أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - هادي فريد التكريتي - عندما يتحول البغض إلى حب ..!















المزيد.....

عندما يتحول البغض إلى حب ..!


هادي فريد التكريتي

الحوار المتمدن-العدد: 1436 - 2006 / 1 / 20 - 01:37
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


" من كان يفكر قبل 20 أو 10 أو 5 سنوات أن شيلي ستنتخب امرأة رئيسة لها " بهذه العبارة صرحت مبتهجة السيدة طبيبة الأطفال ميشيل باشيليت ، المعارضة النشطة للجنرال بينو شيت ، الذي سجنها وأمها ، وقتل أباها تحت التعذيب ، في أحد السجون ، إبان انقلابه الفاشي ، على حكومة الرئيس ، المنتخب ديموقراطيا في العام 1973 إليندي سفادور. ، والتي شغلت منصبي وزارة الصحة ووزارة الدفاع على التوالي في العام 2000 ـ 2005 في الوزارة التي شكلها تحالف يسار الوسط .
الظروف السياسية التي عاشتها شيلي منذ إنقلاب بينو شيت وحتى العام 1990 ، تكاد تكون نفس الظروف التي عاشها العراق ، تحت الحكم الفاشي البعثي ، من حيث أسلوب الحكم وطبيعته ، والنهج الذي انتهجه ، مع فارق واحد ، وهو أن بينو شيت كان وجها بارزا ، صريحا ، وواضحا في عمالته لأمريكا ، منذ اللحظة الأولى لانقلابه ،بينما النظام البعثي في العراق منذ انقلاب العام 1963 كان عميلا لها ، بكافة رموزه ، إلا أنه كان يتمسح بمفاهيم تقدمية وقومية زائفة ، لنتيجة واحدة ، اضطهاد الشعب ، وسيادة المفاهيم الفاشية والحكم الدكتاتوري ، التي أودت بتدهور الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لحياة الشعبين الرازحين تحت حكم متشابه في المحتوى والنتائج.
لم تكن مسيرة الشعب الشيلي ومقاومته لحكومة بينو شيت بالإمر الهين أو السهل ، على الرغم من التضامن العالمي ، ووقوف حركة التحرر العالمية ، والحركة الديموقراطية في أمريكا اللاتينية ، إلى جانب الشعب الشيلي ، حيث تحققت له انتصارات جزئية في العام 1990 ، بتشكيل " حكومة وفاق " من قوى سياسية وطنية مختلفة التوجهات ، وبمشاركة من أتباع حكومة الجنرال بينوشيت ، وبذا تحققت بداية حقبة زمنية مواتية لانفراج سياسي ، استغلتها وأدارتها بذكاء سياسي ، القوى السياسية الشيلية على مختلف توجهاتها ، بعد حكم فاشي دكتاتوري دام 17 عاما ، فرضت هذه الحكومة ( حكومة الوفاق ) ضمانات وتعهدات بعدم المساس بحقوق وامتيازات أركان النظام السابق ، وعدم مساءلتهم عن الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب الشيلي ، وعلى رأسهم الجنرال بينوشيت الذي بقي متمتعا بكل امتيازاته وحقوقه وأملاكه التي حصل عليها أثناء حكمه للبلاد ، وبحصانة دبلوماسية تبعده عن كل مساءلة قانونية لجرائمه التي ارتكبها بحق الشعب .. رغم كل هذا فالشعب الشيلي ، وكل منظماته وأحزابه السياسية ، بما فيها اليسار ، لم يصب بخدر أو ينسى أن حقوق الشعب واجبة الأداء ، والجرائم المرتكبة من قبل أركان الدكتاتورية ، بحق الشعب والوطن ، لا بد وأن يقدم لها وعنها الحساب في يوم من الأيام ، وهذا ما هو حاصل اليوم ..!
إن مواصلة النضال ، دون كلل ، وتعبئة الجماهير للوصول إلى حكم ديموقراطي حقيقي ، يحقق لها السيادة الوطنية في اتخاذ القرار ، والتمتع بالمساواة الكاملة في الحقوق والواجبات بين كافة أفراد الشعب ، وإطلاق الحريات العامة ، وتحقيق العدالة الاجتماعية ، والظفر بحياة أفضل ، يمر فقط عبر حق تنظيم هذه الجماهير ، والإدراك الواعي لمصالحها الحقيقة ، الكامن في وحدتها وتمسكها بما تطرح من مطالب مشروعة بظرفها الراهن ، وتعبئة قوى الشعب بكل فئاتها بهذا الإتجاه ، والتصعيد في مطالبها اليومية والعامة ، هو مايحقق للشعب الظفر بالحرية والرفاه ، وخصوصا الطبقات الكادحة والفقيرة التي أنهكها الحكم الفاشي ، وهذا بعض ما تحقق ، أثناء ، ومن ، خلال حكم " حكومة الوفاق " الذي دام 12 عاما . خاض الشعب الشيلي خلال هذه الفترة التي تميزت بحريات ديموقراطية نسبية ، أربع انتخابات رئاسية ، في النهاية ، تحقق فيها الفوز لتحالف قوى اليسار حكم ، تعتلي قيادته امرأة ، وقد تضمن برنامجها الانتخابي وعودا بإصلاحات للوضع الاجتماعي عامة وللنساء خاصة ، بجعل نصف وظائف الدولة للنساء ، بما فيها تشكيلة مجلس الوزراء القادمة ، وتحقيق المساواة الاجتماعية المتوازية للشعب الشيلي ، وحل المشاكل الحدودية مع جيرانها ، البيرو وبوليفيا ، التي تهددها وجيرانها الحرب ، فإرساء السلام الدائم مع هذه الدول ، خدمة لشعوبها ، ولشعوب المنطقة ، كما هو خدمة للسلام العالمي بين الشعوب ..ما تقدم كانت بعض فقرات من برنامجها الذي ألزمت به نفسها ، والحركة السياسية التي تمثلها ، فهل ستنجز ما وعدت ؟ وأمريكا ، ألا يضيق ذرعها بما تشاهده دائرا في محيط فنائها الخارجي ؟ وربما لم تعد قادرة أن ترى انهيارا ل" إمبراطوريات موزها " التي أقامتها واحدا بعد الآخر ، وليس بوسعها أن تحتمل انهيارها ، الواحد بعد الآخر أيضا ، وقيام المزيد من الأنظمة البديلة ذات النهج اليساري ، جيرانا لها في القارة اللاتينية . كيف ستنظر للتطور السياسي الحاصل في المنطقة ؟ فكوبا واحدة لازالت شوكة تدمي خاصرتها وتذكرها بالحكم الشيوعي ، فكيف بها إن تكونت مجموعة من ال " كوبات " المتماثلة نسبيا في الحكم ؟ وهل تتقبل إشاعة حكومات ديموقراطيةفي المنطقة تعيش وتتنفس وتنمو رغما عنها ؟ هل دعاوى الديموقراطية لحكم الشعوب ، التي أطلقتها أمريكا دعاوى حقيقية ؟ وهل ستتعايش مع الحكم الجديد ، للنساء ، الذي يكتسح مواقع القيادة في القارة اللاتينية .؟(ثلاث نساء يحكمن في دول أمريكا اللاتينية ). أم سيغلب الطبع على التطبع ، وتعود حليمة لعادتها القديمة ؟ الأيام كفيلة بتمزيق كل الدعاوى الزائفة ، ولابد للحقيقة من ظهور ..
فوز السيدة ميشيل يعتبر نصرا للحركة السياسية الوطنية ، اليسارية والديموقراطية ، ليس في منطقة أمريكا اللاتينية لوحدها ، بل لكل حركة التحرر العالمية ، والعراق جزء من هذه الحركة ، وفوزها كامرأة برئاسة الدولة ، في مثل ظرفنا العراقي هذا ، تعبير واضح عن ضرورة انخراط النساء في النضال من أجل تغيير نظرة المجتمع وقوانين الدولة تجاه المرأة ، وتحفيز لهن للعمل بجد أكثر من أجل نيل كامل لحقوقهن ، ولصنع عالم أفضل لأسرهن ، بتغيير الواقع القسري الذي تفرضه قوانين جائرة تقيد من حريتهنا وتحد من حقوقهن . فسيرة ميشيل باشيليت ، تشابه الى حد كبير ظروف المرأة العراقية ، وما أحاق بها خلال الحكم الفاشي العنصري ، فالقتل والقمع والتشريد ومحاربة الحريات ، كانت القاسم المشترك ، ألا أن ما عندنا مختلف بعض الشيء في الشكل وليس المحتوى ، فعلى الرغم من سقوط النظام أمريكيا ، إلا أن الدستور الجديد يحمل بين مواده بقايا عصور التخلف تجاه المرأة ، وتسود الأفكار الدينية ـ الطائفية والـقومية ـ العنصرية ، على تشريع مواده ، التي تحد من تطور المجتمع ، باتجاه مجتمع مدني متطور ، تحكمه نظم وقوانين ديموقراطية وفق مفاهيم العصر وقيمه ..ومهما كان واقع الحكم العراقي في الظرف الراهن ، فلن يكون نهاية المطاف ، فالتجربة الشيلية تفتح أمام القوى السياسية ، ملف تجربة جديدة ، جدير بنا دراسته بعناية المتأني ، وخصوصا المرأة ، التي لحق ، ويلحق ، بها حيف وتمييز ، باعتبارها أكثر من نصف المجتمع ، وتحملت نتائج كل الكوارث التي ألحقها النظام الساقط بالمجتمع ، كما تتحمل اليوم ، أسوة بقوى المجتمع الأخرى ، نتائج قوى الإرهاب السلفي والقومي العنصري ، وما تلحقه هذه القوى في الوطن والشعب من خراب ودمار من الصعب توصيف نتائجه ، في ظل حكومة طائفية عاجزة عن تحقيق السلم والأمن للمواطن .. كل قوى الإرهاب ، قومية ـ عنصرية ، إسلامية ـ سلفية ، إسلامية ـ طائفية ، غير قادرة على تبني فحوى العبارة التي أطلقتها ، المرأة الرئيسة لشيلي عشية فوزها " .. إن العنف الذي خرب ما أحبه دفعني لتكريس حياتي لقلب مجرى الأمور ، وتحويل البغض إلى حب .." ما تقدر عليه هي فقط المرأة العراقية ، ذات القلب الكبير التي ذاقت مرارات فقد أحبتها في الحروب العبثية ، في المقابر الجماعية ، في أنفالات الحقد والكراهية وغازات حلبجة ، وما تعايشه اليوم من تفخيخ وتفجير وذبح على الهوية لفلذات كبدها ، وما تقترفه ميليشيات أجزاب الحكومة من الملثمين ، من اختطاف وقتل في الليل والنهار لأبناء شعبها..فهل عندنا من النسوة من يحول البغض إلى حب ، كما قالت المرأة باشيليت من شيلي ..؟!

18 كانون ثاني 2006



#هادي_فريد_التكريتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أجل من ..صلاحيات رئيس الجمهورية ..!
- تأبين الشهداء ..والحزب الشيوعي ..!
- المليشيات والحكومة والوضع الأمني ..!
- الديموقراطية والاستحقاق الانتخابي ..!!
- أين الديموقراطية ..؟ تضامنا مع سجين الفكر والرأي الدكتور كما ...
- الشعب العراقي جدير بالديموقراطية ..ولكن ..!
- البصرة - تتونس - وكركوك تدفع الخاوة ..!
- السيادة وقوات الاحتلال ..!!
- الفساد..وفضح الحرامية..!!
- فرهود ..!
- الحوار المتمدن ضرورة لواقعنا ..!
- هل سجن الجادرية بداية الحلم ..؟
- من يستحق تمثيلي غدا- ..؟؟/ حمى الإنتخابات ..!
- هل سيتم توطين الفلسطينيين في كوردستان العراق ..؟
- هل مؤتمر الوفاق بداية الحل..؟
- الشهداء والقتلة والحكومة ..!
- سياسات غير وطنية ..!
- بانوراما عربية..!
- هل من ضرورة لتحافات وطنية..؟ القسم الثاني والأخير .
- هل من ضرورة لتحالفات وطنية ..؟


المزيد.....




- الحرس الثوري يكشف بماذا استهدف إسرائيل بأول هجوم بعد الضربة ...
- إيران تستهدف إسرائيل بصاروخ -خيبر شكن- لأول مرة.. ماذا نعلم ...
- هل تنهي الضربة الأمريكية على المواقع الإيرانية الصراع أم تُط ...
- صباح ليس كغيره.. أمريكا تستهدف المنشآت النووية الإيرانية وطه ...
- بالصور.. هكذا تابع ترامب مجريات تنفيذ الضربات الجوية منشآت ف ...
- حقائق عن قاذفات -الشبح- الأمريكية بي-2 بقنابل خارقة للتحصينا ...
- -مؤسسة غزة الإنسانية- تؤكد حاجة سكان القطاع -إلى مزيد من الم ...
- الاستهداف الأميركي لإيران وعامل الحسم في العلاقات الدولية
- الإفراج عن محمود خليل بأميركا.. المعركة مستمرة
- خبير عسكري: الضربة الإيرانية تؤكد أن إسرائيل لا تزال ضمن الا ...


المزيد.....

- اليسار بين التراجع والصعود.. الأسباب والتحديات / رشيد غويلب
- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - هادي فريد التكريتي - عندما يتحول البغض إلى حب ..!