أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كريمة الحفناوى - دور المؤسسات التعليمية فى تأهيل واكتشاف المواهب الثقافية والفنية والرياضية















المزيد.....

دور المؤسسات التعليمية فى تأهيل واكتشاف المواهب الثقافية والفنية والرياضية


كريمة الحفناوى

الحوار المتمدن-العدد: 5385 - 2016 / 12 / 28 - 11:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دور المؤسسات التعليمية فى تأهيل واكتشاف
المواهب الثقافية والفنية والرياضية
"...وفى العصر الحديث استنارت العقول وبلغت الإنسانية رشدها وتقدمت أمم وشعوب على طريق العلم، رافعة رايات الحرية والمساواة، وأسس محمد على الدولة المصرية الحديثة وعمادها جيش وطنى، ودعا ابن الأزهر رفاعة أن يكون الوطن (محلا للسعادة المشتركة بين بنيه) وجاهدنا –نحن المصريين- للحاق بركب التقدم".
لقد آثرت أن أبدأ الحديث عن التعليم والعلم والبحث العلمى وأثره فى بناء وتقدم الأمم عن طريق بناء وتنمية الموارد البشرية بهذا الكلام المكتوب فى مقدمة دستورنا فى يناير 2014. واسمحوا لى أن استكمل مواد الدستور، والتى تحمل فى بابه الثانى وتحت عنوان "المقومات الأساسية للمجتمع" الفصل الأول "المقومات الاجتماعية".
المادة 19 "التعليم حق لكل مواطن هدفه بناء الشخصية المصرية والحفاظ على الهوية الوطنية وتأصيل المنهج العلمى فى التفكير وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه فى مناهج التعليم ووسائله وتوفيره وفقا لمعايير الجودة العالمية. والتعليم إلزامى حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة فى مؤسسات الدولة التعليمية وفقا للقانون".
ولم تكتفِ هذه المادة بالحديث عن أهمية تأصيل المنهج العلمى فى التفكير مع تأصيل الانتماء القومى ولكنها أيضا نصت على "تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومى الإجمالى تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية". ومن المعروف أن المعدلات العالمية تتراوح بين 15 و25% من الناتج القومى الإجمالى.
وفى بقية المواد التى تهتم بالتعليم فى جميع مراحله تناولت المواد من 20 وحتى 25 التزام الدولة بالتعليم الفنى والتدريب المهنى وتطويره وفقا لمعايير الجودة العالمية وبما يتناسب مع احتياجات سوق العمل والتزام الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى الجامعى لا تقل عن 2% من الناتج القومى الإجمالى. هذا غير 1% مخصصة للبحث العلمى، والاهتمام بالمعلمين وأعضاء هيئة التدريس ومعاونوهم وتنمية مهاراتهم المهنية وكفاءاتهم العلمية ورعاية حقوقهم المادية والأدبية مع التزام الدولة بوضع خطة شاملة للقضاء على الأمية الهجائية والرقمية بين المواطنين فى جميع الأعمار. وذلك وفق خطة زمنية محددة.
ولابد من الإشارة هنا إلى أن مجموع ما ينص عليه الدستور من نصيب التعليم قبل الجامعى، والجامعى، والبحث العلمى 7% والصحة 3% وفقا للمادة 18 الخاصة بالصحة. كما ينص الدستور على أن تتصاعد هذه النسبة تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية. وللعلم لم يتم حتى الآن تحقيق الحد الأدنى لهذه النسب. إن تقدم الأمم لا يعتمد فقط على الثروات الطبيعية والتعدينية ولكنه يعتمد على تنمية الموارد البشرية، حيث إن الاستثمار فى البشر من خلال التعليم والصحة يرفع من الكفاءة الإنتاجية للمواطنين ويساهم فى نهضة الأمم.
وإذا انتقلنا إلى الباب الثالث من الدستور وتحت عنوان "باب الحقوق والحريات والواجبات العامة" نجد أن الدستور ينص فى المادة 66 على حرية البحث العلمى والتزام الدولة برعاية الباحثين والمخترعين وحماية ابتكاراتهم والعمل على تطبيقها. وفى المادة 67 ينص على حرية الإبداع الفنى والفكرى والأدبى. أما بخصوص حقوق الطفل فى المادة 80 تتحدث عن أنه لكل طفل الحق فى التعليم المبكر فى مركز للطفولة حتى السادسة من عمره وتتضمن أنه يعد طفلا من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره. ولكل طفل الحق فى اسم وأوراق ثبوتية وتطعيم إجبارى مجانى ورعاية صحية وأسرية أو بديلة وتغذية أساسية ومأوى آمن وتربية دينية وتنمية وجدانية ومعرفية.
وتتناول المادة 81 التزام الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة والأقزام صحيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وترفيهيا ورياضيا وتعليميا. وتكفل الدولة فى المادة 82 رعاية الشباب والنشء وتعمل على اكتشاف مواهبهم وتنمية قدراتهم الثقافية والعلمية والنفسية والبدنية والإبداعية وتشجيعهم على العمل الجماعى والتطوعى وتمكينهم من المشاركة فى الحياة العامة.
وفى مجال الرياضة تنص المادة 84 "ممارسة الرياضة حق للجميع وعلى مؤسسات الدولة والمجتمع اكتشاف الموهوبين رياضيا ورعايتهم واتخاذ ما يلزم من تدابير تشجيع ممارسة الرياضة".
ويشمل هذا الباب أيضا كل حقوق المواطن فى الصحة والتعليم والغذاء والسكن والعمل، أى كل الحقوق التى تكفل الحياة الكريمة للمصريين. هذا دستورنا وهذه حقوقنا، ومصر وطننا الذى نعيش فيه ويعيش فينا.
إن أى خلل فى العملية التعليمية يعنى خللا فى المجتمع، فى بناء الدولة، ويعرقل تقدمها بين الأمم. يعنى خللا فى مواجهة التطرف والإرهاب الذى يعانى منه العالم، وعانت منه مصر فى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى، وتعانى منه الآن بعد خروج شعب مصر العظيم فى 30 يونيو 2013 لإسقاط نظام الإخوان المستبد الفاشى المتاجر بالدين والوطن. ومازالت تعانى من الإرهاب الذى يعيق التنمية والتقدم والبناء.
ولقد أشرنا كما أشار الكثيرون إلى أن مواجهة الإرهاب ليست مواجهة أمنية فقط. ويقوم الجنود البواسل من رجال الشرطة والجيش أولاد الأسر المصرية الممتدة عبر ربوع مصر بالتصدى بكل شجاعة للإرهابيين ويسقط منهم الشهداء الذ ين تسيل دماؤهم الذكية على أرض مصر الطاهرة لتحقيق الأمن والأمان للشعب المصرى.
إن مواجهة الإرهاب يجب أن تكون بالأمن، والتنمية الإنتاجية، مع توفير فرص العمل، وتكون أيضا بالاهتمام بتربية النشء والتعليم ونشر ثقافة التنوير والإبداع بكل مجالاته وفنونه والاهتمام بالموروث الثقافى المتنوع والثرى عبر محافظات مصر، وخاصة المحافظات الحدودية.
ومن هنا لابد من مناقشة أزمة التعليم الحالية، ووضع الحلول المناسبة حتى تحقق ما جاء فى دستورنا من أن التعليم لابد وأن ينمى الانتماء والمعرفة والمهارات والقدرات وما جاء فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الصادر فى عام 1948 "التعليم حق توفره الدولة للإنسان أينما وجد وفى أى مكان".
يقول الدكتور أحمد صقر عاشور أستاذ التنمية البشرية بكلية التجارة جامعة الإسكندرية فى مقال منشور له بجريدة الأهرام فى السابع من نوفمبر 2016، وتحت عنوان "التعليم وصناعة التطرف والإرهاب": "إخفاق وانهيار التعليم يؤدى إلى بيئة مهيأة لنمو التطرف، وغياب البعد التربوى والوجدانى منه يؤدى إلى مزيد من تهيئة تلك البيئة. ويمثل التعليم الذى يقوم على الحفظ والتلقين والدور السلبى للمتعلم الذى يمثل أحد شواهد انهياره تعطيلا وإيقافا لملكات واستعدادات وهبنا الله إياها من خلال منحة العقل. مثال هذه الملكات والقدرات والاستعدادات التى يعطلها التعليم القائم على الحفظ والتلقين: التحليل، والتفكير المنطقى، والبحث عن المعلومات والمعارف، والاستدلال، واستخلاص المعانى من الأفكار والمقدمات."
وفى فقرة أخرى من نفس المقال يقول الكاتب "إعادة البناء الشامل للتعليم فى كل مراحله ومستوياته وقطاعاته هو السبيل للقضاء على منابع التطرف وإعادة بناء العقل وتنمية ملكاته وقدراته وبناء المواطنة على أسس سليمة ومتوازنة السبيل لتحقيق تنمية مستدامة وتحقيق العدالة."
وفى نهاية هذا المقال الهام يقول الدكتور أحمد صقر "إن إعطاء التعليم الأولوية والأهمية القصوى وإعادة النظر الشاملة فى كل عناصر المنظومة التعليمية وفى كل مراحل التعليم ودون تأجيل هو السبيل لتقدم مصر بتصديها للتطرف والجمود الذى يعيق هذا التقدم".
إن مناهج التعليم التى تعتمد على الحفظ والتلقين بدلا من الفهم والوعى والنقد تقوم على ثقافة الاستبداد والسلبية بإجبار وقهر الطالب على نموذج إجابة محدد رغم أنه من المفروض أن يقوم التعليم على كيفية حصول المتعلم على المعرفة من مصادر كثيرة متنوعة ومتجددة.
وهناك ورقة بحثية هامة بعنوان "أزمة التعليم وأفق التغيير المستقبلى بعد ثورة 25 يناير 2011" منشورة فى مجلة التربية المعاصرة العدد 96 أغسطس 2013 ومقدمة من كل من الأستاذ الدكتور شبل بدران استاذ علم اجتماع التربية وعميد كلية التربية الأسبق بجامعة الإسكندرية، والأستاذ الدكتور كمال نجيب أستاذ المناهج وطرق التدريس كلية التربية جامعة الإسكندرية.
تركز الورقة على طرح بعض القضايا الهامة من أجل بناء نظام تعليمى وطنى مستنير. أشارت الورقة البحثية إلى أنه بعد ثورة يوليو 1952 كان التعليم على أجندة وأولويات الثورة، وكان متاحا أمام أبناء الفقراء من خلال مجانيته، واستطاع أن يكون جيلا مستنيرا ووطنيا خلال الخمسينات والستينات. ومع مطلع السبعينات، وبعد انتهاج سياسة الانفتاح الاقتصادى عام 1974 وبداية تبعية مصر للنظام الرأسمالى العالمى اقتصاديا وسياسيا، وتنفيذ شروط الصندوق والبنك الدوليين فى القضاء على نشاطنا الإنتاجى الصناعى والزراعى، ومع خصخصة وبيع الشركات وتحرير الخدمات كان من نتائج تلك السياسة زيادة أعداد الفقراء مما أدى لحالة من الاستقطاب الطبقى بين فئات المجتمع وزادت الفجوة بين الطبقة العليا التى استحوذت على كل الثروات، وبين غالبية لا تجد قوت يومها. أدى كل ذلك إلى حرمانها من كافة أشكال الخدمات فى التعليم والصحة وكذا تحول نظام التعليم إلى تعليم للقلة ذو جودة عالية، ويرتبط بأهم الوظائف الإدارية والقيادية بالمجتمع، وبين تعليم للأكثرية لا يتجاوز محو الأمية الأبجدية ولا يقود إلى سوق العمل أو ممارسة المهن العليا أو حتى الترقى فى السلم الاجتماعى.
تعاظم خلال هذه السنوات دور القطاع الخاص فى الاستثمار فى إنشاء وبناء المدارس والجامعات الخاصة فى الوقت الذى قل فيه الإنفاق الحكومى على التعليم فى كافة مراحله، مما أدى إلى حرمان الفقراء من حق التعليم الذى يكفله الدستور المصرى وكافة المواثيق الدولية.
وأشارت الورقة إلى غياب الرؤية التربوية الشاملة وغياب مبدأ تكافؤ الفرص، مع شيوع ظاهرة التسرب من التعليم، والتى تصل إلى 20% من جملة طلاب التعليم الأساسى. وهؤلاء بالطبع من الأسر الفقيرة ومن سكان الريف والمناطق النائية.
تؤثر أشكال التعليم المختلفة (عام وخاص، محلى وأجنبى ودولى، رسمى ودينى تابع للأزهر، ...) على تكوين وتشكيل الهوية الوطنية والثقافية لأبناء الأمة الواحدة. ويضاف لكل ذلك غياب سياسات تعليمية وطنية ثابتة ومستقرة ترتبط بالمشروع الوطنى والنهوض بالأمة.
مما تقدم نجد أنه لابد من تغيير فلسفة التعليم الحالى لتكوين بناء شخصية الطالب (تكوين رأس المال البشرى المعرفى) من خلال تفاعله مع النشاطات التعليمية وفقا لميوله واستعداده وقدراته وتنمية روح المواطنة لديه وتربيته على قيم حقوق الإنسان واكتساب ثقافة المعرفة وغرس روح التسامح والتعايش والحوار مع الحضارات الأخرى على أساس حق الاختلاف والتنوع.
إن تطوير المنظومة التعليمية يلعب دورا أساسيا فى تأهيل واكتشاف المواهب والقدرات الثقافية والفنية والرياضية، كما أننا نؤكد على أهمية زيادة ميزانية التعليم لبناء المدارس والجامعات وزيادة عدد الفصول حتى لا يتكدس الطلاب، والتى يصل العدد بمعظمها الآن إلى ثمانين طالب وطالبة، مع ضيق الأبنية التعليمية وعدم الاهتمام فى كثير من المدارس بوجود الفناء المدرسى والحجرات التى يمارس فيها الطلاب هواياتهم (رياضة، موسيقى، رسم، تصوير، تمثيل، غناء..) مع توفير مكتبات مدرسية غنية ويتم إمدادها بالكتب المتنوعة باستمرار.
إن المواهب العظيمة الموجودة الآن فى مجالات الإبداع والفنون تم اكتشاف الكثير منها من خلال النشاط المدرسى فى تلك الفترة، ولعب اهتمام الدولة باحتضان تلك المواهب وتدريبها دورا فى إغناء الساحة الفنية والثقافية بالكثير من أبنائها الحاليين.
ومن وجهة نظرى أنه لابد من الاستثمار فى التعليم والتنمية البشرية من خلال زيادة الميزانية التى تتيح فتح المدارس أبوابها أثناء الأجازة الصيفية لتدريب وتأهيل المواهب والقدرات عند الطلاب والطالبات، مع وضع خطط مشتركة بين وزارات التعليم والثقافة والشباب والرياضة لاكتشاف تلك المواهب وتثقيفهم مع وضع خطة بين المدارس الموجودة داخل كل حى أو قرية أو مدينة مع الهيئة العامة لقصور الثقافة للقيام بالأنشطة المشتركة والاهتمام بالحرف البيئية (السجاد، التطريز، الفخار والخزف...الخ).
كما اقترح أن تكون هناك الخطط المشتركة بين وزارة التعليم ووزارة الشباب والرياضة لتدريب الموهوبين رياضيا فى كافة المجالات فى مراكز الشباب والاهتمام بكافة أنواع الرياضات حيث إننا نجد الاهتمام ببعض الأنشطة على حساب الآخر، ونجد الشكوى الدائمة من أبطالنا وبطلاتنا الذين يرفعون اسم مصر عاليا فى المسابقات الدولية من عدم وجود ميزانية كافية للاهتمام بهم وتدريبهم.
كما أن توفير ميزانية كافية لذوى القدرات الخاصة الذين يتحدون كل الصعاب والمعوقات ويجبروننا فى كل مجالات الإبداع. وأيضا لابد من التعاون مع المكتبات العامة وتشجيع التلاميذ والتلميذات على الاهتمام بالقراءة وعمل مسابقات لقراءة الكتب وعرضها ومناقشتها.
هذا غير تشجيع الأسر وتشجيع الشباب على القراءة والاطلاع من خلال عمل معارض للكتاب فى كل محافظات ومدن مصر طوال العام على أن تتوزع هذه المعارض على كل شهور السنة مما يسهل إتاحة الثقافة والمعرفة والتى هى حق لكل مواطن ومواطنة بدلا من التركيز فى القاهرة والإسكندرية، مع عمل تخفيضات للطلبة على الأسعار حتى تكون فى مستوى القدرة الشرائية للمصريين حيث إنه من المعروف أن نصف الشعب المصرى فقير ودخله محدود.
ويمكن أيضا تنشيط الرحلات الداخلية إلى الأماكن الأثرية والمتاحف المتنوعة والأماكن الطبيعية الجميلة من خلال المدارس والجامعات مع دعم ميزانيتها من قبل المدرسة.
وإذا انتقلنا إلى دور الإعلام المرئى والمسموع والمقروء فى نشر القيم والثقافة وأثره فى رفع مستوى التذوق للفنون التى تسمو بالروح والإنسان وأهميته فى تشكيل الوعى الجمعى لدى الشعوب فالتلفزيون المصرى مثلا الذى يدخل كل البيوت له تأثير كبير. فإما أن يرتقى بالوعى والقيم وإما أن يصنع شعبا متخلفا ونماذج لا تستخدم عقولها فى التفكير.
كما لابد من الإشارة للدور الكبير الذى تؤثر به المسلسلات والأفلام السينمائية فى صنع ثقافة وقيم وسلوك المجتمع. فهناك الدراما ذات التقنية الفنية العالية والجاذبة للجمهور والمحركة للعقول، وهناك الدراما المنتشرة الآن للأسف التى ترسخ قيم السلبية والفهلوة والنصب والاحتيال والاغتناء السريع بدون جهد، والبلطجة.
هل تساءل القائمون على القنوات الفضائية سواء التابعة لقطاع الدولة أو القطاع الخاص ما هى جرعة البرامج الثقافية والفنون الرفيعة والدراما التاريخية، خصوصا وهناك دراسة عن كل القنوات العربية تبرز أن إجمالى جرعة الثقافة والعلم بكل أنواعها لا تزيد عن 2% من ساعات الإرسال. هل يكفى هذا أمام طوفان التخلف والفنون الهابطة؟!
لا شك أن كل هذا من الممكن تحقيقه إذا توافرت الإرادة السياسية للتعاون بين القائمين على العمليات التعليمية والتثقيفية والرياضية، وتوافر هذا الإدراك لدى وزارة المالية أيضا (!) وإذا آمن المسئولون بأن محاربة الإرهاب ليست أمنية فقط ولكنها تشمل كل ماسبق من تنمية إنتاجية وتنمية بشرية بالتعليم والصحة والثقافة والتربية الرياضية والفنية.
إن الثقافة حق لكل مواطن مثل الصحة والتعليم والسكن والعمل. الثقافة خدمة تتاح للجميع وليست سلعة. خدمة لابد من وصولها إلى كل الأماكن. الثقافة حق بموجب دستور 2014 الذى أجمع عليه كل المصريين بعد ثورتى 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013.
ففى الباب الثانى من الدستور، وتحت عنوان المقومات الأساسية للمجتمع يتناول الفصل الثالث تحت عنوان المقومات الثقافية، المادة 47 "تلتزم الدولة بالحفاظ على الهوية الثقافية المصرية بروافدها الحضارية المتنوعة". والمادة 48 "الثقافة حق لكل مواطن تكفله الدولة وتلتزم بدعمه وبإتاحة المواد الثقافية بجميع أنواعها لمختلف فئات الشعب دون تمييز بسبب القدرة المالية أو الموقع الجغرافى أو غير ذلك، وتولى وتشجع الدولة حركة الترجمة من العربية وإليها".
وتقول المادة 49 "تراث مصر الحضارى والثقافى، المادى والمعنوى بجميع تنوعاته ومراحله الكبرى المصرية القديمة والقبطية والإسلامية ثروة قومية وإنسانية تلتزم الدولة بالحفاظ عليه وصيانته، وكذا الرصيد الثقافى المعاصر المعمارى والأدبى والفنى بمختلف تنوعاته، والاعتداء على أى من ذلك جريمة يعاقب عليها القانون. وتولى الدولة اهتماما خاصا بالحفاظ على مكونات التعددية فى مصر". وفى نهاية هذا العرض نشير إلى أن الإبداع لا ينمو إلا فى مناخ ديمقراطى يؤمن بالحريات: حرية البحث العلمى، حرية الفكر والرأى والإبداع الفنى والأدبى، وحرية الصحافة والطباعة والنشر الورقى والمرئى والمسموع والالكترونى. هذه الحريات حق للإنسان وفقا للمواثيق والاتفاقات الدولية ودستورنا المصرى.
آن الأوان للتشارك والتعاون بين مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى من أحزاب وروابط وجمعيات أهلية ولجان شعبية تطوعية من أجل بناء مصر الثقافة والحضارة. بناء مصر البشر قبل الحجر. بناء مصر الدولة المدنية الحديثة، دولة المواطنة.
دكتورة كريمة الحفناوى



#كريمة_الحفناوى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دولة المواطنة وقانون موحد لدور العبادة
- بين مخالب الصندوق – 3
- بين مخالب الصندوق -1
- الفتنة الطائفية واستئصال الجذور -2-
- الفتنة الطائفية واستئصال الجذور -1-
- الانحدار الأخلاقى وانعدام الضمير الإنسانى 1
- ملايين الثورة ما زالت تطالب
- الفساد والغش فى الامتحانات
- العنف ضد المرأة من الصعيد للسويس
- شاهندة العطاء والألم والكفاح والأمل
- تساؤلات مطروحة وتخوفات مشروعة 1
- علاج الغلابة عليك يارب
- الدستور والحقوق والحريات العمالية
- الحقوق والحريات فى الدستور المصرى
- خطأ التعتيم وخطأ التوقيت
- الثقافة الجماهيرية والعدالة الثقافية 3
- الثقافة الجماهيرية والعدالة الثقافية 2
- الثقافة الجماهيرية والعدالة الثقافية
- عيد الأم فى قصر ثقافة مصر الجديدة
- دستور الثورة وتعديل القوانين المخالفة


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كريمة الحفناوى - دور المؤسسات التعليمية فى تأهيل واكتشاف المواهب الثقافية والفنية والرياضية