أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - بلقيس حميد حسن - غازي فيصل.. الشهيد المنسي














المزيد.....

غازي فيصل.. الشهيد المنسي


بلقيس حميد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 5433 - 2017 / 2 / 15 - 17:47
المحور: المجتمع المدني
    


(شهادة للتأريخ)
استشهد غازي فيصل في القصف الاسرائيلي لمنطقة الفاكهاني بيروت يوم 17-7-1981 وكانت مجزرة دموية رهيبة. لم تترك الصواريخ من جسد الشهيد أي جسد..
شاب شيوعي مثقف، هادئ الطبع، وسيم الحضور، دافئ الصوت ينتقي كلماته بغاية الأدب والذوق، يعشق العمل الصحفي.
كان في جيكوسلوفاكيا هاربا من الموت المحتم عبر ملاحقة جلاوزة البعث له، كحالنا في بيروت آنذاك، لكنه لم يقبل بدعة الحياة الاشتراكية هناك والشعب العراقي يموت في المعتقلات والمقابر الجماعية، فجاء الى بيروت رغبة بالذهاب الى كردستان حيث فصائل الأنصار تحمل السلاح بوجه الطاغية صدام حسين البعثي الذي يبطش بشعبنا ويدمر الوطن.
كانت بيروت محطة عابرة بالنسبة للقادمين من الدول الاشتراكية من طلاب وشباب لبوا نداء الحزب بالكفاح المسلح وقدموا زهرات شبابهم في سبيل المباديء النبيلة، عمل غازي فيصل معي في مكتب التوجيه المعنوي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين كعمل مؤقت لحين تسفيره لجبهة النضال.
ترك غازي فيصل طفلته الوحيدة وكانت بعمر عام ونصف مع أمها الجيكية ولكنه كان يتواصل معهم تلفونيا..
لم يكن عمله بالشؤون الاجتماعية مثلي إنما عمل بمجلة المقاتل الثوري التي تصدر من دائرة التوجيه المعنوي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، فكنا نتحاور ونكتب في تلك الجريدة عن شؤون المقاتلين وتنشر المجلة آراء ومواقف القادة وقصائد وكلمات الأدباء المنضوين تحت لواء الجبهة .
ثلاث أسابيع فقط حين جاء غازي فيصل وبدأ العمل معنا في الطابق الرابع من بناية رحمة وكان أيضا يسكن في الطابق السادس من ذات البناية.
في غالب الأيام يكون في مكتبنا سبع موظفين، أما أنا فقليل ما أبقى فيه حيث أذهب لزيارة الجرحى في المستشفيات أو أزور عوائل الشهداء أو غيرها من المهام الانسانية التي انيطت بي، كنت أزور الجرحى يوميا بعد الحصول على أسمائهم والمستشفيات التي يرقدون فيها من الطبابة في الجبهة وذلك لأعرف مشاكلهم وحاجاتهم وعلاجاتهم ونفسياتهم لأرفع معنوياتهم ثم أكتب عنهم لتكون لدى قائد القوات المسلحة الراحل ممدوح نوفل وهو المسؤول الأول والمباشر عن التوجيه المعنوي صورة واضحة عن كل مايخصهم حيث الحرب تآتيني يوميا بقائمة أسماء لجرحى جدد وشهداء وأوجاع لاتحصى ..
يوم 17-7-1981 الذي لن أنساه ما حييت حيث دخلت المكتب كان غازي فيصل فرحا جدا بادرني بالسلام وهو يبشرني بصدور العدد الجديد من المجلة بعد عمله في تحريرها قائلا سيكون مقاله بعنوان( نيكاراغوا الثورة) مقالا رئيسيا في المجلة وهناك رفيق نزل الآن للمطبعة لجذب نسخ العدد.
كان فرحه طفوليا، حيث أحب أن يكون عمله عملاً أدبيا، يناضل من خلاله بالكلمة دونما حمل السلاح، فالكتابة والصحافة كانت الأقرب الى روحه حتى أعتقدت أنها خطفته ليبقى في بيروت أطول مما كان قد قرر.
ذلك اليوم أردت البقاء في المكتب لكتابة تقارير مطالبة بها في عملي لولا أن تلفونا جاءني من جريحين يريدان سلفة قبل موعد الراتب فاضطررت للاتصال بمكتب الذاتية وبمسؤولها سهيل الناطور الذي كان حريصا على مال الثورة، ولم يكن يقتنع بسرعة ولا يتساهل بمنح السلف للمقاتلين..
لكن شيئا غريبا حصل ذلك اليوم حين اتصلت بسهيل الناطور أجابني فورا على غير عادته بالايجاب ولم يناقشني قائلاً:
رفيقة تعالي لتأخذي لهم السلف.
كل الموظفين في المكتب خرجوا وأنا منهم وبقي غازي فيصل بعد أن أحضر شايا عراقيا من بيته، جالسا بالمكتب منتظرا عدد المجلة.
كل الموظفين رتب لهم القدر تلك الساعة سببا للخروج من المكتب بشكل عجيب غريب، عدا غازي فيصل بقي ليتلقى الصواريخ الاسرائيلية بجسده وروحه أعزلا، غريبا، وحيدا.
لم ير غازي فيصل العدد الجديد بعد ومقالته الأولى به.
كان العدد في المطبعة في قبو البناية حيث الصواريخ (جو أرض ) قد دكت البناية نزولا الى ما تحت الأرض لتستشهد العروس العراقية الشيوعية ثائرة فخري بطرس التي تعمل هناك ولم تكمل إلا بعض أشهر بعد عرسها.
استشهدت ثائرة عروسا جميلة فجعت قلوبنا، واستشهد غازي فيصل فرحا بالبذل والعطاء..
رحل كما جاء خفيفا، محبوبا، مناضلا، وحيدا، منسيا لاجثة له فوضعوا صورته الوسيمة على عمود خشبي كشاخصة تشمخ بلا قبر في مقبرة الشهداء ببيروت، رغم أن صورته كانت بلا جثة لكن حضورها كان طاغيا في المقبرة.
أتذكر في التشييع كانت بجانبي شابة فلسطينية نظرت الى صورته وهمست لي بحسرة:
انظري ما أوسم هذا الشهيد ياحسرتي عليه رجل رائع كأنه ملك في المقبرة..
لست أدري هل بقيت صورة ملك المقبرة الشهيد غازي فيصل حتى الآن تحكي ذلك العطاء المميز للشيوعيين العراقيين وتلك الجرائم المرعبة البشعة للاسرائيليين الصهاينة؟
14-2-2017



#بلقيس_حميد_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الى (أبو نؤاس) الشامخ في بغداد
- مثنويات
- (فاطمة المرنيسي ، العقل الذي لايغيب)
- أيتها العراقيات، حطمن قيودكن
- الحكومة العراقية والملاهي الليلية
- عاشقة بلا وطن/ 56
- عاشقة بلا وطن 55
- هل من مجيب يا أهل السلطة؟
- تغييب الحقائق
- عالمٌ صهيوني بامتياز وداعش صنيعة اسرائيل
- عاشقة بلا وطن 54
- قنبلة نووية موقوته في مدينة الناصرية
- هي حرب عالمية ثالثة والتفاف على التسميات
- نفاق الأمم المتحدة- الصهيونية حاليا-وعهرها الدولي..
- دولتك يا اسرائيل من الفرات الى النيل
- مؤتمر الاردن ينفذ الأجندة الامريكية
- دوافع دولة آل سعود
- انتظرنا خطاب أوباما, وليتنا لم ننتظر
- -لو كنتُ-
- عاشقة بلا وطن/53


المزيد.....




- -الرئاسة الفلسطينية- تدين استخدام واشنطن -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- فيتو أمريكي بمجلس الأمن ضد العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم ...
- مؤسسات الأسرى: إسرائيل تواصل التصعيد من عمليات الاعتقال وملا ...
- الفيتو الأمريكي.. ورقة إسرائيل ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحد ...
- -فيتو-أمريكي ضد الطلب الفلسطيني للحصول على عضوية كاملة بالأم ...
- فيتو أمريكي يفشل مشروع قرار لمنح فلسطين العضوية الكاملة بالأ ...
- فشل مشروع قرار لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة ...
- فيتو أمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة
- الرئاسة الفلسطينية تدين استخدام واشنطن -الفيتو- لمنع حصول فل ...
- فيتو أميركي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - بلقيس حميد حسن - غازي فيصل.. الشهيد المنسي