أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى مجدي الجمال - عن التمويل والثورة















المزيد.....

عن التمويل والثورة


مصطفى مجدي الجمال

الحوار المتمدن-العدد: 5322 - 2016 / 10 / 23 - 18:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حينما تكون الحركة الوطنية راكدة محليًا لا يجد بعض الزعماء حرجًا في الاستنجاد بمستعمر آخر غير المستعمر الذي يواجهونه مباشرة في بلادهم.. هكذا كان خيار مصطفى كامل باشا حينما استعان بفرنسا على بريطانيا، وخيار أحمد حسين حينما روج لهتلر. والأمثلة كثيرة.

وبالمثل حينما تواجه الحركات الديمقراطية مصاعب جمة في التصدي للنظم الاستبدادية، قد يفكر بعض القادة في الاستعانة بـ "المجتمع المدني العالمي" لفضح النظام والضغط عليه.. لكن البعض يسهو عن حقيقة أن المنظمات الحقوقية الشمالية (وبالأحرى: الغربية) ليست بعيدة عن حكوماتها، والنسبة الأكبر من ميزانيتها تأتي من الدول التي- هي نفسها- تساند النظم الدكتاتورية التي نقاومها (فهي تقدم المصالح على "المبادئ" دائمًا)... ناهيك عن تحفظات أخرى تتعلق بالأجندة والشفافية والإفساد وتجزئة القضايا النضالية.

وأشدد هنا على أنني أعني- بالأساس- المنظمات غير الحكومية الغربية (مثل فورد ونيد وكارنيجي وراند وفريدريش ايبرت...)، وهناك فرق بينها وبين المنظمات الدولية (وكالات الأمم المتحدة...) والإقليمية (الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي....) وأيضًا منظمات معادية للعولمة الرأسمالية واستطاعت فرض نفسها بقوة حتى على شبكات التمويل الرأسمالي نفسها. وهذا بالطبع لا يعني انعدام وجود تحفظات عليها هي الأخرى.

أقول هذا بمناسبة حوار مع أصدقاء عقدوا لي "شبه محاكمة" بسبب موقفي من التمويل الغربي، وكرروا أمامي بفخر أنهم يرفضون التمويل الأمريكي وطمأنوني بأنهم لا يحصلون إلا على تمويل من الاتحاد الأوربي.. فقلت لهم : "ولا حتى من اليابان!!!".. لأنه يغيب عن الكثيرين (وربما لا يقتنعون) بحقيقة أننا نواجه ما أسماه سمير أمين "الاستعمار الجماعي" حيث يوجد مثلث لقيادة العولمة المتوحشة يضم أمريكا وأوربا واليابان (المراكز الرأسمالية العالمية الكبرى) وتترأسه الولايات المتحدة، ليس بمقتضى قوتها الاقتصادية وإنما أساسًا بمقتضى قوتها النووية. ومؤسسات هذا التحالف جلية في حلف الأطلنطي وصندوق النقد والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية والشركات متعدية القوميات، فضلاً عن النفوذ الساحق في المنظمات الدولية.

((ملاحظة جانبية : لا ينفي الكلام السابق تبلور طموحات إمبراطورية في روسيا، فضلاً عن الوضع الملتبس في الصين. حيث إن هاتين القوتين الصاعدتين تنشطان وتندمجان بقوة الآن في المنظومة الرأسمالية العالمية، إلى حد تصدير رؤوس الأموال، ناهيك عن تبلور واضح للعلاقات الرأسمالية في الداخل)).

وأرى أن هناك مشكلة رئيسية أخرى بيني وبين أصدقائي وتتمثل في رؤيتهم لطبيعة "الثورة" المصرية. فهم أقرب إلى قصرها على الحريات المدنية والسياسية والعدالة الاجتماعية (والأخيرة هي الاسم الحركي لـ "تخفيف حدة الاستغلال وتلطيف الفقر"). بينما أراها ثورة ذات أربعة محاور: تحقيق السيادة على القرار الوطني، وتحول ديمقراطي شامل وعميق (بما فيها ثورة ثقافية تعلي قيم المواطنة والتنوير والعمل والعلم)، وبناء قاعدة اقتصادية وطنية عمادها الصناعة والزراعة المتقدمة، وعدالة اجتماعية. ويتعذر عندي تصور أي انفصال بين تلك المحاور الأربعة، فبدون تحقيق إنجازات كبرى على مساراتها معًا (بدرجات متفاوتة طبعًا شرط أن تكون حاسمة) لن يتيسر الانطلاق نحو تحرير جذري للإنسان يقتحم مسألة علاقات الملكية (أي الاشتراكية).

ومن ثم فإن تصور مواجهة الإمبريالية بالتجزئة وهم خالص. فحتى قوى الإرهاب المتستر بالدين جزء لا يتجزأ من مجابهتنا للإمبريالية. لكن للأسف ركن البعض على الرف مقولتي الإمبريالية والرأسمالية، انطلاقًا من قناعتهم بأن الديمقراطية (الليبرالية السياسية طبعًا في هذه الحالة) هي "الحلقة الرئيسية" التي إن شددتها تتالت بعدها كل الحلقات. وهو في رأيي تفكير خطي وأحادي وميكانيكي، ومن ثم غير جدلي وغير ثوري. إذ لا بد من النضال على المحاور الأربعة معًا، وبأقصى طاقة، أما الحلقة الرئيسية فهي متغيرة وأقرب إلى الإيحاء بالتكتيك.

ولعل هذا التولع بالليبرالية السياسية وحدها هو السبب في هيمنة القيادات الليبرالية (تقريبًا) على الخيارات السياسية الأقوى بعد ثورة يناير، وخاصة وسط الائتلافات الشبابية (تلاشت الآن) وجبهة الإنقاذ (التي ماتت). فقد كان من أخطر "إبداعات" تلك القيادة الليبرالية أنها لم تضع حدودًا فاصلة مع تيارات "الإسلام السياسي"، حيث تصورت أنه بالإمكان "ترويضها" و"إدماجها" تطبيقًا لفكرة إدماج "الإسلام المعتدل/ الوسطي" التي روجت لها مراكز حقوقية وبحثية غربية، واستوردها البعض دون تمحيص. رغم أن تاريخ تلك التيارات المسيِّسة للدين يصرخ بأنها تؤمن فقط بـ "ديمقراطية المشوار الواحد"، حيث تنحصر مهمة الديمقراطية السياسية عندهم في إيصالهم للحكم ثم يتم صرفها من المشهد كما لو كانت مجرد "تاكسي". لأن ما يشغلهم هو التمكين وفقط، وليس التحول الديمقراطي الجذري.

بل إن التيارات المسيسة للدين انطلقت (مستفيدة من مكانتها في صدارة "المشهد الثوري" بل وتحالف بعض اليسار "القومي" معها في الانتخابات النيابية) في تنفيذ مناورة كبرى بتمتين علاقات تآمرية مع المجلس العسكري والسلفية الجهادية في وقت واحد... الخ التطورات المعروفة.

قالوا لي : أنت تخرج بالمناقشة عن جوهرها، وهو التمويل. قلت : بالعكس هذا هو جوهر المشكلة، فأنتم منذ التسعينيات تتبنون المقولة الغريبة بانتهاء دور الأحزاب وحلول المنظمات الأهلية محلها، إلى جانب تجزئتكم للقضايا النضالية (المرأة، الشباب، حقوق الإنسان، البيئة...) بل إنكم تماديتم في التجزئة، حتى تخصص البعض في الختان أو المسنين أو أطفال الشوارع أو تعليم الكبار أو تنمية المسرح.... وهلم جرا. وربما كان أداؤكم جيدًا في كل قضية على حدة، ولكن لم تتبلور منظومة للجمع بينها معًا، ومع النضال السياسي والنقابي والثقافي والوطني.

أخيرًا شددت في حديثي مع الأصدقاء على ضرورة العمل التطوعي، والصياغة المحلية للأجندات، والشفافية المطلقة في الإعلان عن التمويل والميزانيات، وإنهاء الطابع العائلي والشللي والنخبوي والقاهري لكثير من المنظمات. وأخيرًا أكدت على أن الأساس النضالي يكمن في العمل النقابي والسياسي، وأن أي إضافة من المنظمات الأهلية مرحب بها طبعا (ولا يمكن التغاضي عن دورها الإيجابي في إثراء الوعي الجزئي) شرط أن تكون منطلقاتها وعملياتها في إطار النضال الثوري العام، وخاصة: اتخاذ موقف جذري من الإمبريالية العالمية بكافة مؤسساتها وأدواتها.

وختمت حديثي بأقوى أوراقي : إذا كان التمويل الغربي يسبب كل هذا الامتعاض والتشكك من جانب الجمهور، وإذا كان قد أصبح أداة تشهير فعالة، من جانب إعلام الثورة المضادة،بالقوى المنادية بالتغيير... وإذا كنا نحن أنفسنا نتحدث عن شلال التمويل والمال السياسي للسلفييين والإخوان.. أليس من الأولى بنا تذكر الحديث الشريف: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك"؟؟

كالعادة لم ينته الحديث إلى شيء. سوى توجيه بعض الملاحظات المازحة لي بأنني الشخص الذي مازال "على قديمه".. ومع ذلك أدعي أنني أكثر مواكبة للتطورات الحديثة.



#مصطفى_مجدي_الجمال (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمود فودة.. ومازال الرحيل يتقاطر
- حكومات الغرب باعثة الإرهاب
- الخلاف لم يكن رحمة دائمًا
- الطفل المسلح.. قاتلاً ومقتولاً
- الاقتصاد السياسي للملابس المستعملة
- إنهم يديرون الأزمة
- رهانات السيسي السبعة
- المحرّض.. رسالة وفنًا وعلمًا
- أجواء قراقوشية في جامعة القناة
- خطوط عريضة لتقدير الموقف في مصر
- كيف توقعت مستقبل الثورة في فنزويلا
- هل جنت على نفسها داعش
- حوار مع دوير
- أوهام ومخاطر
- ثلاث أزمات وجودية
- المنظمات الحقوقية.. للداخل أم الخارج؟
- سؤال اليوم: ثورة أم إصلاح
- تكنولوجيا تدمير الأحزاب اليسارية من الداخل
- انزلاقات السيسي
- ملاحقة الثوار.. هدية ثمينة للإرهاب


المزيد.....




- مشاهد تخطف الأنظار لأشجار معمرة على قمة جبلية في سلطنة عُمان ...
- هل وافقت إيران على إنهاء الحرب مع إسرائيل؟
- -بعدما وبخها-.. ترامب: إسرائيل لن تهاجم إيران وطياروها سيلقو ...
- هكذا فاجأ ترامب كبار مسؤوليه بإعلان وقف إطلاق النار بين إيرا ...
- قمة لحلف الناتو لرص صفوف الحلف واسترضاء ترامب
- ترامب -يفجّر مفاجأة- بوقف لإطلاق النار بين إيران وإسرائيل.. ...
- أكثر فعالية وأقل كُلفة من القُبة الحديدية: ما هي منظومة الشّ ...
- إيران: تزايد القمع خلال الحرب تحت غطاء -مطاردة الجواسيس-
- بلدة قصرنبا اللبنانية.. موطن الورد ومائه
- التحول العظيم في العالم ونظرية النهايات


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى مجدي الجمال - عن التمويل والثورة