أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - طارق سعيد أحمد - حواري مع الأديب عمار علي حسن















المزيد.....

حواري مع الأديب عمار علي حسن


طارق سعيد أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5328 - 2016 / 10 / 30 - 22:37
المحور: مقابلات و حوارات
    


الكتابة الحقيقية تحرر العقل والإرادة وتعزز الوعي بقدر ما تهبنا المتعة
التاريخ يلفه الغموض مهما انكشفت لنا بعض جوانبه
أعجب من أولئك الذين يستعينون بوقائع تاريخيه ليتخذونها برهانا في حل مشكلات تعترض طريقنا
رواياتي يزدحم فيها المهمشون والمنسحقون تحت وطأة الحياة
تلتقط رواية “بيت السناري" حكاية غريبة منسية من تاريخ مصر، لم تأت الكتب والحوليات على ذكرها إلا عبر سطور قليلة، فنفخ فيها الأديب عمار علي حسن من خياله، وحصيلة إطلاعه، وفهمه لتأثير الماضي في الحاضر، ليُبدع من كل هذا سردا يعانق التاريخ فيه الفن، ويتضافر الجمال مع المعرفة، الرواية الأخيرة للأديب عمار علي حسن الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية في أكثر من ثلاثمائة صفحة من القطع المتوسط، هي الرواية التي حصلت هذا العام على "جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي".
تجرى أحداثها في زمن وجود الحملة الفرنسية على مصر (1799ــ 1801)، والشخصية المحورية فيها هي “إبراهيم السناري” صاحب بيت السناري الأثري القابع بالقاهرة بحي السيدة زينب، والذي كان المؤرخ الشهير عبد الرحمن الجبرتي قد أتى على ذكره، وصاحبه في سطور معدودة، في موسوعته التاريخية، “عجائب الآثار في التراجم والأخبار"، تربط الرواية خيوط ثلاث سنوات من تارخ مصر الحديث، وتنسجه على منوال روائي أخذ من الواقع والأسطوري والإنساني، ليقدم للقارئ قطعة من تاريخ مصر.
رواية "بيت السناري" ليست فقط عن عُمران بيت رائع، ولا عن رجل عجيب، أحب الحياة والسكينة وجارية فاتنة، فعاش مطاردا، ومات غريبا، دون أن يتبدد سحره، وينجلي غموضه، بل هي أيضا حكاية مجتمع يقاوم الضياع.
حاورت الأديب الدكتور عمار علي حسن لأكتشف روايته الأخيرة "بيت السناري" وما ورائها من أفكار كبرى هي في حقيقة الأمر تمتد جذورها في عقله وإلى نص الحوار:ــــ


ــ في روايتك الأخيرة "بيت السناري" استدعيت من تاريخ مصر الحديث شخصية يحوم حولها الغموض.. حدثنا عن مفهوم الغموض وكيفية تأثيره على صفحات التاريخ وفي الواقع المعاش؟
التاريخ يلفه الغموض مهما انكشفت لنا بعض جوانبه، فهو اختيار، كل يرويه بما يراه، وما يحقق مصالحه، وما يروى يظل جزءا ضئيلا مما جرى في الواقع. وأعجب من أولئك الذين يستعينون بوقائع تاريخيه ليتخذونها برهانا في حل مشكلات تعترض طريقنا، وهم يعتقدون أن هذه الوقائع دقيقة تماما. إن التاريخ بعمومه، وبما وصلنا إلينا منه، يمكن أن يمنحنا بصيرة حيال ما يجري وما سيأتي، لكن الغموض فيه لا ينتهي، وهو الأكبر، حال أشبه بقمة جبل الثلج التي نراها، ونلهو بها، بينما الجزء الأعظم غاطس لا نراه. وما ينطبق على التاريخ ينسحب على واقعنا، الذي نعاني فيه من نقص شديد في المعلومات حيال ما يحدث، وسيأتي في المستقبل من يصنعون من هذا الناقص تاريخا، ويقولون لنا، هذا ما جرى، وسيزعم بعضهم أنه ينطق أو يكتب الحقيقة. ويحاول الأدب أن يردم هذه الهوة من خلال الخيال، ورؤية ما هو أبعد مما سجله المؤرخون.
ــ هل تنحاز رواياتك لشخوص لها طبيعة خاصة؟
أبطال رواياتي متنوعون، فهناك شخصيات تاريخية، مثل إبراهيم السناري بطل رواية "بيت السناري" وشخصيات واقعية مثل علي عبد القادر وميخائيل سمعان بطلا رواية "زهر الخريف" وشخصيات مخترعة مثل عاكف بطل "شجرة العابد" وسمحان بطل "جبل الطير" وهناك خليط من كل هذا، بمعنى أنك تلتقط شخصية واقعية وتضيف إليها، أو تمزج عدة سمات في شخصية واحدة لضرورة فنية، وهذا ما جرى في رواياتي "السلفي" و"باب رزق" و"سقوط الصمت" و"جدران المدى" و"حكاية شمردل". وشخصياتي تتراوخ بين "بطل إشكالي" وشخص عادي، وتضم المتمكنين بقدر ما يزدحم فيها المهمشون والمنسحقون تحت وطأة الحياة.

ــ ألاحظ في كتابتك أنك تبحث عن قطع فريده من التاريخ في تاريخ مصر الواسع وتنسج حولها سردك الروائي؟
أنا ممن يحبون مطالعة التاريخ في حولياته الرئيسة، وأحيانا تقع عيني على أشياء وأحداث وشخصيات عجيبة منسية، أو ما ذُكر عنها ضئيل، وقد يكون المؤرخ معذورا في اختزاله لها، لكنها جاذبة بالنسبة للأديب، وإن التقطها ونسج حولها نصا سينتج عملا فنيا جيدا. وهذا ما فعلته في "بيت السناري"، فما أورده الجبرتي حوله لا يزيد عن بضعة سطور، التقطتها، ونسجت رواية كاملة، بعد أن أعملت الخيال، وقرأت بإفراط عن التاريخ الاجتماعي لمصر في هذه المرحلة.

ــ لمن يتأمل رواياتك التسع لا يشعر بوجودك كما اعتاد قراء الرواية تحديدا البحث عن الكاتب وراء الأحداث والشخوص؟
في البداية يجد كل روائي نفسه يكتب ذاته، والبعض يقف عند هذه المرحلة فيتآكل مشروعه، وقد يموت، لكن من الضروري أن يرى الروائي صاحب المشروع، أو على الأقل من يريد أن يستمر في الكتابة، ما هو خارج ذاته.
ــ تصهر الواقعي بالمتخيل وتصب التاريخي في الواقع.. هل تحقق هذه الآلية اشباع المتلقى أم أنها من الممكن أن تأخذه لأماكن أكثر بعدا عن الفكرة المحورية؟
هذا نمط من الكتابة نعاني من نقص شديد فيه، رغم أن لنا فيه باعا طويلا. فنحن الأمة التي كتبت "ألف ليلة وليلة" وحكايات الشطار والعيارين واخترعت شخصية جحا والملاحم الشعبية مثل السيرة الهلالية وحمزة البهلوان والأميرة ذات الهمة وسيف بن زي يزن والظاهر بيبرس وعلي الزيبق، ومع هذا تركنا أدباء أمريكا اللاتينية يستفيدون من تراثنا هذا، ويبدعون الواقعية السحرية، بينما سار الروائيون الأوائل في بلادنا على درب الأوروبيين، وآن لنا أن نتلفت إلى ما أضعناه، وهذا ما أحاول أن أفعله في كثير من رواياتي، التي يقول النقاد إنها تتراوح بين "الواقعية السحرية" و"الواقعية الروحانية".

ــ هل أردت أن تقول أن "بيت السناري" القابع بالسيدة زينب هو اللغز العظيم وعلينا اكتشافه؟
هو مكان جذبني إليه أولا معماره الرائع، ثم لفت انتباهي ما جاء في الجبرتي عن شخصية صاحبه، وحين انفعلت بهذا وذاك وجدت نفسي راغبا في كتابة رواية أدبية عنه.
ــ هل الرواية التي ترتكز على مرحلة تاريخية بعينها.. ينحصر نموها في الإطار السردي أم تنفلت منه لتصبح "مع مرور الوقت" تاريخا بطعم الأدب؟
لا، ليست تاريخا بطعم الأدب، فهذا ما يمكن أن يفعله مؤرخون يمتلكون لغة بديعة، لكنها فن يستهلم التاريخ، ويتعامل مع شخصياته مثلما يتعامل مع الشخصيات التي تعيش بيينا. ولذلك فالرواية التاريخية ليست تاريخا بالمعنى العلمي، لكنها تعين من دون شك المؤرخون على فهم ما لم يجدوا فيه وثائق أو أخبار أو لم تأت الحوليات على ذكره.
ــ تقف روايتك على حافة ثقافية تعيد ترتيبها ذاتيا في الواقع من حين إلى آخر ألا وهي ثنائية "الخرافة/الدين" بمعنى اهتمام المجتمع لواحدة في وقت معين وفي ظروف اجتماعية خاصة واللجوء إلى الأخرى لتصحيح المسار، وبالتجربة العملية لم تفلح إحداهما لحل الأزمات على مدى التاريخ.. بتلك المفارقة التي أظهرتها في روايتك أشعر أنك تحرض القارئ على تبني الفكر العلماني؟
ربما يفهم بعض القراء هذا من بعض رواياتي، خصوصا "شجرة العابد" و"السلفي" و"جبل الطير"، وهذا جيد أن يتم تأويل نص فني على نحو يحقق التقدم في الحياة، ويحرر الإنسان من ربقة الخرافات وتوظيف الدين في تبرير القهر والاستغلال والاستبداد. أنا معني بهذا من دون شك، سواء في كتبي أو رواياتي، مع اختلاف الطريقة، ففي الأدب أحرص على الفن، حتى لو جاءت في ركابه بعض الأفكار، وفي الكتب العلمية أحرص على الفكر وإن كتبتها بطريقة سلسلة. وفي الحالتين فأنا أؤمن أن الكتابة، إلى جانب ما تمدنا به من متعة وجمال، يجب أن تدعو إلي تحرير العقل والإرادة، وتزيد وعينا بالذات والآخر والعالم والكون، وتبني جسورا للتواصل بين البشر، وتعزز قيم التسامح والمساواة والألفة والرحمة، فهي في نظري فعل مقاوم ضد القبح والبطش.

ــ هل "زينة" بطلة رواية "بيت السناري" .. هي مصر؟
هناك من رآها هكذا، رغم أن هذا لم يدر بخلدى وأنا أكتب الرواية، ربما كان ذلك مستقر في اللاشعور، أو عقلي الباطن، لكن مثل هذا التأويل حين أدقق فيه أجده يحمل قدرا من الوجاهة التي لا يمكن إنكارها، خصوصا أن "زينة"، ورغم أنها شخصية مخترعة من أولها إلى آخرها، بدت في نظر بعض النقاد هي "بطل" الرواية، وليس إبراهيم السناري، كما قصدت حين شرعت في الكتابة؟ "زينة" فرضت نفسها على النص، وعلى الجميع، في وقت طمع فيها الكل، السناري عشيقها، والضابط الفرنسي، والعسكري التركي، بينما أحبها بصدق ابن البلد حسن جعيدي، وهو بالمناسبة شخصية أخرى مختلقة في الرواية.


يشار إلى أن "بيت السناري" هي الرواية التاسعة لعمار علي حسن بعد "باب رزق" و "جبل الطير" و"شجرة العابد" و"سقوط الصمت" و"السلفي" و"زهر الخريف" و"جدران المدى" و"حكاية شمردل"، إلى جانب خمس مجموعات قصصية: "حكايات الحب الأول" و"أحلام منسية" و"عرب العطيات" و"التي هي أحزن" و"عطر الليل"، وكتابان في النقد الأدبي: "النص والسلطة والمجتمع" و"بهجة الحكايا"، كما له عشرون كتابا في التصوف والاجتماع السياسي، وتحت الطبع رواية "غرفة في جهنم" ومجموعة "أخت روحي".



#طارق_سعيد_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تذويب الثورة 2
- حواري مع الدكتور شاكر عبد الحميد
- خام الكوميديا السوداء.. وأشياء أخرى
- تذويب الثورة -1-
- الدراكولا ترامب و موت السياسة The Darakula Trump and the dea ...
- الزمن = الماضي + المستقبل


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - طارق سعيد أحمد - حواري مع الأديب عمار علي حسن