أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرات المحسن - كارل ماركس في العراق / الجزء الثاني والثلاثون















المزيد.....

كارل ماركس في العراق / الجزء الثاني والثلاثون


فرات المحسن

الحوار المتمدن-العدد: 5386 - 2016 / 12 / 29 - 09:45
المحور: الادب والفن
    




ــ هسه يمعودين خل نغسل ادينه ونشرب جاي ونروح يم الجماعة للمظاهرة.
ــ أوكي يالله ياجماعة.
ــ ليش متخلوه على حسابي هذي المرة.
ــ عمي أبو رجب أحنه متعودين كل جمعه نجي يمكم بهاي الكَهوة ناكل ونشرب جاي.. خوب مو جايين خطار أبيتكم.. الله يحفظك ويخليك وينطيك الصحة والعافية.. وهمزين بواسطتك تعرفنة على أستاذ عبد القادر.
قال مزهر ذلك وطلب من ماركس النهوض من أجل السماح له بالخروج من المكان للذهاب وغسل يديه فتنحى ماركس جانبًا مفسحًا له الطريق وفي الوقت ذاته طلب أبو رجب من ابو داوود جلب الشاي للجميع. ولكن باغتهم ماركس بسؤال مسرحي مفتعل رافقته ابتسامته المخفية.
ــ ماذا يعني تحود النار الكَرصته؟
ــ معود بطل من أسألتك.. دتعال كَوم نبوس أبو عفيفة ونصالحة وبعدين تروح ويايه للمظاهرة.


* * *
جاور ماركس سامر في المسير نحو ساحة التحرير وكان قريبًا منه جدًا وكأنه يريد أن لا يفلت منه، كان يلاحقه بنظراته ويحاول اختبار ردود فعله مع كل حركة أو جملة تقال، يود أن يتأكد من شخصيته وهل هي ذاتها التي واجهته بنزقها وعنفوانها وهددته بسماجة وسخف. يا ترى هل يفشل معه ويكون سامر أكثر تطرفًا وصعب المراس ومتطيرًا أكثر من المرة السابقة. في كل خطوة كان يريد أن يسحب سامر من يده ويذهب به بعيدًا ليحادثه ويصارحه، ولكن سامر كان مشغولاً مع أصدقائه بالحديث عن التظاهرة التي تأخذ من تفكيرهم الكثير، وهم يبحثون أيضًا في متبنيات المجتمع وكل ما يعتمل فيه من وقائع ومرارة تفرضها العادات والتقاليد والمعتقدات الغيبية، وكان حديثهم كالعادة خليط يذهب هناك ثم يعرج على حديث آخر بعدها يعيد تكرار السابق. كان ماركس ورغم أن محور تفكيره كان يرتكز على محاولة الانفراد بسامر، ولكنه أيضًا يفكر بمجريات حديث هؤلاء الشباب وتصوراتهم عن حركتهم الجماهيرية أو من الجائز إطلاق تسمية انتفاضتهم الجماهيرية. فالملاحظات التي أوردها بعضهم تبدو جد عقلانية وواقعية وشخصت لب وأس المشكلة وهو الأساس الاقتصادي وما حدث من تغيرات في وسط القوى المنتجة وطبيعة علاقات الإنتاج وبنية الطبقات الاجتماعية وانعكاس ذلك على البناء الفوقي للمجتمع، تفكير سليم جدًا ولكنه يحتاج إلى دلالات في الوعي المجتمعي والطبقي والحراك الجماهيري. ومن خلال ما عرفه عن طبيعة التشكيلات الاقتصادية في العراق فإن اقتصاد العراق الريعي اليوم، وهو الذي يعتمد على تصدير النفط وبيعه لن يفضي إلى ما يرغبه هؤلاء، ولن تولد من رحمه دولة مدنية ديمقراطية، وإنما المعروف وبشكل جلي أن هذه الولادة دائمًا تطرح نموذجًا مشوهًا، وأي سلطة فيه ليس لها قدرة على وضع برامج تقدم للمجتمع ما هو نافع وحضاري فهي تعتمد شعارات وحلول ترقيعية ليس إلا، وتحاول استغلال الدخل الوطني لمصالح فئوية وحزبية. أعتقد أن عزيمة وقوة هؤلاء الشباب يحتاجها العراق بشكل حقيقي، ولكن تحقيق حلم هؤلاء بالإصلاح يحتاج إلى أفق أوسع وإلى قوى تخلق تناسبات وتحالفات جديدة لتكون قادرة على الاستمرار وخلق الظروف الضاغطة لأجل التغيير. وهذا التغيير من المؤكد إن نجح في مهامه الأولية، سوف يساعد على كسر قاعدة احتكار السلطة المستندة إلى الهويات الفرعية، ويؤسس لوعي اجتماعي جديد، وهؤلاء الشباب أجد فيهم المعرفة الجدية والإيمان بضرورة خلق البديل المدني الديمقراطي، وهو البديل الوحيد القادر على بناء وطنهم. ورغم قناعتي بصعوبة التغيير هذا في المدى القريب ولكنه كملمح استراتيجي يبقى ضرورة لإنقاذ هذا الشعب من ثقافة الاستبداد والنزعات الماضوية المناهضة للحداثة والمغرقة بالتخلف وعدم احترام الرأي الآخر والانكفاء على الغيبيات.
فجأة وفي غفلة منه وبسبب سرحانه في تحليل أفكار الشباب، لم يجد سامر جواره. التفت نحو الباقين وبارتباك ظاهر سألهم عن سامر، فأجابه أحدهم بأنه ذهب لشراء علبة سجائر وسوف يعود.
ــ نلتكَي بيه بالمظاهرة وين يروح.
ــ ولكن كيف أضعته أنا؟
ــ شنو ليش أنته.. شنو تريد منه؟
ــ لا شيء... لا شيء ولكن خفت أن يضيع وسط الناس؟
ــ أخونا الطيب أستاذ قادر... ليش سامر زعطوط لو مايندل المنطقة... جان كمشت إيده وما خليته يفلت منك؟
تدخل أبو رجب بالقول وهو يقبض على ساعد ماركس ويسحبه إلى جانبه.
ــ حقه استاد قادر يخاف على أصدقائه.. تعرفون هو... هو تعرفون.. جان استاد جامعة وكلش يهتم بطلابه.
ــ والله حسبالي غير شي؟ كَلت بس لا صاحبنه يدور طيور مكلشه؟
ــ لا يمعودين تره أستاد قادر مر بظروف قاسية.. بعهد صدام جان مسجون وبعد دخول الامريكان طلع وهوه هسه شويه مريض إنشاء الله يصير زين.
ــ والله انته عبد الرضا كلش تفكيرك يروح بعيد ودائمًا عقلك يروح على المزين.
ــ أي مو سامر يتفلس على التمن ..شلون جهره عاد ، مطعجه معقجه ..لو بس أعرف شلون أطاهم كَلبهم وسمو سامر ..ليش مسمو معيريج ..صليبيخ ..طاوه محروكَه .
ضحك الجميع وكانوا قد اقتربوا من فتحة السوق المفضية إلى ساحة التحرير. كانت عيون ماركس القلقتان تجوبان المكان بحثًا عن سامر الذي فاجأهم عند انعطافة الزقاق. كان يقف أمام بائع صغير يعلق صندوق خشبي برقبته ويضع فيه عدد من علب السجائر. سارع ماركس ووقف جوار سامر مراقبًا حركته ثم سأله.
ــ سوف تذهب إلى التظاهرة.. أليس ذلك؟
ــ أي لعد وين راح أروح؟
ــ ممكن أن أكلمك على انفراد.. أرجوك؟
ــ شنو القصة استاذ قادر أكو مشكلة؟
ـ نعم مشكلة كبيرة أحتاج أن تحلها معي؟
ــ خلي نلحكَ بالجماعة وعود بعدين نحجي؟
ــ أرجوك سيد سامر أحتاج مساعدتك.
ــ زين.. زين بعد ما تنتهي المظاهرة نحجي.
ــ أرجوك أن تتفهم موضوعتي.. أنا بحاجة لمساعدتك وأنت أملي في حل هذه المشكلة؟
ــ أستاذ قادر أي هسه وقت حل المشاكل.. وشنو آني لكَيتني حلال مشاكل.. آني مشاكلي لا تنعد ولا تنحجي وهسه أنته تريد أحل مشكلتك.. يمعود الجماعة صارو بنص الناس وأنته صالبني هنا.
تقدم أبو رجب ملوحًا بيده ومناديًا على ماركس أن لا يتأخر فلحق به سامر يرافقه ماركس وخلال تلك الخطوات القليلة تابع ماركس إلحاحه بطلب الحديث المنفرد مع سامر.
ــ أرجوك لا تجعل أبو رجب يعرف بطلبي هذا أرجوك.. طلبي هذا وحديثي سوف يؤثر كثيرًا بهؤلاء الرجال الطيبين، لا أريد أن أظهر أمامهم مخادع وغير جدير باحترامهم.
ــ أي هسه هو شنو طلبك.. هو آني أعرفه حتى متريد أبو رجب لو غيره يعرفه؟
ــ لن أحدثك به إن لم تعدني أن نبتعد قليلاً عن التظاهرة لأخبرك بالذي أريده منك.
ــ أو كي... بس كون على ثقة غير خمس دقايق ما أسمحلك باكثر منهن.
ــ جيد... لا تدع أبو رجب يأتي معنا.. علينا أن نجعله بعيدًا قدر الامكان.
ــ أي تعال أهنا.. كَول يمعود سطرتني.. بس إنته ليش هيجي تحجي.. وجنك أجنبي؟
ــ عزيزي سيد سامر المحترم أنا هي تلك الحقيقة.. أنا أجنبي وليس عراقي.
ــ يعني إنته مو استاذ قادر صديق أبو رجب؟
ــ سيد سامر أنا وأنت التقينا سابقًا في مطار بغداد ومن ثم في فندق الرفيق جبار.. هذه ملخص للحكاية كلها.. أنا كارل هانريش ماركس.
تراجع سامر إلى الوراء وكأنه صعق حين سمع الاسم، شعر برهبة الموقف وكأن كل شيء قد توقف من حوله وردد وهو يتلعثم بالكلام.
ــ منو ...منو؟



#فرات_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كارل ماركس في العراق / الجزء الواحد والثلاثون
- كارل ماركس في العراق / الجزء الثلاثون
- تنويه
- الدراسة في الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية
- كارل ماركس في العراق / الجزء التاسع والعشرون
- كارل ماركس في العراق / الجزء الثامن والعشرون
- كارل ماركس في العراق / الجزء السابع والعشرون
- كارل ماركس في العراق / الجزء السادس والعشرون
- السياسة السوفيتية والأحزاب الشيوعية العربية/ ج2- لقاء صحفي م ...
- السياسة السوفيتية والأحزاب الشيوعية العربية/ ج1- لقاء صحفي م ...
- كارل ماركس في العراق/ الجزء الخامس والعشرون
- كارل ماركس في العراق / الجزء الرابع والعشرون
- التحالف الوطني الشيعي العراقي وصراع المرجعيات الدينية
- كارل ماركس في العراق/ الجزء الثالث والعشرون
- كارل ماركس في العراق / الجزء الثاني والعشرون
- كارل ماركس في العراق / الجزء الواحد والعشرون
- التكييف القانوني لسرقة المال العام
- كارل ماركس في العراق / الجزء العشرون
- كارل ماركس في العراق الجزء التاسع عشر
- من ينتصر في صراع كسر العظام، وزير الدفاع أم رئيس البرلمان؟


المزيد.....




- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرات المحسن - كارل ماركس في العراق / الجزء الثاني والثلاثون