أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فواد الكنجي - اقتلوا المسيحيين .....!















المزيد.....


اقتلوا المسيحيين .....!


فواد الكنجي

الحوار المتمدن-العدد: 5380 - 2016 / 12 / 23 - 09:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اقتلوا مسيحيي العراق وسوريا ومصر ويمن والسودان ولبنان، بالرشاشات والمسدسات الكاتمة وبالمفخخات والأحزمة الناسفة وبالقنابل والعبوات الناسفة وبكل أدوات القتل والجريمة المنظمة، اقتلوا .. اذبحوا بالسكاكين وبالخناجر والسيوف، وكما قتلتم وجرحتم الأقباط المسيحيين في قلب القاهرة بمبنى الكنيسة (البطرسية المرقصية) بالعباسية في مطلع كانون الأول 2016 عبر تفجير انتحاري فسقط عدد كبير منهم وهم يصلون، وكما قتلتم وجرحتم العشرات من المسيحيين قبلها في مايو من عام 2011 بهجوم على إحدى الكنائس في (إمبابة) عبر إلقاء قنابل (المولوتوف) لتشتعل الكنيسةُ بما فيها ومن كان فيها، وكما فعلتم في هدم كنيسة (صول) القبطية المسيحية على مرأى من العالم ومسمع في مدينة(حلوان) حيث تواصل هدمها في اثنين وعشرين ساعة دون خشية سلطات الدولة أو بالأحرى لم تتدخل الدولة المصرية لتوقيف الجنات بل غضت النظر عن هذا الإجرام، وقبلها كما فعلتم في (بغداد) باستهداف كنيسة (سيدة النجاة) يوم31 تشرين الأول 2010 وأثناء أداء مراسيم القداس حين اقتحم جمع من أمثالكم من المتطرفين الإسلاميين المسلحين والمتعطشين لسفك دماء المسيحيين، من المجرمين التابعين لمنظمة (دولة العراق الإسلامية) التابعة لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين وقد انتهت الحادثة بتفجير المسلحين المسلمين لأنفسهم وقتل وجرح المئات المسيحيين ممن كانوا في داخل الكنيسة.
وهذا الحادث قد جاء بعد سلسلة من الاستهداف المنظم لـ(مسيحيي العراق) وتدمير كنائسهم ومنازلهم وتجريف مقابرهم وإحراق ومصادرة ممتلكاتهم وحلالهم، وقد بدأت حملة الدهم وقتل المسيحيين منذ بداية عام 2003 ولغاية هذا النهار من نهاية كانون الأول عام2016، من مدينة بصره وعماره وكل مدن جنوب العراق وصولا إلى بغداد وكركوك والانبار وديالى وموصل، فموصل مركز مدينة (نينوى) الأشورية التاريخ والحضارة، هذه المدينة التي تم استهداف المسيحيين استهدافا كليا وبشكل سافر حيث طردوا من كامل المدينة وقصباتها في (سهل نينوى الأشورية المسيحية) فتم استيلاء على كل ممتلكاتهم وحلالهم وأحرقت ونسفت بالقنابل كنائسهم ، ووصل الأمر بجرائمهم البشعة إلى تجريف مقابرهم وتمادى فعلهم الإجرامي إلى تحطيم مواقع الآثار للحضارة الأشورية التي يعود تاريخها إلى سبعة ألاف سنة قبل الميلاد، حيث ميزت بيوت المسيحيين بالكتابة عليها حرف (ن) في إشارة إلى كلمة (نصارى)، وكان ذلك الإجراء من اجل تشخيص ومراقبة تلك البيوت، حتى لا يخرج المسيحيون بممتلكاتهم منها، وتم مصادرة هذه البيوت لاحقا، ليتم القضاء عليهم من كامل المدينة وحملهم إلى النزوح ألقسري والهجرة من أوطانهم، أو بخيارهم بين اعتناق الإسلام أو دفع الجزية.
وعلى نحوها، كما يفعل (الإسلام المتشدد) في العراق ومصر، يفعل هؤلاء التكفيريين بـ(مسيحيي اليمن) حين اقتحم زمر من مسلحين مسلمين في مدينة (تعز) ثالث أكبر مدينة في (اليمن) وهم يرفعون شعار (الدولة الإسلامية) باللون الأسود، كنيسة (القديس يوسف) وأحرقوها في 15 أيلول من عام (2015)، وهي إحدى أربع دور عبادة مسيحية في المدينة، وكما راح جمع أخر من المسلمين في تفجير كنيسة (الحبل بلا دنس) الكاثوليكية بمدينة (عدن) في 9 كانون الأول من عام ذاته حيث تم تدميرها بالكامل، وكما فعل مسلحون مسلمون آخرون في اقتحام مأوى مسنين لـ(مسيحيي عدن) وقتلوا 16 شخصا في آذار من عام ذاته بما في ذلك حراس وسائقِين وطباخِين وعدد من الراهبات، كما دمر المهاجمون كل الرموز المسيحية والأغراض الطقسية التي كانت موجودة هناك، في وقت الذي لم يتعرض سكان المأوى غير المسيحيين للأذى، كما ذكرت وسائل إعلام، ويذكر بان الحرب القائمة في (اليمن) منذ سنين راح ضحيتها المجتمع (المسيحي) بصورة حادة ومباشره، حيث كان يقّدر عددهم بنحو (41 ) ألف مسيحي من اليمنيين الأصليين واللاجئين، ونتيجة الاضطهاد والاستهداف فر الكثير منهم خارج البلاد التي مزقتها الحرب نتيجة استهدافهم من قبل المتشددين المسلمين.
وعلى نحوها فعل ويفعل المتشددين الإسلاميين في( ليبيا) بقيامهم بعمليات وهجمات متعددة استهدفت الأديرة والكنائس المسيحية كحادثة تفجير (الكنيسة القبطية) التي تقع في مدينة (مصراتة) الليبية في شهر ديسمبر 2013، مما أسفر عن مقتل اثنين من الأقباط، وكان المسلمون تابعين التنظيم الدولة الإسلامية هناك قد نشروا رسالة تنذر المسيحيين المصريين في إنحاء (ليبيا)، بأنهم مستهدفون من قبل التنظيم وعليهم إن يتركوا (ليبيا)، وقد جاء واقعة 12 يناير باحتجازه 21 مسيحيا قبطيا، وبعدها في 12 فبراير من عام 2015 نشر التنظيم فيديو على مواقع إلكترونية تابعة له يظهر فيه المختطفون يرتدون ملابس برتقالية ليتم ذبحهم على ساحل البحر الأبيض المتوسط في (سرت) الليبية بشكل وحشي ليظهر الوجه الحقيقي للإسلام السياسي المجرم، موجهين بقتل هؤلاء المسيحيين رسالة انذارية لكل (مسيحيي ليبيا) للرحيل، فضلا عن قيام بإعلان (تنظيم أنصار الشريعة) المحسوب على تنظيم (داعش الإسلامي) في فبراير من عام ذاته عن مكافأة يصرفها لأي شخص مقيم بمدنية (بنغازي) يساهم في التخلص من المسيحيين في ليبيا.
وكما فعلوا في ( سوريا ) بقتل المسيحيين وإحراق قراهم، نذكر منها القرى التي يقطنها (المسيحيين الأشوريين) في كل من قرية (تل هرمز) و (تل شميران) و (تل رمان) و (تل نصرى) و (الاغيبش) و (توما يلدا) و(الحاوز) في الريف الغربي لمدينة (الحسكه) شمال شرق سوريا, وكما قام فصائل أخرى من المسلمين التكفيريين باختطاف 230 من المسيحيين الأشوريين, وتم قتل عدد منهم, وكما قام جمع أخر من هؤلاء المسلمين بإحراق كنيسة (تل هرمز) التاريخية التي تعد من أقدم الكنائس في سورية، وكما فعلوا في مدينة (الرقة) حيث نال المسيحيون الحظ الأكبر من الاضطهاد على يد تنظيم داعش الإسلامي، وكما فعلو بمسيحيي واثأر وكنائس القديمة في مدينة (معلولا) السورية، وكما راح فصائل الإسلام المتطرفة في مدينة(حلب) بقصف المتكرر للكنيسة السريانية، وهي مبنى ضخم ورمزي يقع في قلب المجتمع المسيحي القديم في عزيزة السورية.
فبعد سنوات من الحرب الإرهابية التي يشنها تنظيمات الإسلام السياسي المتطرف في سوريا، غادر مئات الآلاف من المسيحيين البلاد هربا من العنف المستمر واستهدافهم المباشر في كل إنحاء سوريا وتعرضت أقدم كنائسهم ومواقعهم الأثرية إلى التخريب والتدمير وعلى نطاق واسع، وفي مدينة (حمص) على سبيل المثال وليس الحصر، تراجع عدد المسيحيين إلى (ألف) نسمة بعد أن كان (160) ألفا نسمه تقريبا قبل استهداف لمسيحيي سوريا، وما تصرف هؤلاء الإسلاميين إلا رسالة واضحة منهم لتظهر نواياهم الفعلية ليس فحسب اتجاه (مسيحيي سوريا) بل اتجاه معظم مسيحيي الشرق الأوسط، الذي يتلاشى فيه الوجود المسيحي شيئا فشيئا.
وهكذا يقتل .. ويقتل المسيحيون في الشرق....!
فاقتلوا أيها المسلمون (مسيحيي الشرق) اقتلوهم واطردوهم من أوطانكم ومن مدن الشرق عسى في ذلك يشفي غليلكم، لان شعوركم بـ(النقص) هو من يدفع بسلوككم العدواني اتجاههم، لان علم( النفس الفرويدي) يقول(( بان الإنسان حينما يشعر بالنقص يدفعه باقتراف سلوك عدواني باتجاه الآخرين..))، وهذا الشعور بـ(النقص)عندكم يشمل في كل نواحي الحياة الأدبية والأخلاقية والثقافة والاجتماعية والعلمية والمهنية والاقتصادية والى أخره من المساهمات المنتجة والفعالة لنهضة والرقي المجتمعات، والتي كان لمسيحيي الشرق دور في احتضانها ونشرها وتطويرها والتي باشروا بالعمل في كل هذه الفروع الإنسانية والعلمية والمهنية وتلقينها ونشرها في المجتمعات الشرقية قبل، وفي فترة صدور رسالة الإسلام، وبعدها، وكان لهم الفضل الأول لنهضة المجتمعات الشرقية وتطورها أيام كان التخلف والجهل والأمية يسود ويتفشى كوباء في جسد الدول الإسلامية ومجتمعات الشرقية، التي انتم جزء منها، وفي كل ميادين الحياة، ولهذا فانتم أيها الإسلاميون المتطرفون لا تستطيعوا النظر في وجوههم ومرافقتهم ومحاورتهم لأنكم فاشلون، وشعوركم بالفشل والإحباط هو الذي يدعوكم إلى حمل بنادقكم وسيوفكم وخناجركم في وجوههم لعلى في ذلك تمكنون عليهم وتركعونهم تحت إقدامكم القذرة، ولكنهم يقينا لن ولن يركعوا .....!
لأنكم لا تستطيعون فهمهم عن قرب بل لا ترغبون في ذلك، لأنكم يا أيها الإسلاميون التكفيريون تشعرون بـ(النقص) ولهذا تلجئون إلى حمامات الدم، لأنكم متيقنين بان المسيحيين يكرهون هذا السلوك ولن يجنحوا إليه لمواجهتكم، ليس نقصا ولا ضعفا، بل إن أخلاقهم ومبادئهم المسيحية التي تدعو إلى المحبة و الإخاء والسلام تحيدهم عن هذا السلوك العدواني اللا اخلاقي الذي انتم تفلحون فيه وتتقنونه كل الإتقان، وكما فعلتم بهم في بغداد وموصل وسهل نينوى والقاهرة وحلوان وعدن وتعز و مصراطه و حوض خابور وحلب وحمص و رقه، فما عاد يجمعكم مع المسيحية بشيء سوا الحقد والبغض والكراهية، فالتسامح والمحبة والإخاء (المسيحية) أصبحت أفعال تثير اشمئزازكم، لأنها حسب عقيدتكم أفعال الضعفاء وانتم أقوياء لا يليق بكم هذا الضعف، إما الانفتاح والتقدم والحضارة والعلم والمعرفة والأخلاق (المسيحية) هي لكم سرطان يجب استئصاله من جسد الشرق وعقولكم.....!
فهيا يا أيها (المسيحي) اخرج قبل إن يبيدكم (الإسلام) في أوطاننا، عفوا بعد إن احتلت أوطاننا بالفكر إلا سلام السياسي المتطرف، فهؤلاء المسلمون قد أعطوا لعقولهم إجازة مفتوحة، مخولين إصلاحيات إدارة شؤون أوطاننا بيد داعش والقاعدة ونصره وإخوان ومن لف لفهم، فما عاد لهم حاجة للعلوم الفلسفة والأخلاق و التربية و السياسة والفن والمنطق والفيزياء والكيمياء والترجمة والفلك والحساب التي ترجمها المسيحيين إلى العربية لغة (القران) لعلا في ذلك يفهمون ويعقلون، كما لم تعد لهم حاجة إلى جهود المفكرين المسيحيين في إحياء علوم اللغة العربية ونحوها وصرفها وعن المطابع التي جلبوها لنشر العلم والمعرفة لتنوير مجتمعاتنا الشرقية ولنهضتها...... فما عاد كل ذلك يجدي لهؤلاء المسلمين التكفيريين بعد إن حد سيوفهم ومعاولهم لتمزيق ذخائر العلم والمعرفة وتهديم معالم الفن والحضارة .....!
فلإسلام بعد داعش والقاعدة ونصره وإخوان ومن لف لفهم، ليس بحاجة إلى العلوم الفلسفية والأخلاق و التربية و السياسة والمنطق والفيزياء والكيمياء والفن وعلوم الفكر ولا إلى علاقات دولية ولا إلى تكنولوجيا، لأنهم سيكتفون بما يلقنهم ويفتيه (المفتي) لهم، بفتاوى الجهاد وجهاد النكاح وتكفير المسيحيين في منصات إنتاج الأفكار التكفيرية التي جلها تدعوا إلى إبادة المسيحيين كجانب جهادي مقدس، ومن جانب أخر تكريم الجاني بما يجيز له الفعل كل شيء وبما يستبيح له فعل كل شيء فزواج مثنى وثلاث ورباع و زواج من محارم وتبديل الزوجات بين المجاهدين وليالي حمراء تحت خيم الصحراء .....!
فلا حاجة للمسلمين بعد اليوم، إلى دور سكن وعمارات وأثاث وتكنولوجيا وعربات وطائرات، فهناك ثمة حطب ونار أزلي يعدون فوقه الغذاء، وغيم وكهوف ولحايا طويلة ودشاديش قصره يبيتون ويسترون أنفسهم فيها، ولا اعتراض لان السيف سيجود بقطع رؤوس كل من يخالف خليفة الإسلام الداعشي والقاعدة ونصره وإخوان ومن لف لفهم.......!
فليستعد مسيحيو هذا الشرق للخروج من أوطاننا - عفوا بعد إن احتلت أوطاننا بالفكر إلا سلام السياسي المتطرف والقاعدة ونصره وإخوان ومن لف لفهم - فهنا في هذا الشرق تقرع أجراس العبودية والتعصب والبغضاء والكراهية......!
ولا حضارة ولا تقدم، لان بخروج المسيحيين ستخرج الرحمة والتعاطف والتسامح والمحبة والضمير والإخاء والسلام، وستخرج كتب العلم والمعرفة والآداب والفن والفلسفة والأخلاق و التربية و السياسة والمنطق والفيزياء والكيمياء وكل علوم الفكر من الخدمة، وسيقرع أخر جرس كنيسة مسيحية تغلق بيد خليفة الإسلام الداعشي والقاعدة ونصره وإخوان ومن لف لفهم، معلنة نهاية النور وبداية عصر الجهل والتخلف والرذيلة والشر والسقوط وكل مستويات الأخلاق والمسؤولية.
وهكذا ستؤول إليه أوطاننا في الشرق - عفوا بعد إن احتلت أوطاننا بالفكر الإسلام السياسي المتطرف بتنظير القاعدة ونصره وإخوان ومن لف لفهم - وبعد إن بشر هؤلاء المتطرفون بالدعوة إلى إبادتهم المسيحيين واستباحة أرواحهم وممتلكاتهم، وهم جانحون إلى هذا الجنح باعتمادهم على ما يلقنه لهم التراث (فقهي) والذي أنتج كم هائل من الفتاوى والأحكام التي توقف العقل عن استنباط غيرها منذ نهاية ( القرن الثالث الهجري) والى يومنا هذا، وعلى هذا التراث تقع المسؤولية بالأساس، حيث بقى المسلمون يعيدون تدوير ما أنتجته (المذاهب الفقهية) والبناء عليه، دون محاولة إصلاح ما ورد فيها، مما لم يعد متوافقا مع تطلعات الحياة المعاصرة، وهذا ما أدى إلى أنتاج ثقافة جامدة قاتلة تحرض على التطرف والإرهاب وقتل المسيحيين، وتحتفي بالموت وتعادي الحياة ....!
وإمام هذه الظاهرة الخطيرة في مجتمعاتنا الشرقية لا يصلح أي إصلاح في النظام العام لمنطقتنا الشرقية إلا بـ( أصلاح الخطاب الديني) والمعارف التي أنتجت مثل هذا الخطاب، وبان لا يكون ذلك بعيدا عن المنهج العلمي العقلي، وأي معالجه عدا هذا الطريق والاكتفاء الأمر بإصدار تشريعات و قوانيني يعد نوع من الهروب من مواجهة أساس المشكلة، فتحريض على القتل المسيحيين يلقن في المناهج الفقهية التي يباشر تلقينها في جامع (الأزهر) و (الزيتونة) و(جوامع سعودية)، و وفق هذه النظرة فان هذا الأمر قد يتعدى المسيحيين ليشمل كل من لا يشارك أفكار الداعش والقاعدة والنصرة والإخوان ومن لف لفهم .
ولهذا فان بروز الإسلام السياسي المتطرف على الواجهة واعتماده على التراث (الفقهي) للإسلام، في عموم منطقتنا الشرقية، لا يتم استئصال ( المسيحية) منه فحسب، بل استئصال الفكر (العروبي) من السلام وهنا تكمن دوافع المخطط الاستعماري الامبريالي والصهيوني لتمزيق المنطقة وضربها بالإسلام نفسه، وليس بيد غريبة عنه، الإسلام المتثوب بهذه اللغة المتطرفة في الفكر (الفقهي) والذي سيكون لا محال بتنامي هذه الموجة القاتلة في عموم منطقتنا أول المستهدفين قبل نظام العروبة أو عروبة الإسلام.
فلو عدنا قليلا إلى إحداث لبنان عام (1975) حين تم استهداف المسيحيين استهدافا أكثر بشاعة مما نجده اليوم في العراق وسوريا ومصر ويمن وليبيا، حيث كان قد صرح آنذاك وزير الخارجية الأمريكية ( هنري كيسنجر) عن نية أمريكا بترحيل (مسيحيي لبنان) إلى أوربا و كندا، وتوطين فلسطينيين فيها خارج إسرائيل، وكان المخطط قد اعد بين طرفي المعادلة (الأمريكية – الإسرائيلية) لكي تعيش إسرائيل بأمن وسلام، وقد دأبت أمريكا وحلفائها آنذاك في تنفيذ خططها بترحيل (مسيحيي لبنان) رغم العنف الذي استخدم ضد (مسيحي لبنان) من حيث القتل والاستهداف وتدمير مواقعهم وممتلكاتهم وقراهم ومدنهم، ولكن إرادة (مسيحيي لبنان) كانت اقوي من تلك القوى الغاشمة التي أرادت تدمير المسيحية في لبنان وإنهائها، فصمدوا (مسيحيي لبنان) وقاوموا مقاومة شرسة ولعبوا لعبة سياسية في منتهى الذكاء ليخرجوا من تلك المحنة وهم مرفوعين الرأس ولم يتركوا وطنهم لبنان، وهكذا فشل مخطط (الأمريكي – الإسرائيلي) في تهجير (مسيحيي لبنان).
وما نلاحظه اليوم أيضا، فان (اللوبي الإسرائيلي) سواء من يتواجد خارج المنطقة أو من داخل منطقتنا، هو من يقف وراء استهداف (مسيحيي الشرق) وقد عمل عبر شراء الذمم والتمويل وتمويه عقلية المسلم واللعب على أوتار (الفقهية) لأثارت النعرة الطائفية في مجتمعنا العربي الإسلامي ( سني - شيعي ) يكون أدواته هم زمر من الإسلام المتثوب بالداعش والقاعدة والنصرة وأخوان ومن لف لفهم، فان كانوا بالأمس قد استهدفوا (مسيحيي لبنان) فاليوم يستهدف كل مسيحيي الشرق ( مسيحيي العراق وسوريا ومصر وليبيا ويمن والسودان بالإضافة إلى مسيحيي فلسطين والأردن)، ومن هنا نفهم بان مسلسل تهجير (مسيحيي الشرق) هو مسلسل مخطط له وليس مجرد محض صدفة، قد يرجع تاريخه منذ (الحرب العالمية الأولى) اثر مذابح التي شنها العثمانيون الأتراك ضد الوجود المسيحي في تركيا عام 1915 ومذابح الأشوريين في العراق عام 1933 وحرب لبنان عام 1975 وحرب فلسطين عام 1948 و1956 و 1967 و1973والحرب الطويلة بين الجنوب المسيحي والشمال السوداني والتي أدت إلى تقسيم السودان لاحقا، وبعد احتلال الأمريكي للعراق في عام 2003 ضن الكثير بأن الأمريكان جاءوا لتغير نظام الحكم في العراق، ولكن الحقيقة كانت لبعد ابعد من تغير النظام (صدام حسين)، فهم من ادخلوا فيه (الفوضى الخلاقة) التي رسمتها آنذاك وزيرة خارجيتهم (كونداليزا رايز)، ففي مطلع عام 2005 ، حيث أدلت بحديث صحفي مع جريدة (واشنطن بوست الأميركية) , قالت حينها عن نية الولايات المتحدة بنشر الديمقراطية بالعالم العربي والبدا بتشكيل ما يعرف بـ(الشرق الأوسط الجديد), ويتم ذلك عبر نشر ( الفوضى الخلاقة ) في الشرق الأوسط عبر الإدارة الأميركية، وتطبيقا ذلك باشروا الأمريكان باستقطاب الإرهاب إليه، وفي ظل وجودهم في العراق بدأ مسلسل تصفية المسيحيين سواء بيد من جاء معهم أو بيد من تم تغذيته من قبل الاستخبارات الصهيونية – الأمريكية، فتم استهداف (مسيحيي العراق) من قبل الإسلاميين المتطرفين حيث تم تفجير مئات الكنائس وقتلوا وشردوا وهجروا من مسيحيي العراق بحدود (مليون ونصف مسيحي) في غضون عشرة سنوات فحسب، هذا إلى إضافة أكثر من( نصف مليون) مسيحي عراقي تم قتلهم من المدنيين وقساوسة ومطارنة ومن ثم طالت الموجه الإسلام المتطرف لتستهدف مسيحيي سوريا ومصر وليبيا ويمن من قبل جماعات إسلامية متطرفة ومتشبعة بأفكار مذهبية وفقهية تنصب العداء لكل من لا يتوافق معها .
وهكذا تصاعد في عموم منطقتنا الشرقية موجة استهداف المسيحيين، هو في جوهره لا علاقة لها بنزاع بين المسلمين والمسيحيين، بل هو جهد بأيدي خفية تريد تقسيم المنطقة عبر خلق حالة من (الفوضى الخلاقة) في عموم منطقتا، حيث تحاك خلف الكواليس المؤامرة الكبرى الراهنة على( المسيحيين والعرب المسلمين المعتدلين)، حيث يستحيل أن يكون المسبب لهذا الصراع الدموي الذي يضرب عموم منطقتنا الشرقية طرف صغير من الإسلاميين المتطرفين، لعدة أسباب لا مجال لذكرها هنا ،ولكن فقط لتذكير نقول إن أي دولة عربية بما تملك من سلاح وسلاح الثقيل والطيران الحربي لقادرة على قضاء وإبادة هؤلاء المسلحون الخارجون عن القانون ولكن ما نلاحظ إن قوة الدولة تستنزف ولا تستطيع فعل شيء....!
لماذا ....؟
وهنا يكمن خطورة السؤال .......؟
فالأمر هو ابعد من ذلك بكثير لان هذا التصعيد الخطير في بلداننا الشرقية يتعين أن يكون مسببها طرف في حجم دول كبرى إقليميا و دوليا ولا يمكن إن يكون بعيدا عن محيط (الأمريكي – الإسرائيلي)، لان المستفاد من عدم استقرار بلدان الشرقية، لا يستفاد منه احد بقدر ما يستفاد منه أولا (إسرائيل) لاستقرار أمنها، بكون اليوم الصراع (العربي – الإسرائيلي) دخل طي النسيان ولم تعد الدول العربية تشكل أي تهديد لأمن واستقرار (إسرائيل)، وثانيا لخدمة اقتصاد (الأمريكي) بكون نفط الخليج يذهب إليها بسعر شبه مجاني مقابل تعهد أمريكي بحماية (دول الخليج) وصد الإرهاب عنها، والتي كفلت بحمايتهم مقابل النفط، فالمخطط في تهجير المسيحيين من منطقة الشرق لا زال قائما على مصراعيه وساري المفعول وليس محض صدفة ان يعاد تحريك ملف قتل واستهداف المسيحيين في الشرق، وإنما أمره قد جري وفق عمليات مدروسة يتم استهدافهم أولا ومن ثم يتم استهداف (القومية العربية)، التي كان مركز ثقلها في (العراق وسوريا ومصر ولبنان) بكون المسيحيين هم من يغذون (الفكر العربي) ويعملون لنهضته، وان اغلب نشطاء الفكر ومفكريه هم من المسيحيين العرب، ولهذا خطط لضرب كل هذه الدول بدا بـ(لبنان) كونها كانت مركز وتجمع ونهضة الفكر العربي، ثم بغزو الأمريكي لـ(لعراق) وبعدها خلق حالة من الفوضى الخلاقة داخل الأراضي (سوريا) و (مصر) لكي - حسب ضنهم - لا تقوم القيامة على (النظام العربي) بسبب الدور الكبير الذي لعبته سوريا تاريخيا في بلورة الهوية القومية العربية الحديثة، وتلتها (مصر) مركز ثقل لثقافة العربية عبر تفجير الفتنة الإسلامية - المسيحية فيها، إما (السودان) فقد ضربت العروبة في الصميم بعد تقسيمه، وهو الأمر الذي يخطط للعراق و لليمن ولبنان وسوريا ومصر، كما الآن يخطط لتمزيق (المغرب) بعد إثارة قضية (البربر).
ليتم عبر هذا التقسيم وتفتيت المنطقة ضرب الهوية (العربية) كي لا تقوم عليه قائمة عبر البديل والمشروع (الإسلام الدموي) لينته هو الأخر بصراع دموي بين (السنة والشيعة) الذي هو مشروع ليس منعزلا بل هو مشروع قام بدعم (إخوان المسلمين) في مصر لضرب عروبة مصر وإقامة الإسلام بديل عنه وليتم لاحقا ضربه بإثارة النعرة السنية - السنية في البداية ومن ثم سنية شيعية على نحو ما زرعوا كيان (الداعش) في لحظة فاصلة من تاريخ دون مقدمات في الشرق الأوسط لتعلن نفسها (دولة إسلامية في العراق وسوريا) ون ثم تنصب دولتها في عموم المنطق وهكذا لضرب أخر مسمار في نعش (العروبة) بعد إن تصبح (المسيحية) في خضم هذه الصراعات في خبر كان ، ولأكن بإرادة الأمة والشعوب الشرقية المناضل ولمتطلعة للحرية والسلام سيقطعون دابرهم وتفضح مؤامراتهم وسيصل كل مواطن شريف في هذا الشرق الأوسط على يقين بما يتم تأمر والتخطيط من قبل الصهيونية والدول الامبريالية وعملائهم في المنطقة من فصائل الإرهاب للإسلام السياسي المتطرف لضرب شعوب المنطقة وخلق حالة من الفوضى واللا استقرار ليكون ضحيتها كل شعوب المنطقة وليس مسيحيي الشرق والقومية العربية فحسب .



#فواد_الكنجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذا ما قدمته المسيحية لهذا الشرق .. وهذا ما قدمته التكفيرية ...
- سيبقى (كاسترو) كما (جيفارا) رموز الثوار على الظلم
- الشعب يريد الحوار والمصالحة الوطنية
- رؤية مستقبلية لملامح سياسة ترامب اتجاه منطقتنا الشرقية
- العبادي، يناشد المسيحيين بالعودة إلى مناطقهم المحررة واصفا إ ...
- هل قرار منع الخمور دون تلميح بمنع الملاهي وصالات القمار ... ...
- تركيا حرضت الدواعش للهجوم على كركوك لإرباك حكومة العراق
- كركوك تقبر مخططات الدواعش لاحتلالها
- عاش العراق .. محرر أراضيه من الدواعش وأذيالهم
- السريالية و الكتابة الأوتوماتيكية في الشعر
- السريالية بين الحلم والنفس والإبداع الفني
- وستسير العربة الأشورية قدما و خلفها لتبقى الكلاب تنبح
- وتأوهت فينا الآهات
- كلمه مفخخة .. أهكذا تدار الدولة يا ساسة العراق ....!
- الأخرى، في البطاقة الوطنية، إقصاء لأشوريي العراق
- لماذا يتم كتم سيرة الملفات الشائكة في جلسات البرلمان العراقي ...
- كلمه مفخخه .... البرلمان العراقي وظاهرة رمي القناني
- أزمة تركية سعودية بسبب ....!
- المنطقة ما بعد اللقاء الروسي – التركي
- الفساد السياسي هو من يمهد الأرضية لبقاء الدواعش في البلاد


المزيد.....




- مصر.. بدء تطبيق التوقيت الشتوي.. وبرلمانية: طالبنا الحكومة ب ...
- نتنياهو يهدد.. لن تملك إيران سلاحا نوويا
- سقوط مسيرة -مجهولة- في الأردن.. ومصدر عسكري يعلق
- الهند تضيء ملايين المصابيح الطينية في احتفالات -ديوالي- المق ...
- المغرب يعتقل الناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني
- استطلاع: أغلبية الألمان يرغبون في إجراء انتخابات مبكرة
- المنفي: الاستفتاء الشعبي على قوانين الانتخابات يكسر الجمود و ...
- بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي.. ...
- الحرس الثوري الإيراني: رد طهران على العدوان الإسرائيلي حتمي ...
- الخارجية الإيرانية تستدعي القائم بالأعمال الألماني بسبب إغلا ...


المزيد.....

- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فواد الكنجي - اقتلوا المسيحيين .....!