نايف سلوم عضو اللجنة القيادية في تجمع اليسار الماركسي في سورية في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: فهم واسباب -الثورة السياسية- السورية الراهنة


نايف سلوم
الحوار المتمدن - العدد: 3498 - 2011 / 9 / 26 - 00:02
المحور: مقابلات و حوارات     

من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى من جهة, وبين قراء وقارئات موقع الحوار المتمدن على الانترنت من جهة أخرى, ومن أجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء, تقوم مؤسسة الحوار المتمدن بأجراء حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام.
حوارنا - 63 - سيكون مع الاستاذ  نايف سلوم عضو اللجنة القيادية في تجمع اليسار الماركسي في سورية حول:  إسهام في فهم "الثورة السياسية" السورية الراهنة.

يشكل "البازار"[1] (1) السوري خليطا متنوعا من الفئات الاجتماعية يجمعها التجارة بالجملة والمفرق بكل احتياجات العائلة السورية من جهة  والثقافة الإسلامية ذات الشكل السني من الجهة الأخرى. ولقد وجد هذا البازار نفسه في حالة تهميش متعاظم على أثر المواجهة العنيفة بين التنظيمات المسلحة للأخوان المسلمين السوريين وبين النظام نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن المنصرم . كان من نتائج المواجهة إظهار الانقسام في الطبقة التجارية السورية حيث اصطف كبار التجار والصناعيين في دمشق وحلب إلى جانب النظام، بينما تعاطف البازار في فئاته الوسطى والصغرى مع حركة الأخوان المسلمين خاصة في حلب وحماة وحمص وأدلب (المدن الداخلية). وكان من نتائج هذه المواجهة تضخم الأجهزة الأمنية واستيلائها على الحياة العامة والخاصة ، وقد لعب هذا الأمر دوراً أساسياً في تعاظم ظاهرة الفساد الإداري وفي سحق الحياة السياسية وشل عمل الأحزاب ، وفي إلحاق النقابات العمالية والمهنية بالسلطة الحاكمة. كما أدى إلى إنشاء أوتسرادات (تحويلات) عزلت المدن الداخلية كحمص وحماة وادلب ، فزادت من تهميشها الاقتصادي . كما جرى تهميش مدن درعا ودير الزور والبوكمال والقامشلي بحكم الإهمال الاستثماري والخدمي والذي تركز في حلب ودمشق . كل ذلك زاد من إفقار وتهميش طبقة البازار السورية في المدن الداخلية وفي المدن الطرفية ، وأظهر فئة من التجار ورجال الأعمال تعمل بالوكالة والشراكة مع رجال السلطة ، حيث احتكرت كل شيء : الاقتصاد والسياسة والقطاعات الحديثة المربحة ، وقطاع العقارات والسيارات ، الخ. 
ازداد تنامي الاحتكار في الاقتصاد السوري اعتباراً من 2001 . إضافة إلى حماية هذا الاحتكار عبر أجهزة الأمن وعبر تنفذ المحافظين في معظم المدن السورية . هذا من جهة ، ومن جهة أخرى حصل إفقار نسبي متنامي للمزارعين المستقلين عبر القوانين التي ذهبت إلى حد تهديد ازدهارهم الذي حصل عبر تسعينات القرن الماضي . فارتفاع أسعار المازوت والسماد بشكل كبير، هدّد المساحات المروية بقوة محركات الديزل . وهناك قانون إصلاح العلاقات الزراعية الذي ظهر ليدمج بعض الأثرياء المغتربين أو المحليين بنظام الاحتكار للثروة، وهناك القانون الذي يسمح بتملك المستثمر الأجنبي لمساحات من الأرض تتجاوز السقف الذي حدده قانون الإصلاح الزراعي. إن الاحتكار والاستثمار الذي تجاوز السقف المحدد في قانون الإصلاح الزراعي كان علامة خطرة على شكل الاحتجاج اللاحق وأماكن حدوثه .
أيضاً نلاحظ التهميش الذي ضرب الفئات الوسطى في سوريا خاصة المحامين والأطباء وغيرهم وهي الفئات الأكثر حساسية لظاهرة الاحتكار في الثروة والسلطة ، وسوف تشكل هذه الفئات التعبير السياسي "العلماني" وغير العلماني المعارض ابتداء من 2001 أو ما سمي "بربيع دمشق".
يضاف إلى ذلك العاطلون عن العمل من قطاع الشباب . وهؤلاء فئة واسعة من المتعلمين الذين استفادوا من سياسات الانفتاح في التعليم بعد تسلم الأسد الأب السلطة 1970 ، ومن انتشار ظاهرة التعليم الموازي والخاص على اثر انحطاط التعليم العام خاصة بعد 2005  . وقد وجد هؤلاء أنفسهم عاطلين بمئات الآلاف . أضف إليهم هواة الإنترنت ومحترفوه الذين تأهلوا بشكل كبير من دون الحصول على فرصة عمل مجزية. وقد لعب هؤلاء دور المنظم [ما يشبه حزباً سياسياً] عبر الفيس بوك . أضف إلى ذلك البطالة الخطرة التي انتشرت في الأوساط غير المتعلمة أو ذات التعليم الضعيف وهو ما يفسر الاحتجاجات في أماكن بعينها من المدن السورية حيث الإهمال الخدمي والتهميش الجهوي والبطالة الواسعة في قطاع الشباب غير المتعلم. وجدير بالذكر الاقتباس من  ميشيل تشوسودوفسكي في مقالة مطولة بعنوان: "سوريا: من يقف وراء حركة الاحتجاج"[2] (2) قوله: "توجد العديد من المسببات التي شكلت هذا الحدث السوري، ومن أبرزها: أ-    تزايد مستوى البطالة في الفترة الأخيرة. ب-    تدهور الظروف والأوضاع الاجتماعية- الاقتصادية .  .. إن حدوث هذين السببين يعود بشكل رئيسي إلى قيام دمشق بإتباع وصفة صندوق النقد الدولي الخاصة بسوريا في عام 2006 م، وهي الوصفة التي فرضت على سوريا القيام بانتهاج سياسات اقتصادية تركز على الآتي:  1- تطبيق الإجراءات التقشفية الصارمة القائمة على مبدأ تخفيض النفقات والحد من الواردات، وإلغاء الدعم وتقليل الإنفاق على الخدمات.. وهلمّ جراً. 2- تجميد مستوى الأجور والمرتبات، وذلك بما يتضمن عدم زيادة الأجور، وعدم فتح الوظائف الجديدة لتعيين الموظفين والعمال والمهنيين.  3- إعادة تنظيم النظام المالي والنقدي، بما يتضمن إعادة هيكلة المؤسسات المالية والنقدية إضافة إلى إعادة هيكلة السياسات المالية والنقدية بما يتماشى مع توجهات نظام السوق الحر الذي يعتمده صندوق النقد الدولي وبقية المؤسسات المالية والنقدية والتجارية الدولية.  4- القيام باعتماد الإصلاحات الجديدة في النظام التجاري، بما يعطي للأسواق قدراً أكبر من حرية التجارة، ويطلق يد التجار، وعلى وجه الخصوص عدم قيام الدولة بوضع القيود التي تحدد وتضبط أسعار بيع وشراء السلع في الأسواق السورية.
5- القيام باعتماد نظام الخصخصة، وذلك بما يتضمن تصفية مؤسسات القطاع العام ببيعها للقطاع الخاص أو تصفيتها إذا تعذر ذلك، بما سوف يؤدي بالضرورة إلى تسريح الأعداد الكبيرة من الموظفين والعمال." انتهى الاقتباس
إن اجتماع احتكار القلة من رجال الأعمال المتشابكين مع رجالات السلطة النافذين مع وصفة صندوق النقد الدولي كانت السمة المشتركة للنظم التي سقطت بفعل الثورات السياسية العربية أو كادت تسقط كتونس ومصر واليمن وسوريا ، الخ..
السلوك المتعجرف والفاسد لبعض المسؤولين في بعض المحافظات كان يأخذ دور الصاعق نظراً لطابعه الاستفزازي . وقد مثل محافظ حمص المُقال ، وبعض القيادات الأمنية في درعا نماذج لذلك.
الدور الذي يلعبه المشروع الأميركي للشرق الأوسط ، وتشجيعه لأية ثقافة دينية تعمل في السياسة، وتعاظم الفضائيات الدينية أو غير الدينية الملحقة بهذا المشروع خاصة الجزيرة والحرة والعربية. وهي قنوات تتوزع الأدوار في خدمة المشروع الأميركي على المستوى الاستراتيجي. أقول المشروع الأميركي للشرق الأوسط والعالم وتقاطعاته مع التغيرات السياسية في المنطقة العربية والشرق الأوسط. يقول تشوسودوفسكي: "توجد دلائل وبراهين واضحة تؤكد وجود عملية تضليل إعلامي كبيرة الضخامة، إضافة إلى الخدع والأكاذيب التي ظلت الوسائط الإعلامية العالمية تتداولها وتروج لها منذ لحظة بدء الأحداث في يوم 17 آذار (مارس) 2011 م الماضي."
الإهمال الأيديولوجي والتنظيمي لمعظم كوادر "البعث" ومنتسبيه ، وفساد الآخرين. ما أدى إلى نكوص معظم هذه الكوادر نحو ثقافتها الدينية السالفة. فلإهمال الأيديولوجي والسياسي أدى إلى انسحاب كل فرد من أفراد البعث نحو ثقافته الدينية. وهي الظاهرة التي آلت إلى موات "البعث" وتبعثره وانحطاطه السياسي والتنظيمي . وهو ما ظهر جلياً في الاحتجاجات حيث كان "البعث" غائباً تقريباً في المواجهات.
كان القطاع الأنشط في المعارضة السورية البورجوازية الديمقراطية هم المصابون بالعدوى الليبرالية والمتأثرون بالدعوى الأميركية الليبرالية الجديدة ومشروع "ديمقراطية المكونات" . إلا أن ذلك لم يمنع من ظهور نشاط متعاظم في الأوساط البورجوازية الديمقراطية الوطنية العلمانية منها والدينية . كما نلاحظ نشاط قطاع من اليسار القومي الديمقراطي الوطني والماركسي بشكل لافت . وقد ذكرنا أن مثقفي الإنترنت من الشباب شكلوا منظماً مهماً لتحريك الاحتجاجات
إن مسألة الانتقال من التلقائي أو العفوي والمطلبي إلى السياسي الواعي والمنظم كانت قد طرحت في بداية القرن الماضي من قبل منظري الثورة الروسية خاصة لينين ، وكان الجواب على سؤال العفوية أو التلقائية هو التنظيم السياسي (الحزب) ذو الخط الواضح. فالتنظيم السياسي هو الأداة أو الواسطة التي سيتم من خلالها نقل حالة الوعي لدى الجماهير المنتفضة والمحتجة من التلقائية إلى الوعي المقارب ومن المستوى النقابي المطلبي الأناني بالنسبة للطبقة إلى المستوى السياسي الوطني والقومي والأممي. (راجع كتاب لينين: ما العمل؟  1903)
أما اليوم وأمام ثورة الاتصالات وتدويل الإعلام المرئي والمسموع بشكل لا سابق له عبر البث الفضائي وعبر شبكة الانترنت وثورة الحواسيب فقد اختلف الأمر تماماً . فالبث الفضائي في صوره الأكثر حضوراً تسيطر عليه الدول الإمبريالية الرئيسية ، وكذلك تشرف الشركات الدولية على شبكة الإنترنت وعلى شبكات تشغيل الموبايل ، بالتالي تغدو الوساطة بين التلقائي من جهة والسياسي والتنظيمي من الجهة الأخرى ضرباً من تحصيل الحاصل . لقد أضحت السياسة الإمبريالية فعالة وحاضرة عبر محطات البث الفضائي وعبر الإنترنت والموبايل .
إذاً عندما يرفع شعار "الحماية الدولية" من قبل المحتجين السوريين وبشكل أساسي طبقة البازار السوري من تجار المدن المتوسطين والصغار، ومعها بعض المهمشين اجتماعياً- اقتصادياً  وقومياً ، فنحن لسنا أمام رد فعل تلقائي لجماهير المحتجين، بل أمام كل هذا الامتداد السياسي لمثقفي البازار من رجال الدين السنة ومن السياسيين السوريين الليبراليين ومن المعارضين الليبراليين العلمانيين والمتدينين من المتأمركين والمتفرنسين. إذاً نحن أمام كل هذه السياسة لمعارضين سوريين في الداخل والخارج وظلالها من السياسة الإمبريالية الدولية وملحقاتها الإقليمية في تركيا والخليج العربي.
وكما أن التقائية اندحرت أمام ثورة الاتصالات والتي تسيطر الإمبريالية على أدواتها الرئيسية ، كذلك التحالفات الطبقية في العصر الإمبريالي باتت غير مقتصرة على البلد الواحد بل أضحت عابرة للحدود الوطنية وهذه السمة الدولية أو التدويل تعمّق مع تبلور الظاهرة الإمبريالية بداية القرن العشرين، وبلغ مداه الأعظم مع ثورة الاتصالات (البث الفضائي والانترنت، الخ) .
 لقد طالبت المعارضة السورية الوطنية الديمقراطية دوماً واعتباراً من 2001 بالإصلاح السياسي والاقتصادي لكسر دائرة الاحتكار الجهنمية والخروج نحو مستقبل سوري أفضل عبر مشروع للتغيير الديمقراطي السلمي التدريجي يحمي سوريا من أي انزلاق نحو مواجهات اجتماعية خطرة ، خاصة وأن عولمة الاقتصاد السياسي الدولي ، وسيطرة القوى الإمبريالية على القانون الدولي تفسيراً وتطبيقاً وعلى المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة وغيرها ، يجعل من أية حرب اجتماعية أهلية داخلية تتحول وبسرعة البرق إلى حرب عالمية تشن الدول الإمبريالية الرئيسية خاصة الولايات المتحدة من خلالها حملة تأديبية بهدف إخضاع النظم أو تغييرها لحسابها الخاص. وليبيا والعراق وأفغانستان ويوغسلافيا أمثلة حاضرة في الذهن. لقد ظهر الإعلام الفضائي على أنه منظِّم ومحرِّض . وقد ظهر أيضاً أن الإعلام قد غير من مفهوم المثقف السياسي . لم يظهر السياسي العريق سوى صورة من صور النشاط الإعلامي الهائل.
لم يكن رفع أسعار المازوت وأسعار السماد ، وقوانين إصلاح العلاقات الزراعية وتملك عقارات كبيرة من قبل أجانب مستثمرين ، والبطالة الواسعة في قطاع الشباب والفساد الواسع إلا علامات على تغول الاحتكار في السياسة والاقتصاد ووصوله إلى درجة الانفجار . وهو ما يفسر أمكان الانفجار وطبيعة تحركات الحشود وأماكنها وشكل مطالبها . إن مصطلح الحشود يأخذ دوره في الحال ما أن ينخرط البازار في التحركات الاحتجاجية الثورية ، وهو ما ظهر في طهران 1979 وفي سوريا 2011 . والبازار ليس لديه إستراتيجية سياسية تجاه الرأسمال الاحتكاري العالمي وتجاه الإمبريالية ، وسياساته تتحدد بالتقابل ؛ فحيث يكون النظام الذي يحاربه البازار تكون السياسة تجاه الإمبريالية: ففي إيران كان الشاه يقف في صف الإمبريالية الأميركية فكان البازار ضد الهيمنة الأميركية ، وفي سوريا العكس هو الحاصل : النظام في موقع المعرقل وغير المنسجم مع السياسيات الأميركية في المنطقة، البازار السوري طلب من الولايات المتحدة الضغط دولياً سياسياً واقتصادياً على النظام فوجد البازار نفسه في صف الهيمنة الأميركية. وهذا فارق يضعف من شعبية البازار السوري. كما أظهرت حركة الاحتجاج تردد قسم مهم من طبقة البازار السورية ، ولم تنخرط في كليتها. وهو ما ظهر تحت عنوان : جمعة الصامتين أو وهو الأصح جمعة المترددين من بازار حمص وحلب ودمشق ، الخ.
كان الاحتجاج الأعنف هو احتجاج المدن الداخلية كحمص وحماه وأدلب ، إضافة إلى المدن الطرفية كدير الزور والقامشلي وجسر الشغور والبوكمال ودرعا . وهي المدن التي عانت من التهميش الاستثماري والخدمي ، ومن البطالة الواسعة . ومن تعسف وانفلات الأجهزة الأمنية . كما أن بعضها له حدود مع بلدان مجاورة ذات علاقة متوترة مع النظام .
أظهرت الاحتجاجات سهولة التدخلات الأميركية في الحركة عبر قنوات البث الفضائي الهائلة وعبر الأموال الأميركية وبعض المعارضين في الخارج الذين لعبوا دور أدوات الإعلام ومادته في التحريض ودفع الوضع السوري إلى مواجهة لا تخدم مطالب المحتجين ولا مستقبل سوريا. النظام السوري هو النظام العربي الوحيد الذي بقي في خط المعرقل للمشروع الأميركي في الشرق الأوسط ودعم المقاومة اللبنانية والفلسطينية في حربها ضد إسرائيل. لكن هذا الأمر لم يستطع حجب القضية الأساسية وهي: أن الاحتكار والاستبداد باتا يشكلان خطراً حقيقياً يهدد بتدمير كل شيء، لا بل ويهدد بتحويل المهمة الوطنية التي يتبناها النظام على طريقته ، إلى مهمة في غير سياقها المجتمعي الطبيعي ، ويهدد الوحدة الوطنية أرضاً وشعباً.
أما الدور التركي فيمكن مقاربته على النحو التالي:
1-    الدور الجديد المناط بتركيا كعضو في حلف شمال الأطلسي في المشروع الأميركي للشرق الأوسط فهي تعمل كعرابة للإسلام السني في مواجهة ما سمي بالتمدد الشيعي القادم من إيران . ستلعب تركيا دور الحاضنة والدولة- المرجعية لكل حراك سياسي سني في البلدان العربية، خاصة الأخوان المسلمين في فلسطين ومصر وسوريا وتونس، وهو ما ظهر من خلال تبني الحكومة التركية لأخوان سوريا ، ودعم حماس بالمعنى السياسي والمعنوي . وقد حرص الأتراك ومن خلفهم الولايات المتحدة على إظهار الحكم البورجوازي الإسلامي الذي يحاول تحويل حكم الجيش إلى حكم مدني ليبرالي إسلامي المظهر؛ إلى نموذج يحتذى في البلدان العربية. وعلى  الثورات السياسية العربية اقتفاء أثره.
2-    تركيا إذاً ستوازن الصعود الإيراني بالمعنى السياسي والاقتصادي والثقافي مدعومة من أمريكا وستكون النموذج أو الموديل البديل عن الموديل الإيراني حتى تكون العدوى تركية وليست إيرانية. فوجود إيران غير منسجمة مع السياسات الأميركية يتطلب ذلك.
3-    أرادت تركيا ونصحت باقتسام السلطة السياسية بين النظام القائم والأخوان المسلمين في سوريا، وقيام نظام حكم شبيه بالتركي وهو ما رفضه النظام في الشهر الأول من الاحتجاجات.
قد يقع جدال حول تصنيف الاحتجاجات السورية وتسميتها ، وهل هي تمرد أم ثورة؟
 في الواقع هي ثورة سياسية قامت بها طبقة البازار السورية مع تردد بعض فئاتها إضافة إلى فئة واسعة من المزارعين ، وجمهور كبير من المهمشين والعاطلين عن العمل من الشباب . وهي لذلك ونتيجة شمولها لمعظم المدن والبلدات السورية : هي ثورة سياسية ضد نظام الاحتكار السياسي والاقتصادي ، وضد تدخل الأجهزة الأمنية وسيطرتها على الحياة العامة والخاصة ، وما استجرته من تغول الفساد والأتاوة والمحسوبيات وانحطاط القيم الوطنية والعامة . ومن هنا نمو مزاج شعبي معاد للتسلط وللنظام الأمني السائد ، ومعاد لفساد الحياة العامة وانحطاط القيم الوطنية .
لن تستطيع طبقة البازار حتى لو انضم إليها المترددون من الطبقة ذاتها  حكم سوريا منفردة . ومن هنا يحاول بعض المعارضين المتأمركين والمتفرنسين عسكرة الاحتجاجات لاستجرار تدخل دولي عسكري على الطريقة الليبية .
لكن من حق هذه الطبقة بجميع فئاتها  المشاركة المنصفة في السياسة والاقتصاد الوطني . وهو ما يترجمه مطلب التداول السلمي للسلطة ، والتغيير الوطني الديمقراطي السلمي والمتدرج الذي لطالما رددته المعارضة السورية الوطنية الديمقراطية واليسارية الماركسية خلال السنوات العشر منصرمة . ويكون عبر تسوية تاريخية بين النظام وطبقة البازار السورية.
ما من شك في أن الإصلاح السياسي والاقتصادي الذي يعني إجراء تغييرات عميقة على مستوى المشاركة السياسية وعلى مستوى توزيع الدخل الوطني هو الحل الحاسم والأكيد من أجل مستقبل سوريا .
لا يفوتنا أن نذكر أن الغضب الناجم عن السياسات السابقة والمواجهات العنيفة أواخر السبعينات من القرن الماضي بين جماعات مسلحة للأخوان المسلمين ونظام البعث يمحوه دفء الإصلاح والتغيير الديمقراطي السلمي الحقيقي الذي يقود إلى نظام تعددي تداولي سلمي للسلطة السياسية . ويعيد التوازن الاقتصادي-الاجتماعي إلى المجتمع السوري ومعها المصالحة التاريخية المنتجة والواعدة.
 

*********
[1] - كلمة فارسية تشير إلى طبقة تجارية تقليدية في إيران همشتها التحديثات التي قام بها الشاه ، وقد لعبت دوراً نشطاً وقيادياً في الثورة الإيرانية 1979 عبر ممثليها من رجال الدين الشيعة (آيات الله) . ونحن نستعير التعبير لنشير إلى طبقة غير متجانسة من التجار والحرفيين والباعة التقليديين في المدن السورية همشها تنامي احتكار القلة بعد 2001 ، وتجد في الثقافة الدينية ورجال الدين السنة تعبيرها السياسي .. لكنها تستأنس أحياناً بتعبيرات سياسية ديمقراطية وطنية علمانية وأحياناً يسارية .
2- المصدر: موقع “الجمل” http://www.aljaml.com/node/70460

[1] - كلمة فارسية تشير إلى طبقة تجارية تقليدية في إيران همشتها التحديثات التي قام بها الشاه ، وقد لعبت دوراً نشطاً وقيادياً في الثورة الإيرانية 1979 عبر ممثليها من رجال الدين الشيعة (آيات الله) . ونحن نستعير التعبير لنشير إلى طبقة غير متجانسة من التجار والحرفيين والباعة التقليديين في المدن السورية همشها تنامي احتكار القلة بعد 2001 ، وتجد في الثقافة الدينية ورجال الدين السنة تعبيرها السياسي .. لكنها تستأنس أحياناً بتعبيرات سياسية ديمقراطية وطنية علمانية وأحياناً يسارية .
[2] - المصدر: موقع “الجمل” http://www.aljaml.com/node/70460