أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - التحرّي عن الحقيقة















المزيد.....

التحرّي عن الحقيقة


راندا شوقى الحمامصى

الحوار المتمدن-العدد: 5415 - 2017 / 1 / 28 - 14:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قد تشبث جميع الاقوام بتقاليد العوام ، ولذلك اختلف بعضهم عن بعض اختلافًا شديدًا ، ومازالوا فى نزاع وجدال غير ان ظهور الحقيقة يكشف هذه الظلمات ويؤسس وحدة الاعتقاد ذلك لأن الحقيقة واحدة لا تقبل التعدد .
ومعنى ذلك أنه ينبغى أن ينزه الناس نفوسهم ويقدسوها عن تلك التقاليد التى ورثوها عن آبائهم وأجدادهم ، فللموسويين تقاليدهم ، وللزرادشتيين تقاليدهم ، وللمسيحيين تقاليدهم وللبوذيين تقاليدهم ، ولكل ملة تقاليدها ، وكل ملة تحسب ان تقاليدها هى الحق وأن تقاليد الآخرين باطلة ، فالموسويون مثلا يتصورون أن تقاليدهم هى الحق وتقاليد الآخرين باطلة ، ونحن نريد ان نعرف أيها هو الصحيح ، والواقع أن جميع التقاليد ليست صحيحة ، فلو أننا تمسكنا بتقليد معين لمنعنا ذلك عن التدقيق فى تحرى تقاليد الآخرين ، فاليهودى المؤمن والمتمسك بتقاليد الموسويين لا يمكنه قط أن يدرك ان الآخرين على حق ، إذن فلا بد من التخلى عن التقاليد ، ولا بد من تحرى الحقيقة عسى أن يكون الحق مع الآخرين . وعلى ذلك فإنه ما لم نترك ونهجر التقاليد فإن الحقيقة لا تبدو ولا تتجلى . فعبدة الأوثان مثلا يقولون إن الأوثان حق ، وما لم يتركوا هذه التقاليد فلن يتمكنوا من أن يفوزوا بالهداية ولن يدركوا وحدانية الله وعند تحرى الحقيقة يتوجب على الانسان أن يتخلى عن التقاليد ، فعلى جميع الملل إذا أن تهجر التقاليد ، ثم تتحرى الحقيقة . وبهذا لا بد أن تظهر الحقيقة .
ولو افترضنا أن هناك خمسة أشخاص ، وأن كل واحد من هؤلاء الخمسة يدعى أنه أعلم من الآخر فلا بد من وضعهم موضع الامتحان . وما لم نترك التعصب فكيف نستطيع أن نظهر الحقيقة ؟ فالمجوسى يقول أنا على حق ، واليهودى يقول أنا على حق ، والمسيحي يقول أنا على حق ، والبوذى يقول أنا على حق . فيكف يمكن أن يظهر الحق ؟ إذن فلا بد أن يترك الموسوى التعصب ، ويترك المسيحي التعصب ، ويترك البوذى التعصب ، وما لم يتم هذا فلا يمكن للحق أن يظهر . إن غاية طالب العلم العاقل الكامل هى تحصيل العلم بغض النظر عن الذى بينه له ، والنور محبوبه فى أى زجاج أضاء ، والورد مطلوبه فى أية أرض نبت ، والنير الأعظم يهب الفيض الإلهى من أى مشرق طلع . ولا يجوز أن يتعصب ، بل ينبغى أن يكون عاشقا للشمس سواء طلعت من المشرق الموسوى أم المحمدى أم العيسوى . فالشمس هى الشمس . وعلى هذا فالحقيقة يجب أن تكون هدف الإنسان بغض الطرف عمن سمعها منه . هذه هى مسألة تحرى الحقيقة . فما هى نتيجة هذا البحث ؟
نتيجته أن على جميع ملل العالم أن تتخلى عن كل ما سمعت من قبل ، وألا تتمسك بملة ما أو تنفر من غيرها من الملل . فلعل الملة التى نفرت منها على حق ، ولعل تلك التى تمسكت بها على باطل ، فإذا ما تخلت عما سمعت ولم تتمسك بملة معينة ولم تنفر من غيرها عندئذ يبدأ تحرى الحقيقة وسوف تلاحظ فى النهاية أن حقيقة الأديان الإلهية واحدة ، وأن الاختلاف منحصر فى التقاليد ، وهكذا يكون تحرى الحقيقة سببًا فى اتفاق جميع البشر .
لأن الملل والأديان المختلفة لو تحرّت الحقيقة فإنها تتحد . ولقد روّج حضرة موسى الحقيقة وكذا حضرة المسيح وحضرة ابراهيم وحضرة الرسول وحضرة الباب وحضرة بهاء الله كلهم أسسوا الحقيقة وروجوها .
يجب أن يتحرى الإنسان الحقيقة وان يترك التقاليد لأن كل ملة من ملل العالم لها تقاليدها ، والتقاليد مختلفة ، واختلافها سبب الحروب وما دامت هذه التقاليد باقية فإن وحدة العالم الإنسانى مستحيلة ، إذن يجب تحرى الحقيقة حتى تزول هذه الظلمات بنور الحقيقة . لأن الحقيقة واحدة لا تقبل التعدد والانقسام . وما دامت لا تقبل التعدد والانقسام فإن جميع الملل لو تتحرى الحقيقة فإنها لا شك تتحد وتتفق . وعندما قامت جماعة فى إيران بتحرى الحقيقة اتحدت واتفقت فى نهاية الأمر ، والآن تعيش هذه الجماعة فى منتهى الألفة والمحبة فى ما بينها وليست هناك أبدا بين أفرادها رائحة الاختلاف ، لاحظوا أن اليهود كانوا ينتظرون ظهور السيد المسيح وكانوا يتمنون ظهوره ليفدوه بأرواحهم وقلوبهم ، ولكنهم لما كانوا غرقى التقاليد لم يؤمنوا به عند ظهوره وأخيرا قاموا بصلبه فيتضح من هذا أنهم اتبعوا التقاليد لأنهم لو تحروا الحقيقة لآمنوا بحضرة المسيح . فهذه التقاليد جعلت العالم الإنسانى ظلمانيًا وهذه التقاليد صارت سبب الحروب وهذه التقاليد صارت سبب العداوة والبغضاء إذًا يجب ان نتحرى الحقيقة حتى ننجو من جميع المشاق وتتنور بصائرنا ونصل الى سبيل الملكوت الالهى .
إن الأديان الموجودة حاليا أسيرة التقاليد وقد ولّت حقيقة الأديان وحلّت محلها تقاليد لا تتعلق بأساس الأديان الإلهية فالأديان جاءت من أجل نورانية البشر ومن أجل النوع الإنسانى ومن أجل الألفة بين القلوب ومن أجل ظهور وحدة العالم الإنسانى ولكنهم مع ألف أسف جعلوا الأديان سبب النزاع وصار يجادل بعضهم بعضا ويسفك بعضهم دم البعض الآخر ويهدم بعضهم بيوت البعض الآخر لأنهم أسرى التقاليد.
فمثلا إذا سألت شخصاً يهودياً لماذا أنت يهودى ؟ لأجابك قائلا : بما أن والدى كان يهودياً فإننى أنا يهودى . وآخر مسيحياً لأجابك لأن والده مسيحى وثالث مسلماً لأن والده كان مسلماً . وأية ملة سألتها أجابتك بهذا الجواب ولذا فعندما تفحصون تجدون الجميع أسرى التقاليد وليس بينهم من يتحرى الحقيقة لأنه لو تحرى الجميع الحقيقة فإنهم يتحدون ، لأن الحقيقة واحدة لا تقبل التعدد وهى أساس جميع الأديان .
يا ابن الروح
احب الاشياء عندى الانصاف لا ترغب عنه ان تكن إلى راغبا ولا تغفل منه لتكون لى امينا وانت توفق بذلك ان تشاهد الاشياء بعينك لا بعين العباد وتعرفها بمعرفتك لا بمعرفة أحد فى البلاد فكر فى ذلك كيف ينبغى ان تكون . ذلك من عطيتى عليك وعنايتى لك فاجعله أمام عينيك.
ان العباد لن يصلوا الى شاطئ بحر العرفان إلا بالانقطاع الصرف عن كل من فى السموات والارض . قدسوا انفسكم يا اهل الارض لعلّ تصلنّ الى المقام الذى قدّر الله لكم وتدخلنّ فى سرادق جعله الله فى سماء البيان مرفوعا .
جوهر هذا، هو انه يجب على السالكين سبيل الايمان والطالبين كؤوس الايقان ان يطهّروا انفسهم ويقدسوها عن جميع الشؤونات العرضية ، يعنى ينزّهون السمع عن استماع الاقوال ، والتغلب عن الظنونات المتعلقه بسبحات الجلال ، والروح عن التعلق بالاسباب الدنيوية ، والعين عن ملاحظة الكلمات الفانية ويسلكون فى هذا السبيل متوكلين على الله ومتوسلين اليه ، حتى يصبحن قابلين لتجليات اشراقات شموس العلم والعرفان الالهى ومحلا لظهورات فيوضات غيب لا يتناهى . لأن العبد لو أراد ان يجعل اقوال العباد من عالم وجاهل واعمالهم وأفعالهم ، ميزانا لمعرفة الحق وأوليائه فإنه لن يدخل أبدا رضوان معرفة رب العزة ولن يفوز بعيون علم سلطان الأحدية وحكمته ولن يرد منزل البقاء ولن يذوق كأس القرب والرضا .
ولكن يا أخى ان الشخص المجاهد الذى أراد ان يخطو بقدم الطلب والسلوك ، فى سبيل معرفة سلطان القدم ، يجب عليه فى بداية الامر ان يجعل القلب الذى هو محل ظهور تجلى الاسرار الغيبية الالهية مطهّرا ومنزّها عن كل غبرة مظلمة من غبار العلوم الاكتسابية واشارات المظاهر الشيطانية ويجعل الصدر الذى هو سرير ورود وجلوس محبة المحبوب الازلى ، لطيفا نظيفا وكذلك يقدس القلب عن كل ما يتعلق بالماء والطين . يعنى ان يجعله مقدسا عن جميع النقوش الشبحيه والصور الظلية بدرجة لا يبقى فى القلب آثار للحب والبغض ، كى لا يميل به الحب عن جهة او يمنعه البغض عن جهة بلا دليل . … ويجب على السالك فى كل حين ان يتوكل على الحق وان يعرض عن الخلق وينقطع عن عالم التراب ويتمسك برب الأرباب ولا يرجح نفسه على أحد ويمحو عن لوح قلبه الافتخار والاستكبار ويأخذ نفسه بالصبر والاصطبار .



#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطريق للسلام ووحدة العالم
- حاجة البشرية للدين الجديد
- إثبات وجود الله
- تقسيم العالم بواسطة الدين!2-2
- تقسيم العالم بواسطة الدين!1-2
- ازدهار الجنس البشري 8-8
- ازدهار الجنس البشري 7-8
- ازدهار الجنس البشري 6-8
- ازدهار الجنس البشري 5-8
- ازدهار الجنس البشري 4-8
- ازدهار الجنس البشري 3-8
- ازدهار الجنس البشري 2-8
- ازدهار الجنس البشري 1-8
- الأديان وتطوّر المجتمعات
- التعصبات هادمة لبنيان العالم الإنساني
- وحدة الأديان
- كُلكم أثمار شجرة واحدة وأوراق غصن واحد
- قدوم العصر العظيم
- لغة عالمية من أجل وحدة العالم الإنساني
- المرأة مكانتها ومساواتها بالرجل


المزيد.....




- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...
- 45 ألف فلسطيني يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى ...
- استعدادا لذبحها أمام الأقصى.. ما هي قصة ظهور البقرة الحمراء ...
- -ارجعوا إلى المسيحية-! بعد تراكم الغرامات.. ترامب يدعو أنصار ...
- 45 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
- الأتراك يشدون الرحال إلى المسجد الأقصى في رمضان


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - التحرّي عن الحقيقة