|
وقضم أظافره
مصطفى مجدي الجمال
الحوار المتمدن-العدد: 5364 - 2016 / 12 / 7 - 19:27
المحور:
الادب والفن
كنت في قمة الاستفزاز، وإن حافظت على هدوء ظاهري.. جئت إليه كارهًا ومجبرًا بأمر من لبن أطفالي.. مطلوب مني أن أقوم بمهمة مساعدته وإنقاذ المجلة التي يصدرها.. وأكبر ما يحنقني أن العمل الإضافي سيكون مجانًا، وربما بمغارم في الإنفاق أو الشبهات.. دخل إليه أولاً دون استئذان رغم أنني جئت قبله.. شاب يقول عنه إنه فلتة صحفية.. شعر مصفف وسترة قصيرة تكشف عن عجيزة مبالغ فيها.. الضحكات أتتني من الداخل فأحسست بألم مفاجئ في فوهة معدتي.. وربما تنبهت السكرتيرة لألمي.. قلت سأنتظر حتى النهاية ولكن أوصيت نفسي بألا أتهور في المقابلة المنتظرة.. دخلت أخيرًا فنهض للسلام وكأنني ألاحظ لأول مرة فارق الطول بيننا.. لم أعطه فرصة لتحايا مصطنعة: - علمت بقرار تكليفي بالعمل معكم.. - فعلاً صدر قرار بهذا.. - ماهي المساعدة التي يمكن أن أقوم بها؟ بدأ بشرح إنجازات المجلة، وتطرق سريعًا إلى نقص التمويل ومناكفة الزملاء، فرفعت عيني إلى النافذة وراءه، ربما كنت أعبر دون أن أقصد عن عدم اهتمامي.. ثم ألقى في وجهي بقنبلته: - مشكلتنا في التوزيع.. نحتاج من يهتم به وخصوصًا الاشتراكات.. الإهانة جارحة إلى أقصى حد يُطاق.. تيقنت أنه يريد أن أخرج عن أعصابي وأشتمه مثلاً.. لكن مثل هذه الحيل لا تجدي معي.. أثور كثيرًا ولكن إن جاءت المحاولة من كريه فإنه سيعجز عن نيل هدفه.. سكتُّ لحظة أتأمل فيه شعره المنسحب ونظارته المتدلية على أرنبة أنفه الذي تكاد لا تلمحه ولباسه المكتمل من حلة ورباط عنق وقميص أصفر زاد وجهه صفارًا.. - لكن القرار وصلني غير ما تقول.. ثم أن العمل الذي تقترحه يمكن أن يقوم به شاب أصغر سنًا.. - هذا ما عندي.. قلت لا بد أن أصل إلى قرار بئر الرذالة.. - ماذا لو أردت أن أكتب مقالة.. رد بأسرع ما أمكنه من وقاحة: - مثلك مثل أي قارئ.. هالني الفُجر وتجبر الأقزام.. - أرجوك أبلغهم أنني أرفض تنفيذ القرار بهذا الشكل.. بل واستطعت أن أقوله له: - ومع ذلك فقد أخذت علمًا بحجم تقديرك لشخصي.. نهض بنصف جسده الضئيل ليسلم عليّ فتعمدت إظهار أنني لا أراه.. مرقت من الباب بهدوء أقول في نفسي: ما طينة أولئك البشر؟ رجل دخل السجون مرات كثيرة من أجل مبادئنا، ومع ذلك تطفح نفسه بكل هذه الحقارة.. إنها تحولات ربما لا يلحظها حسنو النية في وقتها المناسب.. على السلم قابلني الثعبان الذي يدير كل هذه الملهاة، سألني ماذا فعلت؟ فقلت له ما حدث، فبادر بسب من تركته في الغرفة العليا بصوت مرتفع.. قلت له: لا شأن لي بألاعيبكم.. أنتم تختارون مستقبلكم.. وأنا أنأى بنفسي عن كل شيء أمقته.. لحظتها قررت الانتقام.. وقد كان.. وهو الآن يعاني من آلام أصابعه التي قضم أظافرها ليلاً ونهارًا..
#مصطفى_مجدي_الجمال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لو روسيا العدو من تكون أمريكا؟
-
الشراكة العربية الأفريقية إلى أين
-
عن التمويل والثورة
-
محمود فودة.. ومازال الرحيل يتقاطر
-
حكومات الغرب باعثة الإرهاب
-
الخلاف لم يكن رحمة دائمًا
-
الطفل المسلح.. قاتلاً ومقتولاً
-
الاقتصاد السياسي للملابس المستعملة
-
إنهم يديرون الأزمة
-
رهانات السيسي السبعة
-
المحرّض.. رسالة وفنًا وعلمًا
-
أجواء قراقوشية في جامعة القناة
-
خطوط عريضة لتقدير الموقف في مصر
-
كيف توقعت مستقبل الثورة في فنزويلا
-
هل جنت على نفسها داعش
-
حوار مع دوير
-
أوهام ومخاطر
-
ثلاث أزمات وجودية
-
المنظمات الحقوقية.. للداخل أم الخارج؟
-
سؤال اليوم: ثورة أم إصلاح
المزيد.....
-
فيلم تونسي يحرز 5 جوائز في مهرجان تورينو السينمائي بإيطاليا
...
-
المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يكرم النجم الأميركي شون بين
-
في الذكرى العاشرة لرحيل رضوى عاشور.. -الطنطورية- تنتظر العود
...
-
المغرب.. تكريم مؤسس قسم -الروسية- بالجامعة ومترجم أشعار بوشك
...
-
فعاليات شعرية:شاعر الحنين ,والدوائر الصورية المتتابعة ,والقص
...
-
شاعر الحنين ,والدوائر الصورية المتتابعة ,والقصيدة العنقودية(
...
-
الكويت.. قرار بسحب الجنسية من الفنان داود حسين والمطربة نوال
...
-
بغداد تحتضن مؤتمر الأدب الشعبي الأول الخاص بالأبوذية
-
-الروبوت البري-.. فيلم يُلهم الآباء ويتحدى ديزني وبيكسار
-
سحب الجنسية الكويتية من الفنان داود حسين والمطربة نوال
المزيد.....
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
المزيد.....
|