أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سمير الحمادي - وجعلناكم شعوباً وقبائل: لحكمة، لا لضرب الرقاب














المزيد.....

وجعلناكم شعوباً وقبائل: لحكمة، لا لضرب الرقاب


سمير الحمادي

الحوار المتمدن-العدد: 5395 - 2017 / 1 / 7 - 05:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في إطار حربه ضد "المحتوى الإرهابي والدعاية الجهادية على الانترنت"، أعلن موقع تويتر، مؤخراً، أنه أغلق، منذ منتصف العام 2015، 360 ألف حساب. وكانت دراسات سابقة نشرتها مؤسسات بحثية أمريكية وأوربية قد أفادت بأن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بات يسيطر على مواقع التواصل الاجتماعي بصورة مخيفة، وأن البروباغاندا الجهادية تغزو عقول أعداد كبيرة جداً من المراهقين والشباب (والكبار أيضاً) في كل أنحاء العالم، دون أن تستطيع أي جهة التحكم في تدفقها والتعامل مع خطرها بفعالية وصرامة وحسم.

الحقيقة أنه عندما يتعلق الأمر بالتعبئة والتحريض والتجنيد الديني والأيديولوجي، الذي يمارسه المتشددون، باختلاف مناهجهم وتياراتهم، على مدار الساعة، لاستقطاب مؤمنين جدد، فإن الشرارة تشتعل هنا أولاً: في المنصات الإعلامية التي يوفرها الفيسبوك وتويتر. بعدها، يمتد طوفان النار إلى الأرض، ليأخذ في طريقه الأخضر واليابس. لذلك، فمن يرغب في النضال والمواجهة عليه أن يبدأ من هذا المكان: أن يشارك، على قدر الاستطاعة، في تأسيس منظومة دفاعية فكرية تتولى تحليل ونقض اللاهوت الأصولي والسلفي بوضوح كامل، واقتراح بدائل واقعية مناسبة يمكن التفكير فيها والنقاش حولها.

إن الحرب مع التطرف العنيف ليست سهلة، هي حرب يتداخل فيها الماضي والحاضر، المقدس والدنيوي، الطوباوي والسياسي والاجتماعي، الموضوعي والذاتي (النفسي / العقلي)، حرب قوامها معتقدات، وأفكار، ورؤى، وتصورات، وتمثلات، واستعارات، وقيم، يجب استحضارها كلها في نسق محدد، والعمل على تفكيكها في نَفَس واحد، بلا مواءمات، أو تكييفات، أو أنصاف حلول.

تضييق الخناق على عمليات الدعاية والإعلان لخطابات العنف والتكفير والجهاد وغيرها من الحربيات، التي تزدحم بها شبكات التواصل الاجتماعي، هو واجب أخلاقي ومعرفي، يقع على عاتق كل مثقف ملتزم بقدَره الإنساني، شريطة أن يكون قادراً على المواجهة والمصارحة والسجال، محصناً بالوعي النقدي الذي يؤهله للقيام بأعباء هذا الدور الطليعي على الوجه الصحيح.

إن البنية الذهنية الأصولية (مع التسليم بغلُوّها وعوارها) صلبة جداً، من الصعب كسرها في أيام، ونثر زجاجها على الأرض، لتدوسه أقدامنا ببساطة وخفة، يحتاج الأمر إلى وقت، وأدوات، وجهد، وعرق، وتضحيات كبيرة، وهذا بالضبط الجزء المسكوت عنه في أزمتنا: فنحن لا نقدّر الوقت، ولا نملك عدة الشغل، ونكره أن نبذل أي جهد، أو عرق، أو تضحيات، مهما كانت محدودة وغير مكلفة، والأسوأ: أننا ما زلنا غير مقتنعين بأن هناك مشكلة بالفعل، وأننا، على حقيقتنا، في مأزق وجودي حرج: مرضى من أول التاريخ، معذبون بالجهل والعناد، وقد تجاوزنا مرحلة الأدوية والمسكنات، ونحتاج الآن إلى جراحات حضارية عاجلة، وإذا لم نتحرك فوراً لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، سيدهسنا الموت، وحينها قد لا نجد حتى من يتطوع لإكرامنا بالدفن.

إننا، اليوم، في حرب عبثية، لا مع العقل والحداثة فحسب، كمفاهيم مجردة نرفضها ونحقّرها بناءً على اعتبارات / تأويلات دينية تراثية تمارس سلطتها علينا بلا رحمة، ولكننا في حرب مع الجميع: مع ذواتنا، ومع الآخرين القريبين منا، ومع كوكب الأرض كله، بما عليه من مخلوقات: عاقلة وغير عاقلة، وكائنات: حية وغير حية، وهذا وضع مأزوم جداً، وغير طبيعي، بكل مقاييس الدنيا والآخرة، لأنه يستنفذ فاعليتنا الإنسانية كلياً، وينحرف بالحياة ذاتها عن سننها الإلهية والكونية، فضلاً عن أنه لا يخدم مصالحنا، على أي نحو، في حال فكّرنا بمنطق المنفعة وحسابات الربح والخسارة، وإن كان الموضوع أبسط من هذا، فمن يستفتي فطرته سيؤمن حقاً بأن الله إنما خلق الأرض واسعة، وجعلنا عليها شعوباً وقبائل، لحكمة التعارف والتكامل، وليس لضرب الرقاب وسفك دماء كل من تطاله أيدينا.



#سمير_الحمادي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جريمة الكاتدرائية المصرية
- عصر الجهاد
- مراجعات السلفيين في المغرب
- الله حق.. الإنسان هو الشر
- ملاحظات على هامش ظاهرة إسلام البحيري
- كفوا عن داعش.. فإنهم متّبعون
- المتطرفون في الفيس بوك
- الفراغ الأيديولوجي: أزمة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وا ...
- في مفهوم الشرعية السياسية
- خلفاء خارج الصندوق
- موقف الإسلاميين المغاربة من تنظيم -الدولة الإسلامية-
- -وعاظ السلاطين- لعلي الوردي: قراءة وإضاءات
- قراءة في كتاب -حديث الشيطان: مقابلات مع سبعة طغاة- لريكاردو ...
- جماعة بوكو حرام
- مقدمة في تاريخ الحركة الجهادية في سورية
- قراءة في مصطلح -السلفية الجهادية-
- في بؤس الإعلام المصري
- عن الكواكبي.. ومعضلة الثورات العربية
- عبد الله القصيمي: الأصولي المنشق
- الإسلامولوجيا وسؤال الكفاية: نموذج مغربي


المزيد.....




- روسيا تعترف رسميا بإمارة أفغانستان الإسلامية
- روسيا تعترف رسميا بإمارة أفغانستان الإسلامية التي تقودها حرك ...
- ماما جابت بيبي..ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 على القمر ...
- متشددون إسرائيليون يقتحمون باحات المسجد الأقصى تحت حماية الش ...
- مشهد من غزة.. كيس الطحين أغلى من الروح
- تردد قناة طيور الجنة نايل سات وعرب سات TOYOUR EL-JANAH TV KI ...
- الاحتلال يزيد انتهاكاته للأقصى ويستولي عمليا على المسجد الإب ...
- معرض ( الأردن فجر المسيحية ) رسالة السلام و المحبة من الشرق ...
- المفتي السابق للقاعدة: هكذا خطط بن لادن لأحداث 11 سبتمبر
- تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 نزل الآن أقوى إشارة خلي أطف ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سمير الحمادي - وجعلناكم شعوباً وقبائل: لحكمة، لا لضرب الرقاب