بويعلاوي عبد الرحمان
الحوار المتمدن-العدد: 5344 - 2016 / 11 / 15 - 09:32
المحور:
الادب والفن
أقصوصة
القرار
اِستيقظت كعادتها، كل يوم قبل الفجر،أشعلت الشمعة ، جمعت فراشها في ركن من الغرفة
الضيقة ، زوجة الأب ما زالت نائمة ، دخلت إلى المرحاض ، تقززت من الرائحة الكريهة
التي تفوح من الثقب، بالت ،غسلت فرجها ودبرها،ثم وجهها بماء البئرالبارد،أعدت وجبة
الفطور، المكون من شاي وخبزأسود بائت ، أيقظت أباها ، استنجى ، توضأ وصلى صلاة
الفجر، حمل فطوره وخرج إلى عمله ( هوكناس شوارع ) حين بدأت خيوط ضوء الشمس
تزحف رويدا، رويدا إلى البيت من خلال الكوة الصغيرة ذات القضبان الحديدية في الجـدار
وبدأ الظلام يتلاشى قليلا ، قليلا، كانت قد أنهت أشغال البيت،جلست لأخذ قسط من الراحـة
ولتتناول فطورها، نظرت إلى صورة أمها الراحلة بالأبيض والأسود ، المعلقة على الجـدار
تذكرت يوم منعها أبوها من الذهاب إلى الجامعة ، حينما جاءت الزوجة الجديدة ، الصغيرة
لتتفرغ للبيت ،أحست برغبة في البكاء ، تنهدت ،مدت يدها اليسرى إلى كأس الشاي البارد
ورفعته إلى فمها في تثاقل ، رشفت منه رشفة كبيرة ، عادت تنظرإلى الصورة ،كأنها تريد
أن تنفذ ببصرهـا ، إلى ما وراء إطـار الصورة ، وجدار الغرفـة الضيقـة ، إلى الأفق البعيـد
أرجعت خصلة نافرة ، على وجهها ، إلى مكانها ، وقالت في نفسها : (( لما لا،إن الحياة لم
تعد تطاق ، ولن تتغير بدون مُغَيِّر )) قضمت قطعـة صغيرة ، من الخبـز الأسـود ، ورشفـت
رشفتين من الشاي،ثم قالت في نفسها :(( سأذهب رغما عن أنفيهما القصيرين)) لمع بريق
في عينيـها ، نهضت ، أخرجـت محفظتها ، وكتبها ، ودفاتـرها من الصنـدوق الخشبي الكبيـر
ووضعتـها على الطاولـة الصغيـرة ، وضعـت دفتريـن وكتـاب فلسفـة في المحفظـة ، ارتـدت
معطفـها الأحمـر ، وسروالـها الدجيـن الأسود ، انتعلـت حذاءهـا الرياضي ، مشطـت شعرهـا
حملـت محفظتـها ، فتحـت البـاب الحديـدي القديـم ، وخرجـت إلى الحـارة ، مشـت في الدرب
الطويل ، في طريقها ، عرجت على كشـك العم محسـن ، اشتـرت جريـدة اليسـار، ثـم سـارت
بخطا وئيدة صوب الجامعة .
بويعلا وي عبد ارحما ن ( بُويَا رَحْمَا نْ )
وجدة - المغرب
#بويعلاوي_عبد_الرحمان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟