هاشم العيسمي
كاتب سياسي
(Hashem Aysami)
الحوار المتمدن-العدد: 5355 - 2016 / 11 / 28 - 23:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في كتابه " صراع الحضارات و إعادة بناء النظام الدولي "(1) لصاموئيل هنتجتون , ترجمة عباس هلال الكاظم , قدّم هنتجتون تأصيلاً نظرياً للمفاهيم المتعددة التي تحكم المجتمع الدولي , ثم استعرض الميزان المتغير بين الحضارات , و نظام الحضارات البادئ بالظهور , من ثم انتقل للحديث عن اصطدام الحضارات ليتبعها بالحديث عن مستقبل الحضارات .
و ضمن تقديم المؤلف لمفاهيم النظام الدولي و الحضارة ناقش هنتجتون الأعلام و الهوية الثقافية و تعددية الأقطاب و الحضارات في العالم , ثم ناقش المؤلف طبيعة الحضارات و العلاقة بينها , و تحدث عن الحضارة الكونية , معانيها و مصادرها , لينتقل إلى الحديث عن الغرب و التعصير و استجابة حضارات العالم على سياسات الغرب و التعصير .
أما في الميزان المتغير بين الحضارات فقد ناقش هنتجتون اضمحلال قوة الغرب كحضارة و ثقافة , و انبعاث الثقافات اللاغربية و العودة إلى الثقافات الأهلية , و تحدث المؤلف أيضاً عن اقتصادات العالم ليناقش الإثبات الآسيوي الذي حققته دول آسيا , و الإنبعاث الإسلامي الذي شهدته الدول الإسلامية , و يعرض أخيراً التحديات التي تواجه الغرب في هذه المرحلة .
و عن نظام الحضارات البادئ بالظهور فقد عرض المؤلف إعادة بناء السياسات العالمية على أسس ثقافية و سياسات الهوية و التعاون الإقتصادي , و عن بنية الحضارات و الدولة الممزقة , و فشل تغيير الحضارة في العالم , كما تحدّث أيضاً عن دول الجوهر و الدول ذات المركز الواحد و النظام الحضاراتي , ليحلل هنا الحضارات الأكثر بروزاً على المستوى العالمي , الحضارة الروسية و الحضارة الصينية و ثم الحضارة الإسلامية .
و ينتقل هنتجتون للتحدث عن اصطدام الحضارات ليعرض القضايا القائمة ين الحضارات كالعالمية الغربية و انتشار الأسلحة و حقوق الإنسان و الديمقراطية و الهجرة , ثم يتحدث عن السياسات العالمية للحضارات ليعرض نزاعات خطوط الصدع , و الإسلام و الغرب , و العلاقة بين آسيا و الصين و أمريكا , ثم يتحول للحديث عن التكتلات البادئة بالظهور و ثم ينهي هنتجتون بالحديث عن التحول من الحروب الانتقالية إلى حروب خط الصدع و خصائص حروب خط الصدع , و أمثلة حية عن هذه الحروب و القوى المحركة لهذه الحروب , و أيضاً مستويات الدول في التدخل في هذه الحروب بالإضافة لكيفية إيقاف هذه الحروب .
و أخيراً قام المؤلف بمناقشة مستقبل الحضارات في ظل المحددات الحضارية الراهنة , فتحدث عن تجديد الغرب و الخصائص التي يمكن أن تبقي الحضارة الغربية باقية و تتمدد و كذلك الآليات للتعامل مع باقي حضارات العالم , ثم أكد على استحالة قيام حرب عالمية و اقتصار الحروب على ما يسمى بحروب الوكالة أو حروب خط الصدع , و يختم المؤلف بالحديث عن العموميات الجامعة للحضارة كالثقافة و الأخلاق و إمكانية عولمة الحضارة على النمط الغربي لإنشاء حضارة عالمية واحدة .
و على ضوء دراسة مماثلة في حقل العلاقات الدولية , للمؤلفة أماني الغانم و آخرون , أخضعت المؤلفة في كتابها " البعد الثقافي في العلاقات الدولية : دراسة في الخطاب حول صدام الحضارات "(2) خطاب صاموئيل هنتجتون للدراسة و التحليل فقامت الغانم باستخدام آلية تحليل الخطاب لعرض البيئة التي ظهر فيها , و المحددات التي عَمل بها هنتجتون و الفئة الموجهة له خطاب " صدام الحضارات " , ومن ثم تصنيف الاتجاهات الداخلية في الولايات المتحدة , و أكدت الغانم أن المحرك نحو الصراع ليس الفروق الثقافية , بل هو السعي لمحو هذه الفروق , ثم تحدثت الغانم عن قضية العلاقة بين التحديث و التغريب و التعصير , و قضية المواجهة بين الحضارة الغربية و بقية حضارات العالم , و موقع الحضارة الإسلامية في العالم , و مكانة الولايات المتحدة في النظرية و التطبيق , و القضايا الأساسية لعالم ما بعد الحرب الباردة , و من ثم تحدثت الغانم عن النماذج البديلة في مواجهة النموذج الحضاري كالنموذج الدولاني , و نموذج العالم الواحد , و تحدثت أيضاً عن عناصر نموذج صدام الحضارات ما بعد الحرب الباردة , ثم ختمت المؤلفة بالتأصيل النظري في العلاقة بين الإسلام و الغرب و تأثير البعد الحضاري و الثقافي للحضارات في رسم مستقبل العالم على المستوين القريب و البعيد .
و بالمقارنة بين الكتابين سالفي الذكر نجد أن صاموئيل هنتجتون وظف البعد الثقافي و الحضاري لتعزيز مكانة الحضارة الغربية و تعزيز النظرية الواقعية في العلاقات الدولية و التي تؤكد حتمية الصراع بين الدول و الحضارات المختلفة , بينما نجد أن أماني الغانم و زملائها المؤلفين قد وظفوا البعد الحضاري و الثقافي لدحض نظرية هنتجتون و إثبات إمكانية التفاعل الحضاري بين الحضارات بأشكال مختلفة غير الصراع .
و بالنهاية , و من وجهة نظري أجد أن كلا الكاتبين قد أثريا مخزون علم العلاقات الدولية في تقديم مفاهيم الحضارة و الثقافة و تحليل الواقع الدولي المعاصر , و وضع أمثلة عملية على عملية التفاعل الدولي بين الحضارات , بالإضافة إلى تقديم إضافة نوعية في عملية النقد البنّاء للخطابات , و كيفية التعامل مع تحديات الوضع الراهن في المجتمع الدولي .
هاشم العيسمي
22-10-2016
المراجع و المصادر :
1- هنتجتون , صاموئيل , صراع الحضارات و إعادة بناء النظام الدولي , ترجمة عباس هلال كاظم , دار الأمل للنشر و التوزيع , اربد , الأردن , ط1 , 2006 .
2- الغانم , أماني , عبد الفتاح , سيف الدين , مصطفى , نادية محمود , البعد الثقافي في العلاقات الدولية : دراسة في الخطاب حول صدام الحضارات , كلية الاقتصاد و العلوم السياسية , جامعة القاهرة , القاهرة , 2007 .
#هاشم_العيسمي (هاشتاغ)
Hashem_Aysami#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟