أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح العبيدي - مدافع ترامب الرقمية!















المزيد.....

مدافع ترامب الرقمية!


ناجح العبيدي
اقتصادي وإعلامي مقيم في برلين

(Nagih Al-obaid)


الحوار المتمدن-العدد: 5422 - 2017 / 2 / 4 - 13:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مدافع ترامب الرقمية!
لا يحتاج الرئيس الأمريكي الجديد دولاند ترامب إلى تحريك البوارج البحرية وحاملات الطائرات أو قاذفات بي 52 الاستراتيجية لكي يفجر أزمة سياسية عالمية أو يمارس الضغط على طرف ما. يكفيه أن ينشر تغريدة واحدة على صفحته على موقع تويتر لكي dثير الحيرة والإرتباك، وربما الفزع أيضا في صفوف الأصدقاء والحلفاء والأعداء على حد سواء. وبهذا يضّم ترامب سلاحا رقميا جديدا إلى ترسانة الأسلحة "الفتاكة" الأمر الذي يعطي بعدا جديد لما يسمى بالحرب الرقمية أو الافتراضية والتي يحذر منها كثيرون.
لا يزيد طول التغريدة بحسب قيود موقع تويتر والتي يخضع لها أيضا رئيس أقوى دولة في العالم عن 140 حرفا. لكن هذا الاختصار لا يمنع ترامب من التعليق على قضايا معقدة وحساسة. في الصباح الباكر من كل يوم "يُغرد" الساكن الجديد في البيت الأبيض في المتوسط 12 تغريدة تتناول شؤونا سياسية واقتصادية يراها هامة، فيما يحبس العالم أنفاسه بانتظار من يقع عليه الدور هذه المرة. يوم الخميس 2 شباط/فبراير 2017 مثلا كتب ترامب خلال ساعات قليلة أكثر من عشر تغريدات، ثلاث منها كانت موجهة ضد إيران في مؤشر واضح على تغير دراماتيكي في موقف واشنطن من طهران. هذه الرسائل المختصرة أصبحت فور ظهورها على شبكة الانترنت الموضوع الأول لنشرات الأخبار وللبرامج الحوارية لمختلف وسائل الإعلام حيث تطوع جيش من المحللين والخبراء لتحليل مغازيها ودلالات توقيتها، وكأن ترامب يردد في قرارة نفسه بيت المتنبي الشهير :
أنَامُ مِلْءَ جُفُوني عَنْ شَوَارِدِهَا وَيَسْهَرُ الخَلْقُ جَرّاهَا وَيخْتَصِمُ

يبرر ترامب حرصه اليومي على استخدام موقع تويتر بأن الإعلام متحيز ضده ويتعمد تزوير الرسائل التي يريد إيصالها إلى "الشعب"، ولهذا وقع اختياره على وسيلة مباشرة لمخاطبة الجمهور. وكثيرا ما يصب الرئيس الأمريكي الجديد جام غضبه على ما يدعى بالأخبار الكاذبة أو المفبركة Fake News، بل واتهم في أول مؤتمر صحفي يعقده بعد فوزه بالانتخابات ممثلي وسائل إعلام معروفة بأنها مصدر "أخبار كاذبة" ومنعهم من طرح الأسئلة في تصرف غير معهود في بلد يفتخر بحرية الإعلام. وبغض النظر عن تصديق هذا التبرير أو تكذيبه، يبدو من الواضح تماما أن العلاقة بين السياسة وشبكات التواصل الاجتماعي تشهد حاليا تغييرا جذريا يصعب التنبؤ بتأثيرتها المستقبلية. أول هذه التأثيرات يتمثل في أن وسائل الإعلام تجد نفسها أمام تحد غير مسبوق لأن انتشار أسلوب "التغريد" واعتماده من قبل رؤساء الدول وسياسيين وشخصيات مؤثرة يهدد بإزاحتها من موقعها التقليدي كمصدر أول للأخبار. ويبدو أن الرغبة في معاقبة وسائل الإعلام تُفسر جزئيا إصرار ترامب على التغريد يوميا.
من جهة أخرى يبدو أن الرئيس الأمريكي مقتنع تماما بأن رسائله تصل إلى الجهات المعنية دون تحريف وتحقق ما يصبو إليه من تأثير. ولا يتوقف هذا التأثير على عدد "المعجبين" أو المتابعين لحساب ترامب. صحيح أن الرئيس الجديد دخل البيت الأبيض جالبا معه "سربا" هائلا من المغردين يقارب عدده 24 مليون متابع، لكن ذلك لا يُقارن بعدد المعجبين بسلفه باراك أوباما الذي يتجاوز ثمانين مليونا. غير أن ترامب وبخلاف سلفه أصبح ينظر إلى تويتر كأداة سياسية فاعلة الأمر الذي جعل الكثير من الصحفيين وصناع القرار في المجال السياسي والاقتصادي ينضمون إلى قائمة متابعي حسابه حتى لا يفاجأوا بقرارته السريعة. علاوة على ذلك عمد ترامب إلى تغيير قواعد اللعبة تماما لأن رسائله القصيرة عبر تويتر تمهد لقرارات هامة حيال دول وحكومات وشركات ومجموعات اقتصادية. كما تضمنت انتقادات صريحة ليس فقط لسياسات الإدرة الأمريكية السابقة، وإنما أيضا لمواقف قادة دول كبيرة. ولهذا يقوم عدد كبير من "المعجبين" بإعادة نشر تغريدات ترامب الأمر الذي يضمن انتشارا واسعا لها.
من دون شك أثبتت تجربة الأسابيع الأخيرة منذ فوز ترامب في الانتخابات أن تغريدات قائد "العالم الحر" الجديد أصبحت جزءا لا يتجزأ من النظام السياسي الأمريكي والدولي، وهي تعبر عن الطريقة التي يفكر بها ترامب وأسلوبه في ممارسة السياسة. غير أن تعليقات ترامب المقتضبة يمكن أن تتسب أيضا بنتائج لا يحمد عقباها وأن تلحق الضرر باقتصاد دول بأكملها. هذا الدرس القاسي ابتلعته المكسيك عندما توعدها ترامب ببناء جدار "عظيم وجميل" على حدودها، وأكد بأنها ستدفع فاتورة هذه الجدار. في غضون أيام قليلة فقدَت العملة المكسيكية "بيزو" 14 % من قيمتها أمام الدولار وأضطر البنك المركزي المكسيكي لطرح أكثر مليار دولار لوقف انهيار سعر صرف العملة الوطنية. لكن هذا التدخل لم ينجح تماما في إزالة الضغوط عن البيزو. إزاء هذا المأزق "نصح" بعض الخبراء الاقتصاديين المكسكيك بتحمل تكلفة الجدار لأن دعم العملة على المدى المتوسط قد يكون أغلى من فاتورة البناء.
شملت قائمة ضحايا تغريدات ترامب أيضا عدة شركات ومجموعات عملاقة ومن بينها شركة فورد الأمريكية للسيارات التي دفعتها تغريدة واحدة للتخلي عن مشروع ضخم لبناء مصنع للسيارات في المكسيك بقيمة 1,6 مليار دولار. كما اشتكى ترامب في إحدى تغريداتها من المبالغة في تكاليف صنع الطائرة الرئاسية المخصصة لاستعماله الرسمي وطائرت أف 35 العسكرية. ولم تمض سوى أيام قيلة حتى رضخت شركتا بوينغ ولوكهيد المصنعة لهذه الطائرات للتهديدات المبطنة، وأعلنت تخفيض العقود المبرمة مع الحكومة الأمريكية السابقة في هذا الشأن بمئات الملايين من الدولارات. وكل ذلك يسوقه ترامب كدليل على فاعلية سياسة التغريدات. غير أن الكثير من الخبراء الاقتصاديين يعيبون على رجل الأعمال ترامب هذا "التدخل السافر" في الحياة الاقتصادية ويعتبرونه انتهاكا لمبادئ اقتصاد السوق.
بيد أن حرب التغريدات تثير مخاوف أكبر على المستوى السياسي الدولي لأنها يمكن أن تطلق تطورات يصعب التكهن بتداعياتها، إذ يمكن لهذا السلاح الرقمي، إذ خرج عن نطاق السيطرة، أن يتحول في أي لحظة إلى حرب شعواء تُستخدم فيها المدافع الحقيقية وليس الرقمية فقط. حينها لا يُستبعد أن يعلن ترامب الحرب رسميا بتغريدة لا يزيد طولها عن 140 حرفا.
غير أن من المؤكد أن هناك جهة سعيدة بهوس ترامب بالتعليقات القصيرة، ألا وهي شركة تويتر التي اكتسبت شهرة أكبر على خلفية التداول غير المسبوق لتغريدات ترامب والاهتمام الكبير بها إعلاميا وسياسيا. ويأمل موقع تويتر بأن تساعده هذه الدعاية المجانية في تجاوز الأزمة الاقتصادية التي تعصف به منذ سنوات.
د. ناجح العبيدي



#ناجح_العبيدي (هاشتاغ)       Nagih_Al-obaid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سور ترامب ‘‘العظيم‘‘!
- ترامب: إعلان الحرب على العولمة!
- الألمان ‘‘الكسالى‘‘ واليونانيون ‘‘المُجدون‘‘!
- بيتكوين: عملة جديدة تتحدى الدولار؟
- السعودية: العمالة الأجنبية كبش فداء الأزمة المالية!
- ألمانيا تحلم بوراثة -التاج- التايلندي!
- 10 أسباب للاحتفاء بجائزة أمير قطر لمكافحة الفساد!
- جائزة نوبل بين اليهود والمسلمين
- البرلمان العراقي يُكشر عن أنيابه: على من سيأتي الدور بعد زيب ...
- مكة تستعد لمرحلة ما بعد النفط!
- 4 سبتمبر: بدء تقويم هجري جديد أم فرصة للاندماج؟
- النقود لا تسجل الأهداف!
- الهوس بالمليارات وحرب الإشاعات في العراق!
- النفط سلاح في المعركة!
- وثيقة سرية ألمانية تكشف وجه أردوغان الحقيقي
- السعودية وسلاح النفط في ظل التوازنات الإقليمية الجديدة
- شبح أردوغان يخيم على ألمانيا!
- القرآن وتراكم رأس المال
- هل ستتحطم طموحات أردوغان على صخرة الاقتصاد؟
- هل يسير أردوغان على خطى هتلر؟


المزيد.....




- من أثينا إلى بيروت.. عمال خرجوا في مسيرات في عيدهم فصدحت حنا ...
- بيربوك: توسيع الاتحاد الأوروبي قبل 20 عاما جلب فوائد مهمة لل ...
- نتنياهو: سندخل رفح إن تمسكت حماس بمطلبها
- القاهرة وباريس تدعوان إلى التوصل لاتفاق
- -حاقد ومعاد للسامية-.. رئيس الوزراء الإسرائيلي يهاجم الرئيس ...
- بالفيديو.. رصد وتدمير منظومتين من صواريخ -هيمارس- الأمريكية ...
- مسيرة حاشدة بلندن في يوم العمال
- محكمة العدل الدولية ترد دعوى نيكاراغوا
- خردة الناتو تعرض في حديقة النصر بموسكو
- رحيل الناشر والمترجم السعودي يوسف الصمعان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح العبيدي - مدافع ترامب الرقمية!