإيمان والكفر لا يختزنان بعدا قيميا، بل هما توصيفان، كما نقول: هذا سياسي، وذاك فنان، أو أي شيء من هذا القبيل، ففي الوقت الذي تترك للإنسان حرية أن يكون سياسيا أو فنانا، وبالتالي مؤمنا أو كافرا، نجد سرعان ما يُكال لصاحب الخيار الثاني شتى الشتائم، فبعد أن تقرر الآية: «فَمَن شاءَ فَليُؤمِن، وَمَن شاءَ فَليَكفُر»، سرعان ما يتدارك النص فيلحق العبارة آنفا بقول «إِنّا أَعتَدنا لِلظّالِمينَ ناراً أَحاطَ بِهِم سُرادِقُها، وَإِن يَّستَغيثوا يُغاثوا بِماءٍ كالمُهلِ يَشوِي الوُجوهَ، بِئسَ الشَّرابُ، وَساءَت مُرتَفَقاً»، كما قدم لـ«مَن شاءَ فَليُؤمِن، وَمَن شاءَ فَليَكفُر» بقول «وَقُلِ الحقُّ مِن رَّبِّكُم»، والحق كما يثبت القرآن هو الإسلام، وغيره الباطل. لكن يمكن أن أرد على قولي هذا بأن الوعيد هنا متوجه للظالمين، فهناك كافر ظالم يستحق العذاب، كما هناك مؤمن ظالم يستحق نفس العذاب، بينما يكون العادل، أو غير الظالم، كذلك، سواء آمن أو كفر في مأمن من العذاب. يبقى الأمر متعدد الفهم والتأويل في قرآن حمّال أوجه لا عدّ لها.
من النصوص التي يستشهد بها على الموقف الإيجابي للإسلام من أهل الكتاب ما جاء في سورة العنكبوت 46:
«وَلا تُجادِلوا أَهلَ الكِتابِ إِلّا بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ، إِلَّا الَّذينَ ظَلَموا مِنهُم، وَقولوا آمَنّا بِالَّذي أُنزِلَ إِلَينا وَأُنزِلَ إِلَيكُم، وَإِلاهُنا وَإِلـاـهُكُم واحِدٌ، وَّنَحنُ لَهُ مُسلِمونَ».
ولو اجتزئ هذا النص، دون النظر إلى كل ما ورد من نصوص أخرى، يمكن القول أنه يمثل نصا لا يخلو من إيجابية، وانفتاح، وبحث عن المشتركات، وخطاب يسعى للتقريب بين المسلمين وأتباع الديانات الكتابية، فالنص يحث على استخدام أجمل الأساليب في الحوار معهم، بل وينهى عن استخدام غير هذا الأسلوب المحبب بقول «وَلا تُجادِلوا أَهلَ الكِتابِ إِلّا بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ». ولكنه لا يعمم استخدام هذا الأسلوب في الحوار على كل أهل الكتاب، فيستثني الظَّلَمة منهم بقول: «إِلاَّ الَّذينَ ظَلَموا مِنهُم»، وحسنا فعل القرآن هنا في هذا النص، إذ كان الاستثناء لـ«الَّذينَ ظَلَموا»، ولم يقل كما في معظم النصوص «الَّذينَ كَفَروا». ولكن يبدو أن المؤلف كان هنا في حالة نفسية من الارتياح والاسترخاء وعدم التوتر، فلامس مشاعر المؤمنين من غير المسلمين في أكثر القضايا حساسية، وأشدها تجسيدا للمشتركات، ألا هو الارتباط بالله، الذي هو نفس الإله عند الجميع، فقال: «وَإِلـاـهُنا وَإِلـاـهُكُم واحِدٌ»، ثم أتبعها بعبارة: «وَنَحنُ لَهُ مُسلِمونَ»، مبينا موقف المسلمين (بالمعنى الأخص) من هذا الإله الواحد المشترك، بأنهم «لَهُ مُسلِمونَ»، دون أن يعني نفي هذه الصفة عن المخاطَبين، ولكن لو كان المؤلف إلها كاملا في حكمته، وخاليا من أي قدر من الحساسيات النفسية تجاه الآخر المختلف، لعله كان سيقول: «وَعَسى أن نَكونَ وإيّاكُم لَهُ مِنَ المُسلِمينَ». وهذا شاهد من الشواهد الكثيرة التي تدل على أن بالإمكان الإتيان بخير من القرآن، ولو في حدود تنقيحه، واستبدال بعض العبارات، بما هو أبلغ وأقرب إلى المعنى المحبب إلى الله، بعكس ما يدعي القرآن من استحالة الإتيان بمثله، وهذا ما ناقشته في مقالة «آيات تحدي القرآن بالإتيان بمثله». وسأعرض في مقالات مقبلة إلى الكثير من هذه الشواهد بإذن الله المنزَّه عما أخطأت فيه أو أغفلت عنه أو ما ادعته الأديان. فعبارة «وَعَسى أن نَكونَ وإيّاكُم لَهُ مِنَ المُسلِمينَ» أكثر انسجاما مع أجواء الحوار، بجعل الطرفين متكافئين، فعبارة «وَعَسى» لا تتضمن معنى الادعاء التي أدانها الإسلام عندما استخدمها اليهود والنصارى في عبارة «نَحنُ أَولِياءُ اللهِ وَأحِبّاؤُهُ»، وما شابه، على أقل تقدير فيما يرويه القرآن، وذهب القرآن إلى أبعد من ذلك بقول «كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت لِلنّاسِ»، بل كان سيكون فيها معنى التمني والدعاء، وللطرفين، للمحاوِر والمحاوَر على حد سواء، ثم عبارة «نَحنُ وإيّاكُم»، كانت ستؤكد الشراكة والتكافؤ، ومن شأنها أن تقارب ولا تباعد، كما ورد في عبارة «وَإِلـاـهُنا وَإِلـاـهُكُم»، ثم قول «مِنَ المُسلِمينَ» فيها مجددا معنى النسبية، فنحن وإياكم أهل الكتاب عسى أن نكون من المسلمين، وعسى أن يكون غيركم وغيرنا منهم، ولسنا نحن وإياكم لوحدنا، ولا كل من انتسب إلينا، أو إليكم، فعبارة (عَسى) تجعل الأمر في دائرة التمني والاحتمال والإمكان، الذي يستوى فيه احتمال التحقق وعدمه، وعبارة «مِنَ المُسلِمينَ» تنفي الحصر باستخدام (مِن) التبعيضية.
نعم هناك نص آخر جميل، إذا ما لاحظناه لوحده بمعزل عن سائر النصوص ذات العلاقة وهو ما ورد في سورة سبأ 24-28:
«قُل مَن يَّرزُقُكُم مِّنَ السَّماواتِ والأَرضِ، قُلِ اللهُ. وَإِنّا أَو إياكُم لَعلَى هُدىً أَو في ضَلالٍ مُّبينٍ. قُل لّا تُسأَلونَ عَمّا أَجرَمنا، وَلا نُسأَلُ عَمّا تَعمَلونَ. قُل يَجمَعُ بَينَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفتَحُ بَينَنا بِالحقِّ، وَهُوَ الفَتّاحُ العَليمُ. قُل أَرونِيَ الَّذينَ أَلحقتُم بِهِ شُرَكاءَ كَلّا، بَل هُوَ اللهُ العَزيزُ الحكيمُ. وَما أَرسَلناكَ إِلّا كافَّةً لِّلنّاسِ بَشيراً وَّنَذيراً، ولـاـكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمونَ».
هذا النص يبدأ بداية جميلة جدا، فيدعو الله - حسب تصور أو دعوى المؤلف - النبي، ليقول لمن لم يؤمن به بكل أريحية: «قُل ... إِنّا أَو إياكُم لَعَلى هُدىً أَو في ضَلالٍ مُّبينٍ»، فهنا وعلى خلاف ما عودنا القرآن في معظم نصوصه المعنية بالتعامل مع الآخر، يجعل الاحتمالين على كفتي التكافؤ، من أن يكون أحد الطرفين، دون حسم تحديده إما «لَعَلى هُدىً أَو في ضَلالٍ مُّبينٍ»، أو لعل كلا الطرفين هما «لَعَلى هُدىً»، فيكون الهدى نسبيا، أو يكون كلاهما – وقد يكون هو الأرجح - «في ضَلالٍ مُّبينٍ»، وبما أن الضلال هو الآخر نسبي، فسيكون كل ضال منهم على ثمة هدى، كما ويكون كل مهتد منهم في ثمة ضلال.
ثم يتألق المؤلف هنا في انفتاحه وعقلانيته، عندما يقرر: «لا تُسأَلونَ عَمّا أَجرَمنا، وَلا نُسأَلُ عَمّا تَعمَلونَ»، وبالغ في الانفتاح حتى إنه لم يقل «لا تُسأَلونَ عَمّا [عَمِلنا]، وَلا نُسأَلُ عَمّا تَعمَلونَ»، بل راح يفترض أن ما يمارسه هو والمؤمنون به من المسلمين مصداقا للجريمة والانحراف، بينما ترك فعل الطرف الآخر المختلَف معه بلا توصيف، فهو (عمل)، و(اعتقاد) قد يكونان صالحين مستقيمَين، أو فاسدَين منحرفَين. فعلا كان مؤلف القرآن في هذا النص كما في بعض غيره موفقا ومتألقا. ويضيف إلى تألقه تألقا آخر بقول: «يَجمَعُ بَينَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفتَحُ بَينَنا بِالحقِّ، وَهُوَ الفَتّاحُ العَليمُ»، إذن لا داعي لأن نتخاصم ونتباغض، بل لنتعايش، ولا نستغرق في مناقشة من يملك الحقيقة ومن لا يملكها، فهو أمر غيبي ميتافيزيقي لا يدرك بالتجربة وعلومها الحسية، حتى يثبت الواحد منا للآخر صواب ما يذهب إليه، وخطأ ما يذهب إليه الآخر، كما إن ليس من حق أحدنا أن يحكم على نوايا وسرائر الآخر، مما لا يعلمه إلا الله وصاحبه.
ولكن هذا النَّفَس المنفتح والروح الأريحية لم يستمرا طويلا، فسرعان ما يرجع مؤلف القرآن إلى دعوى احتكار الحق، فيستفز محاوَريه، عندما يقول «قُل أَرونِيَ الَّذينَ أَلحقتُم بِهِ شُرَكاءَ، كَلّا، بَل هُوَ اللهُ العَزيزُ الحَكيمُ»، ثم يقرر كونه مرسلا لجميع الناس، مما يستبطن إشارة لعدم استجابة المحاوَرين من قبله، فيقول المؤلف على لسان الله تعالى: «وَما أَرسَلناكَ إِلّا كافَّةً لِّلنّاسِ بَشيراً وَّنَذيراً»، ثم يوصم تلك الأكثرية من الناس التي لم تستجب لدعوته بعدم العلم، أي بالجهل، بقوله: «ولـاـكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمونَ». فليس من الحوار المؤثر والإيجابي استخدام لغة توحي بالاستعلاء على طرف الحوار الآخر، ويتوقع منه بعد كل ذلك أن يكون إيجابيا، ومتجاوبا مع الحوار، أو لعله في خطوة لاحقة مستجيبا لدعوة المحاوِر. من هنا لو كان الخطاب منزلا من الله تنزه وسما، لكان توخي الحكمة، واستخدام الخطاب المؤثر، والمراعي لمشاعر المخاطَب، أكثر دقة بكثير مما نجده في القرآن، فيعذر في حالات غير المستجيبين، لأن ليس كل غير المستجيبين لدعوة الحق - مع فرض أنها دعوة حق – هم سيئون وأشرار ومعاندون، ولا حتى جاهلون، بل لعدم الاستجابة، وعدم القدرة على الاقتناع بأي دعوة أسباب شتى.
ولكن يمكن اعتبار النص أدناه من سورة آل عمران 64-75 من النصوص ذات الموقف الإيجابي نسبيا تجاه الآخر، ففيه حثّ على البحث عن المساحات المشتركة مع الآخر المختلف. هذه المرة سأجعل التعليق داخل النص بين قوسين قائمين:
«قُل يا أَهلَ الكِتابِ تَعالَوا إِلى كَلَمَةٍ سَواءٍ بَينَنا وَبَينَكُم [جميل أن توجه دعوة للبحث عن مواطن الالتقاء مع الآخر وعدم الاستغراق في تشخيص مواطن الاختلاف، وهذا عكس ما مارسه القرآن عموما]، أَلّا نَعبُدَ إِلَّا اللهَ وَلا نُشرِكَ بِهِ شَيئاً، [مشترك جميل، ولكن يُشكَل عليه أنه من غير الصحيح أن يفرض أحد الطرفين المشترك بينهما على الآخر، بل أن يتفق الطرفان على المشترك بينهما، إلا إذا اعتبرنا هذه الدعوة مجرد مسودة لورقة مشتركات قابلة للمناقشة، مما يجعل تسجيل هذا الإشكال قابلا للمراجعة] وَّلا يَتَّخِذَ بَعضُنا بَعضاً أَرباباً مِّن دونِ اللهِ، [ولطالما اتخذت هذه الفرقة أو تلك من المسلمين أربابا من دون الله، من خلفائهم أو ما يسمى بسلفهم الصالح، أو أئمة أهل بيت نبيهم، أو أئمة طرقهم الصوفية، أو أئمة مذاهبهم، أو من غيرهم، بل وحتى من معتقداتهم وشعائرهم، وقبور من مرّ ذكرهم، بل وحتى من فقههم، ومن عموم الدين أربابا تُعبَد وتُطاع وتُرتَجى وتُخشى ويُتوكَّل عليها وتُشكَر من دون الله. وإذا قيل إن القرآن والنبي لا يُحمَّلان مسؤولية ما أُحدِث في الإسلام، أقول هناك الأدلة الوفيرة والمتينة التي تدل على أن الإسلام والقرآن والنبي قد وضعوا – ولا نريد البحث في الدوافع - بذور كل ذلك، ومهدوا أرضية مسقيّة ومُسمَّدة بما يجعل هذه البذور تثمر ثمار غلو، وشرك، وخرافة، وتعصب، وتطرف.] فَإِن تَوَلَّوا [بما يعني إما الإيمان بالإسلام، وإلا فهو تولٍّ وعناد ومكابرة] فَقولوا اشهَدوا بِأَنّا مُسلِمونَ، يا أَهلَ الكِتابِ لِمَ تُحاجّونَ في إِبراهيمَ، وَما أُنزِلَتِ التَّوراةُ، والإنجيلُ إِلاّ مِن بَعدِهِ، أَفَلا تَعقِلونَ، [ولماذا يريد المسلمون احتكار سند الملكية لإبراهيم، وما أُنزِلَ القرآن إلا من بعده]. ها أَنتُم هـاـؤُلاءِ حاجَجتُم فيما لَكُم بِهِ عِلمٌ، فَلِمَ تُحاجّونَ فيما لَيسَ لَكُم بِهِ عِلمٌ، [ولماذا يحتكر المسلمون العلم لأنفسهم وينفونه عن مغايريهم؟] وَاللهُ يَعلَمُ وَأَنتُم لا تَعلَمونَ [كما والمسلمون لا يعلمون ما هو الحق النهائي والصواب المطلق، إلا بمقدار ما أصابوا من صواب، كما أصاب غيرهم أيضا جزءً آخر من الصواب ومن الحقيقة، وأخطأوا الجزء الآخر منه، كما أخطأ غيرهم؛ وهذا ينطبق تماما على المسيحيين واليهود والمسلمين والبوذيين واللادينيين والملحدين واللاأدريين]. ما كانَ إِبراهيمُ يَهودِيّاً وَّلا نَصرانِيّاً [وما كان مسلما بالمعنى الخاص أي محمديا]، ولـاـكن كانَ حَنيفاً مُّسلِماً، [أو كان شخصية أسطورية] وَما كانَ مِنَ المُشرِكينَ. إِنَّ أَولَى النّاسِ بِإِبراهيمَ لَلَّذينَ اتَّبَعوهُ، وَهـاـذا النَّبِيُّ والَّذينَ آمَنوا، [وما الدليل على ذلك؟ فكلٌ يمكن أن يدعي لنفسه ما يدعي، وينفي ذلك عن غيره، من غير دليل، إلا بالدور المحال منطقيا، أي استشهاد الفرد على صدقه، أو الجماعة على صدقهم، بشهادته أو شهادتهم بصدقهم، وبالتالي القول بدليل صدق القرآن قوله عن نفسه أنه صادق] وَاللهُ وَلِيُّ المُؤمِنينَ. [ولا أحد يمكن أن يدعي أنه يمثل مصداق المؤمنين المستوجبين ولاية الله وحبه وقربه ورعايته الخاصة لهم، فلماذا يشكل على اليهود والمسيحيين قولهم كما يذكر القرآن إنهم أولياء الله وأحباءه بل وأبناءه، وينفرد المسلمون بدعوى أنهم أولياءه وأنه وليهم دون غيرهم، ثم يدّعون أنهم خير أمة أخرجت للناس، فيستنكرون على غيرهم ما يعطون الحق لأنفسهم وحدهم بممارسته؟] وَدَّت طّائِفَةٌ مِّن أَهلِ الكِتابِ لَو يُضِلّونَكُم، [وودتم أيضا أن تضلوهم، فلماذا يكون ضلالهم ضلالا، بينما يكون ضلالكم هدىً؟ فلدى كل منكم ثمة ضلال ليس لدى الآخر، ولدى كل منكم ثمة هدى ليس لدى الآخر، كما لكم جميعا ثمة ضلال مشترك، وثمة هدى مشترك.] وَما يُضِلّونَ إِلّا أَنفُسَهُم، [كما أنتم أضللتم أنفسكم وأجيالكم المتعاقبة]، وَما يَشعُرونَ. [تماما كما لا يشعر المسلمون بضلالهم وإضلالهم، كما إن هناك من كل من الدينيين من مختلف الديانات ومن غير الدينيين من يَضِلّ ويُضِلّ عن علم]. يا أَهلَ الكِتابِ [ويا أيها المسلمون] لِمَ تَكفُرونَ بِآياتِ اللهِ وَأَنتُم تَشهَدونَ. يا أَهلَ الكِتابِ [ويا أيها المسلمون] لِمَ تَلبِسونَ الحقَّ بِالباطِلِ، وَتَكتُمونَ الحقَّ وَأَنتُم تَعلَمونَ [أو قد لا تعلمون من حيث اتباعكم ما وجدتم عليه آباءكم، أو لا يعلمه بعضكم، ويعلمه البعض الآخر منكم]، وَقالَت طّائِفَةٌ مِّن أَهلِ الكِتابِ آمِنوا بِالَّذي أُنزِلَ على الَّذينَ آمَنوا وَجهَ النَّهارِ، وَاكفُروا آخِرَهُ، لَعَلَّهُم يَرجِعونَ، [كما تقول طائفة من الإسلاميين اليوم آمنوا بالديمقراطية والدولة المدنية وجه النهار، واكفروا آخره، لعلكم تستطيعون في وقت لاحق الانقلاب على المشروع الديمقراطي والعودة إلى مشروع أسلمة المجتمع، ومشروع الدولة الإسلامية المؤجل، متحيِّنين فرص العودة إليه] وَلا تُؤمِنوا إِلّا لِمَن تَبِعَ دينَكُم؛ [وهو منطق المسلمين، لاسيما المتزمتين والسلفيين والإسلامويين] قُل إِنَّ الهُدى هُدَى اللهِ [لكن من يستطيع يا ترى أن يدعي أن هداه هو هدى الله، وهدى غيره هو هدى الشيطان، أو هدى الطاغوت، أو هدى أنداد الله؟] أَن يُّؤتى أَحَدٌ مِّثلَ ما أوتيتُم، أَو يُحاجّوكُم عِندَ رَبِّكُم، قُل إِنَّ الفَضلَ بيدِ اللهِ؛ يُؤتيهِ مَن يَّشاءُ، وَاللهُ واسِعٌ عَليمٌ؛ يَختَصُّ بِرَحمَتِهِ مَن يَّشاءُ، وَاللهُ ذُو الفَضلِ العَظيمِ. وَمِن أَهلِ الكِتابِ مَن إِن تَأمَنهُ بِقِنطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيكَ، وَمِنهُم مَّن إِن تَأمَنهُ بِدينارٍ لّا يُؤَدِّهِ إِلَيكَ، إِلّا ما دُمتَ عَلَيهِ قائِماً، ذالِكَ بِأَنَّهُم قالوا لَيسَ عَلَينا فِي الأُمِّيّينَ سَبيلٌ، [وهذا ما نجده عند الكثير من المسلمين ممن يرون ألّا حرمة لدم ومال غير المسلم، ولا يعدّون سرقة الكافر سرقة محرمة، بل يعده البعض منهم بفتوى من بعض فقهاء التكفير من الطائفتين استنقاذا جائزا، أو لعله واجبا. وكما يرى المسلمون حرمة القتل خاصة بالمسلمين، وهكذا يرى اليهود حرمة القتل، التي تمثل إحدى الوصايا العشر، إنما هي خاصة باليهود] وَيَقولونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ وَهُم يَعلَمونَ [أو يجهلون، كما المسلمون، فبعضهم يكذب، وبعض آخر منهم يصدق من غير أن يكون محقا، أي إنه جاهل صادق، وكل من نسب فتاوىً وأحكاماً غير عادلة إلى الله، إنما هو مُفترٍ على الله، من حيث يعلم، أو من حيث لا يعلم، أو من حيث يعلم ويكذب، أو من حيث يجهل ويصدق]».



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 59 «الذين آمنوا» و«الذين كفروا» في القرآن 3/5
- 58 «الذين آمنوا» و«الذين كفروا» في القرآن 2/5
- 57 «الذين آمنوا» و«الذين كفروا» في القرآن 1/5
- 56 كأني بالقرآن يتحدث عني وانتصار الفنان على الراهب
- 55 تنقيح سورة الفاتحة دليل على بشريتها
- 54 المحكم والمتشابه كدليل على بشرية القرآن
- 53 قراءات أخرى لنصوص القرآن
- 52 آدم وحواء وتحدي القرآن
- 51 الدين والخمر والطاغوت وماركس
- 50 مقدمة «مع القرآن في حوارات متسائلة»
- 49 صفحات الختام من كتاب «لاهوت التنزيه»
- 48 تعليقات مسلم معتدل وحواراتي معه 5/5
- 47 تعليقات مسلم معتدل وحواراتي معه 4/5
- 46 تعليقات مسلم معتدل وحواراتي معه 3/5
- 45 تعليقات مسلم معتدل وحواراتي معه 2/5
- 44 تعليقات مسلم معتدل وحوارات معه 1/5
- 43 مضمون مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 7/7
- 42 مضمون مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 6/7
- 41 مضمون مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 5/7
- 40 مضمون مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 4/8


المزيد.....




- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...
- إيهود أولمرت: إيران -هُزمت- ولا حاجة للرد عليها


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - 60 «الذين آمنوا» و«الذين كفروا» في القرآن 4/5