|
من تفوز في النهاية روسيا ام تركيا
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 5388 - 2016 / 12 / 31 - 17:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كلنا على اليقين بان عملية نقل التوجه لتركيا من الغرب الى الشرق بشكل سريع ليست بسهلة عليها من جهة او بامكانها ان تستمده و تنقطع نهائيا عن الغرب و الناتو الذي يعتبر حلفها معهم شريانها الابهر الذي لا يمكن بتره و هو الذي يغذي كل كيانها السياسي الاقتصادي و الاجتماعي، و تبقي عليه لكونه من الاستراتجية التي تتبعها تركيا و ان ترددت في مراحل معينة لاسباب او من اجل اتباع تكتيك تعتبره ضغوطا على الغرب من اجل تحقيق مرامها المرحلي . و ان كانت تركيا مضظرة و تريد اللعب بكثير من الاوراق التي بقت بيدها و اوقعت بنفسها في مساحة ضيقة من جهة ، ومن جهة اخرى انها فشلت في تصفير مشاكلها في المنطقة لا بل وصلت الى تصفير صداقاتها مع الكثير من دول الجوار و حتى من اقرب قريباتها ايضا . و لذلك اضطرت الى التصالح و التنازل و الارتماء في حضن بوتينكقوة مهيبة يمكن التعويض لها عما فقدتها من تعنتها و ممانعتها لامور كانت لمصلحة الغرب تنفيذها و اتقاءا لشر ما وصلتها من الغرب و من فعلة يدها هي، نتيجة تهور رئيسها اردوغان و طموحاته و نرجسيته و طمعه السياسي و ما يريده من تسجيل مجد له و يطمح لتسجيل انعطافة في تاريخ بلاده . اي كل ما دفع اردوغان الى تغيير مسار سياساته لحد اليوم ليس الا عوامل لا يمكن ان يتصور المتابع المقيّم لحال تركيا الا ان يقول بان اردوغان على الرغم من مناوراته لازال يحلم بعضوية الاتحاد الاوربي و يريد فرض خصوصيات بلاده و سماتها الحالية عليهم و هي غير المستوفية للشروط السياسية لما يتطلبها الانضمام الى الاتحاد الاوربي، من حيث الاعتماد على الديموقراطية و حرية التعبير و ضمان حقوق الانسان على الاقل، و عليه، يريد اردوغان ان يكون عضوا بما تتسم به بلاده من سمات الشرق، و مستفيدا من خيراتهم الاقتصادية عنوة و الا انه يغير توجهه . روسيا بدورها لها مصالح كثيرة في تقبل تركي على المضض و على الرغم من معرفتها المسبقة بان تركيا لا يمكن ان تنفصل عن الغرب بما تملكه من حبل التواصلالتاريخي الذي بنته خلال هذه السنين الطوال منذ الحرب العالمية الاولى او منذ تاسيس الدولة العلمانية التركية و بالاخص خلال الحرب الباردة و ما تميزت بها تركيا و تفاعلت مع مصالح الغرب . السؤال هو، فهل يفعلها اردوغان و يقفز على المتوقع و المحتمل و يفاجيء الجميع بقطع صلته بالغرب و يسنحب من الحلف الاطلسي نهائيا، ام لازالت تركيا ملتزمة و ملتصقة بما يصدر من الغرب على حساب الشرق و روسيا، و محاولات اردوغان لكسب ود بوتين ليس الا لتبادل المنفعة المؤقتة و التكتيكية، و الا انهما اي اردوغان و بوتين ينافقان و يخدعان البعض سريا و يجاملان البعض علنيا . كل ما يجري ليس الا خداع بين قائدين ماكرين نابعين من خضم صراعات المنطقة و من ثنايا الاوضاع السياسية و الاجتماعية الملتهبة داخليا و في مرحلة مغايرة تماما لما كانت عليه من قبل و يعتمدان على الحيل المخابراتية و الافعال الثعلبية غير المضمونة النهاية، و اعتمادا على اسس العلاقات الصحيحة يمكن ان نقول بانها علاقات تنتظر الانقطاع في اية لحظة و بشكل نهائي ان لم يغير كل منهما ما يكنان للبعض من الحيل، او يدخلان بشكل طبيعي في تحالف جديد مبني على توجهات مغايرة تماما لما عاشتها بلادهما من قبل . هل تحقق روسيا مطالب اردوغان الاستراتيجية التي يفكر فيه دوما و اصبح جزء منه و هوما يسمى بفوبيا الكورد و ما يحلم به من انهاء هذه المشكلة بالنسبة له مصيرية، و كذلك يهتم بما موجود من القضية الكوردية في المنطقة باكملها و ليس في بلاده فقط، هل تدعم روسيا تركيا و تدافع عنها في السراء و الضراء و تصبح بديلا لللناتو لها، هل تثق البلدان بالبعض تماما ام تخشيان كل امر و حتى اخطر ما يمكن ان يحدث بينهما، هل بامكان روسيا ان تسحب تركيا من الناتو و تقطعها عن ما يوفر لها من قبلهم و تعوضعها عن المصالح التي تهمها لديهم . كل تلك الامور يمكن ان تبقى حائلا دون التقارب البلدين كصديق طبيعي، و خاصة مما ترسب لدى البلدين من افرزات نابعة من التحالفين الوارشو و الناتو المعاكسين للبعض، و من ثم ترسخت في كيانهما السمات المعاكسة . و عليه هناك امران لا يمكن ان نجد ثالثهما اما تنقطع العلاقة التكتيكية التركية الروسية بعد انقضاء هذه المرحلة المتنقلة و تعود البلدان الى ما كانتا عليه من قبل، او تنقطع تركيا عن الغرب و هذا قرار مفاجيء و يحتاج للانعطافة الكبيرة من قبل تركيا و يجب ان تغير من استراتيجيتها بشكل كامل و نهائي و تصبح بلدا شرقيا قحا صديقة لروسيا اما معادية لامريكا و الغرب ان وصلت الحال الى الحرب الباردة الجديدة المتوقعة في اكثر من الاحتمالات، او على الاقل تكون تركيا متحفظة على حال خاصة بها و هي تعتزم ان تعيد امجاد العثمانيين و تفعل ما يمكنها ان تتصرف كقوة امبراطورية لها باعها و شانها بعيدا عن الغرب و الشرق حسبما يعلنه اردوغان في اكثر من مكان و زمان . انا اعتقد شخصيا عدم امكان اردوغان ما يمليه عليه تفكيره و طمعه الخاص من تنفيذ ما يفيده بشكل خاص، و يحلم بان يجد ما يمكنه ان يوصل بلاده به الى وضع الحياد، لان تاريخ بلاده و جغرافيتها و وضعها الاجتماعي لا يساعدون على هذا الامر . فاما ان تنقطع عن تواصلها بهذا الشكل عن روسيا او تنقطع نهائيا عن الغرب، وفق ما يستجد في المنطقة و ما تبرز من التغييرات الجذرية المتوقعة خلال المرحلة الحالية او في المستقبل القريب جدا . و ان كانت كل منهما تراهن على ان تنفذ بالاخر ما تريد من الافعال و تحقق الاهداف المرحلية فاي منهما ستفوز في النهاية روسيا ام تركيا .
#عماد_علي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
2016 الكورد، هزيمة الارادة امام الظروف الموضوعية
-
اختطاف افراح لخلط الاوراق
-
دراسة السمات الخاصة من اجل تحقيق الهدف الكوردستاني
-
الكورد و مرحلة مابعد تحرير الحلب
-
حركة التغيير و مفتاح الحل للمشاكل العالقة في اقليم كوردستان
-
هل يمكن اعادة تلحيم البنية العراقية ؟
-
تكتيك الكورد في ميزانية العراق يضر باستراتيجيتهم
-
هل يصلح الحزب الشيوعي بتغيير قياداته
-
مابعد الموصل ليس كما كان و لا كما يريد البعض
-
التحديات المختلفة لمابعد تحرير الموصل
-
النية الصادقة اساس الحل لمشاكل اقليم كوردستان
-
مابين الحشد و البيشمركَة من نقاط مشتركة دافعة للتعاون فيما ب
...
-
ليتني كنت صهرا ل...... في كوردستان
-
هل فتح البارزاني برسالته منفذا لحل الازمات في كوردستان ؟
-
ما يجري في كوردستاننا
-
الترامبية و القادة الكورد
-
ترامب و الشعوب المغلوبة على امرها و منهم الكورد
-
غضب الفرات امام درع الفرات
-
على من تُدر خيرات مابعد معركة تحريرالموصل
-
من يشارك في تحرير الموصل حقا ؟
المزيد.....
-
ترامب يناور بالغواصات النووية.. مما يتألف الأسطول الأميركي ت
...
-
أوكرانيا تضرب العمق الروسي وتكشف عن فساد واسع يستهدف قطاع ال
...
-
الأطفال الجائعون وتفشي البلادة الأخلاقية
-
أسير إسرائيلي جائع يحفر قبره.. المقاومة تزلزل العالم
-
إدانة ماليزية شعبية ورسمية لجرائم التجويع في غزة
-
مواقف جديدة لإيران بشأن التخصيب النووي: استئناف القتال مع إس
...
-
فيديو- مشاهد مؤثرة لطفل فلسطيني يركض حاملاً كيس طحين وسط واب
...
-
رقم قياسي - هامبورغ تشهد أكبر مسيرة في تاريخها لدعم -مجتمع ا
...
-
ويتكوف يلتقي في تل أبيب عائلات الرهائن الإسرائيليين المحتجزي
...
-
-واشنطن بوست- تنشر صورا جوية نادرة تكشف حجم الدمار الهائل ال
...
المزيد.....
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
-
ذكريات تلاحقني
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|