أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سليم يونس الزريعي - الفوضى والفلتان : فتح تعاقب فتح















المزيد.....

الفوضى والفلتان : فتح تعاقب فتح


سليم يونس الزريعي

الحوار المتمدن-العدد: 1430 - 2006 / 1 / 14 - 10:34
المحور: القضية الفلسطينية
    


بعد أربعة أشهر من انكفاء قوات الاحتلال الصهيوني وقطعان المستوطنين من قطاع غزة ، يمكن القول وبأسف أن السلطة قد فشلت في اختبار إدارة القطاع ، بل إن الوضع قد اتجه إلى مزيد من الفوضى والفلتان الأمني ، والذي من شأنه إظهار الشعب الفلسطيني المناضل على هذه الصورة البائسة من عدم القدرة على إدارة شؤون بنفسه ، على ضوء ذلك الضعف الذي باتت عليه السلطة الفلسطينية بعجزها عن التصدي لردع أولئك العابثين بأمن المواطن والوطن من أبناء السلطة وعن سآبق إصرار وترصد .

تلك المظاهر التي بلغت في الآونة الأخيرة درجة من العدوانية وانعدام الشعور بالمسؤولية حدا لم يسبق له مثيل ، حتى بات من الضروري على المرء أن يعيد قراءة مكونات المشهد السياسي والأمني الفلسطيني في الداخل على ضوء هذه الظاهرة المنافية لمناقبية وتقاليد وتجربة الشعب الفلسطيني وثورته المسلحة على امتداد ما يقارب الأربعة عقود ، ليضعها في سياق إفرازات وتجليات إرهاصات التغيرات السياسية الجارية في الحياة السياسية الفلسطينية ، حيث تعمد قوى السلطة التي ليس لها مصلحة في التغيير في خلق مناخات من شأنها أن تفسد تلك التوجهات نحو التعددية السياسية تحت عناوين وذرائع مختلفة في ظل ما يمكن أن يقال عن هشاشة وضعها الداخلي .

وهنا يمكن القول أنه إذا كان جائزا للبعض تحميل الاحتلال وزر ذلك الفلتان في السابق ، فإن انكفاء الاحتلال بمظاهره المادية من غزة قد كشف عمق الفاجعة ، عندما تعمد بعض مراكز القوى في أجهزة السلطة في إطار الصراع الداخلي الحركي والوطني العام إلى دفع البعض للقيام بكل ذلك التعدي ، وخلق كل تلك الفوضى والتطاول على القانون من خلال الترهيب وخطف الأجانب وبشكل ينافي الثقافية الكفاحية الإنسانية للثورة الفلسطينية المعاصرة التي احتضنت كل المنافحين عن الكرامة والحرية والتقدم الإنساني بعيدا عن توصيفات الهوية بمعناها القانوني ، إلا هوية الانتصار للإنسان الفلسطيني الباحث عن حقه والمناضل من أجله .

والمراقب والحال هذه لا يملك إلا أن يعزو كل تلك الفوضى إلى تردي الوضع الداخلي في حركة فتح ، حيث يصبح من المؤسف والمسيء في الوقت ذاته لتجربة وتاريخ الشعب الفلسطيني ، أن يأتي ذلك التعدي على القانون ومؤسسات المجتمع من مناضلي فتح ، تحت ذريعة ترتيب وتسوية أوضاعهم المعيشية في إطار السلطة ، وكأني بالوطن لا يوجد به إلا كتائب شهداء الأقصى ، وإلا ما معنى ألا تحذو الأذرع العسكرية لفصائل الثورة الفلسطينية حذو مناضلي فتح ؟ الذين يفترض أنه يحق لهم ما يحق لغيرهم وبنفس القدر ، وبما يحفظ الوطن وأيضا يحفظ لهم كرامتهم ، ولكن في حدود القانون وبالتساوي أمامه من قبل الجميع ، ذلك أننا يجب أن نكون أكثر الشعوب حرصا واحتراما للقانون ، لنعيد من بعد طرح السؤال على أولئك الذين داسوا القانون العام الداخلي ، كيف لنا أن نطالب باحترام وتطبيق القانون الدولي العام ، فيما يخص صراعنا مع العدو الصهيوني إذا كنا لا نقيم وزنا للقانون العام الداخلي الذي يحفظ حقوق أهلنا ؟

ومن هنا فإن أسوأ ما يمكن أن يستقر في عقل فرد أو مجموعة منظمة من الأفراد ، اعتبار أن إمساك فتح بمفاتيح النفوذ والقرار في الثورة على مدى عقود ، وفي السلطة بعد ذلك من الممكن أن يمنحهم الحق في تجاوز القانون وفي تقاسم الوطن بينهم ، باعتباره مصلحة خاصة وحقا مكتسبا ثابتا ودائما ، يجب الدفاع عنه في مواجهة أي ممكنات نزعه أو زواله جزئيا أو كليا بشكل قانوني وديمقراطي عبر مشاركة الآخرين فيه .

وهو ما يبدو أن مؤشراته الفعلية قد بدأت تتجسد في الواقع بعد الانتخابات البلدية ، خاصة من قبل حركة حماس ، حيث من المتوقع أن ينفتح المستقبل القريب على متغيرات جوهرية في صميم مركز اتخاذ القرار في السلطة التشريعية والتنفيذية بكل مستوياتها أفقيا ورأسيا ، بما يعنيه ذلك من زوال لنفوذ الكثير ممن هم في مركز القرار الآن .

ولذلك يبدو أن الشعور بالمستقبل الغامض والملتبس إلى حد كبير ، على ضوء الواقع الجديد الذي بدأت ملامحه تتشكل لأول مرة والذي ينتظره الجميع على خلفية هذا الحراك السياسي داخل الساحة الفلسطينية ، ربما يكون قد أصاب البعض من تلك القوى بالذعر من إمكانية وجود شركاء آخرين في المسؤولية وصنع القرار وفي الحقوق والواجبات ، والذي يجري تأسيسه على قاعدة الشراكة في الوطن ، ولكن المنتزعة عبر صناديق الاقتراع وقوة حضور الآخرين الفعلي في الواقع ، وبصرف النظر عن التقديرات الشخصية لتلك القوى لذاتها أو لغيرها ، حيث بات من المؤكد أن غدا لن يكون بأي حال مثل اليوم أو الأمس ، وما كان وقفا على طرف سياسي بعينه رغم وجود " الديكورات السياسية " التي كان يفترضها المشهد السياسي آنئذ ، سيصبح من الماضي ،خاصة في ظل وجود شركاء فعليين وذوي طموح أن يكونوا المظهر العام في الحياة السياسية الفلسطينية .

وعليه حتى لا يؤخذ الصالح بجريرة الطالح فإن الكرة تبقى في مرمى السواد الأعظم من فتح ومعهم كل الشرفاء في هذا الشعب الصابر الصامد من أجل العمل على العزل السياسي والاجتماعي لمن يشكل عقبة حقيقية أمام إشاعة القانون والنظام العام والتعددية السياسية وتداول السلطة من رموز الفساد وأثرياء زمن الاحتلال قبل فوات الأوان ،ممن يرفعون لافتات الإصلاح الخادعة والمضللة والذين أنتجتهم الآلة الإعلامية والدعاوية ومجموع المصالح الأجنبية ليكونوا فرسان المرحلة القادمة على حساب حقوق وتضحيات عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والأسرى ومعاناة هذا الشعب العظيم على امتداد عمر الصراع مع العدو الصهيوني

إن التجربة الإنسانية قد أكدت أن القوة الحقيقية لأي جماعة سياسية إنما تتأتى من قدرتها على " تنظيف نفسها " ديمقراطيا من كل العوامل الكابحة لتطورها وتجددها سواء كان ذلك الكابح فردا أو مجموعة أفراد أو حتى ثقافة ، على قاعدة النزاهة الفكرية والأخلاقية ، ووفق معايير صارمة حتى تتمكن من ترجمة رؤيتها إلى واقع سياسي واقتصادي واجتماعي ، باعتبارها حقا لها ولغيرها من القوى ، وبما يراعي شرط التعددية السياسية والفكرية في إطار الكيان السياسي الواحد ، وعلى قاعدة الشراكة الحقيقية في وطن لا زال تحت الاحتلال ، لأن معادلة الصراع مع هذا العدو تجعل منه صراعا مفتوحا ، ما بقي الاحتلال لفلسطين قائما وما بقي هناك لاجئ فلسطيني لم يمارس حقه في العودة إلى أرضه وبيته ويسترد كامل حقوقه .

وحري بذلك إن حصل أن يحد قدر الإمكان من تسرب الفاسدين والمفسدين والذين تربوا على الولاءات الشخصية والذين ارتبط انتماؤهم بقوة سياسية ما باعتباره المدخل والوسيلة للوصول إلى غاية محددة هي المصلحة الذاتية ، التي قد تجد تعبيراتها في الحصول على نفوذ ما في السلطة بمستوياتها المختلفة ، ومن ثم فإن التنوع السياسي من خلال حضور جميع القوى المكونة للحالة السياسية والفكرية الفلسطينية إلى مركز صنع القرار من شأنه أن يكرّس مناخات التنافس ومكنة الرقابة بمعناها التشريعي والقانوني والجماهيري ، بحيث يجتهد الجميع من أجل تقديم الأفضل لهذا الشعب الذي يستحق أكثر من ذلك بكثير .

وهو الأمر الذي لن يفسح المجال أمام من تربوا على الفساد والإفساد لأن يكونوا ضمن مكونات الواقع السياسي المفترض في المستقبل القريب المفترض ، بل إن ذلك سيسمح للجهات الرقابية بمستوياتها المختلفة بالمتابعة الجنائية وإقامة الدعوى المدنية على كل من أساء وافسد الحياة السياسية والمالية والأمنية والاجتماعية للمجتمع الفلسطيني وتعدى على المال العام ، حيث لا مجال عندها للاستقواء بمؤسسة الحزب الواحد أو بمراكز القوى ،إذ لا حصانة عندها لأحد إلا صدقيّة عمله ونظافة كفه ، حيث يتساوى الجميع أمام القانون في الحقوق والواجبات ، ويعلو شأن القانون باعتباره الناظم لحياة المجتمع والجماعة السياسية ، وهو الرادع للمخالفين والمعتدين على حقوق الآخرين .

عندها لن يجد كل يحاول التطاول على المجتمع ومقدراته له من مكان إلا حيث يجب أن يكون خارج مظلة القانون ، وذلك ما يجب أن يتمثله ويعيه من يحاول إدامة الفوضى والفلتان ، لأن ذلك ليس له في المدى المنظور إلا معنى واحد هو أن فتح تدعو إلى معاقبة فتح في الاستحقاق الانتخابي القادم وتلك هي تراجيديا حالة فتح الداخلية راهنا على الأقل.



#سليم_يونس_الزريعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فتح وحماس : - الذات - بين الخوف والتضخيم
- فتح وحماس : -الذات - بين الخوف والتضخيم
- حماس : بين مصداقية الفعل والقول
- دموع شارون والقطعان : وحملة العلاقات العامة
- الخروج من الجغرافيا : على طريق الخروج من التاريخ
- الإرهاب الصهيوني : يوحد المشهد الفلسطيني
- ما أروعكم ياأطفال وطني
- خطاب الجماعات الإسلامية : بين الواقع والمتخيل
- الانكفاء من غزة : والفرح المؤجل ..
- القوى الديمقراطية : ودور يبحث عمن يقوم به
- حماس : والكلمة الأعلى
- قضايا الحل النهائي : والسير معصوبي الأعين
- حذار: من النفخ في شرارة الفتنة
- حق العودة : وتصويب المفاهيم
- فتح ـ حماس : وفخ ثنائية الاستقطاب
- شجرة الفساد : من التقليم إلى الاجتثثاث
- الكيان الصهيوني ـ موريتانيا : مَنّ يستخدم مَنّ ؟
- ديمقراطية بوش : بئس المثل
- يانواب التشريعي : الزمن دوَّار
- سوريا : وسد الذرائع


المزيد.....




- مبنى قديم تجمّد بالزمن خلال ترميمه يكشف عن تقنية البناء الرو ...
- خبير يشرح كيف حدثت كارثة جسر بالتيمور بجهاز محاكاة من داخل س ...
- بيان من الخارجية السعودية ردا على تدابير محكمة العدل الدولية ...
- شاهد: الاحتفال بخميس العهد بموكب -الفيلق الإسباني- في ملقة ...
- فيديو: مقتل شخص على الأقل في أول قصف روسي لخاركيف منذ 2022
- شريحة بلاكويل الإلكترونية -ثورة- في الذكاء الاصطناعي
- بايدن يرد على سخرية ترامب بفيديو
- بعد أكثر من 10 سنوات من الغياب.. -سباق المقاهي- يعود إلى بار ...
- بافل دوروف يعلن حظر -تلغرام- آلاف الحسابات الداعية للإرهاب و ...
- مصر.. أنباء عن تعيين نائب أو أكثر للسيسي بعد أداء اليمين الد ...


المزيد.....

- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ
- أهم الأحداث في تاريخ البشرية عموماً والأحداث التي تخص فلسطين ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سليم يونس الزريعي - الفوضى والفلتان : فتح تعاقب فتح