أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قحطان جاسم - - قصيدة - - قصة قصيرة















المزيد.....

- قصيدة - - قصة قصيرة


قحطان جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 5451 - 2017 / 3 / 5 - 23:46
المحور: الادب والفن
    



فلاديمير ليدن
لمحة موجزة
فلاديمير ليدن كاتب روسي متنوع الانتاج الادبي. ولد عام 1894 في موسكو، ورافقت ولادته وصباه وشبابه احداث وتحولات عظيمة سواء في اوروبا او روسيا. فقد شهد الحرب العالمية الاولى والحرب الاهلية وثورة اكتوبر في روسيا عام 1917.
عمل مراسلا حربيا خلال الحربين، وكبروفيسور في المعهد الادبي ورئيسا للجنة الامتحانات.
اصدر حوالي مئة كتاب ضمت مجاميع قصصية ،كتب رحلات، مسرحيات ومذكرات وكتاب عن فنانين عرفهم.
نشر اولى قصصه الاولى عام 1909 في مجلة صدرت في موسكو، ولم ينقطع نشاطه الادبي والفكري مذاك حتى وفاته عام 1979. وقد بلغ عدد مجاميع القصص القصيرة التي نشرها بين خمسينات القرن الماضي وحتى وفاته اكثر من 20 مجموعة، من بينها: " نافذة مفتوحة على حديقة"،" اغنية النوتي " ،" ظلال قلب انسان" وغيرها.
تتسم قصصه ونصوصه الاخرى بحسية تناولها للموضوعات اليومية والقضايا الانسانية المعقدة، كما تكشف عن التصاقه وغوره العميق في حياة الناس ،وفهمه لخلفيات وطبيعة ما يواجهونه من صعاب في صراعهم اليومي من اجل حياة ممكنة العيش تليق بالانسان. احب ليدن، الى جانب ذلك، الطبيعة والحيوانات والطيور وكان مغرما بالريف، وخاصة ريف موسكو، وقد انعكس ذلك في العديد من قصصه.
عن قصصه تشير الناقدة الروسية أيرينا ليدينا " تكاد قصصه تخلو من العقدة التي تمتاز بها القصة القصيرة ، كما يرافقها نوع من المزحة الخفيفة وتنشغل بهموم الناس العاديين ".
زار ليدن الى اضافة الى اكثر مدن الاتحاد السوفييتي آنذاك، الى بلادان عديدة كايطاليا ،المانيا، النمسا وغيرها، وكان لتلك الرحلات اثرا كبيرا على محتوى ادبه ايضا.
00 00

" عزيزتي الكساندرا بارفيونوفنا ،
أنني إيلزافيتا بيتروفنا أيغلاييفا، المعلمة السابقة ، التي من المحتمل انك نسيتيها. لقد درّست في مدرسة منطقتنا ماتفييكا، وكان ابنك، ميتا كوسينكوف، تلميذا عندي. أنا وانت أمرأتان عجوزان الآن، ومن المناسب أن نلتفت من هذه اللحظة الى الماضي. إن حياتنا تسرع، وذات يوم ، لن يكون لديك متسع من الوقت كي تري شيئا.
" مرّت، منذ ان درّست في المدرسة الواقعة في ماتفييكا ، سنوات عديدة، وخلالها ، توضحت شيئا فشيئا امور عديدة، حينما تجمعين كلّ تلك الامور معا، فانها ستكون تلا كبيرا. أنني احفظ ذكرى عن ابنك ميتا، لا لأنه تلميذي وحسب، بل وايضا لانني وجدث معه مسوّغا كبيرا في الحياة. وذلك ما أريد ان اكتب اليك عنه.
" كتب ميتا الشعر حينما كان في السادسة،. وكنت آمل ، طبعا، أن يصير شاعرا، مع ان الكثير من شعره كان ، ولصغر سنه، غير ناضج. لكنّ كلّ شيء في الحياة يبدأ بالمحاولات. وقبل أن تدركي ذلك، تم اكتشاف الامر. بيد أن ذلك لم يحدث في حياته. لقد كان في التاسعة عشر، في عتبة العمر ، عندما ذهب الى الجبهة ، وكم من أمثال هؤلاء الشباب قد نسينا.
" ولهذا ياعزيزتي الكساندرا بارفيونوفنا، تنظرين الى الماضي، ومع ان هناك الكثير من الخسارات ، فيمكن أن تعثري على السلوان في حياتنا الراهنة.
اكتب اليك هذه الرسالة مشفوعة باحدى المناسبات ، وهي واحدة من هذه العزاءات : اصدرت دار للنشرمجموعةً شعريةً في ذكرى الحرب، سميّت "المناطق الذهبية"، وقد احتوت المجموعة على قصيدة ولدك. لقد وجدها شخص ما في حقيبة ميتا بعد موته. عزمت أن أرسل الكتاب اليك فورا. إنها متعة كبيرة بالنسبة لي. لقد حاولت ان أغرس حب الشعر في تلاميذي وعندما يرى الانسان البذرة التي زرعها تعطي ثمارها - فأيّ عزاء كبير سيكون ؟
" لن أنسى ابدا، ذلك اليوم من حزيران 1941، حينما شهد الصف تفرق كلّ اولادنا: حين غادروا في شاحنة المزرعة، لوحت بيدي فقط، فمن غير المتوقع أن يبكي المعلم.
أرجوك ، إقبلي هذا الكتاب مني، يا الكسندرا بارفيونوفنا، انا ابعثه لك، وسعادة كبيرة تغمرني، إذ يمكن سماع صوت ميتا فيه، على الرغم من أنه منشور بعد وفاته."
واصلت المعلمة العجوز القول أنها ما تزال تواصل عملها وتتابع حلقة ادبية في مصنع كبير. وأن عددا من الأعضاء قد كتب سابقا قصائدا وقصصا مقبولة.
أبعدت الكساندرا نظارتها عن عينيها وتوقفت لحظة أخرى عند الرسالة
" تقاعدت منذ ست سنوات بعد أن انجزت عملها في المزرعة التعاونية . عيّنت المزرعة، منذ فترة طويلة، بافل نيكيتش سترويف معلما جديدا، وهي تحس برغبة لاطلاعه على محتويات الرسالة التي استلمتها ".
أطل الشتاء فجأة، غطى الجليد الأرض، وكانت النجوم تلمع في البرد القارس. يقيم المعلم في بيت تم تشييده عندما ازدهر انتاج المزرعة، فبادرت ببناء مساكن للمعلمة والطبيب البيطري، أما الآن فليس بمقدور المرء أن يتصور حالة الجدب والاهمال التي تعيشها منطقة ماتفييكا بعد الحرب.
صعدت الكساندرا بارفيونوفنا الدرج الى الطابق الثاني. فتح سترويف، والطفل بين يديه، الباب، وقال خجلا بعض الكلمات: لقد ذهبت زوجتي الى الدكان وانا أقوم بمقامها". وضع الصغيرة على السرير فعرضت عليه الكساندرا بارفيونوفنا الرسالة والكتاب.
قرأ سترويف الرسالة ثم تصفح الكتاب وقال:" لقد قاموا بعمل جيد"
ولكن ما الذي يعرفه سترويف عن الحرب؟ إن كلّ ما يعرفه كان من نصيب الآباء ، وشكرا للرب على ذلك، فالأفضل ان لا يعرف عنها أيّ شيء.
لم تنزع الكسندرا معطفها الجلدي، لكنها ارخت منديلها على كتفيها، وقفت بشعرها الاشيب بجانب سترويف، بينما راح هو يتصفح الكتاب، عثر على الصفحة التي حملت قصيدة ديمتري كوسينكوف. قرأها، ثم راح يتأمل في الأبيات :" من النافع ربما، ان يكون من قدري أن أنجز القليل ، أتمنى مع ذلك القليل كي أحقق..."
" كم كان عمر ولدك ؟ سأل
" كان في التاسعة عشر حينما ذهب الى الجبهة، ولم تبقَ سوى أيام قلائل على عيد ميلاده العشرين عندما استشهد قرب رايزك".
اخرجت الكساندرا ظرفا من جيب معطفها ، كان الظرف يحتوي على صورتين، واحدة لميتا وهو في الخامسة، جالسا على الجسر بقدميه الحافيتين. أما الصورة الثانية، فقد ظهر فيها عندما كان طالبا، واقفا الى جانب أمه التي كان شعرها يومئذ أسودا فاحما..
" إنها سنة الحياة يا بافل نيكيتش...الزمن يمضي والثلج يتراكم ، الا انه لم يمحُ كلّ معالم الأشياء" قالت.
ارتفع نشيج من مهد الطفلة، فرفعها سترويف ثانية.
" إعطني القصيدة، أريد أن أستنسخها فيما بعد، وسنضعها في متحف مدرستنا...فعلى الرغم من كل ما حصل، فقد أنهى ولدك تعليمه في مدرستنا"
رجعت الكساندرا الى بيتها ، فليس هناك مكان آخر يمكنها أن تذهب اليه؛ سافرت ابنة أخيها التي تسكن معها لتلقي دورة تدريبية في الهندسة الزراعية، فبقيت وحيدة مع ابنها، الذي رحل هو الآخر منذ فترة طويلة، ولكن ليس بصورة نهائية ....
القت ربطة عنقها ثم خلعت معطفها وجلست قرب المصباح الكهربائي المتدلي من حبل. فركت عينيها وقرأت قصيدة ديمتري من البداية حتى النهاية. كان سترويف قد وضع خطين تحت بيتين.
" قصيدتك جيدة جدا" خاطبت ولدها، لكن ما الذي تعنيه يا ميتا بانك انجزت القليل....إن ما حققته لا حدّ له، وسينحني لك كلّ انسان على هذا الصنيع. والفضل يعود لأولئك الذين لم ينسوا قصيدتك فنشروها. وسيكون صوتك مسموعا في كلّ انحاء العالم الآن ".
جلست الكساندرا بارفيونوفنا بتهالك، بينما بدا لها الآن وحسب وهن قوتها، وانها قد شرعت بهبوط المنحدر شيئا فشيئا.
" ما يزال عليّ أن أحيا لفترة اخرى يا ميتا" خاطبت ولدها " انني اتطلع لرؤية المدى الذي ستنتشر به قصيدتك، كما ان بافل نيكيتش يريد أن يستنسخها ويضعها في المتحف . أنجزت القليل ! الحقيقة ، انك انجزت الكثير، وعليك ان لا تشك بذلك البتة ".
أحسّت عند هذه الافكار بارتياح كبير، عند هذا الدفء القادم من أقاصي بعيدة؛ فالقصيدة تحيا، كلمات ديمتري كوسينكوف الحيّة ما تزال تعيش ... إنه هنا ، أمامها، الكتاب الذي يحتوي على قصيدته .
في تلك الساعة، وكما هي العادة، دخلت عليها جارتها ماريا لوكينجينا التي كانت هي الاخرى قد عملت في السابق في حقل للمواشي، وسألت: هل أنت لوحدك يا بارفيونوفنا ؟
سمعتها الكساندرا بوضوح واجابت :" لست على يقين مما تقولين... لا اعتقد باني لوحدي البتة ".
لم تندهش ماريا لوكينيجنا؛ بالتأكيد أن بارفيونوفنا ليست لوحدها ما دمتُ انا هنا. جلسن وشرعن كالعادة بالحياكة. لم تقل الكساندرا في البداية أيء شيء عن قصيدة ابنها، ولكنها اخبرتها ، مع ذلك، في نهاية المطاف، فوافقتها ماريا لوكينيجيا بأن صوت أبنها ميتا سيكون مسموعا في كل انحاء المعمورة الآن.

ترجمة عن
Soviet Literature, 1984, no. 12



#قحطان_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العدد الجديد من مجلة -الثقافة العراقية- ؛ بقعة ضوء في ظلام ح ...
- - إلتماعات في عتمة -
- مقدمة لكتاب مترجم -قصائد مختارة للشاعرة الدانماركية لولا باي ...
- اكتشاف متأخر
- اليكِ..بمثابة اعتذار متأخر جدا..!
- بين الفكر اللاهوتي الغربي والركام اللغوي الديني الاسلامي الم ...
- قصائد مختارة للشاعرة الدانماركية لولا بايدل
- - أناشيد الخيبة
- - رغم كل ذلك-
- الكتابة النقدية وسلوك الحوار
- -..! وانت تعدّ البراهينَ التي أخفاها الحمقى -
- صدور الديوان الثالث - آن الذهول - مع مختارات منه.
- شبح ابن عمارة
- جدلية الحب و الكراهية في رواية -وردة الفجر- للروائي التونسي ...
- الطفولة المقموعة في رواية - ارواح ضامئة للحب- للقاصة والروائ ...
- الفرادة الشعرية وتجليّ الذات في ديوان - أغنية شخصية - للشاعر ...
- الفكاهة السوداء وفضح الزيف البشري في كتاب - فوق بلاد السواد- ...
- الشاعر الايطالي سيزار بافيز ..عاش ومات وحيدا..!
- الغواية وضحايا النساء في رواية -هسيس اليمام- للروائي العراقي ...
- البحث عن الحرية في رواية - قلب اللقلق- للروائي العراقي زهير ...


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قحطان جاسم - - قصيدة - - قصة قصيرة