أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سلمان رشيد محمد الهلالي - العلاقة مع الله (من العبودية الى الصداقة)














المزيد.....

العلاقة مع الله (من العبودية الى الصداقة)


سلمان رشيد محمد الهلالي

الحوار المتمدن-العدد: 5389 - 2017 / 1 / 1 - 13:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كان من اهم انجازات الحضارة الغربية والحديثة والتنوير الاوربي هو تحويل نمط العلاقة مع الله من العبودية والخضوع والخوف والقلق والتوتر والارتباك الى نمط جديد قائم على الصداقة والمحبة والتفهم والثقة .لان العلاقة اذا قامت على الخوف فانها تقوم حتما على القسروالنفاق والتملق, والقيام باعمال او ممارسات او طقوس ظاهرها الاختيار والقناعة كالصيام في شهر تموز وباطنها الاجبار والتململ والكراهية.. وهذا العمل والانجاز التاريخي لم ياتي من خلال النصائح والتاملات والتنظيرات الى هذه الدعوة -- كما يقوم بها بعض الكتاب عندنا امثال عبد الرزاق الجبران – وان كانت دعوات مفيدة للجيل المتمرد الجديد -- وانما من خلال تفكيك نمط العبودية السابق وتحليله ونقده ومن ثم احداث قطيعة معرفيه معه وصناعة نموذج فكري (برادايغم) جديد – حسب منهج توماس كون -- قائم على رؤية مختلفة كليا للدين الاسلامي يعتمد الانسنة والتاريخانية والتسامح . وسبق ان ذكر ميشيل فكو بان تغيير النسق او النمط لايكون الا باحلال نسق اخر مغاير وبديل له يعتمد القطيعة المعرفية .... ويمكن الاعتماد على كتابات واراء محمد اركون وهاشم صالح وعبد الكريم سروش ومجتهد شبستري ونصر حامد ابو زيد والسيد القمني واحمد القبنجي وغيرهم , في ليس نقد نمط العبودية والخوف السابق واحلال نمط الصداقة والتفهم محله فحسب , بل وبلورة القطيعة المعرفية التي ستعمل على احلال قيم التنوير والحداثة من خلال (البراديغم) الجديد الذي بشروا به .
وقد بدات بواكير الاولى لهذا التحول في اوربا على يد المصلح المسيحي المعروف مارتن لوثر الذي اعاد ترتيب وصياغة العلاقة مع الله من الخوف والعبودية الى الصداقة بقوله (ان الاخلاق والحياة الانسانية تنشا من الصداقة لامن الخوف ومن الحرية لا من العبودية ومن الاعتراف بالجميل لامن الرغبة بالمكافاة ) وقد ساهمت هذه الحركة الاصلاحية التي تحولت لاحقا الى البروتستانتية الاصلاحية في خلخلة الثابت الكاثوليكي في اوربا والسماح بانسياب الاراء العقلانية والعلمية والليبرالية الى المجتمع ومن ثم عقلنة المسيحية وتنويرها .واذاعندنا الاسلام في نمطه الاصلاحي نجد ان هناك اقوال تعبر عن هذا النمط للامام علي يقول مناجيا الله ( الهي ماعبدتك خوفا من عقابك ولارغبة في ثوابك ولكن وجدتك اهلا للعبادة فعبدتك) او قوله ( ان قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار وان قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد وان قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الاحرار) واما النزعة الانسانية او الانسنه فهى ظاهرة في عبارات لاتعد في اقواله منها (جعل الله حقوق عباده مقدمة لحقوقه فمن قام بحقوق عباد الله كان ذلك مؤديا الى القيام بحقوق الله ) الا ان هذا النمط من الانسنة الذي ذكره الامام لم يستمر طويلا , بسبب هيمنة النسق الثقافي للاسلام البدوي المتعصب الذي فرضته الانظمة السلطوية , و القائم الذي فرض صورة الله المخيف والمتكبر والمعذب على الاسلام من اجل تبرير هيمنتها وترسيخ سلطتها الاستبدادية من قبل وعاظ السلاطين والتاويلات والاحاديث التي ادرجوها في التراث الاسلامي بهذا الصدد , وتمددها حتى على المذاهب المعارضة تاريخيا وحضاريا وثقافيا كالتشيع مثلا ..
سبق ان بين (هيغل) ان اليهودية قد اسست مفهوم (التمركز حول الله) وان شقاء الضمير والتمزق الذي يعاني منه الانسان المعاصر (المسيحي واليهودي والمسلم) هو بسبب الانفصال والطلاق والاغتراب Alienation بين الدين والحياة ، وان صلة اليهودي (والمسلم ايضا) بالله ، لم تكن في يوم من الايام صلة ايجابية تقوم على المشاركة ، بل مجرد صلة سلبية تقوم على العبودية . ولم تكن – علاقة ذات بذات ، بل علاقة موضوع بموضوع . وضرب لنا (هيغل) مثالا عن حياة ابراهيم (ايقونة الديانات التوحيدية الثلاث) فقال : ان الوحدة القاسية التي كان يعاني منها قد دفعته الى تسليم حياته لله (حتى انه اراد ان يذبح ابنه ثمنا لهذه الوحدة والاغتراب) . كما اكد (هيغل) ان شكل الله مرتبط بشكل الدولة ، من حيث الاستبداد والديمقراطية ، فالدولة الديكتاتورية تجعل المجتمع يتخيل الله مستبدا مخيفا وقاسيا ، لا يتحمل النقد والتجديف ، ولا يتقبل الرأي الاخر ، فيما ان العكس في البلدان الديمقراطية ، اذ تصورت الله ليبراليا منفتحا متفهما ، يتحمل النقد والرأي الاخر , وهو ماحاصل في اوربا بعد عصر التنوير والتحديث , الذي جعل الانسان هو محور الكون والدين والحياة وعبر عنه البابا بولس السادس بعد انعقاد المجمع الكنسي بقوله (دين الله الذي تجسد انسانا التقى اليوم بدين الانسان الذي تجسد الها )



#سلمان_رشيد_محمد_الهلالي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تطور مفهوم الوطنية في العراق (القسم الثاني)
- تطور مفهوم الوطنية في العراق (القسم الاول)
- حياة شرارة في الناصرية ...
- التيارات الفكرية العلمانية في العراق الملكي
- رسالة الى فاطمة المحسن .. (من الذي ينتقد سنة العراق اذن ؟؟)
- عبد العزيز ال سعود في الناصرية يطلب المساعدة ..
- عمائم ليبرالية (هبة الدين الشهرستاني وتحريم نقل الجنائز الى ...
- الكتاب الذين اقتبسوا افكار علي الوردي
- اسباب الارهاب والتخلف الاسلامي عند برنار لويس
- لماذا خذلت الانتلجنسيا العراقية علي الوردي ؟ ( 1 - 3 )
- لماذا خذلت الانتلجنسيا العراقية علي الوردي ؟ ( 1 - 2 )
- لماذا خذلت الانتلجنسيا العراقية علي الوردي ؟
- الطريق الوحيد للتنوير والحداثه
- الامام الخميني والتشيع العراقي
- مقترح تبديل كلمة (العلمانية) الى (التنويرية )
- من اين ورثنا عصاب الغرب ؟؟
- الدوله الريعيه التي صنعت جاسم الرصيف
- الانساق تنتصر في الاخير
- العراقيون .... كل يوم هم في شان
- لماذا يكره الله العراقيون ؟؟ (ظاهرة التجديف في المجتمع العرا ...


المزيد.....




- العراق.. السوداني يدعو الدول العربية والإسلامية للتعاون في ...
- هل تعتقد أن اغتيال المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي فكرة جيدة ...
- 1400 عام من الصمود.. ما الذي يجعل أمة الإسلام خالدة؟
- وزراء خارجية 20 دولة عربية وإسلامية يدينون الهجمات الإسرائيل ...
- هكذا يتدرج الاحتلال في السيطرة على المسجد الإبراهيمي بالخليل ...
- خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة نايل سات وعرب سات 2025 .. ث ...
- نتنياهو: لا أستبعد اغتيال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي ...
- الخليل.. إسرائيل تخنق البلدة القديمة وتغلق المسجد الإبراهيمي ...
- الاحتلال يهدم غرفة زراعية ويواصل إغلاق مداخل سلفيت ومستعمروه ...
- المفتي قبلان: عدم التضامن مع إيران يعني خسارة العرب والدول ا ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سلمان رشيد محمد الهلالي - العلاقة مع الله (من العبودية الى الصداقة)