أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - هل كان للكرد أدباء وفلاسفة قبل الإسلام - الجزء السادس















المزيد.....

هل كان للكرد أدباء وفلاسفة قبل الإسلام - الجزء السادس


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 5446 - 2017 / 2 / 28 - 23:35
المحور: القضية الكردية
    


تضاربت الفرضيات حول أسباب فقدان أسماء ونتاج الأدباء والشعراء وفلاسفة الشعوب غير العربية، قبل الإسلام، التي تمت غزوها، في الوقت الذي تم الاحتفاظ فيها بأدق تفاصيل شعراء الجاهلية من العرب، ولم تكن منسوخة إلا نادراً، والنادرة مطعونة في حقيقة نسخها، لأن نسخ الشعر، حسب أغلبية المصادر التاريخية، بدأت في منتصف العهد الأموي، عندما بدأت تداول الرًق أو الورق الساساني والقلم في الكتابة، علماً أن بدايات ظهور شعراء الجاهلية، وحسب العديد من المصادر، لم تتجاوز مئة عام قبل ميلاد الرسول؟
وللولوج في هذه المعضلة، لا بد من استخدام الاستقراء والاستنباط، والاستناد على الأسماء التي وردت في الحلقات السابقة، إلى جانب العديد من المصادر المتناولة للإشكالية التاريخية هذه وبشكل غير مباشر، ومعظمها تبين أن حركة أدبية متطورة مشابهة إن لم تكن أعلى من الحضارات المجاورة كاليونانية والهندية والرومانية، كانت تسود الشعوب الساسانية قبل الغزوات، وظلت آثارها مهيمنة على المجتمع حتى قرون تالية، والتي على أسسها نتجت الآداب السلطانية في بدايات العصر العباسي، وهو أسلوب مأخوذ بحذافيره من أدباء الكرد والفرس، أستخدمها أبن المقفع، في كتبه وخاصة في كليلة ودمنى.
ولربما كمحاولة للقضاء على تأثير الثقافة الساسانية وهيمنتها على المجتمع، كرست السلطات الإسلامية العربية على نشر الثقافة البدوية الجاهلية، تحت خيمة الثقافة الإسلامية مقابل المجوس الساساني. فنشرت السلطات العباسية، مفاهيم شاذة بين المجتمع، بعضها منحطة أخلاقياً، كإطلاق صفة الساساني على الشريحة الدنيا من المجتمع، إلى أن أصبحت كلمة (الساساني) تعني (المتسول أو الشحاذ) بين العرب. ولا شك كانت ردة عربية قبل أن تكون إسلامية، لتشويه القيم الأخلاقية للديانة الزرادشتية من جهة، والحضارة الساسانية من جهة ثانية، ومن خلالها القضاء على هيمنتها بين المجتمع لديمومة الاحتلال العربي قبل الإسلامي.
ولتوضيح إشكالية التدمير الثقافي، أو الضياع غير المتعمد أو المتعمد، سنعرض بعض القضايا المثارة، ومنذ قرون، بجدال عقيم. وهي إحدى أهم إشكاليات التاريخ، رغم أنها تظل ضمن مجال الاحتمالات، وتحمل الوجهين، ورد فيها من التأكيد على قدر الطعن في مصداقيته:
أولاً-عدم معرفة القبائل العربية الغازية القراءة والكتابة، إلى جانب عدم فهمهم لغات تلك الشعوب.
ثانيا-الخلفية الثقافية البدوية الجاهلية لم تعير أهمية للثروة المعرفية، وخاصة للكتب، والتي كانت في بيئة جاهلية بدون ثمن مقابل السبايا.
ثالثاً-حتى ولو تجاوزنا السببين الأولين، وأسلمنا جدلا عدم فعاليتهما، فإن عدم معرفتهم للكتابة والقراءة بعربية قريش لغة السلطة والإسلام، لم تمكنهم من نسخ الكتب أو ما سمعوه من الشعوب إلى لغة النص القرآني، كما ولم يستطيعوا حفظها كما كانوا يحفظون الشعر العربي. (يقول نولدكه في كتابه لغات الشرق أنه كانت للقبائل العربية لهجات متفاوتة إلى سوية لغات خاصة، قبل هيمنة لغة القرآن، لغة قريش)
رابعاً-وبعزل المذكور سابقا، تبقى أهمية وجود أو عدمية المادة، الورق والحبر السهل الكتابة عليه وبه، (للعلم، مثلما كان الميديون في نهاية القرن السابع الميلادي أول من سهلوا الرّق للكتابة عليه، فإن الفضل بن يحيى البرمكي الكردي أول من أنشأ، في عهد هارون الرشيد، مصنعاً للورق ببغداد، ويقول أبن النديم في كتابه الفهرست الصفحة (144) أنه كان صاحب أضخم مكتبة حينها، وكانت تحتوي على ستمائة صندوق مملوءة بالكتب، وكان له مملوكان يكتبان له ليلا ونهارً ) من القضايا التي لم تمكنهم من الاستفادة من تلك الكتب، فيما لو ترجمت إلى لغة المستمع، أي العربية، وهو ما حدث بعد مرور قرنين من الزمن على الغزوات الأولى، وبعد أن بلغ الضياع نهاياته، ولم يسلم منه شيئا يمكن ذكره، وما تم تناقله بالقول نسبها الشعراء العرب إلى ذاتهم، ومثله بالنسبة لمفاهيم وأفكار الفلاسفة، فوضع فقهاء المسلمين بديلا عنه علماً، سموه بـ(علم الكلام) واستخدموه في صراعاتهم الفقهية والمذهبية، وعلى اثرها ظهرت تأويلات الطرق الصوفية، خاصة بين أدباء وشعراء دخلوا الإسلام وكانوا يعيشون في مجتمع لا تزال تسيطر عليه الثقافتين الدينية والاجتماعية السابقة، وكانوا يحملون مفاهيم الماضي، كفرتها وكفرهم السلطات الإسلامية العربية التجسيدية وتم القضاء عليهم، ومن بينهم قادة الخوارج، والمعتزلة؛ والقرامطة؛ وقادة ثورة العبيد؛ والموجة الصوفية كالحلاج، وكثيرون غيرهم، ومعظم قادة هذه الحركات كانوا من الشعوب غير العربية، ووجود العنصر الكردي كان بارزاً بينهم.
خامساً-الموجة المنافية للترجمة تحت حجة أنها تنقل المفاهيم المبطنة والمعادية للإسلام، وهو ما ذكره (جاحظ) وشكا منها، ذاكراً (أن الترجمة إلى العربية من الكتب المنانية والديصانية والمرقيونة المارقة تفسد عقول العوام، وهو من صنع اليهود) لذلك قضت السلطات الإسلامية العربية على تلك الكتب كخطوة استباقية لئلا يطلع عليها المسلمون من الشعوب التي تعرف لغاتها، وألا تترجم إلى العربية.
سادساً-قادة القبائل العربية الإسلامية، بدءَ من عام 18 هجرية، والتي لم تقبل لغة منافسة للغة القرآن، لغة الجنة، لغة الإسلام، ولغة الصلاة والتكبير، رفضت كتب بديلة عن النص الإلهي، خاصة المكتوبة بلغة الكفار. وعلى أثرها، تم إلغاء كل الثقافات الواردة بلغات غير العربية، ولم تكن في العربية حينها كتاب غير قصائد معظمها غير مكتوبة، وحتى أن معظم القرآن لم يكن منسوخا، وما تم في عهد عمر بن الخطاب، أعيد النظر فيه في عهد عثمان أبن عفان، لذلك رفض العمل بالنسخة المحفوظة عند حفصة بنت عمر بن الخطاب، وفي هذا جدال. والبعض يؤكد أنه تم نسخه بشكل تام في عهد عثمان بن عفان.
ومن ثم وفي الفترة التي تم فيها بلوغ العرب المدن الكبرى وسيطروا على دواوينهم ومكاتبهم ومدارسهم، وجلبوا الورق من الأمصار، نسخوا القرآن الذي جمعه الخليفة الثالث عثمان بن عفان بسهولة، وهو أول الكتب المنسوخة على الورق عند العرب، فانتشر ككتاب سهل التداول بين المجتمع، ولأنه كان النص الإلهي الذي لا يقارن وكل الآداب تزول بحضوره، تم تسييد لغته على شعوب الحضارتين الساسانية والبيزنطية، وتلاها تدمير الحضارات والآثار الأدبية الباقية، من الساسانية إلى جزء من الرومانية البيزنطية، والقبطية، والأمازيغية، وهكذا طمر ما كان يتوقع أن يكون على سوية ما خلفته الحضارة اليونانية للبشرية من فلسفة وعلوم، تحت عامل أن القرآن يستغني عن كل الثقافات والكتب، إلى جانب عوامل أخرى منها:
1- القبائل العربية إلى جانب تفشي الجاهلية بينهم كانت خاضعة للقادة العسكريين والأئمة التي آمنت بالإسلام وكانت تفرض الدين الجديد، وتحافظ على لغته، أي لغة القرآن، لغة الجنة، والثقافة العربية المدموجة مع النص الإلهي، وحاربت من أجلها كل تيار يحاول أو يظن بأنه سيؤثر على مفاهيم الدين الإلهي، لذلك فأي كتاب أو فكر في الحضارات التي تمت غزوها دمرت بأوامر من هؤلاء القادة، كرد فعل مسبق للإسلام ولغته، الأداة التي سهلت لهم السيطرة على الشعوب المجاورة.
2- الأعمال الفكرية التي كانت تذخر بها الشعوب الحضارية التي تم غزوها، كانت خارج سياق القبائل الغازية المرافقة للإسلامية، والتي كانت جل دافعها السبي والنهب، والاغتناء المادي، فالكتب وثروة المكاتب لم تكن تجلب لقادة الجيوش، أي ثمن أو لم تكن بأغلى من ثمن سبية في تلك الفترة، أي أن أسواق النخاسة هي التي كانت سائدة، ولم يكن للأدب سوق، وسوق عكاظ كان في الهامش، ومعظمه شفهي.
3- ولربما رأي وجواب الخليفة الثاني عمر بن الخطاب على رسالتي، سعد بن أبي وقاص بعد أن أصبح واليا على العراق، وعمر بن العاص غازي مصر وواليها، توضح الكثير من خلفيات الضياع شبه المطلق للأثر الأدبي الفلسفي والعلمي لتلك الشعوب...


يتبع...
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]
9/12/2016م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا حررت تركيا مدينة الباب السورية
- هل كان للكرد أدباء وفلاسفة قبل الإسلام-الجزء الخامس
- هل كان للكرد أدباء وفلاسفة قبل الإسلام - الجزء الرابع
- نفاق الحل السياسي في سوريا
- ليت سوريا لم تكن
- هل كان للكرد أدباء وفلاسفة قبل الإسلام- الجزء الثالث
- الناقد الكبير الأستاذ إبراهيم محمود
- هل كان للكرد أدباء وفلاسفة قبل الإسلام-الجزء الثاني
- هل كان للكرد أدباء وفلاسفة قبل الإسلام- الجزء الأول
- الحورية السورية في مؤتمرات النخاسة
- لماذا لم تتحرر مدينة الباب
- خطأ الخالق أم المخلوق 2/2
- خطأ الخالق أم المخلوق 1/2
- كيف ستكون فيدرالية الكرد في سوريا 2/2
- كيف ستكون فيدرالية الكرد في سوريا 1/2
- ما دور الكرد في آستانه
- الوجه الأخر لخلافاتنا
- الكرد والإيديولوجيات والاستراتيجيات
- سوريا محمية روسية بامتياز
- ترمب من إمبراطورية إلى إمبراطورية


المزيد.....




- حماس تحذر من أي بديل عن الأمم المتحدة للإشراف على عمل الأونر ...
- مسؤول إماراتي لـCNN: سفينة مساعدات للدولة في طريقها إلى غزة ...
- -لا حيلة ولا قوة لنا-: اللاجئون السوريون في الأردن ولبنان و- ...
- يديعوت أحرونوت: بن غفير طلب قتل بعض المعتقلين بمجمع الشفاء
- أرادوا إدخال مساعدات.. اعتقال حاخامات ونشطاء على الحدود مع غ ...
- -ارتكب أفعالا تنطوي على خيانة وطنه-..داخلية السعودية تعلن إع ...
- -حماس- تبدى موقفها من التقرير الاممي حول -الأونروا-وتحذر
- تحديث بشأن التحقيق حول مشاركة موظفين بالأونروا في هجوم حماس ...
- اعتقال المتهم الـ12 بالهجوم الإرهابي على مجمّع -كروكوس- في م ...
- غزة.. فضحت -حرية التعبير- الغربية وسخّفت تهمة -معاداة السامي ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - هل كان للكرد أدباء وفلاسفة قبل الإسلام - الجزء السادس