أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - القبيلة والتنوع في رواية -السماء قريبة جدا-















المزيد.....

القبيلة والتنوع في رواية -السماء قريبة جدا-


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5325 - 2016 / 10 / 26 - 22:01
المحور: الادب والفن
    


القبلية والتنوع
نقد الفكر الدارج والمتعارف عليه يعد عملا متمردا، لما يترتب عليه من تعرض الكاتب لهجوم/لنقد/للتجريح/للتهديد من الداعمين لما هو قائم والمعارضين لأي عملية تغير نحو الأمام، الراوي يعمل بكل جهد للتخلص من فكرة العائلة/القبلية/العشيرة، فهو يدعو لمجتمع مدني علماني يتساوى فيه كافة افراد المجتمع، بصرف النظر عن انتماءاتهم العقائدية أو الفكرية.
العديد من احداث الرواية كانت تقاوم وترفض الفكر القبلي، وقدمت لنا نماذج رائعة عن المجتمع المدني العلماني الذي يتشارك فيه كافة شرائح المجتمع في خدمة مجتمعهم، فعندما تم اصابة زيدون هو يحاول الهرب من دورية الاحتلال كانت "ميليا" المسيحة هي المنقذ له، وهي من قدم له الرعاية الصحية إلى أن تم شفاؤه تماما واستعاد كامل عافيته، ونجد الاستاذ "جورج" الجامعي يعمل بكل اخلاص وتفاني في بناء جيل الشباب وتقديم كل المعرفة لآزمه له. وعندما يتم هدم بيت "زيدون" نجد "ميليا تقوم بهذا الفعل، "...أول وفود التضامن من خارج بلدة الدير قادته ميليا عطا الله على رأس وفد كنسي، وتلاه وفد يضم جورج سالم ويوخانان كمحي وإبراهيم نصري وسامي كيلانية يتقدمون وفدا كبيرا من طلبة الجامعة، تزامن مع وفد من متضامنين أوروبيين وأمريكان وإسرائيليين جاؤوا ليوثقوا معالم الجريمة الشنعاء كما وصفها رئيس الوفد" ص216، بهذه التعدد والتنوع يمكن للمجتمع أن يتقدم إلى الأمام بسهولة ويسر، بينما عندما يكون في مجمله على (دين رجل واحد) فسنجد العديد من الموانع التي تحد من خدمة المجتمع وأفراده، فمثلا لو كانت "ميليا" مسلمة لمنعها فكرها الديني من انقاذ "زيدون" لما فيه من تعارض مع مفهوم الخلوة بين الرجل والمرأة، لكنها كمتدينة مسيحية وجدت في انقاذه خدمة للدين الذي يدعو لمساعدة المحتاج أولا، ثم له كإنسان بحاجة إلى مساعدة وعناية خاصة، وهذا لا يتعارض مع الفكر الديني الذي تحمله، فهو دين وجد لخدمة الإنسان، وليس الإنسان لخدمة الدين.
وإذا تأملنا في الاقتباس السابق نجد الحضور الإنساني فاعل ومؤثر، بصرف النظر عن القومية أو الانتماء العقائدي/الفكري، وهذا أيضا يعد تطرح تقدمي يتجاوز مفهوم الفكر القبلي/العشائري.
يقدمنا الراوي من المجتمع المدني العلماني بهذا القول: "ـ شعبان؟ من قال إننا شعبان؟ نحن شعب واحد، اسمه الشعب العربي الفلسطيني، مسلمين ومسيحيين ويهود، هكذا كنا وهكذا نحن" ص86، قد يعارض البعض هذا الطرح، لكنه في حقيقة الأمر هذا هو المجتمع الفلسطيني الذي كان موجودا في فلسطين قبل قدوم الحركة الصهيونية، فالاحتلال هو من أوجد الفوارق العقائدية ثم الطائفية ثم القبلية، لكن المجتمع الفلسطيني كان وما زال فيه التنوع والتعدد المذهبي والعقائدي، وكل من لا يقبل بهذا الأمر هو شخص يعمل على خدمة المخطط الصهيوني الذي يدعوا ويعمل على إحداث هذه الفجوات داخل المجتمع.
تناول الراوي للدين المسيحي وللمسيحيين في العديد من فصول الراوية يشير أيضا إلى أهمية التعدد والتنوع في المجتمع، "في هذه المرحلة ظهر على الناس فلاح من بيت جالا عرف باسم (أبو نيقولا) أحبه الناس بسبب مهاراته في فنون البستنة من جهة ولطفه ودماثة خلقه من جهة أخرى، فتح له الناس قلوبهم، فشاركهم خبزهم وملحهم" ص12، فمثل السرد يدعو ـ بطريقة غير مباشرة ـ إلى اهمية التنوع لمذهبي والعقائدي في المجتمع، وايضا يؤكد المشهد السابق على أن طبيعة المجتمع الفلسطيني الذي يعيش وينتشي ويتقدم بهذا التعدد والتنوع، من هنا تم وصف حالة الناس الذي أحبوا "أبو نيقولا" وأصبح جزءا منهم، رغم أنه ليس من بلدتهم، لكن طبيعة الفلسطيني الذي تمرس في الحياة المدنية، يتعامل بكل سلاسة وعادية مع نفسه.
لم يكتفي الراوي بهذا المشهد العادي، بل أراد أن يقدم لنا كيف يتصرف المسيحي عندما يشعر بالخطر، فهو كأي مؤمن يلتجئ إلى الله ليساعده ويخلصه من كربه، وهذا ما فعلته "ميليا" عندما وجدت "زيدون" المصاب أمام سكنها، " ـ يا أبت الذي في السماوات، يا يسوع المخلص!
صلبت على صدرها تبركا له، وحين زالتها رهقتها واستعادت رباطة جأشها، حمدت الرب أنه ما زال حيا" ص39، تعمد الراوي أن يسرد كامل التفاصيل التي فعلتها "ميليا" المسيحة لكي يقربنا من هذا الفعل، من هذا السلوك الديني، فهو أمر غير عادي، غريب لمن هم غير عارفين بالدين المسيحي، لكن تقديمه بتفاصيله الدقيقة يجعل المتلقي يشعر/يعلم/يعرف بوجوده أولا، وثم يتقبله دون وجود موانع أو استغراب، فلكل دين اصحابه الذين يخدمونه ويقومون بطقوسه.

وعندما تم الحديث عن مقتل "زيدون" على يد حفيد الهلالي وجدنا عقم فكرة العصبية العائلية/القبلية التي تخدم المحتل، وهي من تقدم له خدمة جلية، فقد أراحت المحتل من جريمة القتل، وجعلته بريء منها، وتم تحميل وزرها لعائلة الهلالي، فهل هناك ما هو اخطر على المجتمع من الفكر القبلي؟
المفارقة بين الفلسطيني والمحتل
الرواية تتحدث الفلسطيني "زيدون" الذي يقوم بثلاث عمليات قتل، الأولى كانت بحق الضابط المتقاعد "مورالي" الذي عاث في الأرض فساد من خلال تعديه على الأرض والحيوان والإنسان الفلسطيني، والثانية بحق عميل الاحتلال "الهلالي" والثالثة بحق ضابط المخابرات "شاؤول" الذي عمل على اسقاط "عزت ابن زيدون" في شباك المخابرات، إذا توقفنا عند الحالات الثلاث نجدها مجتمعة كانت تمثل حالات دفاع عن النفس، والدليل على ذلك بعد خروج "زيدون" من السجن اعتكف في الأرض التي وجد فيها ضالته، فاعتزل العمل المسلح واهتم بأرضه وبعائلته، لكن عندما تم الاعتداء على عائلته وتهديدها من قبل "شاؤول" كان لا بد من إقافه عند حده، لحماية "عزت".
إذن الفلسطيني يقوم بعملية قتال المحتل كردة فعل، كدفاع عن النفس، وما قاله "زيدون" بعد مقتل "مورالي": " هل خلقنا كي نقتل ونقتل؟ متى نعيش بصفاء روح وسلام كشعوب الأرض؟ ولاحظ ناجي عياد اضطراب روحه، وأدرك سر حزنه، فهو يعرف أن زيدون لا يأسف على موت مورالي بقدر ما يأسف على نفسه أن يكون قاتلا" ص21و22، هذا المشهد يشير إلى سعي الفلسطيني نحو السلام والعيش الطبيعي. إذن هناك حالة رفض/امتناع عند الفلسطيني لعملية القتل، فهو يسعى ليعيش على أرضه بحرية بعيد عن الدماء والخراب.
ومن الدلائل على اجبار الفلسطيني خوض عمليات القتل موقف "زيدون" أثناء عملية قتل "شاؤول" فقد اشار/أمر زوجة "شاؤول" وابنه بالابتعاد عن مرمى النيران، فلو كان قاتلا لقتل العائلة كاملة، لكن كان هدفه شخص واحد، شخص المعتدى على "عزت" من هنا تعامل بإنسانية مطلقة مع عدوه وحيد الزوجة وابنها واقتص فقط ممن ألحق الأذى بأبنه "عزت".
في الجهة المقابلة نجد لمحتل يقتل لمجرد القتل، يقتل لأنه قاتل في الأساس، فقد تربى على الحقد والكره والدماء، " من هنا نجد المحتل من خلال شخصية "مورالي" الذي "أذل الناس وسامهم سوء العذاب، دمر زرعهم وقتل اغنامهم وسمم آباؤهم، وآخر جرائمه قتل راع بذريعة أن أغنامه اقتربت من جدار المستوطنة" ص21 فالمحتل يمارس العنف والإرهاب والقتل والتخريب دون وجود أي احساس بالمسؤولية اتجاه الفلسطيني، فهو العنف والارهاب تشكلون معا.
وشخصية "شاؤول" ضابط المخابرات الذي يريد أن ينهي خدمته على حساب كرامة "عزت" وعائلته، هذه المفارقة بين شخصيات الراوية الرئيسية، تشير إلى التباين والتناقض بين دوافع القتل عند كل طرف، طرف يقتل لمجرد القتل، وطرف يقتل دفاعا عن النفس.
هناك أيضا صور لوحشية المحتل، فعندما تم تدمير عيادة الدكتور "عزيز" على رؤوس من فها من أطفال ونساء ومرضى يشير إلى الأرهاب المحتل، "كانت رائحة اللحم المحروق تنبعث من بين الانقاض. ورجال الاسعاف يجمعون الاشلاء من أطراف ورؤوس ويكومونها جانبا، أنها أشلاء المرضى من النساء والأطفال ممن جاؤوا طلبا للعلاج لحظة القصف" ص53، فمثل هذه المشاهد إذا ما تم مقارنتها مع سلوك الفلسطيني لا بد من أن نرجح كفة إنسانية الفلسطيني، فهو يخوض صراع مجبر عليه، ويعمل جاهدا على عدم الحاق الأذى إلا بمن هو مؤذي ، رغم أن المحتل يبقى أذى.
ضمن هذا السياق يمكننا تحميل الرواية ـ ضمنا ـ تحاملها على المحتل القاتل والمخرب، وانحيازها للفلسطيني الذي تعامل بإنسانية مطلقة مع عدو لا يرحم.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جمالية النص في رواية -السماء قريبة جدا- مشهور البطران
- حيوية النص في ديوان -خربشات على جدار ميت- منصور الريكان
- حضور المرأة في ديوان -88- خالد درويش
- الكتابة النادرة -سيرة مدينة- عبد الرحمن منيف
- القيامة في المنطقة العربية
- الماء والمرأة في قصيدة -السراب- سليمان دغش
- الشيطان والمرأة في قصة -سيوف خشبية- علي السباعي
- الجلد باللغة الدينية في قصة -مقامات العصفور- سهيل الخالدي
- تعدد الشخصيات والصوت الواحد في رواية -تفاصيل الحلم القديم- خ ...
- القصة مرآة الواقع -السيد عباس فاضل الاعتيادي- سهيل الخالدي
- امسية قلائد القوافي
- المرأة والطبيعة في ديوان -حروف على أشرعة السحاب- نعيم عليان
- النص المخصب في ديوان -هكذا تكلم الغريب- معتز أبو مصلح
- الصوفية في ديوان -أنا- سليمان دغش
- سؤال
- الخراب في قصة -رحلة الشاطر كلكامش إلى دار السلام- علي السباع ...
- العراقي والعراقية في رواية -الحفيدة الأمريكية- أنعام كجه جي
- الجيش العراقي وفلسطين في رواية -الحفيدة الأمريكية-
- الصراع في رواية -الحفيدة الأمريكية-
- العراقي المهجر في رواية -الحفيدة الأمريكية-


المزيد.....




- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - القبيلة والتنوع في رواية -السماء قريبة جدا-