أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نايف سلوم - من نُكت المتنبي














المزيد.....

من نُكت المتنبي


نايف سلوم
كاتب وباحث وناقد وطبيب سوري

(Nayf Saloom)


الحوار المتمدن-العدد: 5431 - 2017 / 2 / 13 - 17:19
المحور: الادب والفن
    


من نكت المتنبي
نايف سلوم
قال أحمد ابن الحسين:
ضيفٌ ألمّ برأسي غير محتشمِ السيفُ أحسن فعلاً منه بالِّلمِ
ضيفٌ وأضيافٌ عراة ، طيفٌ واطيافٌ عراة ؛ زارني أضياف عراة مجردون من الجسد كأنهم أطياف . اقتحموا رأسي من دون استئذان. كان حضورهم الطيفي ثقيل الوقع، بارد وحاد ، لكنه "ثقيل" وربما فضلت عليه ضربة السيف على الّلمة! واللِّمة الشعر إذا جاوز شحمة الأذن ووصل إلى العنق. وضرب اللِّمة كناية عن ضرب العنق.
أبعد بعدت بياضاً لا بياض له لأنت أسود في عيني من الظلم
إنه ثقل البعد وامتداد البياض اللانهائي ، فشدة البياض تعمي البصر ، كضوء الشمس يعمي البصر. فبياضه المرسل ظلام مرسل كالعماء أو هولة اليمّ في امتداده اللانهائي. قال سارتر في وصف بودلير في أزهار الشر: تصوروا الشحرور الأبيض أصيب بالعمى ، لأن النور المبهر إذا انعكس على العين يعادل العمى.
قال المتنبي: لاتفتنني الأوثان ولا الرسوم والآثار ولا أنا عابد للأصنام ، لكن الفضول القاتل جعلني أسائل كل رسمٍ أمرّ به، وكل كلمة ؛ لوغوس. حتى خطر ببالي عنترة وهو يسائل نفسه:
أعياك رسم الدار لم يتكلم حتى تكلم كالأصم الأعجمي
وكيف لجسد أصم أن يتكلم! وكيف لمحسوس أن يتجاوز المحسوس ! وكيف لجسد أن يشف ، وهو الحجاب السميك!
ولكن لاعليك أيها القارئ النهم والشريك الرائع، فلقد سبق لأفلاطون أن اكتشف الفارماكون وهو الشعار الذي يسم الصيدلية أو الفارماشية ؛ هي حيّة تنفث السم في الكأس . الفارماكون سم وترياق ، حجب وكشف ، سواد وبياض ، هي الطاولة التي تقف على رأسها في مشهد غريب يسم الفصل الأول من الكتاب الأول من رأس المال . هو الميم؛ باب وحجاب، تشف المعنى وتحجبه ، هو عيسى وهو الكلمة المنطوقة ، الصوت مركوب المعنى ، ناقة صالح . وكما أريق دم عيسى لإفشائه سر الكلمة (لوغوس) ، وكما عقرت ناقة صالح فقد أريق دمي ، قال المتنبي وهو متلقي وحي الماضي:
فما أمر برسم لا أسائله ولا بذات خمار لا تريق دمي
وعندما خرج أكتايون حفيد قدموس إلى الصيد برفقة كلابه تشبهاً بدايانا ، وقاده فضوله الجاهل وحظه العاثر إلى داخل لفيف من الشجر حيث تستحم ربّة الصيد في غدير من الماء العذب تحيط بها وصيفاتها الست ، ولكونها أطول منهن لم تستطع ستر جسدها العاري البتول من نظرات أكتايون المتلصصة فرشقته بقطرات من ماء الغدير على جبهته فتحول وعلاً ، وعندما رأى في الماء وجهه وقرنيه ، كاد أن يصرخ : ما أشقاني ، لكن لم تخرج من فمه أيّة كلمة ، تأوّه وكان تأوهه لغته كلها .
وهذا السرب الضاري من الكلاب ، المتلهفة إلى الفريسة أخذ يطارد الشاب عبر الصخور والمنحدرات والأماكن الوعرة وفي المناطق الصعبة ، أو التي لادروب فيها ، وكان يهرب في الأمكنة ذاتها حيث طارد غالباً فريسته ، نعم وا أسفاه إنه يهرب من حيوانات كانت في خدمته . أراد ان يصرخ فيها : أنا اكتيون، تذكري سيدك ، غير أن الكلمات لم تعد طوع إرادته . وانقضت الأنياب كلها على جسمه في الوقت ذاته تأوه وتذكر دون القدرة على النطق والتلفظ قول المتنبي:
وأنا الذي اجتلب المنية طرفُه فمن المطالب والقتيل القاتل
قال أوفيد موجهاً خطابه إلى قدموس جد أكتايون القتيل:
حفيدك يا قدموس
بقرنيه اللذين أثقلا جبينه خلافاً للطبيعة
هو سبب لعذابك الأول ، في قلب رخائك العامر
وأنتِ كذلك ايتها الكلاب التي ارتويت من دماء سيدك
ولئن نظرنا عن كثب ، فإننا نرى أنه ضاع
بخطأ من ربة الحظ.



#نايف_سلوم (هاشتاغ)       Nayf_Saloom#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اطلبوا العلم ولو في قطر!
- الثقافة والأيديولوجيا
- كلمة بمناسبة توقيع كتابي الجديد -نقد النساء- قراءة في عابدات ...
- علمانية الدولة الاشتراكية
- الكلمة التي ألقيت في المركز الثقافي العربي بحمص بمناسبة توقي ...
- الدولة الحديثة بين الهوية والأيديولوجيا
- خيارات الكرد السوريين وملامح خطة أميركية
- أسلوبان في مواجهة «داعش»؛ تطور الدور الروسي في سوريا
- الصراعات المذهبية في الشرق الأوسط وحدود المنفعة الإسرائيلية
- البروليتاريا والعلمانية
- التداعيات المحتملة لإطار التفاهم الإيراني الغربي
- فوضى المفاهيم
- من مقدمة كتاب -نقد النساء- قراءة في عابدات باخوس- القسم 2
- من مقدمة كتاب -نقد النساء- قراءة في عابدات باخوس
- رأي في مقالة جورج حداد -يا غالب يا مغلوب-
- نايف سلوم عضو اللجنة القيادية في تجمع اليسار الماركسي في سور ...
- عرض الفصل الرابع من كتاب الماركسية السوفياتية
- الاقتصاد السياسي للاحتجاجات في سوريا
- خارج دائرة السحر. سوريا بحاجة إلى إصلاح اجتماعي/ سياسي عاجل
- عرض نقدي للفصل السابع من كتاب -الماركسية السوفياتية-


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نايف سلوم - من نُكت المتنبي