أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الغربة والوطن في قصيدة -أبحث عن وطني في وطني- نزيه حسون















المزيد.....

الغربة والوطن في قصيدة -أبحث عن وطني في وطني- نزيه حسون


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5352 - 2016 / 11 / 25 - 16:33
المحور: الادب والفن
    


الغربة والوطن
في قصيدة
"أبحث عن وطني في وطني"
نزيه حسون
الشعراء في فلسطين المحتلة يكتبون بحرقة من نوع خاص، فهم يعيشون في الوطن، لكن من يحكمه، ومن يهمن عليه يجعله غريبا، المحتل يغرب الأسماء، والجغرافيا، والإنسان، فالوطن يتغرب أمام ناظريهم، ومع هذا يبقى في داخلهم ذاك الطفل الذي ينتظرواه لكي يكبر ويشب، فهم مسكونين بالوطن، وهو مسكونا فيهم.
يقدم لنا الراوي في هذه القصيدة مشاعره اتجاه الوطن، يحدثنا عن ذاته كشاعر، وكإنسان يقع تحت الاحتلال، ويحدثنا عن رؤيته للواقع العربي، وكيف ينظر لمن يهيمن على خيرات الأمة، فالنص الشعري مترع بالإثارة والصراع والغضب من جهة، والحب والحياة والأمل من جهة أخرى، وهنا تكمن أهمية القصيدة، نجدها تحمل مشاعر الإنسان الغاضب والمتألم، ومشاعر الإنسان المؤمن والصابر، هي قصيدة التناقضات/الصراعات الداخلية، فالراوي قبل كل شيء هو إنسان، وليس جماد، من هنا يحدثنا عما في نفسه بكل صراحة ووضوح، مستخدما لغة شعرية خاصة، تستطيع أن تحمل هذه المشاعر وتقدمها للمتلقي بشكل أدبي وليس بشكل خطاب سياسي.
"الغربة تنهش جمجمتي
تتسرب حتى الشريان
لا زهرة اللوز تنعشني
لا كأس نبيذ يسعفني
لا وجه امرأة .. تحمل عينها
أحلام الشطآن" ص341، كافة العناصر المسكنة/المهدئة/المفرحة، فقدت بريقها أمام واقع الاحتلال، فكلنا يعلم بأن الطبيعة والمرأة والخمرة التي تمنح النشوة والكتابة كلها عناصر تخفف من حالة الضغط والشدة، وتمنح الإنسان شيء من الراحة والسكينة، لكن واقع الاحتلال أفقد كل هذه العناصر مفعولها، فهو أقوى منها، وأثره السلبي على الراوي أكبر من أن يزال بهذه العناصر.
فماذا يفعل الراوي ليخلص ذاته مما علق بها من كآبة ويأس وقهر؟
بالتأكيد سيحاول مرة أخرى التقدم من هذه العناصر، فلا مفر أمامه إلا أن يلجأ لم يحميه/يخلصه مما حل به وعليه، من هنا يبدأ مخاطبة الكائن الأقرب عليه، المرأة، فهي من يمتلك أدوات خاصة لراحة الرجال، وإخراجهم من حالتهم السلبية إلى أخرى ايجابية:
" عذرا عذرا سيدتي
تقتضي الحكمة في حضرة حسنك
أن انتفض حبورا
أرقص نشوان
سيدة القلب أغيثيني
عذرا للقهر يترجمني
فأنا إنسان مقموع مذ
طعنوا في قلبي الإنسان" إذن وجود من يمكن أن نفرغ ما في صدورنا أمامه/له يمثل حالة ايجابية، فالحديث بما يثقل الصدر يريح المتحدث، والروي وجد في المرأة من يمكن أن يفهمه ويستوعب حالة القهر التي يمر بها، من هنا وجدناه يلجأ إليها من جديد رغم ما قاله عنها.
وهنا يبدأ الراوي في إخراج ما فيه من هموم وألم وغضب، فقد وجد المفرغة التي تستوعب وتتحمل وتفهم كل كلمة تخرج من فمه.
"فالغربة تعصرني عصرا
في أعمق أعماق الأوطان!!!
ينتحب الشعر على شفتي
تنزف قافيتي جمرا
تتمزق تهترئ
الأوزان" ص342، تحميل العنصر المهدئ ـ المرأة ـ، هموم عنصر مهدئ آخر ـ الكتابة الشعرية ـ، لم يحصل إلا نادرا، فعادة ما يستخدم الراوي احدى أو جميع، أو بعض العناصر المهدئة، المرأة، الطبيعة، الكتابة/القراءة/، ونادرا ما تكون الخمرة حاضرة، لكن عندما فقدت كل العناصر الطبيعية بريقها، وفقد الفعل الإنساني دوره الفاعل في تخفيف حالة التوتر عند الراوي، مال بكليته إلى المرأة التي وجد فيها المنقذ الوحيد له، فأخذ يحدثها بما فيه من غضب، "الغربة تعصرني عصرا"، ثم يتبعها بالشكوى لعدم فاعلية الكتابة، احدى عناصر التي تمنح الراحة والسكينة، وكأنه بهذا الحديث عن عدم فاعلية الكتابة الايجابية عليه، يعطي المرأة الدور خاص واستثنائي، لا يمكن لأحد/لعنصر/لشيء آخر أن يكون بديلا عنها.
ثم يحدثها عن واقع الفلسطيني في ظل الاحتلال:
"عفوك عفوك عاشقتي
فالدمعة تتفجر قسرا
حين يعامل طفل
في وطني كالحيوان
والدمعة تتساقط لهبا
حين تداس كرامة شيخ
صاح بصرخة حق في وجه السلطان" ص342، جميل أن نجد من يستمع لهمنا، لما يثقل كاهلنا، فالمحتل هو اساس البلاء للراوي، وسبب المصائب التي تحل عليه، فهو كإنسان لا يقبل أن يهان طفل أو شيخ أو امرأة أو أي إنسان، فهو يمتلك مشاعر جياشة تجعل يتألم لألم أي إنسان، وهذه المشاعر هي التي تميز الراوي صاحب المشاعر الإنسانية النبيلة.
بعد الحديث عن المحتل وما يقوم به من بطش بحق الفلسطيني، ينتقل الراوي ليصب لجام غضبه على الحاكم العربي، الذي بطريقة أو بأخرى يدعم هذا المحتل، حتى بحياديته هو يدعم الجهة الأقوى ـ المحتل ـ :
"....أقطيع نحن أيا وطني
وخصايا العصر هم الرعيان
سيدتي
كيف يعيش الإنسان الصادق
في عصر يبطش فيه الخصيان؟؟
ماذا يعني أن يحكم فينا
هذا اللابس من عار النفط عباءة ذل
يعرف حرق الدولارات
على افخاذ النسوة
لكنه لا يعرف أين الأقصى
أين القدس وأين الجولان
لا يعرف أبدا لا يعرف عن طفل يحرق يقتل
يولد في غزة جوعان
يا هذا الممعن في القبح الأرعن
هل تعرف أينها بيسان؟؟
" ص343 و344، الطرح متقدم يوضح ما يقوم به الحاكم، أي حاكم، إن كان محتلا أم موظفا عن الآخر، فالمسؤول يقوم/يحمل صفة سلبية، من هنا وجدنا الراوي يعريه، المسؤول العربي يسهم فيما يقل للمواطن العربي، فقد توجه نحو الملذات متجاهلا حال الوطن والمواطن.
ينقلنا الراوي إلى الجغرافيا الفلسطينية، وكأنه بهذا التذكير يواسي نفسه لكي يستمر فيما هو فيه من غضب وحنق على واقع الاحتلال والواقع العربي، فها هو يعود إلى الطبيعة لكي يخفف/ يتخلص مما يمر به من غضب وألم:
"أتوسد خاصرة الكرمل
كغريب أصرخ
يا جبل الكرمل أنقذني
فالغربة تلفح روحي
والغربة تكتسح الشريان
حيفا ترجمها الأغراب
وقد كان يرتل
فوق مآذنها القرآن
غفرانك حيفا
أينك حيفا؟؟" ص344، الراوي هنا يتراجع عما بدأ به حديثه، فنجده يميل للمرأة أولا، وها هو يميل للطبيعة، فيجد فيها مبتغاه، فبعد أن أزالت المرأة شيئا مما علق فيه من كآبة، يتجه نحو الطبيعة لتزيل عنه ومنه أيضا المزيد.
بعد هذا التفريغ يتجه الراوي إلى العنصر الثالث، الفعل الإنساني الخالص الكتابة/الغناء، فيستخدمه بصفتين، صفته الضحية، إن الألم وصفة المخلص/المسكن:
"هل من بشر في الدنيا
تخنق فيروز
وتشنق جبران!!
سأطل احبك يا وطني
وأظل عناقا روحيا
مع أوسخ بقعة وحل في وطني
مع ورد اللوز
وأزهار الرمان
سيدتي
لا بد لهذي الأمة من طوفان
كي تسق كل الأصنام
الحاكمة
بنار العنف
كي ببزغ نور الحرية
تشرق شمس الإنسان" ص345، إذن العناصر الثالثة تم استخدامها من الراوي ليريح نفسه مما فيها، وفعلا نحج في ذلك، من هنا وجدنا نهاية القصيدة تحمل الأمل وتحث على الفعل الايجابي ، على النقيض من بدايتها التي كانت سوداء قاتمة تماما، وهذا الأمر يمثل دعوة من الراوي للمتلقي لكي يتجه نحو الطبيعة والمرأة والفعل الإنساني الخلاق، الكتابة والقراءة والغناء.
مختارات من شعر المقاومة الفلسطينية في الداخل 48، إعداد وتقديم سامي مهنا، صادر عن الاتحاد العام للكتاب العرب الفلسطينيين 48، بدون سنة طباعة





#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المدينة والمرأة في ديوان -صورة في الماء لي ولك الجسد- سميح م ...
- النص الساخر في قصة -النباح- عصام الموسى
- الحيرة في قصيدة -حرف على الهامش- وجدي مصطفى
- النص الجديد في ديوان -بائع النبي- سلطان القيسي
- الابداع والتألق في ديوان -المسرات- مازن دويكات-
- روح الشباب في قصيدة -جنة الله بقرار ثوري- مصباح حج محمد
- مداخل إلى ديوان -نهر الهوى- جاسر البزور
- سرد الوقت في رواية -آخر الحصون المنهارة-
- أثر الجنس في العقل الباطن للسارد قي رواية -آخر الحصون المنها ...
- تعرية المحتل في رواية -آخر الحصون المنهارة- مشهور البطران
- الأرض في قصة -رسول الإله إلى الحبيبة- أسامة العيسة
- السواد في قصيدة -مديح متوحش- كاظم خنجر
- الأديب المفكر الصهيونية في كتاب -بيان الوعي المستريب- إلياس ...
- المقدس الفني
- الضياع الادبي في رواية -أوديستي- أحمد سليمان العمري
- رواية السماء قريبة جدا (كاملة) مشهور البطران
- النص الملحمي في قصيدة -صدى الإنسان- منصور الريكان-
- القبيلة والتنوع في رواية -السماء قريبة جدا-
- جمالية النص في رواية -السماء قريبة جدا- مشهور البطران
- حيوية النص في ديوان -خربشات على جدار ميت- منصور الريكان


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الغربة والوطن في قصيدة -أبحث عن وطني في وطني- نزيه حسون