أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعادة أبو عراق - الدولة الإسلامية وبناء الحضارة















المزيد.....

الدولة الإسلامية وبناء الحضارة


سعادة أبو عراق

الحوار المتمدن-العدد: 5429 - 2017 / 2 / 11 - 18:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لدولة الإسلامية وبناء الحضارة
لو سألت أحد المنظرين للدولة الإسلامية، أو أحد المناصرين لهذه الفكرة، هل ستبني الدولة الإسلامية المنتظرة حضارة إسلامية ؟ لقال على الفور نعم بكل تأكيد، ولكن لو سألته عن مفهوم الحضارة أو تعريفها، لوجدته يتلكأ ويبحث في أرجاء دماغه إن كان من شيء يسعفه في هذا المقام.
كل المشتغلين بالفلسفة ليسوا اقل تلكؤا منه، فلا احد يعرف كيف تنشأ حضارة ما ولا كيف تنهار، هناك تحليلات وهناك تفسيرات، لكنها محاولات للفهم، كما نحاول البحث عن سبب كسر الجرة، ربما نعرف، لكن معرفتنا هذه لا تفيدنا في صنع جرة جديدة .
إن صعود دولة ما أو إمبراطورية ما، لا ينبئ عن قيام حضارة، فهذا كما لو يهديك صديق شجيرة ويقول لك إنها تطرح ثمرا جيدا، فلن تتأكد من ذلك إلا بعد أن تزرعها وتنمو ثم تعاين ثمرها، إن كان جيدا أو غير جيد، والدول هنا كالشجر، والحضارة كالثمر الذي يطرحه الشجر، فالحضارة مرتبطة بالدولة كما هي الثمرة مرتبطة بالشجرة، كل شجرة لها طرحها وكل دولة لها حضارتها. ولا يمكن لنوعين من الشجر أن يطرحا نفس الثمر. ولا يمكن لحضارتين أن تكونا متشابهتين، ولكن يمكن أن تكونا متكاملتين .
ولنترك هذا التشبيه الذي يفتح أمامنا سبل القول، ولنقل عن إمبراطورية المغول التي اكتسحت العالم لكنها لم تبدع حضارة متواضعة، بينما دولة صغيرة مثل أثينا فإنها أنتجت حضارة عظيمة ما زالت مثمرة حتى اليوم، وقد يقول قائل على الفور أن المغول قوم من البدو الهمجيين شأنهم شأن الفايكنغ الهمج الذين أجهزوا على الدولة الرومانية كما أجهز المغول على الخلافة في بغداد، لكن أما كان بوسعهم إقامة حضارة ؟ لا ندري فالحضارة ليست مرتبطة باتساع الدولة أو صغرها إنما مرتبطة بروحها فدولة ذات روح عسكرية قتالية ( أوليغاركية ) في إسبرطة لم تصنع حضارة مثل دولة مدنية في أثينا .
والحضارة هي بناء ولنقل إنها مثل حائط أو درج حجري صاعد، تم بناؤه من الأسفل إلى الأعلى، فمنذ أن قامت التجمعات البشرية الأولى، بدأ إرساء الدرجات الأساس، فلنقل أن فكرة بناء عريش من القش والأغصان ومكسو بالطين بدلا عن المغارات التي التجئوا إليها وسكنوا بها، كانت فكرة حضارية مبدئية، هذه الفكرة كانت صالحة لأن تحتذى وتطور من قبل أجيال وأقوام آخرين، إذن فهي المدماك الأول أو الدرجة الإولى، أما الدرجة الثانية فهي استعمال الحجر في البناء والدرجة الثالثة الحجر والطين وهكذا.
إذن نفهم من هذا أن الحضارة تراكمية، يستطيع أن يشارك بها أي قوم، ليس هناك من جينات وراثية تجعل من قوم حضاريين ومن قوم آخرين غير حضاريين، كما لا يمكن لقوم الادعاء بأنهم ابتنوا حضارتهم من الصفر، بل اخذوا من غيرهم وأضافوا للحضارة درجات جديدة وعلواً آخر، وإذا ما عرجنا على حضارتنا العربية الإسلامية، من غير ما ندخل في المزايدات أو نتلقاها سنجد ما يلي :
كان للعرب ما قبل الإسلام شيئا من الحضارة ، مكنتهم من أن يتشربوا العقيدة الإسلامية جيدا، ويفهمون رسالة الإسلام، لم يكونوا في مرحة الصفر أو أدنى كما يحلو للبعض تصويرهم، ونمت حضارتنا بعد ذلك وفق سنن بناء الحضارات بعد ثلاثة أجيال أو أربعة، بعدما اختلط العرب بأقوام كثيرة أهمها الفرس والروم والهنود، وديانات مسيحية ويهودية وبوذية وهندوسية، وأخذوا من أصحاب هذه الحضارات الكثير في جميع المجلات، و لم تبدأ حضارتنا نموها إلا بعد أن توفرت أدواتها، أولها الحبر والورق أي بعد أن ابتدأ المسلمون يدونون أفكارهم في كتب، وكان أول كتاب ألف في العربية هو كليلة ودمنة ، وكونه مترجما، يصبح دليلا على التلاقح مع الحضارات أخرى .
والمستنبت الأول لحضارتنا، كان في الكوفة والبصرة وخصوصا لعلوم اللغة والدين، وكما هو دائما إذا ما تجمع في الذهن علوم كثيرة، فإنه يفرز الفلسفة، أي علم الكلام كما أسموها، والتفلسف أو علم الكلام يفرز بالضرورة علوما جديدة لأنها توسّع في الفكر وتصوّب الرؤية، إذن فالعلاقة بين التفلسف والعلوم علاقة جدلية، وهذا التفلسف العربي أنتج علوما ذهنية كالرياضيات والكيمياء والفلك والطب وغيرها، وأصبحت دار الحكمة في بغداد كما هي مكتبة الكونغرس اليوم .
ووجدنا في القاهرة مماثلة حميدة من قبل الدولة الفاطمية, إذ ابتنوا الجامع الأزهر وبيت الحكمة صنواً لدار الحكمة في بغداد، وكان جامعة بالمعنى الحديث للجامعات، فقد أنجبت ابن الهيثم وابن يونس المنجم وعلي بن الرضوان وجذبت ناصر خسرو والحسن بن الصباح أما في الأندلس فكانت حالة أخرى متقدمة بابن رشد وابن طفيل وابن حزم وغيرهم.
ولكن لا نعلم ما الذي جعل الفقهاء يعادون التفكير الفلسفي الذي هو أس العلوم, وهذه الإبداعات العلمية، ويعمدون على قتل هذا الجانب المشرق من الحضارة، وما الذي دفع بالغزالي لأن يقول عن العلوم أنها( فرض كفاية) و لم يحدد مقدار هذه الكفاية، ففهمها المغرضون على أن لا ضرورة لها، لا أن نتعلمها أو نعلمها لأجيالنا، بالإضافة للمقولة التي ما زالت إلى اليوم منذ مناظرة أبي سعيد السيرافي ومتى بن يونس بأن من( تمنطق فقد تزندق)، والأكثر إيلاما أن الأيوبيين لم يكتفوا بتحويل الأزهر من تدريس المذهب الشيعي إلى الفقه الشافعي بل ذهبوا يدمرون بيت الحكمة، إذ صاروا يعطون كتب (بيت الحكمة) للجنود كرواتب وأعطيات ، وهم يعلمون أن الجنود لا يقرؤون بل يستعملون جلود الكتب لصنع أحذية لهم .
وربما نظن أن السبب كامن في سيطرة المشتغلين بالفقه على الحياة الثقافية وإبعاد من لا يكون في سياق فكرهم من علماء الطبيعة، اعتمادا على رأي الإمام الغزالي، واعتمادا أيضا على قول السيرافي الذي أكده ابن تيمية، وما زال يأخذ به إلى اليوم قطاع واسع من السلفيين والوهابيين والتيارات الدينية الأخرى، ونظن أيضا أن الحروب الداخلية وتفتت الدولة لإقطاعيات متناثرة والحروب مع الصليبيين والتتار، استنزفت خيرات البلاد وجعلت الإمكانيات المتواضعة متوجهة للمجهود العسكري إذ لم يبق ما يصرف منه على علوم الفيزياء والكيمياء والفلك والجغراقيا والطب والفلسفة وغيرها ممن تحتاج إلى تفرغ وتمويل .
وبناء على هذه الأرضية من المعلومات والأفكار والرؤى، سنرى في هذا الكتاب إن كان بإمكان دولة دينية أو غيرها بقادرة على صنع حضارة عربية حديثة في المدى المنظور.



#سعادة_أبو_عراق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهوية الإسلامية والهوية العربية
- الدولة الإسلامية والتكنولوجيا
- تعريفات لفهم الدولة الإسلامية
- نحن محكومون بالتغيير
- أثر الإسلام السياسي في الثقافة المجتمعية
- هل لدينا وقت للحلم؟
- مشروعية الحلم بدولة إسلامية
- متلازمة التفكير والتغيير
- الإسلام حضارة أم دولة؟
- جدلية الفكرة ونقيضها
- الدين والفكر الديني 3
- الدين والفكر الديني ( 2 )
- الدين والفكر الديني ( 1 )
- مفاهيم خاطئة في تلاوة القرآن وقراءته
- تقارب
- سيناريوهات عذاب القبر
- هل أقر الله بالسحر أم نفاه
- هل قوة الدولة من قوة دينها؟
- سكيولوجيا الحروب
- قصة قصيرة - وقفة


المزيد.....




- “يا بااابااا تليفون” .. تردد قناة طيور الجنة 2024 لمتابعة أج ...
- فوق السلطة – حاخام أميركي: لا يحتاج اليهود إلى وطن يهودي
- المسيح -يسوع- يسهر مع نجوى كرم وفرقة صوفية تستنجد بعلي جمعة ...
- عدنان البرش.. وفاة الطبيب الفلسطيني الأشهر في سجن إسرائيلي
- عصام العطار.. أحد أبرز قادة الحركة الإسلامية في سوريا
- “يابابا سناني واوا” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ال ...
- قائد الثورة الاسلامية: العمل القرآني من أكثر الأعمال الإسلام ...
- “ماما جابت بيبي” التردد الجديد لقناة طيور الجنة 2024 على الن ...
- شاهد.. يهود الحريديم يحرقون علم -إسرائيل- أمام مقر التجنيد ف ...
- لماذا يعارض -الإخوان- جهود وقف الحرب السودانية؟


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعادة أبو عراق - الدولة الإسلامية وبناء الحضارة