أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الامين - القناص














المزيد.....

القناص


عادل الامين


الحوار المتمدن-العدد: 5330 - 2016 / 11 / 1 - 18:08
المحور: الادب والفن
    


-هيا يا استاذ نتنصع*!!
نظرت الي روبنسون كروزو* اليمني او القناص كما يسمونه اهل تلك الفيافي الموحشة في محافظة الجوف اليمنية...رجل في العقد الثامن من عمره له لحية جليلة كلحية ماركس وكثير من ملامحه النبيلة...يأتي الى زياراتي في المدرسة احيانا ويتحداني في اطلاق النار على علب كوكا كولا الفارغة- انظروا امريكا وصلت حتى الجوف-كان بارعا في التصويب وانزل بي الهزائم رغم اني ايضا اجيد اطلاق النار والتصويب ولم اتلقى أي تدريب عسكري ولكن في طفولتي البعيدة كنت في لبنان قبل الحرب الاهلية وكنت امضي مع جوجو ابن صاحب العمارة وزميلي في مدرسة سانت ريتا في شارع السيدان في بيروت الى صالة الالعاب ونمارس لعبة اطلاق النار بالبنادق المختلفة- انها لبنان بلد الملشيات المسلحة التي طحنت هذا البلد في اطول حرب اهلية لاحقا-...
****
- لماذا سموه القناص ؟؟...
هذه قصة ترويها ام المدير لي "كان يؤازر الملكيين في الحرب الاهلية 1962 وجاء الجيش المصري مع الجمهوريين الى مناطقهم وكان هناك ضابط مصري متعجرف يمارس قسوة شديدة وجرائم حرب مشينة تسوء حتى الجمهورين الذين يقاتلون معه. ويعامل اليمنيين كأنهم حشرات وهو رسول عناية الالهية وليس رسول طاغية الزمن المزيف عبدالناصر ..قتل الرجل ابن القناص عبدالسلام مع اسرى الملكيين ونكل به بوحشية...كمن له القناص عليا بين اغصان شجرة سرو وارداه قتيلا من مسافة بعيدة جدا-طلقة واحدة بين العينين عندما اطل من فتحة المدرعةT55" اذهلت الجمهوريين قبل ان تفرح الملكيين ويفر الجيش المصري متقهقرا الى صنعاء"... ولطالما مضيت معه كل جمعة نزرف الدمع السخي عن قبر ابنه...ونضع الزهور ونبرده بالماء...
هذا القصة هي التي جعلتني اعرف معنى النظرة الوحشية التي تنبعث من عينيه وحاجبيه الكثيفين عندما ينظر الى الاستاذ العراقي الذى يعمل معي في المدرسة
- هذا مصري يا استاذ؟؟
- لا هذا من العراق
- نعم...نعم ..بلد عبدالسلام عارف...حياه الله
القناص لا يعرف صدام حسين نوقف التاريخ عنده في زمن عبدالسلام عارف وقد زار العراق في تلك الايام الغابرة في دورة عسكرية ...
****
احاديث القناص معي لا تتجاوز التحدي بي ببندقيته القديمة التي يداعبها بين يديه كأنها طفل غرير مكتوب عليه صنعت في برلين 1924
- ايش رايك في الامام علي بن ابي طالب ؟؟
- انعم واكرم...صحابي جليل ونعم من قال "الناس صنفان ام اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق"...
- ومعاوية؟!!
- ...من جاء بالإسلام في بلادي هم من احفاد علي بن ابي طالب ..من بلادكم هذه..غلام الله بن عايض الحضرمي* وتلاميذ الشيخ عبدالقادر الجيلاني من العراق هذا هو الاسلام الذى نعرفه في السودان...
- انعم اكرم وانعم بال البيت...انت زيدي ؟
- انا سوداني ومسلم.... واعتقد انا هذا اكثر من كافي...
- لابأس انت تحب ال البيت..انت قبيلي...!!
- نعم.قبيلي.. .نحن ايضا في السودان قبائل....ونعرف القبييلة...
للقناص ايضا معارك اخرى لا شان لي بها عندما نمر في غسق الليل بين مضارب البدو في اطراف البلدة من ضيافة المدير في طريقنا الى البيت وتلوح في الافق المعتم مضارب البدو البعيدة ..نسمعه يخور كالثور ويضحك بصوته المجلجل وضحكات احدى نساء البدو وغنجها من ما يحيقه القناص بها يمزق الهدوء والسكينة وانين الرياح وحفيف اشجار النخيل والبرتقال- ليس في الامر عجب لقد توفت زوجته منذ امد بعيد- واحترق فؤاده على ابنه عبدالسلام الذى تركه وحيدا في هذا العالم...
تعلق بي القناص كثيرا وظلت مباريات التنصع* سجال بيننا وعندما تم الاستغناء عن المدرسين السودانيين غادرت الجوف وودعني بدمعة سخية قلما يجود بها امثال هؤلاء من الرجال. .واعطاني نقود ايضا تعينني على العيش في غابات الاسمنت التي لا يحبها ابدا –صنعاء-.. ولم اعد مرة اخرى واستمر المدير الوفي في زيارتي في صنعاء ردحا من الزمن ..وكان ينقل لي تحيات القناص واخباره والنقود ايضا وسلال البرتقال والبطيخ وما تجود به مزرعته. .ويخبرني انه لازال يتحداني وينظف بندقيته ويعدها لما هو ادهى وامر...
*****
مرت مياه كثيرة تحت الجسر-ومن فوق الجسر ايضا- في تلك الايام التي نداولها بين الناس وانقسم الساسة اليمنيين الى ظل ذى ثلاث شعب ,لا ظليل ولا يغني من اللهب... وجاءهم عدو مفرط في الخسة والجبن و شديد المحال و بعيد المنال بالطائرات ليصب حممه عليهم دون يستطيعوا له طلبا ..وكلما ترامى الى اذني من الاذاعة والاخبار عن ما يدور في محافظة الجوف...اتخيل القناص –يترصد الطائرات الاباتشي - بعيني الصقر..وقد الصق في ببندقيته القديمة ملصق الصرخة التي اطلقها الشهيد حسين بدر الدين الحوثي وكانت ترددها جبال مران فقط واليوم تردده جبال اليمن كلها من فج عطان الي ردفان الي ضحيان "الله اكبر... الموت لأمريكا...الموت لإسرائيل. اللعنة على اليهود... النصر للإسلام" يختبئ لهم في الشجرة العتيدة التي قنص منها الضباط المصري المتعجرف كما قالت لي ام المدير الطيبة... عندما جلست معها نتأمل آيات الافاق وآيات النفوس ذات غروب رمضاني بهيج في فناء دار المدير الرحب والدجاج يتقفز حولنا..وثغاء الماعز يختلط بنداء الاذان البعيد...في تلك الايام التي نداولها بين الناس..
*****
كاتب من السودان*



#عادل_الامين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ..وربما اكل الكلب مؤدبه ..
- الطريق الطويل الى الديموقراطية
- لازالت مشكلة الجنوب هي نفس مشكلة الشمال
- الجامعة اليمنية-الاسلامية- العالمية في زبيد
- في السودان ..هذا او الطوفان
- وما زالوا يحتفلون بأكتوبر!!
- حزب الامة -الاصل-
- مصر ومشاريع الحداثة الزائفة”الفجر الكاذب-
- الطفل الأبنوسي
- الفدرالية هي الحل
- الجنرال في متاهته
- مأساة تشكيلي :بهنس..اخر في اليمن
- حمار حاج عبدالله
- مصر الجديدة...ثم ماذا بعد اجازة الدستور؟!!
- ............القرار.............
- سيرة مدينة: مكتبة ابي
- لماذا يموت المبدع السوداني على قارعة الطريق؟
- الذكاء الاصطناعي والذكاء الطبيعي
- عيد بأي حال عدت يا عيد!!
- البنتاجون المصري


المزيد.....




- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الامين - القناص