أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عايد عواد - يسوع قبل التجسد وشمشون النبي ورسول الإسلام















المزيد.....



يسوع قبل التجسد وشمشون النبي ورسول الإسلام


عايد عواد

الحوار المتمدن-العدد: 5426 - 2017 / 2 / 8 - 00:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تمهيد /

شرح كلمة

شَمْشون الجبار

اللغة الإنجليزية: Samson - اللغة العبرية: שמשון - اللغة اليونانية: Σαμψών - اللغة القبطية: Camywn.

شمشون اسم عبري معناه "شمس" وهو ابن منوح، واسم أمه غير مذكور في الكتاب المقدس (امرأة منوح). وكان قاضيًا لبني إسرائيل قضى مدة عشرين سنة (قض 13: 2-24). انظر "منوح" وكان معروفًا بقوته العجيبة. وعند اكتمال شبابه تزوج بامرأة من تمنة، وهي مدينة فلسطينية، وكان ذلك بدون رضى والديه، وضد الناموس (خر 34: 16 وتث 7: 3)، وكان في ذهابه إلى تلك المدينة أنه قابل أسدًا وقتله (قض 14: 5-9). ثم وجد بعد ذلك في جثة الأسد دبرًا من النحل، فأكل من العسل، وأعطى والديه. فعندما كان في الاحتفال بزفافه، حاجى الفلسطينيين أحجية مؤسسة على هذه الحادثة، ووعد بهدية ثمينة لمن يحلها في سبعة أيام الوليمة. واشترط عليهم أن يقدموا مثل هذه الهدية له إن لم يقدروا على حل الأحجية. ولما لم يقدروا، استنجدوا بزوجته التي ألحت عليه، حتى عرفت منه الجواب. وإذ كان الفلسطينيون قد هدّدوها هي وأهلها تهديدًا شديدًا، أخبرتهم بالحل وعرف شمشون ما حدث، وقدم لهم الهدية، ولكنه قدمها على حساب ثلاثين من بني شعبهم ومواطنيهم الذين قتلهم، ثم هجر امرأته التي خانته.

وبعد مضي وقت، عاد إلى تمنة ليصالح امرأته، فوجد أنها كانت قد تزوجت بشخص آخر ورفضوا أن يسمحوا له بأن يراها. فأمسك ثلاث مئة بنات آوى، ووضع مشعلًا بين كل ذنبين، ثم أضرم المشاعل نارًا، وأطلق بنات آوى بين مزارع الفلسطينيين وكرومهم، وأحرقها. وعقابًا لشمشون، أقتص الفلسطينيون من امرأته، فأحرقوها هي وأهلها بالنار. ولما رأى شمشون ذلك العمل الوحشي، قتل منهم عددًا كبيرًا (قض 15: 1-8).

ثم لجأ شمشون على صخرة عظيمة في أرض يهوذا. فأتى إليه الفلسطينيون للانتقام منه، وضربوا كل البلاد حواليه، فجاء ثلاثة آلاف من رجال يهوذا إلى شمشون ولاموه لأنه أثار عليهم الفلسطينيين. فأذن لهم أن يوثقوه ويسلموه إلى أيديهم. ففرحوا بأن يأخذوه ويأسروه، وإذا به يحل الوثاق من ذراعيه، ويقبض على فك حمار، ويضرب به ألفًا من الفلسطينيينوفي ذلك الوقت عطش، ففتح لله ينبوع ماء في الكفة، فشرب وانتعش.

وبعد ذلك ذهب شمشون إلى غزّة، حيث تعرف بدليلة، امرأة بغي. وقد احتالت دليلة عليه حتى كشفت سر قوته العظيمة، وعرفت أنه كان في شعره، لأنه كان نذير الرب من بطن أمه (قض 16: 17). فأتى الفلسطينيون عليه وهو نائم، وجزوا شعره، وأوثقوه بسلاسل من نحاس، وقلعوا عينيه، ثم أخذوه إلى غزّة ووضعوه في السجن.

وإذ كانوا قد أسروا عدوهم القوي، اجتمع أقطاب الفلسطينيون للفرح. وطلبوا شمشون ليسخروا منه. وكان في وسط البيت عمودان كبيران. فقاده صبي إلى ما بينهما، وكان قد اجتمع في البيت جمهور من شرفاء الفلسطينيين، ووقف على السطح نحو 3000، ليروا شمشون يلعب. فطلب شمشون أذنًا بأن يستند على العمودين، وانحنى بكل قوته، فزعزعهما. وسقط البيت عليه وعلى من فيه، فماتوا جميعًا.

وقد حُسب شمشون ضمن سحابة المؤمنين (عب 11: 32 و33). ولم يكن له من قوة العقل مثلما كان له من قوة الجسم. والظاهر أنه لم يعلم، فكانت عواطفه الجامحة مستولية عليه. ولم يكن يعتبر مقامه كقض لبني إسرائيل، إلا أنه لم يخلُ من حب لوطن.

وتُعَيِّد له الكنيسة القبطية يوم 30 برمهات.


شمشون في الكتاب المقدس :

أولا :

سفر القضاة 13

1 ثُمَّ عَادَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَعْمَلُونَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، فَدَفَعَهُمُ الرَّبُّ لِيَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ أَرْبَعِينَ سَنَةً.
2 وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ صُرْعَةَ مِنْ عَشِيرَةِ الدَّانِيِّينَ اسْمُهُ مَنُوحُ، وَامْرَأَتُهُ عَاقِرٌ لَمْ تَلِدْ.
3 فَتَرَاءَى مَلاَكُ الرَّبِّ لِلْمَرْأَةِ وَقَالَ لَهَا: «هَا أَنْتِ عَاقِرٌ لَمْ تَلِدِي، وَلكِنَّكِ تَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا.
4 وَالآنَ فَاحْذَرِي وَلاَ تَشْرَبِي خَمْرًا وَلاَ مُسْكِرًا، وَلاَ تَأْكُلِي شَيْئًا نَجِسًا.
5 فَهَا إِنَّكِ تَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا، وَلاَ يَعْلُ مُوسَى رَأْسَهُ، لأَنَّ الصَّبِيَّ يَكُونُ نَذِيرًا للهِ مِنَ الْبَطْنِ، وَهُوَ يَبْدَأُ يُخَلِّصُ إِسْرَائِيلَ مِنْ يَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ».
6 فَدَخَلَتِ الْمَرْأَةُ وَكَلَّمَتْ رَجُلَهَا قَائِلَةً: «جَاءَ إِلَيَّ رَجُلُ اللهِ، وَمَنْظَرُهُ كَمَنْظَرِ مَلاَكِ اللهِ، مُرْهِبٌ جِدًّا. وَلَمْ أَسْأَلْهُ: مِنْ أَيْنَ هُوَ، وَلاَ هُوَ أَخْبَرَنِي عَنِ اسْمِهِ.
7 وَقَالَ لِي: هَا أَنْتِ تَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا. وَالآنَ فَلاَ تَشْرَبِي خَمْرًا وَلاَ مُسْكِرًا، وَلاَ تَأْكُلِي شَيْئًا نَجِسًا، لأَنَّ الصَّبِيَّ يَكُونُ نَذِيرًا للهِ مِنَ الْبَطْنِ إِلَى يَوْمِ مَوْتِهِ».
8 فَصَلَّى مَنُوحُ إِلَى الرَّبِّ وَقَالَ: «أَسْأَلُكَ يَا سَيِّدِي أَنْ يَأْتِيَ أَيْضًا إِلَيْنَا رَجُلُ اللهِ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ، وَيُعَلِّمَنَا: مَاذَا نَعْمَلُ لِلصَّبِيِّ الَّذِي يُولَدُ؟».
9 فَسَمِعَ اللهُ لِصَوْتِ مَنُوحَ، فَجَاءَ مَلاَكُ اللهِ أَيْضًا إِلَى الْمَرْأَةِ وَهِيَ جَالِسَةٌ فِي الْحَقْلِ، وَمَنُوحُ رَجُلُهَا لَيْسَ مَعَهَا.
10 فَأَسْرَعَتِ الْمَرْأَةُ وَرَكَضَتْ وَأَخْبَرَتْ رَجُلَهَا وَقَالَتْ لَهُ: «هُوَذَا قَدْ تَرَاءَى لِيَ الرَّجُلُ الَّذِي جَاءَ إِلَيَّ ذلِكَ الْيَوْمَ».
11 فَقَامَ مَنُوحُ وَسَارَ وَرَاءَ امْرَأَتِهِ وَجَاءَ إِلَى الرَّجُلِ، وَقَالَ لَهُ: «أَأَنْتَ الرَّجُلُ الَّذِي تَكَلَّمَ مَعَ الْمَرْأَةِ؟» فَقَالَ: «أَنَا هُوَ».
12 فَقَالَ مَنُوحُ: «عِنْدَ مَجِيءِ كَلاَمِكَ، مَاذَا يَكُونُ حُكْمُ الصَّبِيِّ وَمُعَامَلَتُهُ؟»
13 فَقَالَ مَلاَكُ الرَّبِّ لِمَنُوحَ: «مِنْ كُلِّ مَا قُلْتُ لِلْمَرْأَةِ فَلْتَحْتَفِظْ.
14 مِنْ كُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ جَفْنَةِ الْخَمْرِ لاَ تَأْكُلْ، وَخَمْرًا وَمُسْكِرًا لاَ تَشْرَبْ، وَكُلَّ نَجِسٍ لاَ تَأْكُلْ. لِتَحْذَرْ مِنْ كُلِّ مَا أَوْصَيْتُهَا».
15 فَقَالَ مَنُوحُ لِمَلاَكِ الرَّبِّ: «دَعْنَا نُعَوِّقْكَ وَنَعْمَلْ لَكَ جَدْيَ مِعْزًى».
16 فَقَالَ مَلاَكُ الرَّبِّ لِمَنُوحَ: «وَلَوْ عَوَّقْتَنِي لاَ آكُلُ مِنْ خُبْزِكَ، وَإِنْ عَمِلْتَ مُحْرَقَةً فَلِلرَّبِّ أَصْعِدْهَا». لأَنَّ مَنُوحَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مَلاَكُ الرَّبِّ.
17 فَقَالَ مَنُوحُ لِمَلاَكِ الرَّبِّ: «مَا اسْمُكَ حَتَّى إِذَا جَاءَ كَلاَمُكَ نُكْرِمُكَ؟»
18 فَقَالَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ: «لِمَاذَا تَسْأَلُ عَنِ اسْمِي وَهُوَ عَجِيبٌ؟».
19 فَأَخَذَ مَنُوحُ جَدْيَ الْمِعْزَى وَالتَّقْدِمَةَ وَأَصْعَدَهُمَا عَلَى الصَّخْرَةِ لِلرَّبِّ. فَعَمِلَ عَمَلاً عَجِيبًا وَمَنُوحُ وَامْرَأَتُهُ يَنْظُرَانِ.
20 فَكَانَ عِنْدَ صُعُودِ اللَّهِِيبِ عَنِ الْمَذْبَحِ نَحْوَ السَّمَاءِ، أَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ صَعِدَ فِي لَهِيبِ الْمَذْبَحِ، وَمَنُوحُ وَامْرَأَتُهُ يَنْظُرَانِ. فَسَقَطَا عَلَى وَجْهَيْهِمَا إِلَى الأَرْضِ.
21 وَلَمْ يَعُدْ مَلاَكُ الرَّبِّ يَتَرَاءَى لِمَنُوحَ وَامْرَأَتِهِ. حِينَئِذٍ عَرَفَ مَنُوحُ أَنَّهُ مَلاَكُ الرَّبِّ.
22 فَقَالَ مَنُوحُ لامْرَأَتِهِ: «نَمُوتُ مَوْتًا لأَنَّنَا قَدْ رَأَيْنَا اللهَ»
23 فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: «لَوْ أَرَادَ الرَّبُّ أَنْ يُمِيتَنَا، لَمَا أَخَذَ مِنْ يَدِنَا مُحْرَقَةً وَتَقْدِمَةً، وَلَمَا أَرَانَا كُلَّ هذِهِ، وَلَمَا كَانَ فِي مِثْلِ هذَا الْوَقْتِ أَسْمَعَنَا مِثْلَ هذِهِ».
24 فَوَلَدَتِ الْمَرْأَةُ ابْنًا وَدَعَتِ اسْمَهُ شَمْشُونَ. فَكَبِرَ الصَّبِيُّ وَبَارَكَهُ الرَّبُّ.
25 وَابْتَدَأَ رُوحُ الرَّبِّ يُحَرِّكُهُ فِي مَحَلَّةِ دَانٍَ بَيْنَ صُرْعَةَ وَأَشْتَأُولَ.

......

تفسير أصحاح 13 من سفر القضاة للقس أنطونيوس فكري

الإصحاحات (13-16) هي قصة شمشون وهو يرمز للمسيح في أشياء عديدة. نذكرها ونضع بجانبها علامة *. وشمشون غالبًا كان معاصرًا ليفتاح. فيفتاح خلص إسرائيل من بنى عمون وشمشون خلصهم من الفلسطينيين. وكان للفلسطينيون شأن عظيم في ذلك الزمان حتى أيام داود. وهم لم يُخضِعوا إسرائيل عسكريًا لكنهم كانوا يستغلونهم ويرهبونهم ويضايقونهم. والفلسطينيين ليسوا كنعانيين بل هم من جزيرة كريت (كفتور) لذلك كانوا يسمون بالكفتوريون.

آية (1): "ثم عاد بنو إسرائيل يعملون الشر في عيني الرب فدفعهم الرب ليد الفلسطينيين أربعين سنة."

يرى البعض أن الأربعين سنة انتهت بما ورد في (1صم 7: 13). فيكون عالي الكاهن قد مات نحو الزمان الذي بلغ فيه شمشون كمال الرجولية.



آية (2): "وكان رجل من صرعه من عشيرة الدانيين اسمه منوح وامرأته عاقر لم تلد."

1. والدة شمشون كانت عاقرًا لا تلد وولادتها كانت ببشارة ملاك. والعذراء مريم كان لا زوج لها وولدت ببشارة ملاك. 1-* وشمشون والمسيح كلاهما جاء لخلاص شعبه من محنة عبودية.

2-* كلاهما خلَّص شعبه بقوة ذراعيه لكن شمشون خلَّص بقوة جسدية بينما المسيح فتح ذراعيه على الصليب. وكانت أم شمشون عاقرًا (وهذا علامة غضب الله عند اليهود) ولكن انتظار الله بإيمان يعطى ثمرًا كثيرًا.



آية (3): "فتراءى ملاك الرب للمرأة وقال لها ها أنت عاقر لم تلدي ولكنك تحبلين وتلدين ابنا."

الملاك يؤكد لأم شمشون أنها عاقر أي حسب الطبيعة لا يمكن أن تنجب. فما تناله إذًا هو ثمرة وعد إلهي من محبة الله. وهذا ما كان مع العذراء مريم.

آية (4): "والآن فاحذري ولا تشربي خمرا ولا مسكرا ولا تأكلي شيئًا نجسا."

لا تشر بي خمرًا = الله يهيئ لشمشون جوًا مقدسًا وهو بعد جنين في بطن أمه 3-* أم شمشون تقدست قبل أن تلده. والله اختار اليهود شعبًا مقدسًا ليأتي منه المسيح.



آية (5): "فها أنك تحبلين وتلدين ابنا ولا يعل موسى رأسه لأن الصبي يكون نذيرا لله من البطن وهو يبدا يخلص إسرائيل من يد الفلسطينيين."

يكون نذيرًا لله = 4-* المسيح لم يكن نذيرًا بالمفهوم اليهودي ولكن هو كان لأبيه في كل شيء، يعمل إرادته، نقيًا بلا خطية. وكان النذيرين رمزًا للمسيح. يبدأ يخلص إسرائيل من يد الفلسطينيين = فالخلاص بدأ بشمشون وأكمل صموئيل العمل ثم بعده شاول الملك وأنهى العمل داود الملك. فالله أراد أن الخلاص يأتي تدريجيًا ولذلك كان تأديب الفلسطينيين تدريجيًا ولم يأتي شمشون كقائد عسكري مثل جدعون أمّا المسيح فبدأ وأنهى الخلاص فكان هو شمشون وداود في وقت واحد 5-*.

الآيات (6، 7): "فدخلت المرأة وكلمت رجلها قائلة جاء إلى رجل الله ومنظره كمنظر ملاك الله مرهب جدًا ولم أساله من أين هو ولا هو اخبرني عن اسمه. وقال لي ها أنت تحبلين وتلدين ابنا والآن فلا تشربي خمرا ولا مسكرا ولا تأكلي شيئا نجسًا لأن الصبي يكون نذيرا لله من البطن إلى يوم موته."

كلمات أم شمشون كلها ثقة وإيمان ولم تتشكك مثل سارة.



آية (8): "فصلى منوح إلى الرب وقال أسألك يا سيدي أن يأتي أيضًا إلينا رجل الله الذي أرسلته ويعلمنا ماذا نعمل للصبي الذي يولد."

منوح وثق في كلام المرأة لكنه اشتاق أن يرى هو أيضًا رجل الله كزوجته.

آية (9): "فسمع الله لصوت منوح فجاء ملاك الله أيضًا إلى المرأة وهي جالسة في الحقل ومنوح رجلها ليس معها."

ملاك الرب (هو أحد ظهورات المسيح قبل التجسد) يحقق لمنوح طلبته ويظهر ثانية.



الآيات (10-14): "فاسرعت المراة وركضت واخبرت رجلها وقالت له هوذا قد تراءى لي الرجل الذي جاء إلى ذلك اليوم. فقام منوح وسار وراء امراته وجاء إلى الرجل وقال له اانت الرجل الذي تكلم مع المراة فقال أنا هو. فقال منوح عند مجيء كلامك ماذا يكون حكم الصبي ومعاملته. فقال ملاك الرب لمنوح من كل ما قلت للمراة فلتحتفظ. من كل ما يخرج من جفنة الخمر لا تاكل وخمرا و مسكرا لا تشرب وكل نجس لا تاكل لتحذر من كل ما اوصيتها."

آية (15): "فقال منوح لملاك الرب دعنا نعوقك ونعمل لك جدي معزى."

هنا منوح يظن أن ملاك الرب إنسان عادي أو ربما نبي فأراد تقديم طعام لهُ.

آية (16): "فقال ملاك الرب لمنوح ولو عوقتني لا أكل من خبزك وأن عملت محرقة فللرب اصعدها لأن منوح لم يعلم أنه ملاك الرب."

الملاك يشرح لمنوح أنه ليس إنسانًا ليأكل = لا آكل من خبزك ليصحح لهُ مفهومه وإن عملت محرقة للرب أصعدها = لا يفهم من هذا أنه ليس الرب حتى لا يقبل المحرقة، بل على منوح أن يفهم أولًا أنهُ الرب. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). لأن منوح كان يظن أنه يكلم إنسان حتى هذه اللحظة فكيف تقدم محرقة لإنسان. هذه مثل حديث المسيح للشاب لماذا تدعوني صالحًا، ليس أحد صالحًا إلاّ الله وحده وقوله للمجدلية "لاتلمسينى".

آية (17): "فقال منوح لملاك الرب ما اسمك حتى إذا جاء كلامك نكرمك."

ما اسمك = حتى إذا تحقق كلامك نأتي إليك ونكرمك. فحتى هذه اللحظة كان منوح لم يعرف بعد أنه الرب 6-* "جاء إلى العالم والعالم لم يعرفه" وهذا قيل عن المسيح.



آية (18): "فقال له ملاك الرب لماذا تسال عن اسمي وهو عجيب."

عجيب = وهكذا قيل عن المسيح يُدعى اسمه عجيبًا (1ش 9: 6). ولكن في العهد الجديد صار اسمه معروفًا فهو يهوه المخلص ولكن هذا السر كان مكتومًا في العهد القديم. وكون اسمه عجيب فهذا يشير لأنه فائق للإدراك والنطق، يدخل بالقلب إلى حالة التعجب.

آية (19): "فاخذ منوح جدي المعزى والتقدمة واصعدهما على الصخرة للرب فعمل عملا عجيبا ومنوح وامرأته ينظران."

ربما من الجملة الأخيرة بدأ منوح يفهم أن من يكلمه هو الرب فقدم له المحرقة والمسيح هو الصخرة التي نقدم عليها ذبائح حبنا، إذ هو صار ذبيحة حبنا.



آية (20): "فكان عند صعود اللهيب عن المذبح نحو السماء أن ملاك الرب صعد في لهيب المذبح ومنوح وامرأته ينظران فسقطا على وجهيهما إلى الأرض."

ما حدث هو صورة حيَّة للعمل الخلاصي بالصليب، ففيه يقدم السيد المسيح نفسه ذبيحة حب ملتهبة نارًا خلالها يمحو كل خطايانا. الصورة التي أمامنا فيها تلتحم الذبيحة بدمها مع النار الإلهية مع الأقنوم الإلهي الذي دخل للسماء (الأقداس) بدم نفسه ليجد فداء أبديًا ويشفع فينا (عب 9: 12) فهو الذي جاء من السماء وصعد إلى السماء (يو 3: 13 + 6: 62). ولذلك كان منوح وزوجته ينظران كما التلاميذ أثناء الصعود.

الآيات (22،21): "ولم يعد ملاك الرب يتراءى لمنوح وامراته حينئذ عرف منوح أنه ملاك الرب. فقال منوح لامرأته: نموت موتا لأننا قد رأينا الله."

إعتقد منوح أنه سيموت لأن الله قال لموسى "لا يراني الإنسان ويعيش" لكن الله كان يقصد أننا لا يمكن أن نراه في مجده ونحن بعد في جسدنا الخاطئ.



آية (23): "فقالت له امرأته لو أراد الرب أن يميتنا لما اخذ من يدنا محرقة وتقدمه ولما أرانا كل هذه ولما كان في مثل هذا الوقت اسمعنا مثل هذه."

كانت وجهة نظر امرأة منوح صحيحة تمامًا. والله ظهر بعد أن حجب مجده فلم يموتا.



الآيات (24، 25): "فولدت المرأة ابنا ودعت اسمه شمشون فكبر الصبي وباركه الرب. و ابتدا روح الرب يحركه في محلة دان بين صرعة واشتاول."

شمشون = قوة الشمس وهم غالبًا أسموه هكذا لأن بميلاده سيبدأ الخلاص ويشرق نور الحرية من الفلسطينيين حسب وعد الرب. والمسيح شمس البر 7-* وابتدأ روح الرب يحركه = والمسيح امتلأ بالروح ورافقه الروح.


.........

ثانيا /

سفر القضاة 14

وَنَزَلَ شَمْشُونُ إِلَى تِمْنَةَ، وَرَأَى امْرَأَةً فِي تِمْنَةَ مِنْ بَنَاتِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ.
2 فَصَعِدَ وَأَخْبَرَ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَقَالَ: «قَدْ رَأَيْتُ امْرَأَةً فِي تِمْنَةَ مِنْ بَنَاتِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، فَالآنَ خُذَاهَا لِيَ امْرَأَةً».
3 فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ وَأُمُّهُ: «أَلَيْسَ فِي بَنَاتِ إِخْوَتِكَ وَفِي كُلِّ شَعْبِي امْرَأَةٌ حَتَّى أَنَّكَ ذَاهِبٌ لِتَأْخُذَ امْرَأَةً مِنَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ الْغُلْفِ؟» فَقَالَ شَمْشُونُ لأَبِيهِ: «إِيَّاهَا خُذْ لِي لأَنَّهَا حَسُنَتْ فِي عَيْنَيَّ».
4 وَلَمْ يَعْلَمْ أَبُوهُ وَأُمُّهُ أَنَّ ذلِكَ مِنَ الرَّبِّ، لأَنَّهُ كَانَ يَطْلُبُ عِلَّةً عَلَى الْفِلِسْطِينِيِّينَ. وَفِي ذلِكَ الْوَقْتِ كَانَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ مُتَسَلِّطِينَ عَلَى إِسْرَائِيلَ.
5 فَنَزَلَ شَمْشُونُ وَأَبُوهُ وَأُمُّهُ إِلَى تِمْنَةَ، وَأَتَوْا إِلَى كُرُومِ تِمْنَةَ. وَإِذَا بِشِبْلِ أَسَدٍ يُزَمْجِرُ لِلِقَائِهِ.
6 فَحَلَّ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ، فَشَقَّهُ كَشَقِّ الْجَدْيِ، وَلَيْسَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ. وَلَمْ يُخْبِرْ أَبَاهُ وَأُمَّهُ بِمَا فَعَلَ.
7 فَنَزَلَ وَكَلَّمَ الْمَرْأَةَ فَحَسُنَتْ فِي عَيْنَيْ شَمْشُونَ.
8 وَلَمَّا رَجَعَ بَعْدَ أَيَّامٍ لِكَيْ يَأْخُذَهَا، مَالَ لِكَيْ يَرَى رِمَّةَ الأَسَدِ، وَإِذَا دَبْرٌ مِنَ النَّحْلِ فِي جَوْفِ الأَسَدِ مَعَ عَسَل.
9 فَاشْتَارَ مِنْهُ عَلَى كَفَّيْهِ، وَكَانَ يَمْشِي وَيَأْكُلُ، وَذَهَبَ إِلَى أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَأَعْطَاهُمَا فَأَكَلاَ، وَلَمْ يُخْبِرْهُمَا أَنَّهُ مِنْ جَوْفِ الأَسَدِ اشْتَارَ الْعَسَلَ.
10 وَنَزَلَ أَبُوهُ إِلَى الْمَرْأَةِ، فَعَمِلَ هُنَاكَ شَمْشُونُ وَلِيمَةً، لأَنَّهُ هكَذَا كَانَ يَفْعَلُ الْفِتْيَانُ.
11 فَلَمَّا رَأُوهُ أَحْضَرُوا ثَلاَثِينَ مِنَ الأَصْحَابِ، فَكَانُوا مَعَهُ.
12 فَقَالَ لَهُمْ شَمْشُونُ: «لأُحَاجِيَنَّكُمْ أُحْجِيَّةً، فَإِذَا حَلَلْتُمُوهُا لِي فِي سَبْعَةِ أَيَّامِ الْوَلِيمَةِ وَأَصَبْتُمُوهَا، أُعْطِيكُمْ ثَلاَثِينَ قَمِيصًا وَثَلاَثِينَ حُلَّةَ ثِيَابٍ.
13 وَإِنْ لَمْ تَقْدِرُوا أَنْ تَحُلُّوهَا لِي، تُعْطُونِي أَنْتُمْ ثَلاَثِينَ قَمِيصًا وَثَلاَثِينَ حُلَّةَ ثِيَابٍ». فَقَالُوا لَهُ: «حَاجِ أُحْجِيَّتَكَ فَنَسْمَعَهَا».
14 فَقَالَ لَهُمْ: «مِنَ الآكِلِ خَرَجَ أُكْلٌ، وَمِنَ الْجَافِي خَرَجَتْ حَلاَوَةٌ». فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَحُلُّوا الأُحْجِيَّةَ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ.
15 وَكَانَ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ أَنَّهُمْ قَالُوا لامْرَأَةِ شَمْشُونَ: «تَمَلَّقِي رَجُلَكِ لِكَيْ يُظْهِرَ لَنَا الأُحْجِيَّةَ، لِئَلاَّ نُحْرِقَكِ وَبَيْتَ أَبِيكِ بِنَارٍ. أَلِتَسْلِبُونَا دَعَوْتُمُونَا أَمْ لاَ؟»
16 فَبَكَتِ امْرَأَةُ شَمْشُونَ لَدَيْهِ وَقَالَتْ: «إِنَّمَا كَرِهْتَنِي وَلاَ تُحِبُّنِي. قَدْ حَاجَيْتَ بَنِي شَعْبِي أُحْجِيَّةً وَإِيَّايَ لَمْ تُخْبِرْ». فَقَالَ لَهَا: «هُوَذَا أَبِي وَأُمِّي لَمْ أُخْبِرْهُمَا، فَهَلْ إِيَّاكِ أُخْبِرُ؟».
17 فَبَكَتْ لَدَيْهِ السَّبْعَةَ الأَيَّامِ الَّتِي فِيهَا كَانَتْ لَهُمُ الْوَلِيمَةُ. وَكَانَ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ أَنَّهُ أَخْبَرَهَا لأَنَّهَا ضَايَقَتْهُ، فَأَظْهَرَتِ الأُحْجِيَّةَ لِبَنِي شَعْبِهَا.
18 فَقَالَ لَهُ رِجَالُ الْمَدِينَةِ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ: «أَيُّ شَيْءٍ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَمَا أَجْفَى مِنَ الأَسَدِ؟» فَقَالَ لَهُمْ: «لَوْ لَمْ تَحْرُثُوا عَلَى عِجْلَتِي، لَمَا وَجَدْتُمْ أُحْجِيَّتِي».
19 وَحَلَّ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ فَنَزَلَ إِلَى أَشْقَلُونَ وَقَتَلَ مِنْهُمْ ثَلاَثِينَ رَجُلاً، وَأَخَذَ سَلَبَهُمْ وَأَعْطَى الْحُلَلَ لِمُظْهِرِي الأُحْجِيَّةِ. وَحَمِيَ غَضَبُهُ وَصَعِدَ إِلَى بَيْتِ أَبِيهِ.
20 فَصَارَتِ امْرَأَةُ شَمْشُونَ لِصَاحِبِهِ الَّذِي كَانَ يُصَاحِبُهُ.

....

تفسير أصحاح 14 من سفر القضاة للقس أنطونيوس فكري

الآيات (1-4): "ونزل شمشون إلى تمنة ورأى امرأة في تمنة من بنات الفلسطينيين. فصعد واخبر أباه وأمه وقال قد رأيت امرأة في تمنة من بنات الفلسطينيين فالان خذاها لي امرأة. فقال له أبوه وأمه أليس في بنات اخوتك وفي كل شعبي امرأة حتى أنك ذاهب لتأخذ امرأة من الفلسطينيين الغلف فقال شمشون لأبيه إياها خذ لي لأنها حسنت في عيني. ولم يعلم أبوه وأمه أن ذلك من الرب لأنه كان يطلب علة على الفلسطينيين وفي ذلك الوقت كان الفلسطينيون متسلطين على إسرائيل."

الزواج بأممية ليس بحسب ناموس موسى بل هو ضده، إذًا فهي ضد مشيئة الله. فلماذا قيل أن ذلك من الرب = لقد أخطأ شمشون في طلبه هذا، فهو تصرف وفقًا لهواه واختار امرأة وثنية لكن الله لأنه يريد تأديب أعداء شعبه ولأن الله قادر أن يجعل كل الأمور تعمل معًا للخير فهو سمح بهذا ليستغله لخير شعبه. وهل شمشون وهو بلا شك قد أخطأ في هذا الاختيار هل ممكن أنه يرمز للمسيح ككل قاضٍ؟ بلا شك شمشون كان يرمز للمسيح في أنه * 8 هو نزل ليخطب لنفسه امرأة وثنية. والمسيح نزل لعالمنا ليخطب لهُ من بين الأمم عروسًا هي كنيسته، يخطبها لنفسه روحيًا. * 9 وكما لم يسترح أبو شمشون لهذه الخطبة لم يسترح الشعب اليهودي لعلاقة المسيح بالأمم ولم يفهموا أن الأمر من الله. * 10 بهذه الخطبة بدأ شمشون في مضايقة أعداء شعبه. والمسيح حينما بدأ يخطب عروسه الكنيسة بدأ يضايق أعداء شعبه (الشياطين) تمهيدًا لضربهم تمامًا. وراجع الإصحاح الأول من إنجيل القديس مرقس فتجد أن المسيح يظهر سلطانه 3 مرات في هذا الإصحاح على الشياطين، ولنرى ماذا قال الشيطان "آه ما لنا ولك يا يسوع الناصرى أتيت لتهلكنا" (آيات 23-28 + 34 + 39). بل أعطى تلاميذه ورسله سلطانا على الشياطين (لو10: 19)، واستمر هذا السلطان للكنيسة حتى الآن.
والمسيح كان بلا خطية ولكن حمل خطايانا ومات بها على الصليب فهو أدانها على الصليب وحطمها * 11 وهكذا شمشون. ولكن شمشون كانت لهُ خطاياه فعلًا رمزًا للمسيح الذي وهو بلا خطية صار خطية لأجلنا. وشمشون بموته تحت أنقاض الهيكل الفلسطيني أدينت خطاياه في جسده الذي مات بسبب الخطية. وكان في موته هلاك أقطاب الفلسطينيين (16: 30).

ونلاحظ أن الله لم يرد حربًا عامة ضد الفلسطينيين بل مجرد مضايقتهم وتأديبهم لأن الفلسطينيين لم يحاربوا إسرائيل، بل عن طريق جبابرتهم اغتصبوا مقتنيات اليهود ووضعوا جزية عليهم فالله يرد عليهم بالمثل. لذلك لم يرسل الله قائدًا كجدعون.

تمنة = 740 قدمًا عن سطح البحر. بينما صرعة مدينة شاول ارتفاعها 1500 قدم لذلك قيل ونزل شمشون رمزًا لنزول المسيح.

الآيات (5-9): "فنزل شمشون وأبوه وأمه إلى تمنة وأتوا إلى كروم تمنة وإذا بشبل أسد يزمجر للقائه. فحل عليه روح الرب فشقه كشق الجدي وليس في يده شيء ولم يخبر أباه وأمه بما فعل. فنزل وكلم المرأة فحسنت في عيني شمشون. ولما رجع بعد أيام لكي يأخذها مال لكي يرى رمة الأسد وإذا دبر من النحل في جوف الأسد مع عسل. فاشتار منه على كفيه وكان يمشي ويأكل وذهب إلى أبيه وأمه وأعطاهما فأكلا ولم يخبرهما أنه من جوف الأسد اشتار العسل."

الله أعطى قوة لشمشون، وأعطاه هنا أن يختبر قوته فيثق في نفسه فالله يدربه ليستطيع أن يقف أمام الفلسطينيين. وهكذا صنع الله مع داود. فداود قتل أسدًا ودبًا فوثق في إمكانية قتل جلياط الجبار. وكان قتل الأسد وأكل العسل من جوفه تمهيدًا للغز الذي حيَّر الفلسطينيين. هنا يظهر شمشون أقوى من الآخرين لأن روح الرب يحركه ويقوده والمسيح لم يكن في قوته أحد * 12 فهو لهُ سلطان على كل شيء حتى الطبيعة وحتى الموت. وشمشون كان يعمل بمفرده كما قيل عن المسيح دُست المعصرة وحدي * 13. وهزم شمشون الأسد والمسيح هزم الشيطان الذي يجول كأسد زائر يلتمس أن يبتلع عروسه * 14 ووالدى شمشون لم يعرفا سر هزيمة الأسد وقتله واليهود للآن لم يعرفا سر الصليب *

15 وشمشون مع أبويه نزل إلى كروم تمنة = رمزًا للمسيح الذي نزل لكنيسته الكرمة الحقيقية. ولم يخبر أباه.. بما فعل = ربما تواضعًا. وإذا دبر من النحل في جوف الأسد = لقد جفت جثة الأسد سريعًا بسبب الشمس فجاء النحل وعمل فيها خلية. فإشتار منه = أي قشطه بيديه. وكان يمشى ويأكل = كان فرحًا لأنه وجد لغزًا يصعب على أحد حلَّهُ وكما فرح شمشون وأكل العسل بعد هزيمة الأسد، هكذا كل من يغلب خطية ما بعد أن يقاومها يصير لهُ هذا فرح ولذة. ويتحول الجافي إلى حلاوة. ويكون الذي يفترس الآخرين بالنسبة لنا هو شيئًا نأكله. ودائمًا فالله يخرج لكنيسته وشعبه حلاوة من كل الضيقات التي يدبرها لها أعدائها لأذيتها. فأعطاهما فأكلا ولم يخبرهما = هو خشى أن يخبرهما أن العسل من جثة، والناموس يمنع ملامسه الميت. وأيضًا خشى أن يخبرهما فهو نذير والنذير لا يليق به لمس جثة ميت. وكذلك حتى لا يفشوا سر الأحجية التي قالها للفلسطينيين. ويسوعنا بعد أن هزم لنا إبليس * 16 قدّم لنا عسل أسرار محبته، محبة الله الفائقة. وأكل والديه من العسل يشير لأنه كان من بين اليهود * 17 مؤمنين بالمسيح تذوقوا عسل محبته.

وهناك من تأمل فيما حدث وقال إن شمشون يرمز للشعب اليهودي الذي قتل المسيح وهو الأسد الخارج من سبط يهوذا. فالمسيح هو الأسد هُزِم بالموت ليهزم الموت وبموته انتصر على الشيطان * 18 والرأيان يكمل أحدهما الآخر. ويكون العسل في فم الأسد هو التعاليم المحيية للمسيح (مز 119: 103) * 19.

الآيات (10، 11): "و نزل ابوه إلى المراة فعمل هناك شمشون وليمة لانه هكذا كان يفعل الفتيان. فلما رأوه احضروا ثلاثين من الأصحاب فكانوا معه."

لماّ رأوه ورأوا قوته أتو بـ30 رجلًا لخوفهم منه ليحموا أنفسهم.

الآيات (12، 13): "فقال لهم شمشون لاحاجينكم أحجية فإذا حللتموها لي في سبعة أيام الوليمة وأصبتموها أعطيكم ثلاثين قميصا وثلاثين حلة ثياب. و أن لم تقدروا أن تحلوها لي تعطوني انتم ثلاثين قميصا وثلاثين حلة ثياب فقالوا له حاج احجيتك فنسمعها."

قميص = صدرية من الكتان كملبس داخلي. حلّة ثياب = خاصة بحضور الولائم والمناسبات عوض الثوب اليومي.



آية (14): "فقال لهم من الأكل خرج أكل ومن الجافي خرجت حلاوة فلم يستطيعوا أن يحلوا الأحجية في ثلاثة أيام."

من الأكل = أي بطن الأسد الذي كان يجب أن يكون قبرًا لشمشون خرج أكل = أي عسل الذي صار مصدر حياة وطعام وحلاوة. وهذا فيه إشارة للفلسطينيين الذين كان شمشون سيقف أمامهم وعوضًا أن يقتلوه قتلهم وخلَّص شعبه وأعطى شعبه حياة. وتشير أيضًا لصراعنا مع إبليس فالله يعطينا قوة لننتصر عليه فيكون ما هو سببًا لهلاكنا حلة لتتويجنا، بل الله قادر أن يخرج لنا من كل ما نتصوره مصيبة أو كارثة شيئا صالحا لحياتنا. الجافي = المر أو الذي لا يؤنس إليه أو جافى الطباع.

الآيات (15-18): " و كان في اليوم السابع أنهم قالوا لامراة شمشون تملقي رجلك لكي يظهر لنا الاحجية لئلا نحرقك وبيت ابيك بنار التسلبونا دعوتمونا ام لا. فبكت امراة شمشون لديه وقالت انما كرهتني ولا تحبني قد حاجيت بني شعبي احجية واياي لم تخبر فقال لها هوذا ابي وامي لم اخبرهما فهل اياك اخبر. فبكت لديه السبعة الأيام التي فيها كانت لهم الوليمة وكان في اليوم السابع أنه اخبرها لانها ضايقته فاظهرت الاحجية لبني شعبها. فقال له رجال المدينة في اليوم السابع قبل غروب الشمس أي شيء أحلى من العسل وما اجفى من الأسد فقال لهم لو لم تحرثوا على عجلتي لما وجدتم أحجيتي."

كان ردهم بهذا الأسلوب الغامض حتى يفهم شمشون أنهم أدركوا الحل بذكائهم وليس من خطيبته الفلسطينية. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ولكن شمشون فهم ما حدث فقال لو لم تحرثوا على عجلتي أي لو لم تضغطوا على خطيبتي كما بمحراث حتى يخرجوا ما بداخلها كالأرض المحروثة يظهر ما في باطنها. ونلاحظ أن إبليس لا يستطيع أن يؤذينا ما لم يحرث على عجلة شهواتنا وطبيعتنا الفاسدة.

آية (19): وحل عليه روح الرب فنزل إلى اشقلون وقتل منهم ثلاثين رجلا واخذ سلبهم وأعطى الحلل لمظهري الأحجية وحمي غضبه وصعد إلى بيت أبيه.

ظهر هنا لماذا كان أمر الخطبة من الله أي بسماح منه، فلقد تحوّلت أفراح أعداء شعب الله لأحزان، فأياّم الفرح السبعة كانت ضيق للمرأة وأسرتها بسبب ضغط الرجال عليهم، وضيق للرجال فهم لا يستطيعون حل الأحجية ثم موت 30 رجلًا منهم ولاحظ تكرار القول أن روح الرب يحركه وهذا سر قوته. فإذا سمعنا أن سر قوته في شعره فهذا لأن الشعر علامة تكريسه كنذير للرب، وليست القوة في شعره بل في روح الرب الذي يحركه.

20 - من الآكل خرج اُكْل = هي تشير للمسيح. فالآكل هو الموت الذي ماته المسيح ولكن جاء منه أُكْل فالمسيح أعطانا جسده لنأكله (يو 6: 41). والأمم الوثنية آمنوا فوجدوا حلاوة الحياة من الذي حمل جفاوتهم (المر والخل). ومن فم الأسد الميت أي من فم المسيح الذي ربض ونام كأسد خرج دبر من النحل أي المسيحيين لو لم تحرثوا على عجلتى لما وجدتم أحجيتى = العجلة هي الكنيسة خطيبة المسيح التي صارت لها أسرار إيماننا معلنة لها بواسطة رجلها. فبواسطة تعاليم الرسل والقديسين وخلال كرازتهم إنتشرت أسرار الثالوث والفداء والقيامة والدينونة وملكوت السموات. والوليمة التي عرفت فيها المرأة الأسرار وأذاعتها على العالم (30 من الأصحاب) فتمتعوا بحلل الخلاص خلال مياه المعمودية فرقم 30 يشير لسن عماد المسيح. هي نفس الوليمة التي كانت سر هلاك 30 من الغرباء وسلب حللهم. فما يناله كل منا من نعم وبركات خلال عمل المسيح (رمزه شمشون) يُحسب هلاكاً لإبليس وسلباً لممتلكاته التي سبق فاغتصبها. لقد نُزِعَتْ عن إبليس كل إمكانياته بعد أن كان قبلاً كوكب الصبح ومجلسه في السمويات لينعم الإنسان بإمكانيات سماوية ويرتفع بين الطغمات الملائكية. ولكل مؤمن قوة تناظر قوة شمشون هي قوة الإيمان الذي ينقل الجبال (جبل المقطم) ويهدم الحصون (2كو 10: 4). وأعظم ما يغيره الإيمان هو أنه يحول القلب المملوء خطية إلى قلب محب لله.

آية (20): فصارت امرأة شمشون لصاحبه الذي كان يصاحبه.

فصارت إمراة شمشون لصاحبه = هو صاحب العريس الذي يساعده يوم عُرسِهِ أي إشبينه (يو 3: 29).

.......

ثالثا /

سفر القضاة 15

وَكَانَ بَعْدَ مُدَّةٍ فِي أَيَّامِ حَصَادِ الْحِنْطَةِ، أَنَّ شَمْشُونَ افْتَقَدَ امْرَأَتَهُ بِجَدْيِ مِعْزًى.
2 وَقَالَ: «أَدْخُلُ إِلَى امْرَأَتِي إِلَى حُجْرَتِهَا». وَلكِنَّ أَبَاهَا لَمْ يَدَعْهُ أَنْ يَدْخُلَ. وَقَالَ أَبُوهَا: «إِنِّي قُلْتُ إِنَّكَ قَدْ كَرِهْتَهَا فَأَعْطَيْتُهَا لِصَاحِبِكَ. أَلَيْسَتْ أُخْتُهَا الصَّغِيرَةُ أَحْسَنَ مِنْهَا؟ فَلِتَكُنْ لَكَ عِوَضًا عَنْهَا».
3 فَقَالَ لَهُمْ شَمْشُونُ: «إِنِّي بَرِيءٌ الآنَ مِنَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ إِذَا عَمِلْتُ بِهِمْ شَرًّا».
4 وَذَهَبَ شَمْشُونُ وَأَمْسَكَ ثَلاَثَ مِئَةِ ابْنِ آوَى، وَأَخَذَ مَشَاعِلَ وَجَعَلَ ذَنَبًا إِلَى ذَنَبٍ، وَوَضَعَ مَشْعَلاً بَيْنَ كُلِّ ذَنَبَيْنِ فِي الْوَسَطِ،
5 ثُمَّ أَضْرَمَ الْمَشَاعِلَ نَارًا وَأَطْلَقَهَا بَيْنَ زُرُوعِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، فَأَحْرَقَ الأَكْدَاسَ وَالزَّرْعَ وَكُرُومَ الزَّيْتُونِ.
6 فَقَالَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ: «مَنْ فَعَلَ هذَا؟» فَقَالُوا: «شَمْشُونُ صِهْرُ التِّمْنِيِّ، لأَنَّهُ أَخَذَ امْرَأَتَهُ وَأَعْطَاهَا لِصَاحِبِهِ». فَصَعِدَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ وَأَحْرَقُوهَا وَأَبَاهَا بِالنَّارِ.
7 فَقَالَ لَهُمْ شَمْشُونُ: «وَلَوْ فَعَلْتُمْ هذَا فَإِنِّي أَنْتَقِمُ مِنْكُمْ، وَبَعْدُ أَكُفُّ».
8 وَضَرَبَهُمْ سَاقًا عَلَى فَخِذٍ ضَرْبًا عَظِيمًا. ثُمَّ نَزَلَ وَأَقَامَ فِي شَقِّ صَخْرَةِ عِيطَمَ.
9 وَصَعِدَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ وَنَزَلُوا فِي يَهُوذَا وَتَفَرَّقُوا فِي لَحْيٍ.
10 فَقَالَ رِجَالُ يَهُوذَا: «لِمَاذَا صَعِدْتُمْ عَلَيْنَا؟» فَقَالُوا: «صَعِدْنَا لِكَيْ نُوثِقَ شَمْشُونَ لِنَفْعَلَ بِهِ كَمَا فَعَلَ بِنَا».
11 فَنَزَلَ ثَلاَثَةُ آلاَفِ رَجُل مِنْ يَهُوذَا إِلَى شَقِّ صَخْرَةِ عِيطَمَ، وَقَالُوا لِشَمْشُونَ: «أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْفِلِسْطِينِيِّينَ مُتَسَلِّطُونَ عَلَيْنَا؟ فَمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا؟» فَقَالَ لَهُمْ: «كَمَا فَعَلُوا بِي هكَذَا فَعَلْتُ بِهِمْ».
12 فَقَالُوا لَهُ: «نَزَلْنَا لِكَيْ نُوثِقَكَ وَنُسَلِّمَكَ إِلَى يَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ». فَقَالَ لَهُمْ شَمْشُونُ: «احْلِفُوا لِي أَنَّكُمْ أَنْتُمْ لاَ تَقَعُونَ عَلَيَّ».
13 فَكَلَّمُوهُ قَائِلِينَ: «كَلاَّ. وَلكِنَّنَا نُوثِقُكَ وَنُسَلِّمُكَ إِلَى يَدِهِمْ، وَقَتْلاً لاَ نَقْتُلُكَ». فَأَوْثَقُوهُ بِحَبْلَيْنِ جَدِيدَيْنِ وَأَصْعَدُوهُ مِنَ الصَّخْرَةِ.
14 وَلَمَّا جَاءَ إِلَى لَحْيٍ، صَاحَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ لِلِقَائِهِ. فَحَلَّ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ، فَكَانَ الْحَبْلاَنِ اللَّذَانِ عَلَى ذِرَاعَيْهِ كَكَتَّانٍ أُحْرِقَ بِالنَّارِ، فَانْحَلَّ الْوِثَاقُ عَنْ يَدَيْهِ.
15 وَوَجَدَ لَحْيَ حِمَارٍ طَرِيًّا، فَمَدَّ يَدَهُ وَأَخَذَهُ وَضَرَبَ بِهِ أَلْفَ رَجُل.
16 فَقَالَ شَمْشُونُ: «بِلَحْيِ حِمَارٍ كُومَةً كُومَتَيْنِ. بِلَحْيِ حِمَارٍ قَتَلْتُ أَلْفَ رَجُل».
17 وَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْكَلاَمِ رَمَى اللَّحْيِ مِنْ يَدِهِ، وَدَعَا ذلِكَ الْمَكَانَ «رَمَتَ لَحْيٍ».
18 ثُمَّ عَطِشَ جِدًّا فَدَعَا الرَّبَّ وَقَالَ: «إِنَّكَ قَدْ جَعَلْتَ بِيَدِ عَبْدِكَ هذَا الْخَلاَصَ الْعَظِيمَ، وَالآنَ أَمُوتُ مِنَ الْعَطَشِ وَأَسْقُطُ بِيَدِ الْغُلْفِ».
19 فَشَقَّ اللهُ الْكِفَّةَ الَّتِي فِي لَحْيِ، فَخَرَجَ مِنْهَا مَاءٌ، فَشَرِبَ وَرَجَعَتْ رُوحُهُ فَانْتَعَشَ. لِذلِكَ دَعَا اسْمَهُ «عَيْنَ هَقُّورِي» الَّتِي فِي لَحْيٍ إِلَى هذَا الْيَوْمِ.
20 وَقَضَى لإِسْرَائِيلَ فِي أَيَّامِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ عِشْرِينَ سَنَةً.

.....

تفسير أصحاح 15 من سفر القضاة للقس أنطونيوس فكري

الآيات (1-3): "وكان بعد مدة في أيام حصاد الحنطة أن شمشون افتقد امرأته بجدي معزى. وقال ادخل إلى آمراتي إلى حجرتها ولكن أباها لم يدعه أن يدخل وقال أبوها أنى قلت أنك قد كرهتها فأعطيتها لصاحبك أليست أختها الصغيرة احسن منها فلتكن لك عوضا عنها. فقال لهم شمشون أنى بريء الآن من الفلسطينيين إذا عملت بهم شرا."

بعد مدة إذ هدأ غضب شمشون أراد أن يرجع لخطيبته وأخذ معه هدية للمصالحة جدى معزى ففوجئ بأبوها وقد زوجها وحاول إرضائه أو رشوته بأن يعطيه أختها الصغرى ولكن هل الحُب يُرشى بالجمال أو صغر السن؟!! وبلا شك فقد تسرع أبوها في ذلك.

إني برئ الآن =

1. فهم رفضوه لأنه إسرائيلي.

2. أخذوا زوجته وزوجوها لغيره.

3. خدعوها وعرفوا سر أحجيته.

وثار شمشون وكانت ثورته بداية لعدة ضربات ضد الفلسطينيين. فروح الرب لهُ طرق عديدة ويستغل كل الأمور لصالح شعبه. الله هنا هو الذي أخرج من الجافي (خطبة شمشون لوثنية) حلاوة (خلاص) فخلص شعبه من الفلسطينيين.

الآيات (4-7): "وذهب شمشون وامسك ثلاث مئة ابن أوى واخذ مشاعل وجعل ذنبا إلى ذنب ووضع مشعلا بين كل ذنبين في الوسط. ثم أضرم المشاعل نارا وأطلقها بين زروع الفلسطينيين فاحرق الأكداس والزرع وكروم الزيتون.فقال الفلسطينيون من فعل هذا فقالوا شمشون صهر التمني لأنه اخذ امرأته وأعطاها لصاحبه فصعد الفلسطينيون واحرقوها وأباها بالنار. فقال لهم شمشون ولو فعلتم هذا فأنى انتقم منكم وبعد اكف."

كانت أول ضربة ضد الفلسطينيين ربط مشاعل في ذيول "أولاد آوى" وإبن آوى هو حيوان أكبر من الثعلب وأصغر من الذئب. فكانت الحيوانات تجرى مذعورة من النيران التي في ذيولها في كل مكان فأحرقوا الحقول كلها لأن الحقول كانت جافة إذ كان وقت الحصاد. فاغتاظ الفلسطينيون وأحرقوا بيت زوجة شمشون وأحرقوها هي وأبوها بالنار، ولنلاحظ أنهم هددوها بالإحراق إن لم تفشى السر وهي أخطأت بإفشائها السر وها هي تموت بنفس الطريقة فالخطية لا تنجى. ومعنى آية (7) أنكم لو تصورتم أنكم ترضوننى بحرق إمرأتى وعائلتها فهذا لا يرضيني لأجل كل خيانتكم، فأنا مازلت أحب امرأتي وحرقها أغاظني، وسوف أنتقم منكم على هذه الفعلة أيضًا (أي قتل إمرأتى) وبعد ذلك أهدأ.

آية (8): "وضربهم ساقا على فخذ ضربا عظيما ثم نزل وأقام في شق صخرة عيطم."

ضربهم ساقًا على فخذ = هذا تعبير مأخوذ من المصارعة ومترجم كانت مذبحة عظيمة لهم. أي جعلهم بضرب السيف قطعًا بعضهم فوق بعض فصار الساق فوق الفخذ والقدم فوق الرأس وما إلى ذلك. ثم أقام في شق صخرة عيطم = هناك تأمل للقديس أغسطينوس: فالهراطقة الذين يريدون قسمة الكنيسة عن المسيح يشبهون الفلسطينيين الذين زوجوا امرأة شمشون لصاحبه وهؤلاء نصيبهم الحرق ونحن علينا أن نرفض هذه الأفكار، أفكار إبليس فتكون كمن ألهب ذيله بالنار ثم نهرب مع شمشون إلى شق الصخرة، أي نحتمي بالمسيح صخرتنا، نحتمي بجراحاته.

الآيات (9-13): "وصعد الفلسطينيون ونزلوا في يهوذا وتفرقوا في لحي. فقال رجال يهوذا لماذا صعدتم علينا فقالوا صعدنا لكي نوثق شمشون لنفعل به كما فعل بنا. فنزل ثلاثة آلاف رجل من يهوذا إلى شق صخرة عيطم وقالوا لشمشون أما علمت أن الفلسطينيين متسلطون علينا فماذا فعلت بنا فقال لهم كما فعلوا بي هكذا فعلت بهم. فقالوا له نزلنا لكي نوثقك ونسلمك إلى يد الفلسطينيين فقال لهم شمشون احلفوا لي أنكم انتم لا تقعون علي. فكلموه قائلين كلا ولكننا نوثقك ونسلمك إلى يدهم وقتلا لا نقتلك فأوثقوه بحبلين جديدين واصعدوه من الصخرة."

سؤال اليهود للفلسطينيين لماذا صعدتم علينا = معناه لماذا أتيتم علينا الآن بعداوة ونحن ندفع لكم الجزية، هذا سؤال يدل على الاستكانة للعبودية، ولقد استنكر اليهود ما عمله شمشون وكأنهم كانوا راضين بتسلط الفلسطينيين عليهم راضين بعبوديتهم. وعوضًا عن أن يحاربوا مع شمشون ويجاهدوا وافقوا على أن يمسكوا شمشون ويقيدوه ويسلموه ليد الفلسطينيين. وعجيب أن شمشون الجبار هذا لم يؤذى أحد من اليهود الذين أتوا طالبين أن يمسكوه فهو لا يؤدب سوى أعداء شعبه، بل لم يوجه لهم كلمة عتاب واحدة على جبنهم وخضوعهم. لقد كان استسلام شمشون لليهود مملوءًا وداعة وضعفًا أمام شعبه ولكنه مملوءًا قوة جبارة أمام أعداء شعبه، بل كان طلب شمشون من اليهود أن لا يقعوا به لأنه خاف أن يؤذى أحد منهم. ونلاحظ أن الفلسطينيين صعدوا عليه بجيش فهو وحده عبارة عن جيش

. ونحن يجب أن لا نشابه اليهود هنا في استسلامهم للعبودية بأن نيأس من خطايانا بل نجاهد في صلواتنا، وأن نمتنع عن خطايانا ولا نستسلم للشر مواظبين على دراسة الكتاب المقدس الكلمة الحية. والرموز للمسيح: *21 اليهود لم يقتلوا شمشون بل سلموه للأمم ليقتلوه. واليهود سلموا المسيح للرومان ليصلبوه *22 قوة شمشون الخرافية التي لم تظهر أمام اليهود هي رمز لقوة المسيح الجبارة وأنه استسلم بإرادته *23 شمشون استسلم ليصنع مقتلة عظيمة لأعداء شعبه وهكذا المسيح استسلم بإرادته ليصنع مقتلة لإبليس *24 اليهود أدانوا شمشون ولاموه على ما صنع بأعدائهم لخلاصهم واليهود أدانوا المسيح على كل الخير الذي صنعه لأجلهم.

آية (14): "ولما جاء إلى لحي صاح الفلسطينيون للقائه فحل عليه روح الرب فكان الحبلان اللذان على ذراعيه ككتان احرق بالنار فانحل الوثاق عن يديه."

حتى وإن تركنا الجميع فالله قادر أن يحول كل شيء للخلاص ويعطى غلبة. *25 وقطع شمشون الحبال بنفسه يشير للمسيح الذي قام من نفسه ولم يحتاج مثل لعازر لمن يَحُلَّهُ من رباطاته. هنا صورة للمسيح الذي واجه العدو على الصليب، وإذ هو القيامة لم يستطع الموت أن يُمسك به ولا الجحيم أن يعوقه. فحطم بنار لاهوته حبلى الموت والجحيم = فكان الحبلان.. ككتان أحرق بالنار فإنحل الوثاق عن يديه.



آية (15): "ووجد لحي حمار طريا فمد يده وأخذه وضرب به ألف رجل."

لحى حمار طريًا = أي فك حمار وكان طريًا فلو كان جافًا لتحطم وانكسر بسهولة واللحى يكون به 3 أو 4 أسنان كأنهم سكاكين ويمكن استخدامه كسلاح بدائي *26 شمشون هنا وهو يمسك الحمار يقتل به الأعداء يشير للمسيح الذي يمسك الإنسان (الذي بالخطية نزل مستواه إلى مستوى الخليقة غير العاقلة) ليضرب به القوات الشريرة
. ولاحظ أن الفك هو فك حمار ميت إشارة للإنسان الذي مات بالخطية. ضرب 1000 رجل رمز لإبليس الذي يُرمز له بألف رجل شرير.

آية (16): "فقال شمشون بلحي حمار كومة كومتين بلحي حمار قتلت ألف رجل."

بلحى حمار كومة كومتين = يمكن قراءتها كومتهم أكوامًا. ومعناها أنه بفك الحمار كوَّم الفلسطينيين كومة وكومتين و3 كومات... وهكذا فهو حوَّلهم لقتلى مُكَوَّمين. فهي تسبحة نصرة. وفي العبرية يظهر أن ما قاله شمشون كان بصورة شعر فكلمة حمار هي نفسها كلمة كومة وبالعبرية قال شمشون (حمور حمور حموريم) وبهذا تعني الجملة أيضًا أن الفلسطينيين سقطوا كالحمير.

آية (17): "ولما فرغ من الكلام رمى تلحي من يده ودعا ذلك المكان رمت لحي."

إذ صارت المنطقة أكوامًا من القتلى الذين قتلوا بلحى الحمار سميت المنطقة رمت لحى = أي مرتفعات الفك.

آية (18): "ثم عطش جدًا فدعا الرب وقال أنك قد جعلت بيد عبدك هذا الخلاص العظيم والآن أموت من العطش واسقط بيد الغلف."

آية (19): "فشق الله الكفة التي في لحي فخرج منها ماء فشرب ورجعت روحه فانتعش لذلك دعا اسمه عين هقوري التي في لحي إلى هذا اليوم."

شق الله الكفة التي في لحى = هذه لها تفسيران

1. الآن صار اسم المنطقة لحى نسبة إلى الحادثة فقد أسماها "رمت لحى" وتكون كلمة لحى هنا اختصار لاسم "رمت لحى" والله أخرج لهُ الماء من نتوء في صخرة. والنتوء اسمه الكفة. وإذا فهمنا أن الصخرة تشير إلى المسيح *28 فالماء الخارج منها إشارة للروح القدس الذي أرسلهُ المسيح للكنيسة.

2. أو أن الله أخرج لهُ الماء من الكفة أي منبت السن من فك الحمار وهذا يشير لأن من يؤمن بالمسيح تجرى من بطنه أنهار ماء حيّ * 29 إشارة للروح القدس (يو 7: 38) والمعنيان متكاملان لعمل المسيح مع الكنيسة. عين هتورى = أي عين الداعي وهذا الاسم الجديد تذكار لدعاء شمشون إلى الله واستجابة الله لهُ.

آية (20): "وقضى لإسرائيل في أيام الفلسطينيين عشرين سنة."

قضى 20 سنة = قضاها في بطولات ولكن شمشون ظهر كقاضي محلي في جنوب يهوذا.

......

رابعا /

سفر القضاة 16

1 ثُمَّ ذَهَبَ شَمْشُونُ إِلَى غَزَّةَ، وَرَأَى هُنَاكَ امْرَأَةً زَانِيَةً فَدَخَلَ إِلَيْهَا.
2 فَقِيلَ لِلْغَزِّيِّينَ: «قَدْ أَتَى شَمْشُونُ إِلَى هُنَا». فَأَحَاطُوا بِهِ وَكَمَنُوا لَهُ اللَّيْلَ كُلَّهُ عِنْدَ بَابِ الْمَدِينَةِ. فَهَدَأُوا اللَّيْلَ كُلَّهُ قَائِلِينَ: «عِِنْدَ ضَوْءِ الصَّبَاحِ نَقْتُلُهُ».
3 فَاضْطَجَعَ شَمْشُونُ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، ثُمَّ قَامَ فِي نِصْفِ اللَّيْلِ وَأَخَذَ مِصْرَاعَيْ بَابِ الْمَدِينَةِ وَالْقَائِمَتَيْنِ وَقَلَعَهُمَا مَعَ الْعَارِضَةِ، وَوَضَعَهَا عَلَى كَتِفَيْهِ وَصَعِدَ بِهَا إِلَى رَأْسِ الْجَبَلِ الَّذِي مُقَابِلَ حَبْرُونَ.
4 وَكَانَ بَعْدَ ذلِكَ أَنَّهُ أَحَبَّ امْرَأَةً فِي وَادِي سُورَقَ اسْمُهَا دَلِيلَةُ.
5 فَصَعِدَ إِلَيْهَا أَقْطَابُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَقَالُوا لَهَا: «تَمَلَّقِيهِ وَانْظُرِي بِمَاذَا قُوَّتُهُ الْعَظِيمَةُ، وَبِمَاذَا نَتَمَكَّنُ مِنْهُ لِكَيْ نُوثِقَهُ لإِذْلاَلِهِ، فَنُعْطِيَكِ كُلُّ وَاحِدٍ أَلْفًا وَمِئَةَ شَاقِلِ فِضَّةٍ».
6 فَقَالَتْ دَلِيلَةُ لِشَمْشُونَ: «أَخْبِرْنِي بِمَاذَا قُوَّتُكَ الْعَظِيمَةُ؟ وَبِمَاذَا تُوثَقُ لإِذْلاَلِكَ؟»
7 فَقَالَ لَهَا شَمْشُونُ: «إِذَا أَوْثَقُونِي بِسَبْعَةِ أَوْتَارٍ طَرِيَّةٍ لَمْ تَجِفَّ، أَضْعُفُ وَأَصِيرُ كَوَاحِدٍ مِنَ النَّاسِ».
8 فَأَصْعَدَ لَهَا أَقْطَابُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ سَبْعَةَ أَوْتَارٍ طَرِيَّةٍ لَمْ تَجِفَّ، فَأَوْثَقَتْهُ بِهَا،
9 وَالْكَمِينُ لاَبِثٌ عِنْدَهَا فِي الْحُجْرَةِ. فَقَالَتْ لَهُ: «الْفِلِسْطِينِيُّونَ عَلَيْكَ يَا شَمْشُونُ». فَقَطَعَ الأَوْتَارَ كَمَا يُقْطَعُ فَتِيلُ الْمَشَاقَةِ إِذَا شَمَّ النَّارَ، وَلَمْ تُعْلَمْ قُوَّتُهُ.
10 فَقَالَتْ دَلِيلَةُ لِشَمْشُونَ: «هَا قَدْ خَتَلْتَنِي وَكَلَّمْتَنِي بِالْكَذِبِ، فَأَخْبِرْنِيَ الآنَ بِمَاذَا تُوثَقُ؟».
11 فَقَالَ لَهَا: «إِذَا أَوْثَقُونِي بِحِبَال جَدِيدَةٍ لَمْ تُسْتَعْمَلْ، أَضْعُفُ وَأَصِيرُ كَوَاحِدٍ مِنَ النَّاسِ».
12 فَأَخَذَتْ دَلِيلَةُ حِبَالاً جَدِيدَةً وَأَوْثَقَتْهُ بِهَا، وَقَالَتْ لَهُ: «الْفِلِسْطِينِيُّونَ عَلَيْكَ يَا شَمْشُونُ، وَالْكَمِينُ لاَبِثٌ فِي الْحُجْرَةِ». فَقَطَعَهَا عَنْ ذِرَاعَيْهِ كَخَيْطٍ.
13 فَقَالَتْ دَلِيلَةُ لِشَمْشُونَ: «حَتَّى الآنَ خَتَلْتَنِي وَكَلَّمْتَنِي بِالْكَذِبِ، فَأَخْبِرْنِي بِمَاذَا تُوثَقُ؟». فَقَالَ لَهَا: «إِذَا ضَفَرْتِ سَبْعَ خُصَلِ رَأْسِي مَعَ السَّدَى»
14 فَمَكَّنَتْهَا بِالْوَتَدِ. وَقَالَتْ لَهُ: «الْفِلِسْطِينِيُّونَ عَلَيْكَ يَا شَمْشُونُ». فَانْتَبَهَ مِنْ نَوْمِهِ وَقَلَعَ وَتَدَ النَّسِيجِ وَالسَّدَى.
15 فَقَالَتْ لَهُ: «كَيْفَ تَقُولُ أُحِبُّكِ، وَقَلْبُكَ لَيْسَ مَعِي؟ هُوَذَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ قَدْ خَتَلْتَنِي وَلَمْ تُخْبِرْنِي بِمَاذَا قُوَّتُكَ الْعَظِيمَةُ».
16 وَلَمَّا كَانَتْ تُضَايِقُهُ بِكَلاَمِهَا كُلَّ يَوْمٍ وَأَلَحَّتْ عَلَيْهِ، ضَاقَتْ نَفْسُهُ إِلَى الْمَوْتِ،
17 فَكَشَفَ لَهَا كُلَّ قَلْبِهِ، وَقَالَ لَهَا: «لَمْ يَعْلُ مُوسَى رَأْسِي لأَنِّي نَذِيرُ اللهِ مِنْ بَطْنِ أُمِّي، فَإِنْ حُلِقْتُ تُفَارِقُنِي قُوَّتِي وَأَضْعُفُ وَأَصِيرُ كَأَحَدِ النَّاسِ».
18 وَلَمَّا رَأَتْ دَلِيلَةُ أَنَّهُ قَدْ أَخْبَرَهَا بِكُلِّ مَا بِقَلْبِهِ، أَرْسَلَتْ فَدَعَتْ أَقْطَابَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَقَالَتِ: «اصْعَدُوا هذِهِ الْمَرَّةَ فَإِنَّهُ قَدْ كَشَفَ لِي كُلَّ قَلْبِهِ». فَصَعِدَ إِلَيْهَا أَقْطَابُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَأَصْعَدُوا الْفِضَّةَ بِيَدِهِمْ.
19 وَأَنَامَتْهُ عَلَى رُكْبَتَيْهَا وَدَعَتْ رَجُلاً وَحَلَقَتْ سَبْعَ خُصَلِ رَأْسِهِ، وَابْتَدَأَتْ بِإِذْلاَلِهِ، وَفَارَقَتْهُ قُوَّتُهُ.
20 وَقَالَتِ: «الْفِلِسْطِينِيُّونَ عَلَيْكَ يَا شَمْشُونُ». فَانْتَبَهَ مِنْ نَوْمِهِ وَقَالَ: «أَخْرُجُ حَسَبَ كُلِّ مَرَّةٍ وَأَنْتَفِضُ». وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ فَارَقَهُ.
21 فَأَخَذَهُ الْفِلِسْطِينِيُّونَ وَقَلَعُوا عَيْنَيْهِ، وَنَزَلُوا بِهِ إِلَى غَزَّةَ وَأَوْثَقُوهُ بِسَلاَسِلِ نُحَاسٍ. وَكَانَ يَطْحَنُ فِي بَيْتِ السِّجْنِ.
22 وَابْتَدَأَ شَعْرُ رَأْسِهِ يَنْبُتُ بَعْدَ أَنْ حُلِقَ.
23 وَأَمَّا أَقْطَابُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ فَاجْتَمَعُوا لِيَذْبَحُوا ذَبِيحَةً عَظِيمَةً لِدَاجُونَ إِلهِهِمْ وَيَفْرَحُوا، وَقَالُوا: «قَدْ دَفَعَ إِلهُنَا لِيَدِنَا شَمْشُونَ عَدُوَّنَا».
24 وَلَمَّا رَآهُ الشَّعْبُ مَجَّدُوا إِلهَهُمْ، لأَنَّهُمْ قَالُوا: «قَدْ دَفَعَ إِلهُنَا لِيَدِنَا عَدُوَّنَا الَّذِي خَرَّبَ أَرْضَنَا وَكَثَّرَ قَتْلاَنَا».
25 وَكَانَ لَمَّا طَابَتْ قُلُوبُهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا: «ادْعُوا شَمْشُونَ لِيَلْعَبَ لَنَا». فَدَعَوْا شَمْشُونَ مِنْ بَيْتِ السِّجْنِ، فَلَعِبَ أَمَامَهُمْ. وَأَوْقَفُوهُ بَيْنَ الأَعْمِدَةِ.
26 فَقَالَ شَمْشُونُ لِلْغُلاَمِ الْمَاسِكِ بِيَدِهِ: «دَعْنِي أَلْمِسِ الأَعْمِدَةَ الَّتِي الْبَيْتُ قَائِمٌ عَلَيْهَا لأَسْتَنِدَ عَلَيْهَا».
27 وَكَانَ الْبَيْتُ مَمْلُوءًا رِجَالاً وَنِسَاءً، وَكَانَ هُنَاكَ جَمِيعُ أَقْطَابِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، وَعَلَى السَّطْحِ نَحْوُ ثَلاَثَةِ آلاَفِ رَجُل وَامْرَأَةٍ يَنْظُرُونَ لِعْبَ شَمْشُونَ.
28 فَدَعَا شَمْشُونُ الرَّبَّ وَقَالَ: «يَا سَيِّدِي الرَّبَّ، اذْكُرْنِي وَشَدِّدْنِي يَا اَللهُ هذِهِ الْمَرَّةَ فَقَطْ، فَأَنْتَقِمَ نَقْمَةً وَاحِدَةً عَنْ عَيْنَيَّ مِنَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ».
29 وَقَبَضَ شَمْشُونُ عَلَى الْعَمُودَيْنِ الْمُتَوَسِّطَيْنِ اللَّذَيْنِ كَانَ الْبَيْتُ قَائِمًا عَلَيْهِمَا، وَاسْتَنَدَ عَلَيْهِمَا الْوَاحِدِ بِيَمِينِهِ وَالآخَرِ بِيَسَارِهِ.
30 وَقَالَ شَمْشُونُ: «لِتَمُتْ نَفْسِي مَعَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ». وَانْحَنَى بِقُوَّةٍ فَسَقَطَ الْبَيْتُ عَلَى الأَقْطَابِ وَعَلَى كُلِّ الشَّعْبِ الَّذِي فِيهِ، فَكَانَ الْمَوْتَى الَّذِينَ أَمَاتَهُمْ فِي مَوْتِهِ، أَكْثَرَ مِنَ الَّذِينَ أَمَاتَهُمْ فِي حَيَاتِهِ.
31 فَنَزَلَ إِخْوَتُهُ وَكُلُّ بَيْتِ أَبِيهِ وَحَمَلُوهُ وَصَعِدُوا بِهِ وَدَفَنُوهُ بَيْنَ صُرْعَةَ وَأَشْتَأُولَ، فِي قَبْرِ مَنُوحَ أَبِيهِ. وَهُوَ قَضَى لإِسْرَائِيلَ عِشْرِينَ سَنَةً.

......

تفسير أصحاح 16 من سفر القضاة للقس أنطونيوس فكري

الآيات (1-3): "ثم ذهب شمشون إلى غزة ورأى هناك امرأة زانية فدخل إليها. فقيل للغزيين قد أتى شمشون إلى هنا فأحاطوا به وكمنوا له الليل كله عند باب المدينة فهداوا الليل كله قائلين عند ضوء الصباح نقتله. فاضطجع شمشون إلى نصف الليل ثم قام في نصف الليل واخذ مصراعي باب المدينة والقائمتين وقلعهما مع العارضة ووضعها على كتفيه وصعد بها إلى راس الجبل الذي مقابل حبرون."

ذهب شمشون إلى غزة = ذهب إلى أكبر مدنهم واثقًا في قوته غير خائف ودخل إلى امرأة زانية = هذا الجبار الذي قتل ألاف ينهزم من شهوته. فكان قويًا جسديًا لكنه كان ضعيفًا أمام شهوته. وهذه السقطة لشمشون سقطة فظيعة. حقًا كل قتلاها أقوياء (أم 7: 26). ثم قام في نصف الليل = ربما قام استجابة لروح الله الذي فيه، الذي عمل فيه للتوبة فأدرك أن هذا المكان لا يليق بنذير مثله. ما حدث من شمشون كان خطية لكن من الناحية الرمزية يرى القديس أغسطينوس أنه يرمز لما عمله المسيح بعد صلبه *30 فهو قام محطمًا أبواب الهاوية وصعد للسماء ويشبه أغسطينوس البيت بالجحيم أي بيت الزانية وهناك أعداء محيطين بالبيت ليمسكوه.

ولكن لم يستطع أحد أن يمسك المسيح في الجحيم فخرج نازعًا الأبواب أي محطمًا أبواب الهاوية للأبد. ثم صعد شمشون للجبل كما صعد المسيح للسماء. وكان الأعداء المحيطين بالبيت كالحراس حول القبر لم يستطيعوا أن يمنعوا القيامة بل هم لم يروا المسيح أصلًا.



الآيات (4-5): "وكان بعد ذلك أنه أحب امرأة في وادي سورق اسمها دليلة. فصعد إليها أقطاب الفلسطينيين وقالوا لها تملقيه وانظري بماذا قوته العظيمة وبماذا نتمكن منه لكي نوثقه لإذلاله فنعطيك كل واحد ألفا ومئة شاقل فضة."

رأينا شمشون يخطئ مرارًا عديدة والروح القدس يرشده ويقوده حتى لا تهلكه الخطيئة، فكانت قوته لا تفارقه لأنه يتجاوب مع نداء الروح القدس. لكن أمام إصرار الإنسان على مقاومة الروح القدس يبدأ صوت تبكيت الروح ينخفض رويدًا رويدًا " لا تحزنوا الروح.... لا تطفئوا الروح" وهذا ما حدث مع شمشون إذ سقط في حب دليلة (ومعنى اسمها مدللة أو معشوقة)

. لم يعد شمشون يتجاوب مع صوت الروح في داخله فانهار تمامًا. ودليلة هذه عاشت كزانية أحبها الرجال وأخيرًا يأتي إليها شمشون ليسقط في حبها فيفقد مجد نذره ويحرم من بصيرته ويصير سخرية للعدو. والمسيح أرسلنا للعالم كنور وكملح نسعى كسفراء ولكن إذا انغمسنا في شرور العالم واشتركنا فيها نصير سخرية وهزءًا من العالم. ودليلة لمحبتها في المال أغراها أقطاب الفلسطينيين بالمال لتوقع بشمشون.



الآيات (6-14): "فقالت دليلة لشمشون اخبرني بماذا قوتك العظيمة وبماذا توثق لاذلالك. فقال لها شمشون إذا أوثقوني بسبعة أوتار طرية لم تجف اضعف وأصير كواحد من الناس. فاصعد لها أقطاب الفلسطينيين سبعة أوتار طرية لم تجف فأوثقته بها. والكمين لابث عندها في الحجرة فقالت له الفلسطينيون عليك يا شمشون فقطع الأوتار كما يقطع فتيل المشاقة إذا شم النار ولم تعلم قوته. فقالت دليلة لشمشون ها قد ختلتني وكلمتني بالكذب فاخبرني الآن بماذا توثق. فقال لها إذا أوثقوني بحبال جديدة لم تستعمل اضعف وأصير كواحد من الناس. فأخذت دليلة حبالا جديدة وأوثقته بها وقالت له الفلسطينيون عليك يا شمشون والكمين لابث في الحجرة فقطعها عن ذراعيه كخيط. فقالت دليلة لشمشون حتى الآن ختلتني وكلمتني بالكذب فاخبرني بماذا توثق فقال لها إذا ضفرت سبع خصل رأسي مع السدى. فمكنتها بالوتد وقالت له الفلسطينيون عليك يا شمشون فانتبه من نومه وقلع وتد النسيج والسدى."

سألت دليلة شمشون عن سر قوته 3 مرات لأنها ظنت مثل أقطاب الفلسطينيين أن قوة شمشون نتيجة عمل سحري إن أبطل فقد قوته. وشمشون عَرِف غرضها منذ المرة الأولى لذلك خدعها. ولكن عوضًا عن أن يتركها استمر في حبها فلقد صار مستعبدًا لشهوته بالكامل وشهوته أعمته حتى أن 3 مرّات ينكشف فيها خداعها كانوا غير كافين لأن تنفتح عيناه ويهرب من هذا المكان. سبعة أوتار طرية لم تجف = أي سبعة حبال من الكتان أو غيره من النباتات. فتيل المشاقة = هو ما يسقط من الكتان عند مشقه أو تمشيطه ليُغزل ثم يستخدم كفتائل للسرج. السدى = هي الخيوط الطويلة التي تستخدم في آلة النسيج وأمّا الخيوط العريضة فتسمى اللحمة ؛ ولاحظ أنه في المرة الثالثة اقترب من موضوع شعره فالخاضع لشهوته يقترب للسقوط رويدًا رويدًا. والعجيب أنه في الثلاث مرّات كان الفلسطينيون يهجمون عليه فهل لم يفهم؟! إذًا الخطية تعمي العيون.... لهم عيون ولا يبصرون وأذان ولا يسمعون. ونلاحظ أن سر قوته ليس شعره إنما في الروح الذي عليه والروح فارقه لاستغراقه في شهوته.

آية (15): "فقالت له كيف تقول احبك وقلبك ليس معي هوذا ثلاث مرات قد ختلتني ولم تخبرني بماذا قوتك العظيمة."

كيف تقول أحبك وقلبك ليس معي = ماذا لو وجه المسيح لنا هذا السؤال. إذًا علينا أن نعطى القلب لله، كل القلب ونعترف أمامه بكل شيء ونطلب منه أن يُغيِّرنا.



الآيات (17،16): "ولما كانت تضايقه بكلامها كل يوم وألحت عليه ضاقت نفسه إلى الموت. فكشف لها كل قلبه وقال لها لم يعل موسى رأسي لاني نذير الله من بطن أمي فان حلقت تفارقني قوتي واضعف وأصير كأحد الناس."

ضاقت نفسه إلى الموت = إذ انحنت نفسه لشهوات جسده الشريرة تضيق نفسه منجرفة نحو الموت. وإذا كان رأسنا هو المسيح فحلق رؤوسنا إشارة لأننا فقدنا نعمة المسيح. فمن يستسلم لشهوات جسده فهو يُخدع ويحرم من النعمة.



الآيات (18-21): "ولما رأت دليلة أنه قد اخبرها بكل ما بقلبه أرسلت فدعت أقطاب الفلسطينيين وقالت اصعدوا هذه المرة فانه قد كشف لي كل قلبه فصعد إليها أقطاب الفلسطينيين واصعدوا الفضة بيدهم. وانامته على ركبتيها ودعت رجلا وحلقت سبع خصل رأسه وابتدأت بإذلاله وفارقته قوته. وقالت الفلسطينيون عليك يا شمشون فانتبه من نومه وقال اخرج حسب كل مرة وانتفض ولم يعلم أن الرب قد فارقه. فأخذه الفلسطينيون وقلعوا عينيه ونزلوا به إلى غزة وأوثقوه بسلاسل نحاس وكان يطحن في بيت السجن

نام شمشون على ركبتى دليلة مستغرقًا في شهواته مغلقًا أذنيه عن صوت روح الله في داخله، ليستيقظ ويجد نفسه أسيرًا في يد أعدائه. وهكذا مع كل إنسان فإبليس يجعله ينام مطمئنًا في خطيته شاعرًا أنه في أمان حتى يفقده كل كرامته وكل قوته ويصير أسيرًا. فمن يترك الله يتركه الله. ولنفهم أن شمشون إعتقد أن القوة التي فيه هي من نفسه فسقط وفقد قوته، إذًا لنعلم أن أية قوة فينا مصدرها الله وليس برنا الذاتي. ولاحظ قول شمشون.... أخرج حسب كل مرة = فهو يحسب أنه بقوته يغلب ولكن هذه المرة كان الرب قد فارقه. لذلك لم يقل الكتاب في هذه المرة "حل عليه روح الرب". شمشون مثل حواء سقط لأنه دخل في نقاش وحوار مع إبليس ولم يغلق باب الحوار معهُ كما فعل يوسف "كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله". ولاحظ أنهم قلعوا عينيه لكنه هو كان قد فقد بصيرته الروحية نتيجة لشهوته من قبل وأنهم ربطوه بسلاسل لأنه هو ربط نفسه بسلاسل الشهوة من قبل وأهانوا كرامته لكنه هو أهان نفسه مع زانية قبل أن يهينوا هم كرامته أمام الجميع، هم ساقوه كحيوان ليجر الطاحونة لأنه عاش في شهوة حيوانية من قبل. لعلَّ شمشون وهو يطحن، والأولاد، بل الجميع يسخر منه كان يلعن اللحظات التي اعتبرها لذيذة على ركبتى دليلة. فهذه اللذة العابرة أنزلته لدرجة أقل من الحيوان ولعلنا نتذكر عاقبة الخطية قبل أن نسقط فيها فسنوثق بسلاسل ونهان. ولكن لنذكر أن أبواب التوبة مفتوحة لمن يريد، فكيف نحب يسوع وقاتل يسوع أي الخطية. فالخطية هي قاتلة يسوع فلنتركها ونختار يسوع. حجر الرحى = عمل الحيوانات وهذا منتهى الإذلال لمن كانوا يرتعبون من قوته. ولنلاحظ أن عدونا الشيطان يسخر من الخطاة بشدة عندما يفقدون نعمة المسيح ويجعلهم كالحمير يدورون في طاحونة فاقدين نظرهم موضوعين في سجن وأسر. الكارثة أن نفقد معية الرب.

آية (22): "وأبتدأ شعر رأسه ينبت بعد أن حلق."

ابتدأ شعر رأسه ينبت = مرة أخرى ليست القوة في الشعر ولكنه وهو في السجن يفكر في قوته السابقة ويندم على ما خسره تاب، مثل الابن الضال الذي تذكر في حظيرة الخنازير مجد بيت أبيه. فكون الكتاب يذكر أن شعر رأسه ينبت فهذا يشير لأفكار التوبة وقرار التوبة الذي بدأ ينبت في رأسه وأنه بدأ يستجيب لصوت تبكيت الروح القدس فبدأت قوته تعود لهُ كما عاد للابن الضال الخاتم والحلة.



الآيات (23-31): "وأما أقطاب الفلسطينيين فاجتمعوا ليذبحوا ذبيحة عظيمة لداجون إلههم ويفرحوا وقالوا قد دفع إلهنا ليدنا شمشون عدونا. ولما رآه الشعب مجدوا إلههم لأنهم قالوا قد دفع إلهنا ليدنا عدونا الذي خرب أرضنا وكثر قتلانا. وكان لما طابت قلوبهم أنهم قالوا ادعوا شمشون ليلعب لنا فدعوا شمشون من بيت السجن فلعب أمامهم وأوقفوه بين الأعمدة. فقال شمشون للغلام الماسك بيده دعني المس الأعمدة التي البيت قائم عليها لاستند عليها. وكان البيت مملؤا رجالا ونساء وكان هناك جميع أقطاب الفلسطينيين وعلى السطح نحو ثلاثة آلاف رجل وامرأة ينظرون لعب شمشون. فدعا شمشون الرب وقال يا سيدي الرب اذكرني وشددني يا الله هذه المرة فقط فانتقم نقمة واحدة عن عيني من الفلسطينيين. وقبض شمشون على العمودين المتوسطين اللذين كان البيت قائما عليهما واستند عليهما الواحد بيمينه والأخر بيساره.و قال شمشون لتمت نفسي مع الفلسطينيين وانحنى بقوة فسقط البيت على الأقطاب وعلى كل الشعب الذي فيه فكان الموتى الذين أماتهم في موته أكثر من الذين أماتهم في حياته. فنزل إخوته وكل بيت أبيه وحملوه وصعدوا به ودفنوه بين صرعه واشتاول في قبر منوح أبيه وهو قضى لإسرائيل عشرين سنة."

ظن أقطاب الفلسطينيين أن إلههم داجون هو الذي أسلم لهم شمشون (داجون نصفه الأعلى إنسان والأسفل على شكل سمكة). والله سمح بتسليم شمشون ليد الفلسطينيين ليتأدب فيحسب من رجال الإيمان (عب 11: 32) وليكون في موته أكثر إيلامًا للفلسطينيين من حياته. وفي احتفالهم بإلههم وكانوا يقدمون له ذبائح أتوا بشمشون ليلعب مثل بهلوان. ولكن شمشون كانت التوبة قد أرجعته إلى الله فرجع الله إليه، وعادت لهُ قوته. وكانت صلاة شمشون (آية 28). هي توبة وندم وحنين إلى خدمته السابقة. والآن عرِف شمشون أن الله هو سر قوته ولم يعد يخرج لينتفض متكلًا على ذاته، بل هو الآن يصلى ليعطيه الله قوة. لقد أثمر التأديب توبة والتوبة أثمرت بصيرة روحية كانت الشهوة قد أضاعتها. وشمشون تظاهر بالتعب أمام الغلام الماسك يده وقال له دعني ألمس الأعمدة وكان هذا الغلام يقوده للرقص وللعب. وبسط شمشون يديه *31 كما بسط المسيح ذراعيه على الصليب. وكما غلب شمشون أعدائه بموته هكذا المسيح، *32 فألام شمشون صارت هلاكًا لمضطهديه (آية 30). والمسيح بموته تهشمت مملكة الموت. فبيت الإله داجون يرمز لمملكة الشيطان. والمسيح بموته قلب مملكة إبليس رأسًا على عقب كما قلب شمشون هيكل داجون وهو فيه وكسره وأهلك كل أقطاب الفلسطينيين. وهناك فارِقْ فشمشون مات وهو يصلى طالبًا الانتقام والمسيح مات وهو يصلى طالبًا الصفح، إلاّ أننا يمكن أن نقول أن المسيح طلب الصفح للبشر والانتقام من إبليس.

. وموت شمشون لا يعتبر انتحارًا فهو لم يطلب الموت لنفسه يأسًا بل موت الأعداء فهو مثل من يحارب. ونلاحظ أن هناك عمودين لهيكل داجون وهناك عمودين تستند عليهما مملكة إبليس هما الطمع والملذات (1تى 6: 10) محبة المال أصل لكل الشرور + (أم 7: 26). كل قتلاها أقوياء. وحينما أتى أهل شمشون ليدفنوه وليأخذوا جثته لم يجسر الفلسطينيون على منعهم بعد الدمار الذي حدث لهم.

تأملات في قصة شمشون

1) ربما تكون قصة شمشون كلها تطبيق للغز الذي قاله هو "يخرج من الجافي حلاوة" فهناك تصرفات خاطئة كثيرة لشمشون، لكن نجد الله يحولها لخير شعبه. ونحن إن أخطأنا نخسر كثيرًا ماديًا وروحيًا. ولكن أن قدمنا توبة صادقة فالله وحده هو القادر أن يخرج من الجافي حلاوة = أي يحول الخسائر إلى خير للتائب. إذًا فهذا المثل "يخرج من الجافي حلاوة" لا ينطبق سوي علي الله.

2) يتضح من قصة شمشون تفسيرًا واضحًا لما قاله السيد المسيح "احملوا نيري فهو هين"... هو هين لأن المسيح يحمل معنا بل هو يحملنا ويعيننا وبدونه لا نقدر أن نفعل شيئًا (يو 15: 5). والنير هو عصا تربط حيوانين معا ليجروا ساقية مثلا. وبهذا فالمسيح يطلب أن نرتبط معه بتنفيذ وصاياه وهو يعين.

ومن ناحية أخرى، فشمشون لو كان قد ارتبط بامرأة من بنات اليهود لكان قد كَوَّن أسرة مقدسة يفرح بها، وهذه المرأة ربما تكون أقل جمالا من دليلة، ولكن هذا هو الحمل الهين (أن يتزوج بامرأة من شعب الله حسب وصية الله) وأما الحمل الثقيل حقيقة هو التحرر من وصايا الله والانقياد للشهوات. فلقد ارتبط شمشون مع دليلة الجميلة (وهذا يمثل التحرر من الوصية) فحمل أحمالًا ثقيلة: 1- غابت حكمته فأفشي سره؛ 2- تغلب أعداؤه عليه؛ 3- استعبد لهم؛ 4- فقد نظره؛ 5- صار سخرية لأعدائه؛ 6- وأخيرًا مات.

ولنقارن الآن بين الحمل الخفيف والحمل الثقيل.

.......

وأخيرا شمشون والعهد الجديد /

رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 11

32 وَمَاذَا أَقُولُ أَيْضًا؟ لأَنَّهُ يُعْوِزُنِي الْوَقْتُ إِنْ أَخْبَرْتُ عَنْ جِدْعُونَ، وَبَارَاقَ، وَشَمْشُونَ، وَيَفْتَاحَ، وَدَاوُدَ، وَصَمُوئِيلَ، وَالأَنْبِيَاءِ،
33 الَّذِينَ بِالإِيمَانِ: قَهَرُوا مَمَالِكَ، صَنَعُوا بِرًّا، نَالُوا مَوَاعِيدَ، سَدُّوا أَفْوَاهَ أُسُودٍ،

.....

تفسير أصحاح 11 من رسالة العبرانيين للقس أنطونيوس فكري

آية 32: "وَمَاذَا أَقُولُ أَيْضًا؟ لأَنَّهُ يُعْوِزُنِي الْوَقْتُ إِنْ أَخْبَرْتُ عَنْ جِدْعُونَ، وَبَارَاقَ، وَشَمْشُونَ، وَيَفْتَاحَ، وَدَاوُدَ، وَصَمُوئِيلَ، وَالأَنْبِيَاءِ."

الرسول يجول بهم في كل تاريخهم ليقدم أمثلة من كل حقبة فقد وجد شهود حق لله في أحلك العصور.



آية 33: "الَّذِينَ بِالإِيمَانِ: قَهَرُوا مَمَالِكَ، صَنَعُوا بِرًّا، نَالُوا مَوَاعِيدَ، سَدُّوا أَفْوَاهَ أُسُودٍ."

قهروا ممالك = فجدعون قهر المديانيين وباراق قهر الكنعانيين وداود قهر الفلسطينيين والموآبيين والعمونيين. صنعوا برًا = كانت نتيجة نجاحهم في الحروب وإخضاع الأعداء أن حكموا بالعدل والبر فارتفع مستوى الأخلاق ومخافة الله. وهؤلاء القضاة ومعهم داود كانوا في حكمهم يحكمون ضد الخطاة فانتشر البر (2صم8: 15). نالوا مواعيد = نجاحهم في أداء رسالتهم كان سببًا في استقرار إسرائيل وتقويتها وامتدادها فتحققت مواعيد الله لهم بامتلاك بقية الأرض وأن يتمتعوا بخيرات الأرض. سدوا أفواه أسود = وهذا حدث مع دانيال.

آية 34: "أَطْفَأُوا قُوَّةَ النَّارِ، نَجَوْا مِنْ حَدِّ السَّيْفِ، تَقَوَّوْا مِنْ ضُعَْفٍ، صَارُوا أَشِدَّاءَ فِي الْحَرْبِ، هَزَمُوا جُيُوشَ غُرَبَاءَ."

أطفأوا قوة النار = وهذا حدث مع الثلاثة فتية. نجوا من حد السيف = موسى نجا من سيف فرعون وداود من سيف شاول وإيليا من سيف إيزابل. تقووا من ضعف = مثال ذلك جدعون الضعيف صار بطلًا وقاد جيش صغير من 300 شخص ليهزم جيش المديانيين الكبير. وصاروا أشداء في الحرب = مثال لذلك داود والمكابيين الذين هزموا جيوش اليونانيين الغرباء.

............


وربما أحدكم يسأل قائلا :

وما علاقة رسول الإسلام الذي ذكرته في عنوان الموضوع بالموضوع نفسه ؟؟!!!!!! .


............ ......... .............


***********



المصدر

قاموس الكتاب المقدس | دائرة المعارف الكتابية المسيحية

روابط المصادر :

http://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/FreeCopticBooks-002-Holy-Arabic-Bible-Dictionary/13_SH/SH_150.html

http://st-takla.org/Bibles/BibleSearch/showChapter.php?chapter=13&book=7

http://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament/Father-Antonious-Fekry/07-Sefr-El-Kodah/Tafseer-Sefr-El-Kodah__01-Chapter-13.html#1

https://st-takla.org/Bibles/BibleSearch/showChapter.php?book=7&chapter=14

http://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament/Father-Antonious-Fekry/07-Sefr-El-Kodah/Tafseer-Sefr-El-Kodah__01-Chapter-14.html#1

https://st-takla.org/Bibles/BibleSearch/showChapter.php?chapter=15&book=7

http://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament/Father-Antonious-Fekry/07-Sefr-El-Kodah/Tafseer-Sefr-El-Kodah__01-Chapter-15.html#1

http://st-takla.org/Bibles/BibleSearch/showChapter.php?chapter=16&book=7

http://st-takla.org/Bibles/BibleSearch/showChapter.php?book=68&chapter=11

http://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Antonious-Fekry/19-Resalet-3ebranieen/Tafseer-Resalat-Al-Ebranyeen__01-Chapter-11.html#1

http://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament/Father-Tadros-Yacoub-Malaty/07-Sefr-El-Kodah/Tafseer-Sefr-El-Kodah__01-Chapter-16.html#1

.






#عايد_عواد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معركة كسر العظم بين الإنجيليين والأرثوذكس ح1
- الدعارة المقدسة بين سامي لبيب والإسلاميين
- يسوع والمكر والشتم واحتقار البشر من كتبهم
- سامي لبيب بين يسوع وأبي لهب وغيره !
- الرسولة تكلة صلى الله عليها وسلم والصخرة !
- خرافة كبرى أم فضيحة والأنبا تكلا أنموذجا !
- موجز عايد المستقيم بالرد على صباح إبراهيم
- إيليا النبي بين الخرافة والعنعنة !
- الخرافة بين سفر الرؤيا والإسراء والمعراج
- قديسان ومبتدع بين المعجزة والخرافة
- الحمار والمؤمنون بالأديان والحقيقة
- ايدن حسين وعبدالله اغونان والأديان
- داعشيات سعودية حكومية - الجزء الأول
- أرثوذكسيات - الحلقة الثانية
- أرثوذكسيات - الحلقة الأولى
- كشف المستور بين الأرثوذكس والكاثوليك الجزء الرابع
- الأرثوذكس وسلطان الكنيسة والكهنة والخرافة
- كشف المستور بين الأرثوذكس والكاثوليك الجزء الثاني
- كشف المستور بين الأرثوذكس والكاثوليك الجزء الأول
- الزنا الروحي والأرثوذكس وحزقيال نموذجا


المزيد.....




- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عايد عواد - يسوع قبل التجسد وشمشون النبي ورسول الإسلام